أبو العرب مصعب بن محمد بن ابي الفرات القرشي العبدري الصقلي، ابو العرب: شاعر، عالم بالادب. من أهل صقلية. سكن اشبيلية. وكان المعتمد بن عباد يعرف قدره ويبالغ في في اكرامه. قال ابن الابار: قدم على المعتمد سنة465فحظى عنده وعند ملوك الاندلس في تردده عليهم، و (ديوان شعره) بايدي الناس. وصار اخيرا إلى ناصر الدولة (صاحب ميروقة) فتوفى بها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 249
أبو العرب الصقلي مصعب بن محمد ابن أبي الفرات أبو العرب القرشي العبدري الصقلي الشاعر المشهور. دخل الأندلس عند تغلب الروم على صقلية، وحظي عند المعتمد بن عباد، وديوانه بأيدي الناس. روى عن أبي عمر بن عبد البر، وأخذ عنه أبو علي ابن عريب أدب الكاتب لابن قتيبة. وتوفي بميورقة سنة ست وخمس مائة، ومن شعره:
إلام اتباعي للأماني الكواذب | وهذا طريق المجد بادي المذاهب |
أهم ولي عزمان عزم مشرق | وآخر يثني همتي للمغارب |
ولا بد لي أن أسأل العيس حاجة | تشق على أخفافها والغوارب |
فيا نفس لا تستصحبي الهون إنه | وإن خدعت أسبابه شر صاحب |
ويا وطني إن بنت عني فإنني | سأوطن أكوار العتاق النواجب |
إذا كان أصلي من تراب فكلها | بلادي وكل العالمين أقاربي |
وما ضاق عني في البسيطة جانب | وإن جل إلا اعتضت عنه بجانب |
إذا كنت ذا هم فكن ذا عزيمة | فما غائب نال النجاح بغائب |
كأن فجاج الأرض إن يسر | بها خائف تجمع عليه الأناملا |
فأين يفر المرء عنك بجزمه | إذا كان يطوي في يديك المراحلا |
فإنك كالليل الذي هو مدركي | وإن خلت أن المنتأى عنك واسع |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0
أبو العرب مصعب بن محمد بن أبي الفرات القرشي [شاعر دهره، وواحد عصره] مولده بصقلية في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وخرج عنها لما تغلب الروم عليها في سنة أربع وستين وأربعمائة قاصدا المعتمد محمد بن عباد فمدحه [وحظي بصلاته] .
من ذلك قوله من قصيدة مدحه بها أول ما لقيه في ربيع الأول سنة خمس وستين وأربعمائة:
أحادينا هذا الربيع فخيم | وأمنية المرتاد والمتيمم |
وحط به عن ناجيات كأنها | قسي رمت منا البلاد بأسهم |
يشاهد أسرار الزمان جلية | بفطنة مدلول البصيرة ملهم |
أياد أبانت عنه وهي صوامت | ورب مبين ليس بالمتكلم |
فلا الغرض الأقصى عليه بعازب | بعيد ولا المعتاص عنه بمبهم |
تخشى بوادره والحلم حاجزها | إن السيوف لتخشى وهي في القرب |
ويضرب الذكر صفحا عن مواهبه | كأنه لم يجد يوما ولم يهب |
اهجر رشادك في وصل ابنة العنب | ولا تعقن أم اللهو والطرب |
متع شبابك واستمتع بجدته | فهو الحبيب إذا ما بان لم يؤب |
من ضيع اللهو في بدء الشباب طوى | كشحا على أسف لم يغن في العقب |
والحلم قيد فدعه واخط في مرح | والجد داء فداو النفس باللعب |
واللهم للنفس شيطان يوسوسها | فاقذفه من أنجم الصهباء بالشهب |
بكر حصان إذا ما الماء واقعها | أبدت لنا زبدا من سورة الغضب |
كادت تطير نفارا حين لامسها | لولا الشباك التي صيغت من الحبب |
وما لحظت عيناي في الدهر قبله | فريدا أرى كل الورى منه وحده |
ومن معجزات المجد والفضل أنني | أشاهد منه الضد ينصر ضده |
دنا كرما لما تباعد رفعة | دنو الغمام المستهل وبعده |
أقرت له هام الأعادي فحالفت | قلوبا عرفن الحق واعتدن جحده |
أبهى المناظر في عيني وأحسنها | كأس بكف رخيم الدل سحار |
كأنه إذ يسقى سادة زهرا | نجم يوزع شمسا بين أقمار |
كأن فجاج الأرض يمناك إن يسر | بها خائف تجمع عليه الأناملا |
فأنى يفر المرء عنك بجرمه | إذا كان يطوي في يديك المراحلا |
لما لقوا جيشك المنصور منتظما | ظلت رؤوسهم بالبيض تنتشر |
أولغت شبلك في الهيجا دماءهم | حتى تورد منه الناب والظفر |
إن الدماء لمكروه مغبتها | لكنها عند آساد الوغى هدر |
وإني لأستشفي بطيف مسلم | يبل غليلي باللقاء ويبرد |
وما خاف طيف في الزيارة رقبة | ولكن رقيب الطيف طرف مسهد |
وهل في ضمير الدهر للقرب عودة | فتغني كما كنا، أم الصبر أعود؟ |
ليالي ترضينا الليالي كأنها | إلينا بإهداء المنى تتردد |
همام يجر الجيش جما عديده | لأرض الأعادي زائر متعمد |
كأن الضحى يعتل منه فيكتسي | شحوبا وعين الشمس تقذى وترمد |
فقل هو ليل في الظهيرة مظلم | وقل هو بحر في البسيطة مزبد |
كأن الردى فيه تضل نفوسهم | فيهديه من صوت القواضب منشد |
نجوت فعمري مستجد وإنما | نجاة الفتى بعد المخافة مولد |
وأحسنت الأيام حتى كأنما | تنافس في الإحسان يومي والغد |
عرفت فودعت الصبا والغوانيا | وقلت لداعي الحلم لبيك داعيا |
فما تزدهيني ذات دل غريرة | تزين للكهل الحليم التصابيا |
ولكن قصرت العين عن كل منظر | فما أرسلت لحظا على القلب جانيا |
غضوب لدين الله في كل موطن | يعاف الرضى حتى يرى الدين راضيا |
ألا إنني لما عددتك أولا | ختمت وما استثنيت بعدك ثانيا |
إلام اتباعي للأماني الكواذب | وهذا طريق المجد بادي المذاهب |
أهم ولي عزمان عزم مشرق | وآخر يغري همتي بالمغارب |
ولا بد لي أن أسأل العيس حاجة | تشق على أخفافها والغوارب |
علي لآمالي اضطراب مؤمل | ولكن على الأقدار نجح المطالب |
فيا نفس لا تستصحبي الهون إنه | وإن خدعت أسبابه شر صاحب |
ويا وطني إن بنت عني فإنني | سأوطن أكوار العتاق النجائب |
إذا كان أصلي من تراب فكلها | بلادي وكل العالمين أقاربي |
وما ضاق عني في البسيطة جانب | وإن جل إلا اعتضت منه بجانب |
إذا كنت ذا هم فكن ذا عزيمة | فما غائب نال النجاح بغائب |
دار الغرب الإسلامي - بيروت -ط 1( 1995) , ج: 1- ص: 35