محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفى الإمام الجليل الأصولى أحد أصحاب الوجوه المسفرة عن فضله والمقالات الدالة على جلالة قدره وكان يقال إنه أعلم خلق الله تعالى بالأصول بعد الشافعي
تفقه على ابن سريج
وسمع الحديث من أحمد بن منصور الرمادى
روى عنه على بن محمد الحلبى
ومن تصانيفه شرح الرسالة وكتاب في الإجماع وكتاب في الشروط
توفى سنة ثلاثين وثلاثمائة
وهذه مناظرة بينه وبين الشيخ أبى الحسن الأشعرى
حكى الشيخ أبو محمد الجوينى في شرح الرسالة أن الشيخ أبا بكر الصيرفى اجتمع بالشيخ أبى الحسن فقال له أبو الحسن أنت تقول بوجوب شكر المنعم بناء على ما ذكرت من أنه يحتمل إرادة الشكر فإذا لم يشكر عاقبه عليه وقولك هذا مع اعتقاد أن الله خلق كفر الكافر وأراده متناقض فإما أن تقول أفعالنا مخلوقة لنا أو تقول شكر المنعم لا يجب أبدا لمجرده
قال ولم قال مذهبك أن الله يريد كفر الكافر وإرادته كفره لا توجب الكفر فهب أنه تعالى أراد منا الشكر فإرادته لا توجب الشكر كما لا توجب الكفر فإما أن تنفى إرادة الله تعالى الكفر وتمشى على مذهب المعتزلة ويمشى لك أصلك وإما أن تترك هذا المذهب
فقال الصيرفى ترك القول بوجوب الشكر أهون فاعتقده
ثم كان يكتب على حواشى كتبه حيث يصير وجوب شكر المنعم بمجرده مهما قلنا بوجوبه قلناه مع قرينة الشرع والسمع به
قلت وفى المناظرة دلالة على ما قال القاضى أبو بكر في كتاب التقريب والأستاذ أبو إسحاق في التعليقة من أن طوائف من الفقهاء ذهبت إلى مذاهب المعتزلة في بعض المسائل غافلين عن تشعبها عن أصولهم الفاسدة كما سنحكيه إن شاء الله في ترجمة القفال الكبير في هذه الطبقة
وأقول جواب الصيرفى أن يقول إيجاب الشكر لاحتمال أنه يقال أوجبه لا أنه يقال أراده ومثل هذا لا يجئ في الكفر فإنا على يقين بأنه يقال ما أوجبه بل حرمه وإن أراده وليس يلزم من إرادته إياه إيجابه له فليس في إيجاب شكر المنعم مناقضة للقول بأنه تعالى مريد الكائنات بأسرها خيرها وشرها
ومن الرواية عن أبي بكر الصيرفي ... ... ... ...

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 3- ص: 186