معاوية بن أبي سفيان معاوية بن (ابي سفيان) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي: مؤسس الدولة الاموية بالشام، واحد دهاة العرب المتميزين الكبار. كان فصيحا حليما وقورا. ولد بمكة، واسلك يوم فتحها (سنة8هـ) وتعلم الكتابة والحساب، فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه. ولما ولي (ابو بكر) ولاه قيادة جيش تحت امرة اخيه يزيد بن ابي سفيان، فكان على مقدمته في فتح مدينة صيداء وعرقة وجبيل وبيروت. ولما ولي (عمر) جعله واليا على الاردن، وراى فيه حزما وعلما فولاه دمشق بعد موت اميرها يزيد (أخيه) وجاء (عثمان) فجمع له ديار الشامية كلها وجعل ولاة امصارها تابعين له. وقتل عثمان، فولي (علي بن ابي طالب) فوجه لفوره بعزل معاوية. وعلم معاوية بالامر قبل وصول البريد، فنادى بثأر عثمان واتهم عليا بدمه. ونشبت الحروب الطاحنة بينه وبين علي. وانتهى الامر بامامة معاوية في الشام وامامة علي في العراق. ثم قتل علي وبويع بعده ابنه الحسن، فسلم الخلافة إلى معاوية سنة41هـ. ودامت لمعاوية الخلافة إلى ان بلغ سن الشيخوخة، فعهد بها إلى ابنه يزيد. ومات في دمشق. له130حديثا، اتفق البخاري ومسلم على اربعة منها وانفرد البخاري باربعة ومسلم بخمسة. وهو احد عظماء الفاتحين في الاسلام، بلغت فتوحاته المحيط الاتلانطيقي، وافتتح عامله بمصر بلاد السودان (سنة43) وهو اول مسلم ركب بحر الروم للغزو. وفي ايامه فتح كثير من جزائر يونان والدردنيل. وحاصر القسطنطينية برا وبحرا (سنة48) وهو اول من جعل دمشق مقر خلافة، واول من اتخذ المقاصير (الدور الواسعة المحصنة) واول من اتخذ الحرس والحجاب في الاسلام. واول من نصب المحراب في المسجد. كان يخطب قاعدا، وكان طوالا جسيما ابيض، اذا ضحك انقلبت شفته العليا. وضربت في ايامه دنانير (عليها صورة اعرابي متقلد سيفا) وكان امير المؤمنين عمر بن الخطاب اذا نظر اليه يقول: هذا كسرى العرب!. وللشهاب ابن حجر الهيتي كتاب (تطهير الجنان واللسان عن الخوض والتفوه بثلب معاوية بن ابي سفيان-ط) وللاستاذ محمود عباس العقاد: (معاوية بن ابي سفيان في الميزان-ط) وللمستشرق هنري لامنس H. Lammensكتاب عن (اول الخلفاء الامويين) طبع باللغة الفرنسية.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 261
معاوية بن صخر بن أبي سفيان (ب د ع) معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
وهو معاوية بن أبي سفيان، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، يجتمع أبوه وأمه في: عبد شمس. وكنيته أبو عبد الرحمن.
أسلم هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند، في الفتح. وكان معاوية يقول: إنه أسلم عام القضية، وإنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما وكتم إسلامه من أبيه وأمه.
وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية.
وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما سير أبو بكر رضي الله عنه الجيوش إلى الشام سار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي سفيان، فلما مات يزيد استخلفه على عمله بالشام، وهو دمشق. فلما بلغ خبر وفاة يزيد إلى عمر، قال لأبي سفيان: أحسن الله عزاءك في يزيد، رحمه الله! فقال له أبو سفيان: من وليت مكانه؟
قال: أخاه معاوية قال: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين.
أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم إلى أبي عيسى: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة- وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمعاوية: اللهم، اجعله هاديا مهديا، واهد به- قال: وأخبرنا أبو عيسى: حدثنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله- وهو ابن المبارك- أخبرنا يونس، عن الزهري، أخبرنا حميد بن عبد الرحمن: أنه سمع معاوية خطب بالمدينة فقال: أين علماؤكم يا أهل المدينة؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن هذه القصة ويقول: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم». وقال ابن عباس: معاوية فقيه.
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية. فقيل له: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي؟ فقال: كانوا- والله- خيرا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود.
ولما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام، ورأى معاوية، قال: هذا كسرى العرب.
أخبرنا يحيى بن محمود وغيره بإسنادهما عن مسلم قال: أخبرنا محمد بن مثنى، ومحمد ابن بشار- واللفظ لابن مثنى- حدثنا أمية بن خالد، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة، وقال: اذهب فادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت: هو يأكل. ثم قال: اذهب، فادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت: هو يأكل. فقال: لا أشبع الله بطنه. أخرج مسلم هذا الحديث بعينه لمعاوية، وأتبعه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة أن يجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها يوم القيامة». ولم يزل واليا على ما كان أخوه يتولاه بالشام خلافة عمر، فلما استخلف عثمان جمع له الشام جميعه. ولم يزل كذلك إلى أن قتل عثمان، فانفرد بالشام، ولم يبايع عليا، وأظهر الطلب بدم عثمان، فكان وقعة صفين بينه وبين علي، وهي مشهورة. وقد استقصينا ذلك في كتابنا «الكامل في التاريخ».
ثم لما قتل علي واستخلف الحسن بن علي، سار معاوية إلى العراق، وسار إليه الحسن بن علي، فلما رأى الحسن الفتنة وأن الأمر عظيم تراق فيه الدماء، ورأى اختلاف أهل العراق، سلم الأمر إلى معاوية، وعاد إلى المدينة، وتسلم معاوية العراق، وأتى الكوفة فبايعه الناس، واجتمعوا عليه، فسمي عام الجماعة. فبقي خليفة عشرين سنة، وأميرا عشرين سنة، لأنه ولي دمشق أربع سنين من خلافة عمر، واثنتي عشرة سنة خلافة عثمان مع ما أضاف إليه من باقي الشام، وأربع سنين تقريبا أيام خلافة علي، وستة أشهر خلافة الحسن. وسلم إليه الحسن الخلافة سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة أربعين، والأول أصح. وتوفي معاوية النصف من رجب سنة ستين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين سنة. وقيل: توفي يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. والأصح في وفاته أنها سنة ستين.
ولما مرض كان ابنه يزيد غائبا، ولما حضره الموت أوصى أن يكفن في قميص كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كساه إياه، وأن يجعل مما يلي جسده. وكان عنده قلامة أظفار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه، وقال: افعلوا ذلك، وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين».
ولما نزل به الموت قال: «ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، وأني لم أل من هذا الأمر شيئا».
ولما مات أخذ الضحاك بن قيس أكفانه، وصعد المنبر وخطب الناس وقال: إن أمير المؤمنين معاوية كان حد العرب، وعود العرب، قطع الله به الفتنة، وملكه على العباد، وسير جنوده في البر والبحر، وكان عبدا من عبيد الله، دعاه فأجابه، وقد قضى نحبه، وهذه أكفانه فنحن مدرجوه ومدخلوه قبره، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه، إن شاء رحمه، وإن شاء عذبه.
وصلى عليه الضحاك، وكان يزيد غائبا بحوارين، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك، فقدم وقد مات معاوية، فقال:.
جاء البريد بقرطاس يحث به | فأوجس القلب من قرطاسه فزعا |
قلنا: لك الويل! ماذا في صحيفتكم؟ | قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا |
دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 1145
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 5- ص: 201
دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 4- ص: 433
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أمير المؤمنين.
ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة. والأول أشهر.
وحكى الواقدي أنه أسلم بعد الحديبية وكتم إسلامه حتى أظهره عام الفتح، وأنه كان في عمرة القضاء مسلما، وهذا يعارضه ما ثبت في الصحيح، عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال في العمرة في أشهر الحج: فعلناها، وهذا يومئذ كافر. ويحتمل إن ثبت الأول أن يكون سعد أطلق ذلك بحسب ما استصحب من حاله، ولم يطلع على أنه كان أسلم لإخفائه لإسلامه.
وقد أخرج أحمد، من طريق محمد بن علي بن الحسين، عن ابن عباس- أن معاوية قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند المروة، وأصل الحديث في البخاري من طريق طاوس، عن ابن عباس، بلفظ قصرت بمشقص، ولم يذكر المروة، وذكر المروة يعين أنه كان معتمرا، لأنه كان في حجة الوداع حلق بمنى، كما ثبت في الصحيحين، عن أنس.
وأخرج البغوي، من طريق محمد بن سلام الجمحي، عن أبان بن عثمان: كان معاوية بمنى وهو غلام مع أمه إذ عثر، فقالت: قم لا رفعك الله، فقال لها أعرابي: لم تقولين له هذا؟ والله إني لأراه سيسود قومه. فقالت: لا رفعه الله، إن لم يسد إلا قومه.
قال أبو نعيم: كان من الكتبة الحسبة الفصحاء، حليما وقورا.
وعن خالد بن معدان: كان طويلا أبيض أجلح، وصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكتب له، وولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان، وأقره عثمان، ثم استمر فلم يبايع عليا، ثم حاربه، واستقل بالشام، ثم أضاف إليها مصر، ثم تسمى بالخلافة بعد الحكمين، ثم استقل لما صالح الحسن، واجتمع عليه الناس، فسمي ذلك العام عام الجماعة.
وأخرج البغوي من طريق مبارك بن فضالة، عن أبيه، عن علي بن عبد الله، عن عبد
الملك بن مروان، قال: عاش ابن هند- يعني معاوية- عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة، وجزم به محمد بن إسحاق. وفيه تجوز، لأنه لم يكمل في الخلافة عشرين إن كان أولها قتل علي، وإن كان أولها تسليم الحسن بن علي فهي تسع عشرة سنة إلا يسيرا.
وفي صحيح البخاري، عن عكرمة: قلت لابن عباس. إن معاوية أوتر بركعة. فقال: إنه فقيه. وفي رواية: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وحكى ابن سعد أنه كان يقول: لقد أسلمت قبل عمرة القضية، ولكني كنت أخاف أن أخرج إلى المدينة، لأن أمي كانت تقول: إن خرجت قطعنا عنك القوت.
وأخرج ابن شاهين، عن ابن أبي داود بسنده إلى معاوية- حديث: الخير عادة، والشر لجاجة. وقال: قال ابن أبي داود: لم يحدث به عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا معاوية.
وفي مسند أبي يعلى عن سويد بن شعبة، عن عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده سعيد- هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص، عن معاوية، قال: اتبعت رسول صلى الله عليه وآله وسلم بوضوء، فلما توضأ نظر إلي فقال: «يا معاوية، إن وليت أمرا فاتق الله واعدل».
فما زلت أظن أني مبتلى بعمل. صويد فيه مقال.
وقد أخرجه البيهقي في «الدلائل» من وجه آخر، وفي تاريخ البخاري، عن معمر، عن همام بن منبه، قال، قال ابن عباس: ما رأيت أحدا أحلى للملك من معاوية. وقال البغوي: حدثنا عمي عن الزبير، حدثني محمد بن علي، قال: كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال: هذا كسرى العرب.
وذكر ابن سعد عن المدائني، قال: نظر أبو سفيان إلى معاوية وهو غلام فقال: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أنه يسود قومه. فقالت هند: قومه فقط ثكلنه إن لم يسد العرب قاطبة.
وقال المدائني: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، وكان معاوية يكتب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما بينه وبين العرب.
وفي مسند أحمد، وأصله في مسلم، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادع لي معاوية- وكان كاتبه.
وقد روى معاوية أيضا عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأخته أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان.
وروى عنه من الصحابة: ابن عباس، وجرير البجلي، ومعاوية بن حديج، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، وغيرهم. ومن كبار التابعين: مروان بن الحكم، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، وأبو إدريس الخولاني. وممن بعدهم: عيسى بن طلحة، ومحمد بن جبير بن مطعم، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو سجلز، وجبير بن نفير، وحمران مولى عثمان، وعبد الله بن محيريز، وعلقمة بن وقاص، وعمير بن هانئ، وهمام بن منبه، وأبو العريان النخعي، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وآخرون.
وقال ابن المبارك في كتاب «الزهد»: أخبرنا ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب، عن أسلم مولى عمر، قال: قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم، فخرج إلى الحج مع عمر بن الخطاب، وكان عمر ينظر إليه فيتعجب منه، ثم يضع إصبعه على جبينه ثم يرفعها عن مثل الشراك، فيقول: بخ بخ، إذا نحن خير الناس أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة. فقال معاوية: يا أمير المؤمنين، سأحدثك، إنا بأرض الحمامات والريف. فقال عمر: سأحدثك، ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصبحك حتى تضرب الشمس متنيك، وذوو الحاجات وراء الباب. قال: حتى جئنا ذا طوى فأخرج معاوية حلة فلبسها، فوجد عمر منها ريحا كأنه ريح طيب، فقال: يعمد أحدكم فيخرج حاجا تفلا حتى إذا جاء أعظم بلدان الله جرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما. فقال له معاوية: إنما لبستهما لأدخل على عشيرتي يا عمر، والله لقد بلغني أذاك ها هنا وبالشام، فالله يعلم أن لقد عرفت الحياء في عمر، فنزع معاوية الثوبين، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما. وهذا سند قوي.
وأخرج ابن سعد، عن أحمد بن محمد الأزرقي، عن عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده، قال: دخل معاوية على عمر بن الخطاب، وعليه حلة خضراء، فنظر إليه الصحابة، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدرة، فجعل ضربا بمعاوية، ومعاوية يقول: الله الله يا أمير المؤمنين! فيم! فيم! فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه، فقالوا له: لم ضربت الفتى، وما في قومك مثله؟ فقال: ما رأيت إلا خيرا، وما بلغني إلا خير، ولكني رأيته- وأشار بيده- يعني إلى فوق فأردت أن أضع منه.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عباد، حدثنا سفيان، عن شيخ، قال: قال عمر: إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام، فإذا وكلتم إلى رأيكم كيف يستبزها منكم.
مات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 6- ص: 120
معاوية بن أبي سفيان واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أبا عبد الرحمن، كان هو وأبوه وأخوه من مسلمة الفتح. وقد روى عن معاوية أنه قال: أسلمت يوم القضية، ولقيت النبي صلى الله عليه وسلم مسلما.
قال أبو عمر: معاوية وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ذكره في ذلك بعضهم، وهو أحد الذين كتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر على الشام عند موت أخيه يزيد. وقال صالح بن الوجيه: في سنة تسع عشرة كتب عمر إلى يزيد بن أبي سفيان يأمره بغزو قيسارية، فغزاها، وبها بطارقة الروم، فحاصرها أياما، وكان بها معاوية أخوه، فخلفه عليها، وصار يزيد إلى دمشق، فأقام معاوية على قيسارية حتى فتحها في شوال سنة تسع عشرة.
وتوفي يزيد في ذي الحجة من ذلك العام في دمشق، واستخلف أخاه معاوية على عمله، فكتب إليه عمر بعهده على ما كان يزيد يلي من عمل الشام، ورزقه ألف دينار في كل شهر، هكذا قال صالح بن الوجيه، وخالفه الوليد بن مسلم.
حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا أبو الميمون، حدثنا أبو زرعة، حدثنا
دحيم، حدثنا الوليد بن مسلم- أن فتح بيت المقدس كان سنة ست عشرة صلحا، وأن عمر شهد فتحها في حين دخوله الشام قال: وفي سنة تسع عشرة كان فتح جلولاء، وأميرها سعد بن أبي وقاص، ثم كانت قيسارية في ذلك العام، وأميرها معاوية بن أبي سفيان. وذكر الدولابي، عن الوليد بن حماد، عن الحسن بن زياد، عن أبي إسماعيل محمد بن عبد الله البصري، قال: جزع عمر على يزيد جزعا شديدا، وكتب إلى معاوية بولايته الشام، فأقام أربع سنين، ومات، فأقره عثمان عليها اثنتي عشرة سنة إلى أن مات، ثم كانت الفتنة، فحارب معاوية عليا خمس سنين.
قال أبو عمر: صوابه أربع سنين، وقال غيره: ورد البريد بموت يزيد على عمر، وأبو سفيان عنده، فلما قرأ الكتاب بموت يزيد قال لأبي سفيان: أحسن الله عزاك في يزيد ورحمه، ثم قال له أبو سفيان: من وليت مكانه يا أمير المؤمنين؟ قال: أخاه معاوية، قال: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين.
وقال عمر إذ دخل الشام، ورأى معاوية: هذا كسرى العرب، وكان قد تلقاه معاوية في موكب عظيم، فلما دنا منه قال له: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين قال: مع ما يبلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك! قال: مع ما يبلغك من ذلك. قال: ولم تفعل هذا؟ قال: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثيرة. فيجب أن نظهر من عز السلطان ما نرهبهم به، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فقال عمر لمعاوية: ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، إن كان ما قلت حقا إنه لرأي أريب، وإن كان باطلا إنه لخدعة أديب. قال: فمرني يا أمير المؤمنين.
قال: لا آمرك ولا أنهاك. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر
الفتى عما أوردته فيه! قال: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه.
وذم معاوية عند عمر يوما، فقال: دعونا من ذم فتى قريش من يضحك في الغضب، ولا ينال ما عنده إلا على الرضا، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه. روى جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قال: ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية. فقيل له: فأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي! فقال: كانوا والله خيرا من معاوية، وكان معاوية أسود منهم. وقيل لنافع: ما بال ابن عمر بايع معاوية. ولم يبايع عليا؟ فقال: كان ابن عمر يعطي يدا في فرقة، ولا يمنعها من جماعة، ولم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه. قال أبو عمر: كان معاوية أميرا بالشام نحو عشرين سنة، وخليفة مثل ذلك، كان من خلافة عمر أميرا نحو أربعة أعوام، وخلافة عثمان كلها- اثنتي عشرة سنة، وبايع له أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع وثلاثين، واجتمع الناس عليه حين بايع له الحسن بن علي وجماعة ممن معه، وذلك في ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين، فيسمى عام الجماعة. وقد قيل: إن عام الجماعة كان سنة أربعين، والأول أصح. قال ابن إسحاق: كان معاوية أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة. وقال غيره: كانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما. وتوفي في النصف من رجب سنة ستين بدمشق، ودفن بها، وهو ابن ثمان وسبعين سنة. وقيل: ابن ست وثمانين. قال الوليد بن مسلم: مات معاوية في رجب سنة ستين، وكانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا.
وقال غيره: توفي معاوية بدمشق، ودفن بها يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين سنة، ثمانين سنة، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما، وكان يتمثل وهو قد احتضر:
فهل من خالد إما هلكنا | وهل بالموت يا للناس عار |
جاء البريد بقرطاس يحث به | فأوجس القلب من قرطاسه فزعا |
قلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم؟ | قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا |
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا | كأن ثهلان من أركانه انقلعا |
أودى ابن هند وأوى المجد يتبعه | كانا جميعا فظلا يسريان معا |
لا يرقع الناس ما أوهى وإن جهدوا | أن يرقعوه ولا يوهون ما رقعا |
أغر أبلج يستسقى الغمام به | لو قارع الناس عن أحلامهم قرعا |
لو عاش حي على الدنيا لعاش إما | م الناس لا عاجز ولا وكل |
الحول القلب الأريب ولن | يدفع وقت المنية الحيل |
ألا أبلغ معاوية بن صخر | أمير المؤمنين نثا كلامي |
فإنا صابرون ومنظروكم | إلى يوم التغابن والخصام |
دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 3- ص: 1416
معاوية بن أبي سفيان بن حرب. بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. ويكنى معاوية أبا عبد الرحمن. وله عقب. وكان يذكر أنه أسلم عام الحديبية. وكان يكتم إسلامه من أبي سفيان. قال: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي. وكتب له. وشهد معاوية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنينا والطائف وأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية وزنها له بلال. وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث وولاه عمر بن الخطاب دمشق عمل أخيه يزيد بن أبي سفيان حين مات يزيد فلم يزل واليا لعمر حتى قتل عمر. رضي الله عنه. ثم ولاه عثمان بن عفان ذلك العمل وجمع له الشام كلها حتى قتل عثمان.
رضي الله عنه. فكانت ولايته على الشام عشرين سنة أميرا. ثم بويع له بالخلافة واجتمع عليه بعد علي بن أبي طالب. ع. فلم يزل خليفة عشرين سنة حتى مات ليلة الخميس للنصف من رجب سنة ستين وهو يومئذ ابن ثمان وسبعين سنة.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 7- ص: 285
معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف واسم أبي سفيان صخر بن حرب ولي الشام ومات بدمشق يوم الخميس للنصف من رجب سنة ستين وهو ابن ثمان وسبعين سنة وصلى عليه الضحاك بن قيس وكانت ولايته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين ليلة
دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 85
معاوية بن أبي سفيان
م سنة 60 هـ. ’’ رضي ’’.
فإنه ’’ رضي ’’ أحتفل بها. واستوفد النسابين من الأمصار.
دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 15
معاوية بن أبي سفيان بن حرب، واسم أبي سفيان: صخر، أبو عبد الرحمن، القرشي، الأموي.
قال علي بن عبد الله: مات سنة ستين.
قال إبراهيم بن موسى، فيما حدثوني عنه، عن هشام بن يوسف، عن معمر، قال: سمعت همام بن منبه، عن ابن عباس، قال: ما رأيت أحداً أخلق للملك من معاوية.
وقال أبو مسهر: عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن ابن عميرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اللهم علم معاوية الحساب، وقه العذاب.
وقال لي ابن أزهر، يعني أبا الأزهر: حدثنا مروان بن محمد الدمشقي، حدثنا سعيد، حدثنا ربيعة بن يزيد، سمعت عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول، في معاوية بن أبي سفيان: اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهده، واهد به.
وقال خطاب الفوزي الحمصي: حدثنا محمد بن عمر المحرري، قال: سمعت ثابت ابن سعد، عن معاوية، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً على أمر الله، أو على الحق، لا يضرهم من خالفهم، ولا ينقصهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله، أو حتى تقوم الساعة.
حدثني أحمد، عن النفيلي، أنه حدثهم، عن عمرو بن واقد، أنه حدثهم، عن يونس ابن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، عن عمير بن سعدٍ، قال: لا تذكروا معاوية إلا بخيرٍ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اهده...
حدثنا إسحاق، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبو المعتمر، يزيد بن طهمان، عن ابن سيرين، قال: كان معاوية يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا تركبوا الخز، ولا النمار.
قال: وكان معاوية لا يتهم فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 7- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن الأموي
الخليفة من مسلمة الفتح عنه خالد بن معدان وعبد الله بن عامر والأعرج عاش ثمانياً وسبعين سنة مات في رجب سنة ستين ع
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف كنيته أبو عبد الرحمن القرشي الأموي
واسم أبي سفيان صخر له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم وكان كاتبه حديثه في أهل الشام وبها مات يوم الخميس للنصف من رجب سنة سنتين وهو ابن ثمان وسبعين سنة وصلى عليه الضحاك بن قيس
روى عنه عيسى بن طلحة في الصلاة والسائب بن يزيد في الصلاة وعبد الله بن عامر اليحصبي في الزكاة وهمام بن منبه في الزكاة وحميد بن عبد الرحمن بن عوف في الزكاة وابن عباس في الحج وعمير بن هانئ في الجهاد ويزيد بن الأصم وسعيد بن المسيب وجرير بن عبد الله وأبو سعيد الخدري
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان الأموي الخليفة
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 26
(ع) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أبو عبد الرحمن، القرشي الأموي.
قال ابن حبان: مات يوم الخميس النصف من رجب سنة ستين وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وصلى عليه الضحاك، وقدم بموته المدينة في شعبان، فكانت ولايته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين ليلة.
وفي كتاب العسكري: كان ملكه عشرين سنة إلا شهرا.
وفي كتاب البغوي: كان معاوية يمشي وهو غلام مع أمه، فعثر، فقالت له: قم، لا رفعك الله، وأعرابي يسمع، فقال: لم تقولين هذا؟! والله إني لأظنه سيسود قومه، فقالت: لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه.
وعن عطاء: أسلم معاوية وهو ابن ثماني عشرة سنة.
وقال مصعب: قال معاوية: أسلمت عام القضية، ولقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت إسلامي عنده، وقبله مني. وعن أبي السائب القرشي قال: لما ولى عمر
معاوية قالوا: ولى حدثا! فقال: يلوموني، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اجعله هاديا مهديا فاهديه»، وفي بعض الأخبار عن عوف بن مالك: اسمه معاوية الرجال.
وأنشد له المرزباني يعاتب قوما من قريش من أبيات:
إذا أنا أعطيت القليل جحدتم | وإن أنا أعطيت الكثير فلا شكر |
إذا العذر لم يقبل ولم ينفع الأسى | وضاقت قلوب منكم حشوها الغمر |
فكيف أداوي دائكم ودوائكم | يزيدكم داء لقد عظم الأمر |
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 11- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان بن حرب أبو عبد الرحمن القرشي الأموي
واسم أبي سفيان بن حرب صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مات يوم الخميس للنصف من رجب سنة ستين وهو بن ثمان وسبعين سنة وصلى عليه الضحاك بن قيس وقدم بموته المدينة في شعبان فكانت ولايته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين ليلة وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1
معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
حدثنا علي بن محمد، نا أبو الوليد، نا شعبة قال سعد بن إبراهيم أنبأني قال سمعت معبد الجهني يقول: كان معاوية قل ما حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر هؤلاء الكلمات عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً يفقهه في الدين وإن هذا المال حلوٌ خضرٌ فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه وإياكم والتمادح فإنه الذبح»
حدثنا عثمان بن عمر الضبي، نا إبراهيم بن أبي سويد، نا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي، عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرى جائزةٌ لأهلها»
حدثنا حسين بن جعفر القتات، نا عبد الحميد بن صالح، نا يونس بن بكير، عن عوف، عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز، عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار»
مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 3- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشي الأموي، أبو عبد الرحمن، الخليفة:
كان هو وأبوه وأخوه يزيد، من مسلمة الفتح. وروى عن معاوية، أنه أسلم يوم الحديبية، وكتم إسلامه من أبيه وأمه، وهو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامهما، وشهد معاوية مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية. وكان أحد كتاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
«اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب»، وقال في حقه: «اللهم اجعله هاديا مهديا»، رواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن أبي عميرة الصحابى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحسنه الترمذي.
وروى له على ما قال النووي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: مائة حديث وثلاثة وستون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة. روى عنه من الصحابة: أبو الدراداء، وأبو سعيد الخدرى، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم.
روى له الجماعة.
وقيل لابن عباس رضي الله عنهما: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، ما أوتر إلا في واحدة، قال: أصاب، إنه فقيه.
وروى جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قال: ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسود من معاوية، فقيل له: فأبو بكر وعمر وعثمان وعلى؟ فقال: كانوا والله خيرا من معاوية فأفضل، وكان معاوية أسود منهم. انتهى.
قال ابن عبد البر: وذم معاوية عند عمر يوما، فقال: دعونا من ذم فتى قريش، من يضحك في الغضب، فلا ينال ما عنده إلا على الرضى، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه.
وقال عمر رضي الله عنه، إذ دخل الشام، ورأي معاوية: هذا كسرى العرب. وكان
قد تلقاه معاوية في موكب عظيم، فلما دنا منه قال: أنت صاحب المكوكب العظيم؟، قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: مع ما يبلغني [عنك] من وقوف ذوى الحاجات ببابك؟، قال: مع ما يبلغك من ذلك. قال: ولم تفعل هذا؟، قال: نحن بأرض جواسيس، العدو بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما نرهبهم به، فإن أمرتنى فعلت، وإن نهيتنى انتهيت. فقال عمر: يا معاوية، ما أسألك عن شيء إلا تركتنى في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقا، إنه لرأي أريب. وإن كان باطلا، إنه لخدعة أديب. قال: فمرنى يا أمير المؤمنين، قال: لا آمرك ولا أنهاك. قال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه! قال: لحسن مصادره وموارده، جشمناه ما جشمناه. انتهى.
قال الزبير بن بكار، لما ذكر أولاد أبي سفيان: ومعاوية بن أبي سفيان كان يقول: «أسلمت عام القضية، ولقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت إسلأمي عنده، وقبل منى».
وكان من أمره بعد ما كان ولم يزل مع أخيه يزيد بن أبي سفيان، حتى توفى يزيد فاستخلفه على عمله، وأقره عمر، وعثمان - رضي الله عنهما - من بعد عمرو ركب البحر غازيا بالمسلمين إلى قبرس، في خلافة عثمان.
ثم قال الزبير: وحدثني أبو الحسن المدائنى، قال: كان عمر بن الخطاب إذا نظر إلى معاوية، قال: هذا كسرى العرب. وكان عمر ولاه على الشام، عند موت أخيه يزيد، وكان موت يزيد، على ما قال صالح بن دحية: في ذي الحجة سنة تسع عشرة، بعد أن عمر فيها نائب عمر قيسارية، وبها بطارقة الروم، وحصرهم أياما، وخلف عليها معاوية، وسار هو إلى دمشق، فافتتحها معاوية، في شوال هذه السنة. وكتب إليه عمر بعهده على ما كان يليه يزيد من عمل الشام، ورزقه ألف دينار في كل شهر، وقيل إنه رزقه على عمله بالشام، عشرة آلاف دينار كل سنة، حكاه ابن عبد البر.
أقام معاوية واليا لذلك أربع سنين، بقيت من خلافة عمر، فلما مات عمر أقره عثمان على ذلك، حتى مات عثمان. ولما بلغه موت عثمان، وأتاه البريد بموته بالدماء مضرجا، نعاه معاوية إلى أهل الشام، وتعاقدوا على الطلب بدمه، وامتنعوا من مبايعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان قد بويع بالمدينة بعد قتل عثمان، فسار على رضي الله عنه من العراق نحو أهل الشام، في سبعين ألفا أو تسعين ألفا، وسار إليه معاوية في ستين ألفا، فالتقى الفريقان على أرض صفين، بناحية العراق، ودام الحرب والمصابرة أياما ولياليا، قتل فيها من الفريقين، أزيد من ستين ألفا.
ولما رأي أهل الشام ضعفهم عن أهل العراق، نصبوا المصاحف على الرماح، وسألوا الحكم بما فيها، وأجابهم على رضي الله عنه إلى ذلك، واتفق الحال على تحكيم حكمين، أحدهما من جهة على، والآخر من جهة معاوية، وأن الخلافة تكون لمن يتفق عليه الحكمان، وتحاجزوا عن القتال.
ثم إن عليا رضي الله عنه، أتى بأبى موسى الأشعرى حكما، وندب معاوية، عمرو ابن العاص حكما، ومع كل من الحكمين طائفة من جماعته، واجتمعوا بدومة الجندل، على عشرة أيام من دمشق، وعشرة من الكوفة، فلم يبرم أمر، لأن عمرا خلى بأبى موسى الأشعرى وخدعه، بأن أو همه أنه يوافقه على خلع الرجلين، على ومعاوية، وتولية الخلافة لعبد الله بن عمر بن الخطاب، على ما قيل: وكان عند أبي موسى ميل إلى ذلك، وقرر عمرو مع أبي موسى، أنه يقوم في الناس، ويعلمهم بخلعه لعلى ومعاوية، ثم يقوم عمرو بعده ويصنع مثل ذلك، ولولا ما لأبي موسى من السابقة في الإسلام، لقام عمرو بذلك قبله. فصنع أبو موسى ما أشار إليه عمرو، ثم قام عمرو فذكر ما صنعه أبو موسى، وذكر أنه وافقه على ما ذكر من خلع على، وأنه أقر معاوية خليفة، ورجع الشاميون وفي ذهنهم أنهم حصلوا على شيء، فبايعوا معاوية.
وبعث إلى مصر جندا، فغلبوا عليها، وصارت بين جنده وجند على رضي الله عنه، فلما مات على، ولى ابنه الحسن الخلافة بعده، وسار من العراق ليأخذ الشام، وخرج إليه معاوية لقتاله بمن معه من أهل الشام.
ثم إن الحسن رغب في تسليم الأمر لمعاوية، على أن يكون له ذلك من بعده، وأن يمكنه مما في بيت المال، ليأخذ منه حاجته، وأن لا يؤاخذ أحدا من شيعة على بذنب، ففرح بذلك معاوية، وأجاب إليه، فخلع الحسن نفسه وسلم الأمر لمعاوية، ودخلا الكوفة، فقام الحسن في الناس خطيبا، وأعلم الناس بذلك، فلم يعجب شيعته، وذموه الناس لذلك، فلم يلتفت لقولهم، وحقق الله تعالى بفعل الحسن هذا، ما قاله فيه جده المصطفىصلى الله عليه وسلم: «إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
ولما سلم الحسن الخلافة لمعاوية، اجتمع الناس على بيعته، وسمى العام الذي وقع فيه ذلك، عام الجماعة، لاجتماع الأمة بعد الفرقة على خليفة واحد، وذلك في سنة إحدى وأربعين من الهجرة، وقيل في سنة أربعين، والأول أصح، على ما قال ابن عبد البر، وذكر أن ذلك في ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين. وبعث معاوية بعد ذلك نوابه على البلاد، وله في ذلك أخبار مشهورة، ليس ذكرها هاهنا من غرضنا.
وحج بالناس غير مرة [ ...... ] وصنع بمكة مآثر حسنة، منها: أنه اشترى من عقيل بن أبي طالب، دار خديجة بنت خويلد، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، التي بنى بها فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وولدت فيها أولادها من النبي صلى الله عليه وسلم، وماتت فيها، وهي الموضع المعروف قديما بزقاق العطارين بمكة، وتعرف الآن بمولد فاطمة، وجعلها معاوية مسجدا. ودام معاوية في الخلافة حتى مات.
واختلف في مقدار مدة إمرته بالشام وخلافته، فقيل: كان أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة، وثمانية وعشرين يوما، قاله ابن إسحاق. وقيل: كانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا، قاله الوليد بن مسلم. وقيل: كانت خلافته تسع عشرة سنة، وثلاثة أشهر، وعشرين يوما، حكاه ابن عبد البر، ولم يبين قائله. وقال: إن إمرته بالشام كانت نحوا من عشرين سنة.
واختلف في وفاته، فقيل: سنة ستين من الهجرة في رجب، قاله ابن إسحاق، والليث ابن سعد، والوليد بن مسلم، واختلف في تاريخها من رجب فقيل: في النصف منه، قاله ابن إسحاق، وقيل: لأربع ليال بقين منه، قاله الليث بن سعد. وقيل: إنه توفى سنة تسع وخمسين، يوم الخميس لثمان بقين من رجب، ذكره ابن عبد البر، ولم يعزه، وكذلك المزي.
واختلفوا في سنه، فقيل: كان ابن ثمان وسبعين، وقيل: ابن ست وثمانين، ذكرهما ابن إسحاق، وقيل ابن ثلاث وثمانين سنة، حكاه ابن عبد البر، من جملة قول من قال: إنه توفى سنة تسع وخمسين. واتفقوا على أنه توفى بدمشق، وقبره بها مشهور [ ....... ]:
ولما احتضر، كان يتمثل بقول القائل [الوافر]:
فهل من خالد إما هلكنا | وهل بالموت يا للناس عار |
والله لا ينالها يزيد | حتى ينال راشد الحديد |
أواضع رجل فوق أخرى يعدنا | عديد الحصى ما إن تزال تكاثر |
وأمكم تزجى تؤاما لبعلها | وأم أخيكم نزرة الولد عاقر |
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 6- ص: 1
معاوية بن أبي سفيان بن حرب
واسم أبي سفيان صخر بن حرب أبو عبد الرحمن الأموي نزل الشام له صحبة روى عنه حميد بن عبد الرحمن بن عوف وأبو صالح ذكوان وعبد الله بن عامر اليحصبي ويزيد بن الأصم وثابت بن سعد سمعت أبي يقول ذلك.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 8- ص: 1