ابن القيسراني محمد بن نصر بن صغير بن داغر المخزومي الخالدي، أبو عبد الله، شرف الدين ابن القيسراني: شاعر مجيد. له (ديوان شعر -خ) صغير. أصله من حلب، وولده بعكة، ووفاته في دمشق. تولى في دمشق ادارة الساعات التي على باب الجامع الاموي، ثم تولى في حلب خزانة الكتب. والقيسراني نسبة إلى (قيسارية) في ساحل سورية، نزل بها فنسب اليها، وانتقل عنها بعد استيلاء الافرنج على بلاد الساحل. ورفع ابن خلكان نسبة إلى خالد بن الوليد، ثم شك في صحة ذلك لان اكثر علماء الانساب والمؤرخي يرون ان خالدا انقطع نسله.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 125
ابن القيسراني محمد بن نصر بن صغير بن خالد أبو عبد الله مهذب الدين أو عدة الدين الشاعر المشهور صاحب الديوان المعروف بابن القيسراني حامل لواء الشعر في زمانه، ولد بعكا سنة ثمان وسبعين وأربع مائة ونشأ بقيسرية الساحل فنسب إليها، وسكن دمشق وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده، وسكن حلب مدة وولي بها خزانة الكتب، وتردد إلى دمشق وبها مات سنة ثمان وأربعين وخمس مائة، وقرأ الأدب على توفيق بن محمد وأتقن الهندسة والحساب والنجوم، وصحب أبا عبد الله ابن الخياط الشاعر وبه تخرج وروى عنه شعره وكان عندي ديوان ابن الخياط وعليه خط ابن القيسراني وقد قرئ عليه ووقفت على ديوانه بخطه من أوله إلى آخره وملكت به نسخة عليها خطه، ودخل بغداذ ومدح صاحب الإنشاء سديد الدولة محمد بن الأنباري، وسمع بحلب من الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد الحلبي وغيره، وسمع منه الحافظان أبو القاسم ابن عساكر وأبو سعيد سفيان السمعاني، وهو والد موفق الدين خالد وزير نور الدين الشهيد وجاء في أولاده جماعة فضلاء ووزراء وكتاب، وكان هو وابن منير شاعري الشام وجرت بينهما وقائع ونوادر وملح وكان ابن منير يرمى بالتشيع فبلغ ابن القيسراني أنه هجاه فقال:
يا ابن منير هجوت مني | حبرا أفاد الورى صوابه |
ولم تضيق بذاك صدري | فإن لي أسوة الصحابه |
شرح المنبر صدرا | بترقيك خطيبا |
أترى ضم خطيبا | أم ترى ضمخ طيبا |
وقالوا: لاح عارضه | وما ولت ولايته |
فقلت: عذار من أهوى | أمارته إمارته |
أهيم إلى العذاب من ريقه | إذا تيم العاشقين العذيب |
شهدت عليه وما ذقته | يقينا ولكن من الغيب غيب |
ولما دنا التوديع قلت لصاحبي | حنانيك سر بي عن ملاحظة السرب |
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبى | فلا شك أن اللحظ ضرب من الضرب |
كم ليلة بت من كأسي وريقته | نشوان أمزج سلسالا بسلسال |
وبات لا تحتمي مني مراشفه | كأنما ثغره ثغر بلا وال |
اسعد بغراء عروضية | ميزانها في الشعر طيار |
وإن تكن جاءت بديهية | فربما أسكر مسطار |
بدور حجى يرفض عن نورها الدجى | وينجاب منها عن شمائل أنجاب |
تهز الوغى منكم سيوف صوارم | وتجلو العلى منكم شمائل كتاب |
استشعر اليأس في لا، ثم تطمعني | إشارة في اعتناق اللام بالألف |
فقمت للزور مرتاعا وأرقني | حقا أرى شخصه أم عادني حلم |
ومن الحزامة لو تكون حزامة | أن لا تؤخر من به تتقدم |
كأنما بين خياشيمه | مفكر يضرب بالطبل |
وعاش يظن نثر الإفك وعظا | وينصب تحت ما نثر الشباكا |
يا آل جلهمة بدارك إنما | أشفار عينك ذابل ومهند |
وكنت إذا قومي غزوني غزوتهم | فهل أنا في ذا آل همدان ظالم |
سرقات مني خصوصا فهلا | من عدو أو صاحب أو جار |
وإن أتصدق به حسبة | فإن المساكين أولى به |
لأنهم أهل حمص لا عقول لهم | بهائم أفرغوا في قالب الناس |
وقد يستوي المصران حمص وجلق | ولا حصن جيرون بها والقنيحك |
ومذهب ما زال مستقبحا | في الحرب أن يقتل مستسلم |
رب أمر أتاك لا تحمد الفعـ | ـال فيه وتحمد الأفعالا |
يا معمل اليعملات في طعنه | سرى وسيرا مخالفي قرنه |
يجوز جوز الفلا به أملي | جافى جفون الوسنان عن وسنه |
لا يمتطي ساكن المطي ولا | يبيت طيف الخيال من سكنه |
إذا استنان السراب خادعه | عاد بفيض الندى على سننه |
وإن أجن الظلام مقلته | أمسى صباح النجاح من جننه |
يبيت عرف الكرام في يده | ينشيه عرف الجنان في أذنه |
إن باعدته الأرزاق قربه | جود ابن عبد الرزاق من مننه |
قف بمحل العلا وقل يا كريـ | ـم الملك قول البليغ في لسنه |
يا مشتري الفاخر النفيس من الـ | ـحمد بأغلى العطاء من ثمنه |
عمرت ربع الندى لرائده | بعد وقوف الرجاء في دمنه |
ثنى لسان الثناء نحوك ما | أحييت من فرضه ومن سننه |
خلقا وخلقا تقسما فكري | ما بين إحسانه إلى حسنه |
عد معد الندى لوارده | لا يحوج المستقي إلى شطنه |
فرع سماء تبيت أنجمها | تلوح لوح الثمار في غصنه |
إذا اجتنته أيدي العفاة رأت | أقرب من ظله إلى فننه |
ينافس الوشي في جلالته | منه ثياب التقى على بدنه |
يرى بعيني قلب له يقظ | مستقبل الكائنات من زمنه |
أروعه ندبه مهذبه | ثاقبه ألمعيه فطنه |
مقتبل الوالدين بورك في | ميلاده والصريح من لبنه |
فاجتلها ذا الرياستين فقد | أفصح فيها القريض عن لقنه |
واستغن من لبه بغانية | تميل عن لهوه وعن ددنه |
والبس لباس الثناء مقتبلا | تسحب من ذيله ومن ردنه |
برد علا ليس من معادنه | صناع صنعائه ولا عدنه |
يأنف أن ينتمي إلى يمن الـ | ـأرض وإن كان من ذرى يمنه |
هذا الذي سلب العشاق نومهم | أما ترى عينه ملأى من الوسن |
وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا | ألست ترى في وجهه أثر الترب |
والله لو أنصف العشاق أنفسهم | أعطوك ما ادخروا منها وما صانوا |
ما أنت حين تغني في مجالسهم | إلا نسيم الصبا والقوم أغصان |
نزلنا على القصب السكري | نزول رجال يريدون نهبه |
بحز كحز رقاب العدى | ومص كمص شفاه الأحبه |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 5- ص: 0
محمد بن نصر بن صغير بن داغر بن محمد بن خالد من ولد خالد بن الوليد الصحابي الجليل، شرف الدين المخزومي المعروف بابن القيسراني الحلبي الأديب الشاعر: كان شاعرا مجيدا وأديبا متفننا، كان وابن منير الطرابلسي شاعري الشام في عهد الملك العادل نور الدين بن زنكي، ولهما القصائد الطنانة في مدحه.
قرأ الأدب على توفيق بن محمد الدمشقي وابن الخياط الشاعر، وسمع بحلب من هاشم بن أحمد الحلبي وأبي طاهر الخطيب، وسمع منه أبو سعد السمعاني والحافظ ابن عساكر وأبو المعالي الحظيري الأديب الشاعر وغيرهم، وكان هو وابن منير يشبهان بجرير والفرزدق للمناقضات والوقائع التي جرت بينهما، واتفق موتهما في سنة واحدة، فقد مات ابن منير في حلب في جمادى الآخرة، وفي ثاني عشر شعبان وصل الى دمشق ابن القيسراني باستدعاء الأمير مجير الدين فمات بعد وصوله بعشرة أيام وذلك ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وكان ولادته سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وله شعر كثير مدون أجاد في أكثره، فمن ذلك قصيدة مدح بها الملك العادل نور الدين حين أسر جوسلين واستولى على بلاده بشمالي حلب سنة خمس وأربعين وخمسمائة قال:
دعا ما ادعى من غره النهي والأمر | فما الملك الا ما حباك به الأمر |
ومن ثنت الدنيا إليه عنانها | تصرف فيما شاء عن إذنه الدهر |
ومن راهن الأقدار في صهوة العلا | فلن تدرك الشعرى مداه ولا الشعر |
ولم لا يلي أسنى الممالك مالك | زعيم جيوش من طلائعها النصر |
ليهن دمشقا ان كرسي ملكها | حبي منك صدرا ضاق عن همه الصدر |
وأنك نور الدين مذ زرت أرضها | سمت بك حتى انحط عن نسرها النسر |
خطبت فلم يحجبك عنها وليها | وخطب العلا بالسيف ما دونه ستر |
جلاها لك الإقبال حورية السنا | عليها من الفردوس أردية خضر |
خلوب أكنت من هواك محبة | نمت فانتمت جهرا وسر الهوى جهر |
فان صافحت يمناك من بعد هجرها | فأحلى التلاقي ما تقدمه هجر |
وهل هي إلا كالحصان تمنعت | دلالا وان عز الحيا وغلا المهر |
ولكن إذا ما قستها بصداقها | فليس له قدر وليس لها قدر |
هي الثغر أمسى بالكراديس عابثا | وأصبح عن باب الفراديس يفتر |
على أنها لو لم تجبك إنابة | لأرهقها من بأسك الخوف والذعر |
فلما وقفت الخيل ناقعة الصدى | على بردى من فوقها الورق النضر |
فمن بعد ما أوردتها حومة الوغى | وأصدرتها والبيض من علق حمر |
وجللتها نقعا أضاع شياتها | فلا شهبها شهب ولا شقرها شقر |
علا النهر لما كاثر الغضب القنا | مكاثرة في كل نحر لها نحر |
وقد شرقت أجرافه بدم العدى | إلى أن جرى العاصي وضحضاحه غمر |
صدعتهم صدع الزجاجة لا يد | لجابرها ما كل كسر له جبر |
فلا ينتحل من بعدها الفخر دائل | فمن بارز الابرنز كان له الفخر |
ومن بز أنطاكية من مليكها | أطاعته الالحاظ المؤللة الخزر |
طغى وبغى عدوا على غلوائه | فأوبقه الكفران عدواه والكفر |
وألقت بأيديها إليك حصونه | ولو لم تجئ طوعا لجاء بها القسر |
فسر واملأ الدنيا ضياء وبهجة | فبالأفق الداجي إلى ذا السنا فقر |
كأني بهذا العزم لا فل حده | وأقصاه بالأقصى وقد قضي الأمر |
وقد أصبح البيت المقدس طاهرا | وليس سوى جاري الدماء له طهر |
وقد أدت البيض الحداد فروضها | فلا عهدة في عنق سيف ولا نذر |
وصلت بمعراج النبي صوارم | مساجدها شفع وساجدها وتر |
وان تتيمم ساحل البحر مالكا | فلا عجب ان يملك الساحل البحر |
سللت سيوفا أثكلت كل بلدة | بصاحبها حتى تخوفك البدر |
إذا سار نور الدين في عزماته | فقولا لليل الفجر قد طلع الفجر |
ولو لم يسر في عسكر من جنوده | لكان له من نفسه عسكر مجر |
مليك سمت شم المنابر باسمه | كما قد زهت تيها به الأنجم الزهر |
فيا كعبة ما زال في عرصاتها | مواسم حج لا يروعها النفر |
خلعت على الأيام من حلل العلا | ملابس من أعلامها الحمد والشكر |
وتوجت ثغر الشام منك جلالة | تمنت لها بغداد لو أنها ثغر |
فلا تفتخر مصر علينا بنيلها | فيمناك نيل كل مصر بها مصر |
رددت الجهاد الصعب سهلا سبيله | ويا طالما أمسى ومسلكه وعر |
خاطر بقلبك إما صبوة الغالي | فيما أحب وإما سلوة السالي |
من كل ذي هيف ترنو لواحظه | إليك من لهذم في صدر عسال |
كم ليلة بت من كأسي وريقته | نشوان أمزج سلسالا بسلسال |
وبات لا يحتمي عني مراشفه | كأنما ثغره ثغر بلا والي |
يا مطلقي ما بقي للسقم من جسدي | وفي يديهم فؤادي رهن اغلال |
إن شئتم علم حالي بعد فرقتكم | فأنصتوا للحمام العاطل الحالي |
خذوا حديث غرامي عن مطوقة | تتلو ضلالي في فرع من الضال |
لم تتركوا لي سوى نفس أجود بها | والجود بالنفس غير الجود بالمال |
إذا غضبتم وبات الوجد يشفع لي | إلى رضاكم رأيت السقم أشفى لي |
كأن عيني في فضل انسكابهما | يدا أبي غانم جادت بافضال |
غمر يصدك عن تكذيب مادحه | ما عند كفيه من تصديق آمال |
يثري فلا يستقر المال في يده | كأنه عذل في سمع مختال |
متيم ببنات الفكر وهي به | مفتونة فهو لا شاك ولا سالي |
يا من يزار فيلفى عنده كرم | بلا حجاب ومجد بالعلا حالي |
من كان من عرب أو كان من عجم | فأنت يا سعد من يمن وإقبال |
أيا عاذلي في الحب مالي وللعذل | ويا هاجري هل من سبيل إلى الوصل |
أحين استجارتك الملاحة في الهوى | بخلت كأن الحسن في ذمة البخل |
لي الله من صب تملكه الجوى | فأمسى أسيرا رهن حبل من الخبل |
منيت بمثل البدر في مستقره | يريك المنال الصعب في المنظر السهل |
إذا ما التقينا جال طرفي وطرفه | فأنظر من دمع وينظر من نصل |
فيا ويح قلبي من بلاه بحبه | ومن دل الحاظي على ذلك الدل |
ويا لي من ليل طويل كهجره | وصبر ضعيف ضعف أجفانه النجل |
ألفت قلاه واستطبت مطاله | وأطيب ما جاء الوصال على مطل |
وقالوا حباك الشيب بالحلم والنهى | ومن لي بأيام الشبيبة والجهل |
ليالي أجتاب الليالي صبوة | ورامي غرامي لا يرى موقع النبل |
متى ما خلا قلب المحب من الهوى | فيا لك من ربع أقام بلا أهل |
ألم تر أن الشيب بين جوانحي | أقام مقام الفضل عند أبي الفضل |
عقيد المعالي بين كفيه والندى | مواثيق عقد لا تروع بالحل |
ويبسم عن ثغر يبشر بالجدا | كما بشر البرق اليماني بالوبل |
مناقبه بين الورى مستفيضة | إذا رويت لم تعتبر صحة النقل |
وما العلم إلا سيرة شهدت بها | أسانيدها أو رد فرع إلى أصل |
متى ارتجل الايجاز في صدر دسته | رأيت الخطاب الفصل في ذلك الفصل |
غريب العلا يفتن في مكرماته | إذا ما انقضى شكل بدا بك في شكل |
وجدنا ابن عبد الله أندى من الحيا | وأعلى محلا منه في زمن المحل |
فطورا يباريه الرجاء على النوى | وطورا تناجيه المطالب في الرحل |
إليك انتضى شوقي إليك عزيمة | هي النصل تحت الليل أو سلة النصل |
على سابح يطوي المدى بسنابك | لمستها فوق الصفا طاعة الرمل |
إلى ماجد أمواله بيد الندى | فليس عليها من وكيل سوى البذل |
أبا الفضل كم لي في مساعيك نحلة | ألذ على الأفواه من ضرب النحل |
فريدة لفظ في فريد محاسن | فتلك بلا مثل وأنت بلا مثل |
خذوا حديث غرامي عن ضنى بدني | أغنى لسان الهوى عن دمعي اللسن |
وخبروني عن قلبي ومالكه | فربما أشكل المعنى على الفطن |
من ذا الذي ترهب الأبطال صولته | زيد الفوارس أم سيف بن ذي يزن |
وما جفون إذا سلت صوارمها | تجاذبت مهج الأقران في قرن |
هذا الذي سلب العشاق نومهم | أما ترى عينه ملأى من الوسن |
تفرق الحسن إلا في محاسنه | ويلاه في فتن جمعن في فتن |
أمسى غرامي بذاك القد يوهمني | ان اعتلال الصبا شوقا إلى الغصن |
إذا الصبابة عاطتني مدامتها | فما فؤادي على سر بمؤتمن |
أعيا اللوائم سمعي غير لائمة | للشيب مالت إلى عيني عن أذني |
حتى إذا ما تناهى العذل في كلفي | قامت إلي بنات الدهر تعذلني |
فما ثنت ناظري عن منظر حسن | حتى أرتني مكاني من أبي الحسن |
مررنا في ديار بني عدي | يجاذب لوعتي شرق وغرب |
يتيمني بأرض الشام حب | ويعطفني على بغداد حب |
غرام طارف وهوى تليد | لكل صبابة في القلب شعب |
فلا وأبيك ما هومت إلا | سرى لهما خيال لا يغب |
فكل هوى يطالبني بقلب | وهل لي غير هذا القلب قلب |
لا يغرنك في السيف المضاء | فالظبا ما نظرت منها الظباء |
مرهفات الحد أمضاها المها | وقضاها للمحبين القضاء |
حدق علتها صحتها | ربما كان من الداء الدواء |
تظلمت من أجفانهن إلى النوى | سفاها وهل يعدي البعاد على القرب |
ولما دنا التوديع قلت لصاحبي | حنانيك سر بي عن ملاحظة السرب |
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبا | فلا شك ان اللحظ ضرب من الضرب |
رنا بطرف مريض الجفن منكسر | فمن رأى جؤذرا يلهو بآساد |
جفن روى عنه ما يرويه من سقم | جسمي فصح به نقلي وإسنادي |
إذا ما تأملت القوام مهفهفا | تأملت سيفا بين جفنيه مرهفا |
وطرفا تخلى عن سقامي سقامه | فهلا شفى من بات منه على شفا |
بالسفح من لبنان لي | قمر منازله القلوب |
حملت تحيته الشما | ل فردها عني الجنوب |
فرد الصفات غريبها | والحسن في الدنيا غريب |
لم أنس ليلة قال لي | لما رأى جسدي يذوب |
بالله قل لي يا فتى: | ما تشتكي؟ قلت الطبيب |
بين فتور المقلتين والكحل | هوى له من كل قلب ما انتحل |
توق من فتكتها لواحظا | أما ترى تلك الظبا كيف تسل |
ويلاه من نواظر سواحر | ما عقل العقل بها الا اختبل |
لو لم تكن أجفانها نوابلا | لما برت أسهمها من المقل |
يا راميا مسمومة نصاله | عيناك للقارة قل لي أم ثعل |
كم عاذل خوفني من لحظه | إليك عني «سبق السيف العذل» |
حصن بلادك هيبة لا رهبة | فالدرع من عدد الشجاع الحازم |
هيهات يطمع في محلك طامع | طال البناء على يمين الهادم |
كلفت همتك السمو فحلقت | فكأنما هي دعوة في ظالم |
وأظن أن الناس لما لم يروا | عدلا كعدلك أرجفوا بالقائم |
في عسكر يخفي كواكب ليله | نقع فيطلعها القنا الخطار |
جرار أذيال العجاج وراءه | وأمامه بك جحفل جرار |
تدني لك الغايات همتك التي | كبرت كذا همم الملوك كبار |
وملكت سنجارا وما من بلدة | الا تمنت أنها سنجار |
وبسطت بالأموال كفا طالما | طالت بها الآمال وهي قصار |
وثنى الفرات إلى يديك عنانه | والبحر ما اتصلت به الأنهار |
تدعو البلاد إليك ألسنة الظبا | فتجيبك الأنجاد والأغوار |
حتى عمدت الدين يا ابن عماده | بقنا أسنتها عليه منار |
أمضى السلاح على عدوك بغيه | بالغدر يطعن في الوغى الغدار |
فاحسم عناد ذوي العناد بجحفل | كالليل فيه من الصفاح نهار |
جند على جرد أمام صدورها | صدر عليه من اليقين صدار |
قد بايع الاخلاص بيعة نصرة | ولكل هادي أمة انصار |
وإذا الملوك تثاقلت عن غاية | فأرادها خفت به الاقدار |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2654