ابن عربشاه أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد، شهاب الدين، المعروف بابن عربشاه: مؤرخ رحالة، له اشتغال بالأدب. ولد ونشأ في دمشق. ولما غزا تيمورلنك ديار الشام تحول بعائلته إلى سمرقند، ثم انتقل إلى ما وراء النهرين. وساح سياحات بعيدة، وهبط أدرنة حيث اتصل بالسلطان العثماني محمد بن عثمان، فعهد إليه بترجمة بعض الكتب من العربية إلى الفارسية والتركية - وكان قد أحكمهما في أسفاره - وعاد إلى دمشق بعد أن غاب عنها ثلاثا وعشرين سنة. وبرع في الكتابة والإنشاء والنظم باللغات الثلاث - العربية والفارسية والتركية - ورحل في أواخر أيامه إلى مصر فأقام في الخانقاه الصلاحية إلى أن توفي. له تصانيف حسنة أشهرها (فاكهة الخلفاء، ومفاكهة الظرفاء - ط) و (عجائب المقدور في أخبار تيمور - ط) و (منتهى الأرب في لغات الترك والعجم والعرب) و (التأليف الطاهر - خ) جزآن، في سيرة الملك الظاهر. وترجم عن الفارسية إلى التركية كتابا في عدة مجلدات سماه (جامع الحكايات و لامع الروايات) وله في العربية (العقد الفريد في التوحيد) منظومة، و (غرة السير في دول الترك والتتر) وفي شعره العربي ركة. ولعل لقب (ابن عرب شاه) عرض له في رحلاته.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 228
أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشهير بابن عرب شاه كذا نسب نفسه في ’’ شرح قصيدته ’’ التي سماها ’’ عقود النصيحة ’’ وهو أدرى بنسبه.
وذكره الحافظ جلال الدين السيوطي، في ’’ أعيان الأعيان ’’، فقال: أحمد بن محمد ابن عبد الله بن علي بن محمد بن عرب شاه، الدمشقي، الحنفي، شهاب الدين.
كان عالما (فاضلا، وأديبا) ناظما.
جال في البلاد، وأخذ عن الأكابر، وله تصانيف.
ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
ومات في رجب، سنة أربع وخمسين وثمانمائة. انتهى.
وذكر صاحب الترجمة، في ’’ شرح قصيدته ’’ المذكورة، من شرح حاله، ما ملخصه: أنه جود القرآن العظيم، بمدينة سمرقند، وقرأ بها النحو، والصرف، على تلامذة السيد شريف الجرجاني، وكان يحضر أيضا مجلس السيد، ويسمع دروسه، ولما قدم الشيخ شمس الدين ابن الجزري إلى سمرقند سمع عليه الحديث، وأخذ عنه بعض مصنفاته.
ثم أنه طاف بلاد ما وراء النهر، والمغل إلى حدود الخطا، وقطع سيحون، واجتمع بمشايخ لا يحصون؛ من أعظمهم الخواجا عبد الأول، وابن عمه عصام الدين، والشيخ حسام الدين، وأسمع ببخارى على عالمها الرباني الخواجا محمد الزاهد، الذي توفى بالمدينة المنورة، في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.
ومكث بما وراء النهر نحوا من ثمان سنين، وذكر أنه اجتمع بعالم خوارزم المولى نور الله، واجتمع بالمولى حافظ الدين البزازي، وأقام عنده نحو أربع سنوات، وقرأ عليه الفقه، وأصوله، والمعاني، والبيان.
ثم قدم الديار الرومية، وأقام بها نحو عشر سنين، واجتمع بعلمائها، ومن أجلهم المولى شمس الدين الفنري، والمولى برهان الدين حيدر الخوافي، وقرأ عليه ’’ مفتاح العلوم ’’ من أوله إلى آخره، وقرأ غير ذلك من العلوم العقلية والنقلية.
وتنقلت به الأحوال إلى أن اتصل (بخدمة السلطان) غياث الدين أب الفتح محمد بن عثمان الكريشجي، وأقرأ أولاده، ومنهم السلطان مراد خان، وترجم له كتاب ’’ جامع الحكايات ’’ من الفارسي إلى التركي، نظما ونثرا، وهو في ست مجلدات، وترجم ’’ تفسير ابي الليث السمرقندي ’’، و ’’ تعبير القادري ’’ نظما، وكان يكتب عند السلطان غياث الدين المذكور إلى سائر الأطراف، عربيا، وفارسيا، وتركيا، وغير ذلك.
ثم قال: والحاصل أني لم أخل برؤية احد ممن يشار إليه من ملك ولا سلطان، ولا عالم ولا شيخ، ولا كبير، على حسب ما يتفق، ولم يبق من العلوم فن إلا وكان لي فيه حظ وافر، ولا منصب إلا وكان لي فيه نصيب؛ من التدريس، والخطابة، والإمامة والكتابة، والوعظ، والتصنيف، والترجمة، وغير ذلك. ورأيت ملوك الجغتاي - بالغين المعجمة - والخطا، وأولاد توقتامش وايدكو، وملوك الروم، والعجم، والترك.
هذا، وقد أفصح في نظم القصيدة المذكورة سابقا عن بعض حاله، وكثرة حله وترحاله، حيث يقول:
ألا إنني يا أهل جلق منكم | ومن نسبي أنساب سعد وعثمان |
ومسقط رأسي في دمشق وقد مضى | بها جل أسلافي وأهلي وإخواني |
ولكنما حكم الإله بما جرى | قضى لي بتغريب الديار فأقصاني |
ودحرجني ذا الدهر في صولجانه | لأطوار أدوار وكثرة دوران |
فقضيت غض العمر في طلب العلى | على بعد أوطاني وقلة أعواني |
فطورا ترى بالصين سابق ناقتي | وحينا ترى بالروم قائد هجاني |
وطورا تراني ذا ثراء وتارة | ألوك الثرى فقرا وأكتم أشجاني |
وفي كل أطواري تراني مشبثا | بذيل المعاني غير واه ولا واني |
أبا كر درس العلم جهدي وطاقتي | وأخدم أهل الفضل في كل أحياني |
السيل يقطع ما يلقاه من شجر | بين الجبال ومنه الأرض تنفطر |
حتى يوافي عباب البحر تنظره | قد اضمحل فلا يبقى له أثر |
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك | بها ما شئت من صيت وصوت |
فحيل العيش موصول بقطع | وخيط العمر معقود بموت |
قميص من القطن من حله | وشربة ماء قراح وقوت |
ينال به المرء ما يبتغي | وهذا كثير على من يموت |
وجهك الزاهي كبدر | فوق غصن طلعا |
واسمك الزاكي كمشكا | ة سناه لمعا |
في بيوت أذن الل | ه لها أن ترفعا |
عكسها صحفه تل | ق الحسن فيها أجمعا |
وما الدهر إلا سلم فبقدر ما | يكون صعود المرء فيه هبوطه |
وهيهات ما فيه نزول وإنما | شروط الذي يرقى إليه سقوطه |
فمن صار أعلى كان أوفى تهشما | وفاء بما قامت عليه شروطه |
دار الرفاعي - الرياض-ط 0( 1983) , ج: 1- ص: 138
ابن عربشاه الدمشقي، شهاب الدين أحمد بن محمد أحمد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عربشاه الدمشقي الحنفي، شهاب الدين. كان عالما فاضلا، وأديبا ناظما، جال في البلاد وأخذ عن الأكابر. وله تصانيف. ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. ومات في رجب سنة أربع وخمسين وثمانمائة.؟
المطبعة السورية الأمريكية - نيويورك / المكتبة العلمية - بيروت-ط 0( 1927) , ج: 1- ص: 63
أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي نصر محمد بن عرب شاه
الدمشقي الأصل الرومي الحنفي ويعرف بالعجمي وبابن عرب شاه وهو الأكثر وليس هو بقريب لداود وصالح ابني محمد بن عرب شاه
الهمذانيين الأصل الدمشقيين الحنفيين ولد في ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة 791 إحدى وتسعين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها فقرأ القران على الزين عمر بن اللبان المقري ثم تحول في سنة ثلاث وثمان مائة في زمن الفتنة مع أخوته وأمهم وابن أخته عبد الرحمن بن إبراهيم بن حولان إلى سمرقند ثم بمفرده إلى بلاد الخطا وأقام ببلاد ما وراء النهر مديماً للاشتغال والأخذ عن من هناك من الأستاذين فكان منهم السيد محمد الجرجاني وابن الجزري وهما نزيلا سمرقند وعصام الدين ابن العلامة عبد الملك وجماعة ولقي بسمرقند الشيخ العريان الأدهمي الذي استفيض هنالك أنه ابن ثلثمائة وخمسين سنة وبرع في الفنون ثم توجه إلى خوارزم فأخذ عن نور الله وأحمد بن شمس الأئمة ثم إلى بلاد الدشت وتلك النواحي ثم قطع بحر الروم إلى مملكة ابن عثمان فأقام بها نحو عشر سنين وترجم فيها للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد مراد بن عثمان كتاب جامع الحكايات ولامع الروايات من الفارسي إلى التركي في نحو ست مجلدات وتفسير أبي الليث السمرقندي القادري بالتركي نظماً وباشر عنده ديوان الإنشاء وكتب عنه إلى ملوك الأطراف عربيا وشامياً وتركياً ومغولياً وعجمياً كل ذلك مع حرصه على الاستفادة بحيث قرأ المفتاح على البرهان الحوافي وأخذ عنه العربية أيضا فلما مات ابن عثمان رجع إلى وطنه القديم فدخل حلب فأقام بها نحو ثلاث سنين ثم الشام وكان دخوله إليها في جمادى الآخرة سنة 825 فجلس بحانوت مسجد القصب مع شهوده يسيرا لكون معظم أوقاته الانعزال عن الناس وقرأ بها على القاضي شهاب الدين الحنبلي صحيح مسلم في سنة 830.
فلما قدم العلاء البخاري سنة 832 مع الركب الشامي من الحجاز انقطع إليه ولازمه في الفقه والأصليين والمعاني والبيان والتصوف وغير ذلك حتى مات وتقدم في غالب العلوم وأنشأ النظم الفائق والنثر الرائق وصنف نظماً ونثراً ومن تصانيفه مرآة الأدب في علم المعاني والبيان والبديع سلك فيه أسلوباً بديعاً نظم فيه التلخيص عمله قصائد غزلية كل باب منه قصيدة مفردة على قافية ومقدمة في النحو عقود النصيحة والرسالة المسماة العقد الفريد في التوحيد وهو مؤلف تاريخ تيمور وسماه عجائب المقدور في نوائب تيمور وفيه بلاغة فائقة وسجعات رائقة وله فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء والترجمان المترجم بمنتهى الأرب في لغة الترك والعجم والعرب وأشير إليه بالفضيلة وأجله الأكابر وكان أحد الأفراد في إجادة النظم والنثر ومعرفة اللغات والمجيء بالمستظرفات وإجادة الخط وإتقان الضبط وعذوبة الكلام وملاحة المحاضرة وكثرة التودد ومزيد التواضع وعفة النفس ووفور العقل واستمر على جميل أوصافه حتى مات في يوم الاثنين منتصف شهر رجب سنة 854 أربع وخمسين وثمان مائة وجرت له محنة من الظاهر جقمق شكى إليه حميد الدين فأدخله سجن أهل الجرائم فدام فيه خمسة أيام ثم أخرج واستمر مريضا من القهر حتى مات بعد اثني عشر يوماً ومن نظمه
قميص من القطن من حله | وشربة ماء قراح وقوت |
ينال بها المرء ما يبتغي | وهذا كثير على من يموت |
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك | بها ما شئت من صيت وصوت |
فحبل العيش موصول بقطع | وخيط العمر مقصوص بموت |
وما الدهر إلا سلم فبقدر ما | يكون صعود المرء فيه هبوطه |
وهيهات ما فيه نزول وإنما | شروط الذي يرقى إليه سقوطه |
فمن صار أعلى كان أوفى تهشما | وفاء بما قامت عليه شروطه |
أأحمد لم تكن والله فظاً | ولكن لا أرى لي منك حظا |
من مجيري من ظلوم | منه أبعدت فراراً |
يا شهاب الدين يا | أحمد يابن عرب شاه |
قد أتى الفضل عليه | حلل اللفظ موشاه |
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 109