مكي الجوخي مكي بن محمد سعيد بن ياسين بن سليمان، الجوخي: شاعر، من الادباء الكتاب في عصره. اصله من حلبن ومولده ووفاته في دمشق. له (ديوان شعر) و (مجاميع) و (مختصر شرح الاذكار للنووي) وغير ذلك. نسبته إلى خان (الجوخية) في دمشق، نزل به جده ياسين قادما من حلب.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 286

مكي الجوخي ابن محمد سعيد بن يس بن سليمان بن طه بن سليمان الجوخي الشافعي الحلبي الأصل الدمشقي المولد الفاضل البارع الأديب اللغوي الضابط كان أحد البارعين في الأدب وفنونه وله شعر حسن واطلاع تام في اللغة مع ضبطها وكان يتفحص عن النكات والأحاسن من الأشعار والفوائد ويضبطها مع باع في النحو والفقه وغيره ذا ثروة مشتغلا بالمتاجرة والاكتساب من ذلك قدم جده يس من حلب إلى دمشق في حدود سنة ستين وألف ونزل في خان الجوخية بدمشق في تجارة فلما بلغ الخبر إلى مفتي دمشق العلامة المولى أحمد المهمنداري الحلبي أرسل بعض خدمه إليه وأنزله عنده وكان يتردد إلى الخان المذكور ويعود يبيت عنده ثم بعد مدة اشترى دارا في محلة مدرسة الباذرائية وتوطن بها وتزوج وصار له أولاد منهم محمد سعيد والد المترجم ثم ولد لمحمد سعيد أولاد منهم المترجم وهو أنجبهم ونشأ في حجر والده وقرأ القرآن على الشيخ حسين البيتماني وأخذ عن غيره ثم طلب العلم واجتهد في تحصيله فقرأ على الشيخ محمد الغزي وهو أول شيخ أخذ عنه ورباه وأخذ عن غيره من جماعة أفاضل أجلاء وارتحل إلى حلب وأخذ عن عالمها الشيخ طه الجبريني والشيخ محمد المواهبي ولما حج في سنة ثمانين ومائة وكان والدي في تلك السنة حاجا وكنت مع والدي وكان سني دون البلوغ فأخذ عن علماء الحرمين وصار له تآليف فاختصر شرح الأذكار للنووي واختصر شرح الصدور وله مجاميع وشعر وفوائد وله ضبط في اللغة والأدبيات وغير ذلك وله ديوان شعر وبالجملة فقد كان من أدباء ذلك القرن ومن شعره الباهر ما مدح به الجناب الرفيع صلى الله عليه وسلم بقوله

وقوله من نبوية أيضا
ومنها
ولصاحب الترجمة
هو من قول الشيخ عبد الرحمن الموصلي
وهو ناظر إلى قول العارف الشيخ أيوب
ومن ذلك قول بعضهم
وما أحسن قول البارع أحمد الشاهيني
وللمترجم متغزلا
وله مخمسا
#لقد زادني مسراك وجدا على وجدي
#على فنن غض النبات من الرند
#ومن شدة البلوى ومن ألم الفقد
#على أن قرب الدار خير من البعد
#إذا كان من تهواه ليس بذي ود ومن نثره وقد أرسل بها إلى بعض أصحابه لأمر اقتضى ذلك
حرس الله تعالى جناب سيدنا نتيجة الزمان ومعدن الفضائل والعرفان ومحير أرباب اللسن بطلاقة اللسان والسالب برقة ألفاظه كل انسان الرفيق الكامل الذي تعقد على مثله الخناصر وتشد الأنامل من قلد جيد الزمان بالأيادي وأخرس بفصاحته سحبان وقسا الأيادي وأخجل سحب الغمام بالأيادي وأروي بمورده العذب كل صادي أما بعد فمتى غابت شمس الود حتى اكفهر ليل المقاطعة واسود ومتى تقشع سحاب المحبة حتى لم ينبت في رياضها حبه ومتى كان هذا الجرح حتى اندمل ومتى سل حسام المحاربة حتى كل وفل ولكن إذا كان المحب قليل الحظوظ فكل ما يبديه بعين السخط ملحوظ
ما صاحبتك طمعا فيما في يديك ولا واخيتك للاعتماد عليك والاحتياج إليك ولا تقربت إليك لتنقذني من المهالك ولا واددتك لتواسيني بمالك ولكني كنت أعدك عدة للأعدا وأعدك إذا عدت الأصدقاء فردا وأفزع إليك إذا اشتد الكرب وأشكو إذا أعضل الخطب أمورا يتوجع منها القلب
على أنني ما أنكرت ودك المستطاب ومعروفك الذي هو أصفى من الشراب ولا جحدت ما أثقلت كاهلي به من الأيادي بل ذكرتها ونشرتها في كل نادي
شعر
فإذا كان هذا الأمر اقتضاه الحال فحلمكم أوسع وإن اتسع المجال والصديق هو الذي يعد للشدة والضيق والرفيق هو الذي يكون بالرفيق رفيق
فيا سيدي ما هذا التجني والأعراض والتسخط والانقباض فبعض هذا الجفاء يا مولاي مقنع وأقل ما رأيته منك للقلب مؤلم وموجع
ولقد أكثرت في الالحاح والطلب وأزعجت نفسك غاية الازعاج وأتعبتها غاية التعب وحملتها ما لا تطيق وأوقعتها في أشد الضيق فإذا كان هذا الأمر سريع الفرج فلا يكن في صدرك حرج
شعر
ولقد بلغنا من بعض الأحباب إنك أكثرت من الملامة والعتاب فسبحان الله ما هذا القلق والاضطراب كإنما تقطعت بيننا العلائق والأسباب أم هل سمعت إنها ضاقت بنا المذاهب أم قصرت يدنا عن درك هاتيك المطالب أم أخبرت اننا على جناح سفر أم جحدنا حقا في قبلنا اشتهر أم عرفنا بالمطل والافلاس أم اشتهرنا بأكل أموال الناس وذكرت أن أباك وبخك على صحبتنا لهذا الأمر الخطير وعيرك بمودتنا غاية التعيير كأنه ظن أننا انتسبنا إليك لتواسينا بمالك أما علم إننا بفضل الله غنيون عن ذلك وقد اعتذرت عن ذلك بأعذار لا تقبل بناؤها أو هي من بيت العنكبوت لا يستقر لها حقيقة ولا ثبوت ولكن لما رأيتك ألححت غاية الالحاح في الطلب وأبديت ما كمن من الغضب وأظهرت من النفرة ما فيه نهاية العجب وقطعت للمودة كل سبب ورأيت أن تركنا أولى وأنسب فلذلك اقتحمت هذه الأخطار وتعللت بنسج الأعذار لأنظر انتهاء هذا الأمر وأطلع على مكنون هذا السر وأتحقق حقيقة صحبتك وأنتهي إلى نهاية مودتك فإن في هذا الباب تذكرة لأولي الألباب وفي التتبع والاستحضار تبصرة لأولي الأبصار
وأن النقود تظهر ما كمن للوجود وتنقد الرجال وتترجم عن حقيقة المال وتفرق بين الصويحب والصاحب وتبين الصادق في محبته من الكاذب كما قال من جاء بالحجة البيضاء فيمن مدح عنده هل عاملته بالصفراء والبيضاء هذا والمرجو عدم المؤاخذة بما نطق به لسان اليراع وأودعه في سطور الطروس على أكمل ابداع وإن أخطأنا فالصفح من جنابكم مأمول والعذر عند أمثالكم مقبول والسلام
فأجابه عنها بقوله
فيالها من رسالة تنبئ عن قصارى أمر منشيها ومطمح نظر مبديها ومنشيها فكم أطنب فيها لنيل مناه وأبدى حكما هي نهاية شرفه وعلاه فهي تنادي بأفصح عباره لا بالطف اشاره
ولقد أمسكت عما به أطنبت وأغربت وأعرضت عن جواب ما أبديت وأعربت واخترت الايجاز على الاطناب لأن الوقت غير مستطاب والمحل غير قابل للخطاب على أن ترك الجواب أولى من الجواب وفي هذا القدر كفاية وفي امساك عنان اليراع صواب انتهى ومن شعر المترجم ما كتبه إلي مادحا بقوله
وكتب إلي يطلب مني مبراة أقلام
وكتب إلي أيضا مرة قوله وقد عاقه المطر عن زيارتنا
ومثل ذلك جرى لي لما كنت في الروم حصل في بعض الأيام مطر وثلج وكان قد دعاني أحد مواليها إليه فكتبت إليه معتذرا عن الزيارة بقولي
وكتب المترجم إلي أيضا ضمن رسالة قوله
وكان بدمشق غلام عراقي بغدادي أسفر وجهه المنير وراق رونق جماله النضير فأنشد المترجم فيه مخبرا عما في الضمير قوله:
وأنشد فيه غيره من أدباء دمشق فمنهم السيد حسين بن حمزة الدمشقي الحسيني فقال
وللمترجم في مدح باب السلام
وزاره صاحبه الشيخ عبد الله الطرابلسي المتقدم ذكره في هذا الكتاب وذلك نهار عيد الأضحى وكان يوما ممطرا فقال المترجم في ذلك
فكتب إليه الطرابلسي المذكور الجواب بقوله
وكتب المترجم إلى الشيخ سعيد الجعفري الدمشقي بعد عتاب جرى بينهما لأمر كان بقوله
فكتب إليه الجعفري المذكور الجواب بقوله
وللمترجم غير ذلك وكانت وفاته في سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف وجاء تاريخها نال الرضى مكي ودفن بتربة باب الصغير رحمه الله تعالى.

  • دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 131