قبجق المنصوري قبجق المنصوري أصله من المغل كان قد وقع في نوبة الابلستين لما دخلها الظاهر بيبرس سنة 45 - فأعطاه للمنصور قلاون وكان مواخيا للاجين في أيام أستاذهما ولم يزل قبجق مقدما في البيت المنصوري وأستاذه مع ذلك لا يركن إليه ولا يخرجه معه إلى حروب الشام وكان يتفرس فيه الميل إلى المغل وسئل فيه مرة أن يجرده في عسكر فامتنع وقال متى خرج قبحق غلى الشام لحق بالتتار فلما مات المنصور قدمه الأشرف وكان يستشيره فلما قتل وكان كتبغا يقصد لاجين وقبجق فعملا عليه إلى أن طرداه وملك لاجين واختار قجبق نيابة الشام فوليها في ربيع الأول سنة 96 - فباشرها إلى أن أوقع الافرم بينه وبين لاحين فانقلبت الصداقة عداوة إلى أن خرج مقدما لعساكر الشام إلى التتار لما شاع خبر قدومهم وخرج قبجق في تجمل زائد إلى الغاية وذلك في النصف الأول من المحرم سنة 98 - فبلغه أن لاجين دس عليه من يسمه بتدبير مملوكه ونائبه منكونمر فتحيل من ذلك وهرب إلى جهة التتار وذلك في ربيع الآخر منها فلم يكن بعد هروبه إلا قدر أسبوع حتى جاء الخبر بقتل لاجين فساق بعض البريدية إلى قبجق واعلمه بالخبر فكذبه واستمر حتى وصل إلى غازان فقبل وفادته واقطعه همذان وأعطاه عشرة آلاف وأكرم من معه وكانوا خمسمائة نفس منهم عشرة أمراء واتفق أنه وجد أباه وإخوته في خدمته غازان فاجتمعوا بعد طول الغربة ولم يزل عند غازان حتى بدا له فأشار عليه بقصد الشام فقصدها وكان من وقعة وادي الخزندار ما كان وكان قبجق يقول لولا أنا ما قتل من المسلمين أحد ولولا أنا ما نجا منهم أحد فإذا سئل عن ذلك قال لما وقع المصاف حمل المسلمون حملة صادقة فهم غازان بالرجوع فطلبنى ليضرب عنقى نفطنت لذلك فقلت له يا خوند أصحابنا لهم فرد حملة فألقان يصبر ويبصر كيف ما يبقى منهم أحد فكان كذلك فلما انكسروا وأراد أن يتبعهم فقلت له إن عادتهم ترتيب الكمائن فلا نأمن أن يكونوا انهزموا مكيدة فيردوا عليكم فوقف حتى أبعدوا وكان غازان لما وصل إلى مرج راهط جعل الحكم بدمشق لقبجق وكان مع ذلك مغلوبا مع التتار لكن كان يدافع بجهده عن المسلمين لما رجع غازان جعل إليه نيابة الشام فلما كان يوم الجمعة رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة 699 خطب بمنبر دمشق باسم غازان ثم قرئ تقليد قبجق نيابة الشام ودمشق وحلب وحماة وحمص ومعاملات ذلك على سدة المؤذنين وهو يتضمن أنه نائب الشام ورحل غازان في جمادى الأولى وجعل عنه قبجق بعض عظماء دولته اسمه قطلوشاه في عشرين الف فما عدا غازان الفرات جمع قبجق لقطلوشاه مالا وأشار عليه بالمسير إلى حلب فلما كان في أول جمادى الآخرة رتب أمور البلد على ما كانت عليه قبل مجيء غازان فخرج بمن معه يريد مصر بعد أن خرجت العساكر قاصدة إليه فلحق قبجق بيبرس وسلار بين غزة وعسقلان فاجتمعوا ثم توجه سلار وبيبرس إلى دمشق ووصل قبجق إلى مصر فأكرموه إلى أن عاد سلار وبيبرس فسأل قبجق أن ينعم عليه ببلد يقيم به ثم راسل المصريين واستعان عليهم بمحمد بن عيسى فلان له سلار ولم يزل بيبرس الجاشنكير إلى أن أذعن وأرسلوا له بالأمان فأفردوا الشوبك إلى أن وقعت وقعة شقحب فكان له فيها العمل الكبير والبلاء العظيم فإنه سبق التتار إلى الماء وحال بينهم وبينه فكان ذلك من أعظم أسباب النصر ثم أعطي نيابة حماة بعد ذلك فباشرها في سلطنة بيبرس كالملك المستقل فلما عاد الناصر من الكرك لاقاه ودخل معه مصر فقلده نيابة حلب في شوال سنة 709 - فلم يزل بها إلى أن مات في جمادى الأولى سنة 710 وكان بطلا شجاعا عارفا جيد الرأي قليل الطمع والظلم رحمه الله تعالى
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 2- ص: 0