ابن هاني محمد بن هانيء بن محمد بن سعدون الازدي الاندلسي، أبو القاسم، يتصل نسبه بالمهلب بن ابي صفرة: أشعر المغاربة على الاطلاق. وهو عندهم كالمتنبي عند أهل امشرق. وكانا متعاصرين. ولد باشبيلية، وحظى عند صاحبها (ولم تذكر المصادر اسمه) واتهمه اهلها بمذهب الفلاسفة، وفي شعره نزعة اسماعيلية بارزة، فأساؤوا القول في ملكهم بسبه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى إفريقية والجزائر. ثم اتصل بالمعز العبيدي (معد بن اسماعيل) واقام عنده في (المنصورية) بقرب القيروان، مدة قصيرة. ورحل المعز إلى مصر، بعد ان فتحها قائده جوهر، فشيعه ابن هاني وعاد إلى اشبيلية فاخذ عياله وقصد مصر، لاحقا بالعز، فلما وصل إلى (برقة) قتل فيها غلية. له (ديوان شعر -ط) شرحه الدكتور زاهد علي، في كتاب سماه (تبيين المعاني في شرح ديوان ابن هاني -ط) وترجمه إلى الانكليزية.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 130

ابن هاني الأندلسي اسمه محمد بن هاني.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 274

محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأندلسي محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأندلسي أبو القاسم أو أبو الحسن من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي أو من ولد أخيه روح بن حاتم.
ولد بقرية سكون من قرى مدينة أشبيلية سنة 320 أو 326 وقتل في رجب سنة 362 وقيل 361 والأول أصح وعمره 36 سنة وقيل 42.
كان أبوه هانئ من قرية من قرى المهدية بأفريقة وكان أيضا شاعرا أديبا فانتقل إلى الأندلس فولد له محمد المذكور بمدينة أشبيلية ونشأ بها واشتغل وخصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه وكان حافظا لأشعار العرب وأخبارهم وكان أكثر تأدبه بدار العلم في قرطبة ثم استوطن أبوه البيرة ولذلك يقال له الألبيري أيضا وكان مع مهارته في الشعر عارفا بعلوم أخر لا سيما علم الهيئة كما يظهر من قصيدته الفائية، وكان له حذق ثاقب في فك المعمى قاله لسان الدين بن الخطيب. وأول من اتصل به من أهل الدولة صاحب أشبيلية فأعزه الملك وأكرمه وصار عنده ذا مكان ومنزلة وأقام معه زمانا وسبب مفارقته إياه أن أهل أشبيلية نقموا على الملك وأساؤوا القول فيه لإقامته عنده لأنه كان معتقدا بإمامة الخلفاء الفاطميين وبالمغرب واتهمه الناس بمذهب الفلاسفة حتى هموا بقتله فأشار عليه الملك بالغيبة عن البلدة مدة ينسى فيها خبره فانفصل عنها وعمره يومئذ نحو 27 عاما ولا توجد في ديوانه قصيدة في مدح صاحب أشبيلية مع أنه أقام عنده زمانا والسبب في ذلك أن شعره اشتهر في الغربة في بلاد المغرب ولم يشتهر في وطنه بل بعد خروجه من الأندلس كما هو حال أكثر الفضلاء وقديما قالوا: ليس ابني كرامة في وطنه فخرج إلى عدوة المغرب ولقي القائد جوهرا مولى المنصور بالله الفاطمي فامتدحه فأعطاه مائتي درهم فاستقلها وسأل عن كريم يمدحه فقيل له عليك بأحد الجعفرين جعفر بن فلاح أو جعفر بن علي بن حمدون المعروف بابن الأندلسية وكان جعفر بن علي بالمسيلة وهي مدينة الزاب واليا عليهما مع أخيه يحيى الذي كان معاونا له حتى قيل إنهما كانا والييها قاله لسان الدين بن الخطيب فقصدهما ومدحهما بقصائد في ديوانه فبالغا في إكرامه والإحسان إليه وسارت أشعاره فيهما فلم يزل عندهما في أرغد عيش وأعز جانب إلى أن نمي خبره إلى المعز لدين الله فطلبه منهما فوجهاه إلى القيروان في جملة طرف وتحف بعثا بها إليه كان أبو القاسم أفضلها عنده فأقام عند المعز إلى أن قتل وأما جعفر بن فلاح فلا يوجد في مدحه في الديوان إلا بيتان. ويظهر من بعض قصائده انه تحمل المشاق واقتحم الأهوال في ارتحاله إلى المعز لآن بني أمية منعوه من الوصول إليه ولم يرضوا أن يزوره ويمدحه فاضطر إلى مدافعتهم ومحاربتهم كما يشير إليه بقوله:

ولما انتهى إلى المعز امتدحه بغرر المدايح وعيون الشعر فبالغ المعز في الإنعام عليه فأقام عنده وهو منعم مكرم إلى أن ارتحل المعز إلى مصر والحظ الذي حصل له عند المعز أجل من أن يوصف ولم يكن هناك ممدوح أعز شاعره كما أعز المعز ابن هانئ وكان يفضله على سائر الشعراء الذين كانوا عنده كما قال:
ولما أنشده بالقيرون قصيدته التي أولها:
أمر له بدست قيمته ستة آلاف دينار فقال له يا أمير المؤمنين مالي موضع يسع الدست إذا بسط فأمر له ببناء قصر فغرم عليه ستة آلاف دينار وحمل إليه آلة تشكل القصر والدست قيمتها ثلاث آلاف دينار ولما بلغه خبر وفاته وهو بمصر تأسف عليه كثيرا وقال هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر لنا ذلك.
(أقوال العلماء فيه)
قال الوزير محمد لسان الدين بن الخطيب: كان ابن هانئ من فحول الشعراء وأمثال النظم وبرهان البلاغة ولا يدرك شأوه ولا يشق غباره مع المشاركة في العلوم والنفوذ في فك المعمى وجرى ذكره في تلخيص الذهب من تأليفنا بما نصه: العقاب الكاسرة والصمصامة الباترة والشوارد التي تهادتها الآفاق والغايات التي عجز عنها السباق وقال ابن خلكان: إن لم يكن في شعراء المغرب من هو في طبقة ابن هانئ لا من متقدميهم ولا متأخريهم بل هو أشعرهم على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة. ويقول الذهبي صاحب تاريخ الإسلام: ليس يلحقه أحد في الشعر من أهل الأندلس وهو نظير المتنبي.
وقد ترجم المستشرق فان كريمر بعض أشعاره إلى الألمانية وقال عنه: قوة البيان وكثرة التمثيلات وجودة الألفاظ التي لا يكاد يقدر عليها من الشعراء إلا القليل هي الأوصاف التي نشرت صيته ورفعت ذكره فلذالك سمته المغاربة متنبي الغرب فلا شبهة في كونه مستحقا لذلك اللقب، وقال أبو الوليد الشقندي: هل منكم الذي طار في مشارق الأرض ومغاربها قوله وهو أبو القاسم محمد بن هانئ الألبيري. وقال الحميدي: محمد بن هانئ شاعر أندلسي كثير الشعر محسن مجود إلا أن قعقعة الألفاظ أغلب على شعره وقال محمد بن عبد الله ابن أبي بكر القضاعي البلنسي المعروف بابن الأبار: هو وأبو عمرو بن دراج القسطلي نظيران لحبيب والمتنبي فشبهه بأبي تمام. وقال الفتح بن خاقان في قلائد العقيان. هو علق خطير وروض أدب مطير غاص في طلب الغريب حتى أخرج دره المكنون وبهرج بافتتانه فيه كل الفنون وله نظم تتمنى الثريا أن تتوج به وتقلد ويود البدر أن يكتب فيه ما اخترع وولد.
(قتله والسبب فيه)
قال ابن الأثير: بينما كان يسير متوجها إلى مصر وهو صحبة المعز إذ وجد مقتولا بجانب البحر. وقال ابن خلكان: لما توجه المعز إلى الديار المصرية شيعه ابن هانئ ورجع إلى المغرب أخذ عياله والالتحاق به فتجهز وتبعه ولما وصل إلى برقة أضافه شخص من أهلها فأقام عنده في مجلس الأنس فيقال إنهم عربدوا عليه فقتلوه وقيل خرج من تلك الدار وهو سكران فنام في الطريق وأصبح ميتا ولم يعرف سبب موته وقيل إنه مجد في سانية من سواني برقة مخنوقا بتكة سراويله وكان ذلك بكرة الأربعاء لسبع ليال بقيت من رجب سنة 362 كما وجدته في كتاب لطيف لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني. وقال لسان الدين ابن الخطيب إنه لما توجه إلى مصر شرب ببرقة وسكر ونام عريانا وكان البرد شديدا ففلج وقال شارح ديوانه الدكتور زاهد علي الهندي المعاصر: الأغلب أن قول ابن خلكان من قتله مخنوقا بتكة سراويله في سانية من سواني برقة وهو الصواب وهو الذي اتفق عليه ابن الأثير وأبو الفداء وابن خلدون ويؤيده أن بني أمية كانوا من أعدائه وأنهم بذلوا ما في وسعهم واستفرغوا مجهودهم في منعهم إياه عن الوصول إلى المعز فلا يبعد أن يكون بعضهم قد استعمل الحيلة في قتله بإنزال معه ضيفا وفتكه به قال ابن الأثير في الكامل أن المعز سار من أفريقية يريد الديار المصرية وكان أول مسيره أواخر شوال سنة 361 وكان أول رحيله من المنصورية فأقام بسردانية قرية قريبة من القيروان ولحقه بها رجاله وعماله وأهل بيته واستعمل العمال على بلاد أفريقية فأقام بسردانية أربعة أشهر حتى فرغ من جميع ما يريد ثم رحل عنها فلما وصل إلى برقة ومعه محمد بن هانئ قتل غيلة فرئي ملقى على جانب البحر قتيلا لا يدري من قتله وكان قتله أواخر رجب سنة 362 ’’اه’’ ومن ذلك رجحنا أن قتله سنة 62 لا سنة 61 أما قتله في صحبة المعز أو في أثناء رجوعه عنه لأخذ عياله ففيه خلاف والذي صوبه شارح ديوانه أنه ودع المعز ورجع إلى المغرب لأخذ عياله والالتحاق به فتجهز وتبعه فقتل ببرقة في مسيره إلى المعز على ذلك عنفوان بعض قصائده وهو هكذا في جميع النسخ: وقال يمدح المعز ويبعث بها إليه بالقاهرة والناظم وبالمغرب:
وهي تشتمل على أشد التهديد وأكبر الوعيد لبني أمية بالأندلس ولبني العباس ببغداد وقد وصف ضعف خلفائهم وغفلتهم عن تدبير بلادهم وإهمالهم لضبط أمورها وغصبهم لحقوق بني فاطمة كما أبان قوة الخلافة الفاطمية واستفحال أمرها وتوسع دائرتها يوما فيوما بفتح البلاد العظيمة كمصر والشام فيظن أن هذه القصيدة لما شاعت شقت على أضداد الخلافة الفاطمية وساءتهم فأغرتهم بقتله وحرضتهم على الفتك به
(تصريحه بالتشيع في شعره)
وله في القصيدة التي أولها:
يقول فيها:
وهو القائل في إحدى قصائده: ’’وهل رأيت أديبا غير شيعي’’.
(شعره)
من قصائد ابن هانئ الجامعة بين الطول وغاية الجودة والدلالة على التشيع قصيدته الميمية التي يمدح فيها المعز لدين الله الفاطمي وهي آخر قصائده بعث بها إليه بالقاهرة والناظم بالمغرب وهي مائتا بيت كاملة كلها غرر وننتخب منها أبياتا نثبتها هنا فمنها:
وكان ابن هانئ معاصرا للمتنبي وفي الديوان أنه كتب إلى رجل زعم انه لقي أبا الطيب المتنبي وقرأ عليه شعره فسأله أبو القاسم عارية الكتاب فأعاره إياه ثم أساء المعاملة في تقاضيه ’’اه’’ وفي هذه القصيدة مدح وثناء على المتنبي مما دل على أنصاف ابن هانئ وذم لهم بأنهم لم يفهموا شعره وهذا منتخبها:
ويقال إن المتنبي كان يريد الذهاب إلى المغرب فلما سمع قول ابن هانئ:
رجع وقال سد علينا ابن هانئ طريق المغرب وليست هذه القصيدة في ديوانه
وقال يمدح المعز ويصف انتصاراته على الروم في البر والبحر:
وقال يصف أوضاع البلاد الإسلامية قبل نهضة الفاطميين:
وقال يمدح المعز وهي أول ما أنشده بالقيروان:
منها في المعز:
ومن مشهور شعره قصيدته التي يمدح بها المعز لدين الله وأنشده إياها بالقيرون ويذكر فتح مصر على يد القائد جوهر:
وله يمدح أبا الفرج محمد بن عمر الشيباني من قصيدة:
وقال من قصيدة بعد أن هزم المعز الروم:
وقال أيضا مخاطبا المعز من قصيدة بعد هزائم الروم أمام جيوش الفاطميين وأسطولهم:
وقال يمدح المعز من قصيدة:
ومن أشهر وقائع (المعز) مع الروم وقعة (المجاز) التي هزموا فيها هزيمة شنعاء أصبحت بعدها البلاد العربية والإسلامية في مأمن من غوائلهم وتهديدهم وفي هذه الوقعة يقول ابن هاني من قصيدة طويلة:
وبها يخاطب المعز:
وله قصيدة يمدح بها يحيى بن علي الأندلسي على وزن قصيدة المتنبي ورويها التي يقول فيها:
وقصيدة ابن هانئ تضاهيها ولا تقصر عنها بقول فيها:
وقال يمدح المعز من قصيدة:
#تدنو منال يد المحب وفوقها شمس الظهيرة خدها الجوزاء
وقال يمدح المعز من قصيدة ويذكر ورود رسل الروم إليه بالكتب يتضرعون إليه في الصلح ويصف الأسطول الفاطمي الذي كان سيد البحر المتوسط يومذاك:
#أما والجواري المنشآت التي سرت لقد ظاهرتها عدى وعديدة
وقال يمدح يحيى بن علي الأندلسي:
3وأرى الملوك إذا رأيتك سوقة=وأرى عفاتك سوقة كملوك
وله:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 85

ابن هاني شاعر العصر، أبو الحسن محمد بن هاني الأزدي المهلبي الأندلسي، يقال: أنه من ذرية المهلب، وكان أبوه شاعرا أيضا، ويكنى محمد أبا القاسم أيضا.
مولده بإشبيلية، وكان ذا حظوة عند صاحب إشبيلية، ونظمه بديع في الذروة، وكان حافظا لأشعار العرب وأيامها، لكنه فاسق خمير، يتهم بدين الفلاسفة، فهرب لما هموا به إلى العدوة، فاتصل بالمعز العبيدي فأنعم عليه، وشرب عند قوم، فخنق في رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وهو في عشر الخمسين.
وديوانه كبير، وفيه مدائح تفضي به إلى الكفر، وهو من نظراء المتنبي، وقيل: بل عاش ستا وثلاثين سنة.
الصوناخي، والفرغاني، والجابري:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 209