ابن زنكي مسعود بن مودود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر، أبو الفتح وأبو المظفر، الملقب عز الدين: صاحب الموصل وسنجار في أيام السلطان صلاح الدين الأيوبي. ولد ونشأ بالموصل، وعين مقدما للجيوش بها في حياة صاحبها أخيه سيف الدين غازي، ثم آل إليه أمرها بعد وفاة غازي (سنة 576هـ) ومات صاحب حلب الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين (سنة 577) بعد أن أوصى بها لعز الدين (صاحب الترجمة) واستحلف له الأمراء والأجناد، فذهب إليها واستولى على خزائنها وتزوج أم الملك الصالح. ثم اتفق مع صاحب سنجار على مقايضته حلب بسنجار، وتسلم هذه سنة 578 ونمي إلى السلطان صلاح الدين أن عز الدين اتصل بالفرنج وحرضهم على قتاله، فأقبل من دمشق واستولى على حلب وسنجار وحاصر الموصل مدة ثم تركها (في السنة نفسها) وانعقد الصلح بينهما بعد ذلك، فاطمأن عز الدين بقية حياته. وبنى مدرسة للشافعية والحنفية بالموصل، دفن بها.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 220

صاحب الموصل الملك عز الدين أبو المظفر مسعود ابن الملك مودود بن الأتابك زنكي بن آقسنقر، الأتابكي، التركي، الذي عمل المصاف مع صلاح الدين على قرون حماة، فانكسر مسعود سنة سبعين، ثم ورث حلب، أوصى له بها ابن عمه الصالح إسماعيل، فساق، وطلع إلى القلعة، وتزوج بوالدة الصالح، فحاربه صلاح الدين، وحاصر الموصل ثلاث مرات، وجرت أمور، ثم تصالحا، وكان موتهما متقاربا.
تعلل مسعود، وبقي عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادة والتلاوة، وإن تكلم بشيء، استغفر، وختم له بخير. وكان يزور الصالحين، وفيه حلم وحياء ودين وقيام ليل، وفيه عدل.
مات في شعبان سنة تسع وثمانين وخمس مائة.
قال ابن خلكان في ترجمة صاحب الموصل عز الدين مسعود بن مودود: لما سار السلطان صلاحا لدين من مصر، وأخذ دمشق بعد موت نور الدين، خاف منه صاحب الموصل غازي، فجهز أخاه مسعودا هذا ليرد صلاح الدين عن البلاد، فترحل صلاح الدين عن حلب في رجب سنة سبعين، وأخذ حمص، فانضم الحلبيون مع مسعود، وعرف بذلك صلاح الدين، فسار، فوافاهم على قرون حماة، فتراسلوا في الصلح، فأبى مسعود، وظن أنه يهزم صلاح الدين، فالتقوا، فانكسر مسعود، وأسر عدة من أمرائه في رمضان، وأطلقوا، وعاد صلاح الدين، فنزل على حلب، فصالح ابن نور الدين على بذل المعرة وكفرطاب وبارين، فترحل، ثم تسلطن بالموصل مسعود، فلما احتضر ولد نور الدين، أوصى بحلب لمسعود ابن عمه، واستخلف له الأمر، فبادر إليها مسعود، فدخلها في شعبان سنة77، وتمكن، وتزوج بأم الصالح، وأقام بها نحو شهرين، ثم خاف من صلاح الدين، وألح عليه الأمراء بطلب إقطاعات، ففارق حلب، واستناب عليها مظفر الدين ابن صاحب إربل، ثم اجتمع بأخيه زنكي، فقايضه عن حلب بسنجار، وتحالفا، وقدم زنكي، فتملك حلب في المحرم سنة78، ورد صلاح الدين إلى مصر، فبلغته الأمور، فكر راجعا، وبلغه أن مسعودا راسل الفرنج يحثهم على حرب صلاح الدين، فغضب وسار، فنازل حلب في جمادى الأولى سنة ثمان، ثم ترحل بعد ثلاث، فانحاز إليه مظفر الدين ابن صاحب إربل، وقوى عزمه على قصد ممالك الجزيرة، فعدى الفرات، وأخذ الرقة، والرها، ونصيبين، وسروج، ثم نازل الموصل في
رجب، فرآها منيعة، فنزل على سنجار أياما، وافتتحها، فأعطاها لتقي الدين عمر صاحب حماة، ثم نازل الموصل في سنة إحدى وثمانين، فنزلت إليه أم مسعود في نسوة، فما أجابهن، ثم ندم، وبذلت المواصلة نفوسهم في القتال ليالي، فأتاه موت صاحب خلاط شاه أرمن، وتملك مملوكه بكتمر، فلان بكتمر أن يملك صلاح الدين خلاط، ويكون من دولته، وترددت الرسل، وأقبل بهلوان صاحب أذربيجان ليأخذ خلاط، فراوغ بكتمر الملكين، ونزل صلاح الدين على ميافارقين، فجد في حصارها إلى أن فتحها، وأخذها من قطب الدين الأرتقي، وكر إلى الموصل، فتمرض مدة، ورق، وصالح أهل الموصل، وحلف لهم، وتمكن حينئذ مسعود، واطمأن، إلى أن مات بعد صلاح الدين بأشهر بعلة الإسهال، ودفن بمدرسته الكبرى، وتملك بعده ابنه نور الدين مدة، ثم مات عن ابنين: القاهر مسعود، والمنصور زنكي.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 389