شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران العقيلي، أبو المكارم، السلطان شرف الدولة: أمير مستقل. كان صاحب الموصل وديار ربيعة ومضر (من أرض الجزيرة) ولي بعد وفاة أبيه (سنة 453هـ) واستولى على قلعة حلب. وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وافتتح حران وأساء إلى أهل السنة فيها. وكان يتشيع. ودانت له البادية. ورام الإستيلاء على بغداد بعد طغرلبك. وقاتل سلطان الترك (سليمان بن قتلمش) بظاهر أنطاكية، فقيل إنه قتل في المعركة، وقيل: خنقه خادم في الحمام، وله بضع وأربعون سنة. وكان شجاعا جوادا، نافذ السلطان، عم بلاده الأمن في أيامه.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 222

شرف الدولة أمير العرب مسلم بن قريش بن بدران بن المقلد بن المسيب أبو المكارم بن أبي المعالي بن أبي الفضل العقيلي الملقب بشرف الدولة أمير العرب بنواحي بغداد. استحفل أمره وقويت شوكته وأطاعته العرب، وطمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طغرلبك. ثم رجع عن ذلك، فاستولى على ديار ربيعة ومضر، وملك حلب وحران، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها. وكان يسوس بلاده سياسة المتقدمين، وكان له في كل قرية وبلد قاض وعامل وصاحب خبر. ولم يمكن أحد يتعدى على غيره. وكان يشعر وله أدب. مولده سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة، وقتل في حرب كانت بينه وبين سليمان بن قتلمش السلجوقي على باب أنطاكية في صفر سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. فكانت إمارته خمسا وعشرين سنة، وعمره خمسا وأربعين سنة وشهورا. وكان رافضيا خبيثا، أظهر ببلاده سب السلف. وقد تقدم ذكر أبيه وجده، ومن شعره:

ومنه أيضا:
وشرف الدولة المذكور هو الذي عمر صور الموصل، شرع فيه في ثالث شوال سنة أربع وسبعين وأربع مائة، وفرغ في ستة أشهر. وحصر شرف الدولة المذكور حلب سنة إحدى وسبعين وأربع مائة، وكان بها سابق بن محمود بن نصر بن صالح ففتحها. وكانت الأسعار بها قد غلت، فلما فتحها نقل إليها الغلال من الشرق حتى أرخصها. ولما ضايقها بالحصار خطب إلى سابق بن محمود أخته، فأنعم له وعقد العقد، وفي يوم تسلمه القلعة دخل بالعروس، فقيل: إنه فتح في ساعة واحدة حصنين. وفي ذلك يقول منصور بن تميم:
وقيل: إنه كان قد عزم على الرحيل عن حلب لما طال حصارها، فقرب الأمير أبو الحسن ابن منقذ من سور القلعة فاطلع، إليه صديق له من أهل الأدب، فقال له ابن منقذ: كيف أنتم؟ فقال: طول جب، ففهم ابن منقذ أحجيته ومعناها: مدابير. فسارع إلى إعلام شرف الدولة بذلك، فترك الرحيل وأقام حتى فتحها.
ومدح ابن حيوس شرف الدولة فأقطعه الموصل، ولم يلبثا ابن حيوس بعد ذلك إلا ستة أشهر ومات. فترك مالا كثيرا وعبيدا وخيلا وغير ذلك، فأشار عليه من حضره برفع ذلك إلى خزانته، فغضب وهم بقتله وقال: ويلك اعمد إلى مال قد سمحت به أنفس الأجواد، وجادت به أكف الكرام، وقد أخذ من فضلات عطاياهم فأجعله في خزانتي، أغرب عني فلا حاجة لي بصحبتك، ثم أمر بذلك فجعل في حرز. ثم قيل له أن بحران له بنتا واحدة وهي غير مستحقة للميراث. فقال ادفعوا جميع الميراث إليها.
ولما أتاه ابن حيوس ليمدحه، قيل له: إن هذا شاعر أحمق وما مدح أحدا من الملوك إلا وهو قاعد، وإنه يتسمى بالأمير، والرأي أنه يكون الجلوس له في مكان ليس فيه بساط، ولا ما يجلس عليه سوى كرسي يجلس عليه الأمير، ففعل ذلك. وأذن له فدخل فلم يجد مكانا يصلح للجلوس. فشرع وأنشد قائما قصيدته التي أولها:
فلما انتهى إلى قوله:
اهتز لذلك وقال: ليجلس الأمير، وأمر له ببساط فجلس وأتمها قاعدا، وأعطاه الموصل. ومن علو همة شرف الدولة أنه عمر هريا بقلعة حلب وسماه البصرة وملأه سكرا للذخيرة قال: لا يملأوه غيري تبنا.
حدث بهاء الدولة بن منقذ قال: حدثني الشريف عز الدين ابن النقيب بحلب قال: كنت عند لؤلؤ المعروف ببابا وقد أمر أن يحط فيه تبن الخيل، فحدثته حديث شرف الدولة، فقال لأصحابه: أريد أن تملؤه، فلقد خرب بلد حلب وما امتلأ تبنا، ومن شعر شرف الدولة:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0

صاحب الموصل السلطان شرف الدولة، أبو المكارم، مسلم ابن ملك العرب قريش بن بدران بن الملك حسام الدولة مقلد بن المسيب بن رافع العقيلي.
كان يترفض كأبيه. ونهب أبوه دور الخلافة في فتنة البساسيري، وأجار القائم بأمر الله. ومات سنة ثلاث وخمسين كهلا، فولي ابنه ديار ربيعة ومضر، وتملك حلب، وأخذ الأتاوة من بلاد الروم، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها، فنزع أهل حران طاعته، فبادر إليها، فحاربوه، فافتتحها، وبذل السيف في السنة بها، وأظهر سب الصحابة، ودانت له العرب، ورام الاستيلاء على بغداد بعد طغرلبك، وكان يجيد النظم، وله سطوة وسياسة وعدل بعنف، وكان يعطي جزية بلاده للعلوية. عمر سور الموصل وشيدها.
ثم إنه عمل المصاف مع سلطان الروم سليمان بن قتلمش في سنة ’’478’’ بظاهر أنطاكية، فقتل مسلم وله بضع وأربعون سنة. وقيل: بل خنقه خادم في الحمام. وملكوا أخاه إبراهيم، وله سيرة طويلة وحروب وعجائب.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 14- ص: 24