مسيلمة الكذاب مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، أبو ثمامة: متنبئ، من المعمرين. وفي الأمثال (أكذب من مسيلمة) ولد ونشأ باليمامة، في القرية المسماة اليوم بالجبيلة، بقرب (العيينة) بوادي حنيفة، في نجد. وتلقب في الجاهلية بالرحمن. وعرف برحمان اليمامةز ولما ظهر الإسلام في غربي الجزيرة، وافتتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ودانت له العرب، جاءه وفد من بني حنيفة، قيل: كان مسيلمة معهم إلا أنه تخلف مع الرحال، خارج مكة، وهو شيخ هرم، فأسلم الوفد، وذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم مكان مسيلمة فأمر له بمثل ما أمر به لهم، وقال: ليس بشركم مكانا. ولما رجعوا إلى ديارهم كتب مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله. سلام عليك، أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشا قوم يعتدون) فأجابه: (بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله، إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين) وذلك في أواخر سنة 10 هـ ، كما في سيرة ابن هشام (3: 74) وأكثر مسيلمة من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن. وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل القضاء على فتنته، فلما انتظم الأمر لأبي بكر، انتدب له أعظم قواده (خالد بن الوليد) على رأس جيش قوي، هاجم ديار بني حنيفة. وصمد هؤلاء، فكانت عدة من استشهد من المسلمين على قلتهم في ذلك الحين ألفا ومئتي رجل، منهم أربعمائة وخمسون صحابيا، (كما في الشذرات) وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة (سنة 12) ولا تزال إلى اليوم آثار قبور الشهداء، من الصحابة، ظاهرة في قرية (الجبيلة) حيث كانت الواقعة، وقد أكل السيل من أطرافها حتى إن الجالس في أسفل الوادي يرى على ارتفاع خمسة عشر مترا، تقريبا، داخل القبور ولحدها، ولا يزال في نجد وغيرها من ينتسب إلى بني حنيفة الذين تفرقوا في أنحاء الجزيرة. وكان مسيلمة ضئيل الجسم، قالوا في وصفه: (كان رويحلا، أصيغر، أخينس) كما في كتاب البدء والتاريخ. وقيل: اسمه (هارون) ومسيلمة لقبه (كما في تاريخ الخميس) ويقال: كان اسمه (مسلمة) وصغره المسلمون تحقيرا له، قال عمارة بن عقيل:

ولهشام الكلبي النسابة (كتاب مسيلمة).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 226

مسيلمة الكذاب مسيلمة بن حبيب وقيل: مسيلمة بن ثمامة بن أثال بن حنيفة بن عجل، المتنبئ الكذاب، أول من تنبأ كذبا. قال ابن قتيبة: وهو أول من أدخل البيضة في القارورة، وأول من وصل جناح الطائر. ادعى النبوة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته العرب وارتدت، فبعث أبو بكر الصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد إلى اليمامة، فاستشهد خلق كثير من المهاجرين والأنصار، وانهزم مسيلمة ومن بقي معه. فأدركه وحشي بن حرب فقتله. وسوف يأتي ذكر هذا وحشي في حرف الواو موضعه. وكان خروجه لعنه الله آخر سنة عشر قبل حجة الوداع. وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
أما بعد، فإنني قد اشتركت معك في الأمر، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يعبدون الأصنام.
فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابه:
من محمد رسول الله إلى مسيلمة لعنه الله، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}.
وكان كتاب مسيلمة بخط عمر بن الجارود، وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم بخط أبي بن كعب. ولما سمعت به سجاح ابنة الحارث من بني يربوع، تنبأت وزعمت أن الوحي يأتيها، وتابعها كثير من العرب ورؤساء الجزيرة، وأمرت جماعة من أتباعها بالمسير إلى مسيلمة لقتله، فقالوا: إنه شوكته كبيرة وقد عظم أمره، فقالت: عليكم اليمامة، ورفوا رفوف الحمامة، فإنها غزوة مرامة، لا يلحقكم بعدها ملامة. فبلغ كلامها مسيلمة فهابه، وأهدى إليها هدية، ثم أرسل إليها يستأمنها على نفسه، فأذنت له. فجاء إليها وافدا في أربعين من بني حنيفة. وكانت راسخة في النصرانية. فقال مسيلمة لأصحابه: اضربوا لنا قبة وخمروها لعلها تذكر الباه، ففعلوا، وأرصدوا حول القبة أناسا منهم. فلما دخلت عليه حدثته وحادثها فقالت: ما أوحي إليك؟ فقال: أوحي إلي: ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا.
قالت: ثم ماذا؟ قال: أوحي إلي أن الله خلق النساء أفواجا، وجعل الرجال لهن أزواجا، فنولج فيهن غراميلنا إيلاجا، ثم نخرجهن إذا شئنا إخراجا، فينتجن لنا سخالا نتاجا. قالت: أشهد أنك نبي. قال: هل لك أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب؟ فقالت نعم، فقال:

فقالت: بل به أجمع، فهو للشمل أجمع، ثم صلت عليه، لا صلى الله عليه ولا عليها. فقال: كذلك أوحي إلي. فأقامت عنده قليلا وانصرفت إلى قومها. فقالوا لها: ما عندك؟ قالت: كان على حق فتبعته وتزوجته، قالوا: فهل أصدقك شيئا؟ قالت لا. قالوا: ارجعي إليه، فقبيح بمثلك أن تنكح بغير صداق، فرجعت إليه فقالت: أصدقني صداقا. قال: من مؤذنك؟ قالت: شبيب بن ربعي الرياحي. قال: علي به. فلما جاء قال: ناد في أصحابك أن مسيلمة رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد، صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة. فكان عامة بني تميم لا يصلونها، وكان مما شرع لهم: من أصاب ولدا من امرأة لا يعود يطأها إلا أن يموت الولد. وحرم النساء على من ولد له ذكر. وفي سجاح المذكورة يقول قيس بن عاصم المنقري:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0