التلعفري مظفر بن محمد، موفق الدين التلعفري: فيلسوف، من الشعراء. من أهل (تل اعفر) من حصون سنجار. له (تصانيف) في الفلسفة. رحل إلى الموصل وبغداد، وعاد إلى بلده ثم اقام بسنجار عند اصحابها بني مودود، وتصدر للاقراء. وخرج هابا من صاحبها، إلى حران، وفيها الملك الاشرف (موسى) فلقى من اكرامه ماحبب اليه البقاء وحضر معه وقعة (دنيسر) فوقع وارتض جسده، فمات.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 257

التلعفري
الفيلسوف المتفنن الشاعر، الموفق مظفر بن محمد. من تلعفر من حصون سنجار. وكان الفضل التيفاشي يذكر لي هذا الرجل ويزعم أنه استفاد من تصانيفه في ضروب الفلسفة، ويمتعني بما وقع له من أخباره وأشعاره أيام رؤساء بني ندا، أعيان الجزيرة العمرية.
ثم لما صار سنجار ومررت بتلعفر وحللت بالموصل وجدت ذكره هناك نابهاً، وألفيت كل من يذكره من أهل بلاده بانتسابه تائهاً وقد لخصت كما لقيته من ذلك: رحل في أول أمره من بلاده إلى الموصل وبغداد، وقرأ فيها مدة، ثم عاد إلى تلعفر واستقر بسنجار عند صاحبها بني مودود، وحل منهم محل مر الخمر في العنقود، واختص من بينهم بقطب الدين، وتصدر لإقراء النجو والحكمة وضروب الآداب. وكان معظم علومه الفلسفة، واشتهر بالتنجيم وقول الشعر والأدب.
فمن المتداول أنه وضع لقطب الدين في بعض السنين تقويماً وكتب عليه من شعره:

وله في قطف الدين وغيره من ملوك بيته أمداح جليلة، منها قوله الذي يرتاح إليه، وتعقد الخناصر عليه:
ثم اختلت أحواله بسنجار، فرحل في نهاية من الإسراع والهرب إلى الملك الأشرف بحران، فعندما اجتمع به، قال له: ما أخرجك عن سنجار؟ فقال: صاحبها الذي جار. قال: فما هذا السوق؟ قال: على قدر المحبة والشوق.
وقال في تغير صاحب سنجار عليه، مال يستغنى في هذا الباب عنه، ولا يتمثل في معناه بأحسن منه:
وحضر يوماً في بستان عند الملك الأشرف، فخدمه مملوك له جميل الصورة، فقال له الملك: يا موفق، هل توفق لشيء من النظم في الذي جمع لك الحسن والإحسان؟ فقال: يا سلطان، ما أضيع هبوب النسيم على الروض الهشيم، ثم أفكر ساعةً وقال:
فقال والله لقد جاوزت حد الإحسان! فلله درك! وبالله لا كتبه إلا بيدي. واستدعى الدواة وكتبها في دفتر اختياراته.
وقدم على سنجار رجل كثير الدعاوى والتثقيل يعرف بابن الجغاني القطربلي، ويكتب نفسه: علي بن طاهر العلوي. وكان أبوه، على زعمهم، يضرب الجغانة، وهي من آلات الطرب. ثم نشأ هذا الشخص فتعلق بالأدباء والأعيان، وأخذ من كلامهم واصطلاحهم ما يدخل به بين ... وسافر إلى الحجاز، فثار في خاطره أن يدعي الشرف، فرحل إلى الموصل وتزيا بزي الشرفاء وأرخى ذوائب شعره على جانبي وجهه. فضربه بالسياط نقيب العلويين هنالك وجرَّسه. والتجريس: أن يُنادي عليه: هذا خرا! ويشهر بين الناس.
فسار إلى سنجار. واتفق على رؤسائها بكثرة التثقيل، وصاروا يعمرون مجالسهم بالمطايبة معه، والحكايات عنه إذا غاب. وصار له بذلك إدلالٌ يجالس به العلماء ويبحث في مجالسهم. وكان الحظ الأوفر من البلية به للموفق التلعفري، فجعله نصب أفكاره ونوادر أشعاره. فاطرد له معه، مع اتصال الأيام إلا في الندوة، ما يزري بأشعار ابن سكرة في خمرته. فمن ذلك قوله:
خص جبل ’’الجودي’’ لأنه لا يفارقه الثلج. وكان هذا الرجل بارداً ثقيلاً يابس المفاصل.
وقوله:
وقوله:
وقوله:
ولم يزل مع الملك الأشرف إلى أن حضر معه وقعة دنيسر، التي كانت له في سنة اثنتين وستمائة، على نور الدين، صاحب الموصل، فوقع وارتض جسده، فمات في إثرها.

  • دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 1( 1945) , ج: 1- ص: 59