مغوش محمد بن محمد الكومي التونس، شمس الدين، المالكي الملقب بمغوش: قاضي العسكر بتونس، ينعت بشيخ الإسلام. كان مع تبحره في فقه المالكية واشتغاله بالحديث، أديباً، رحل إلى القسطنطينية، وأملى بها (أمالي على شرح الشاطبية للجعبري) وعاد يريد بلاده، فأقام مدة قصيرة في حلب وطرابلس ودمشق، وقرأ عليه بعض علمائها، وألف تلميذه شهاب الدين الطيبي كتاباً في تاريخ سفره بالكسور العددية سماه (الدر المرشوش في الرمز إلى تاريخ اليوم الذي رحل فيه من دمشق الشيخ مغوش - خ) منه نسخة في مكتبة جامع الروضة بدمشق. ثم قصد القاهر، فتوفي فيها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 57
مغوش محمد بن محمد الكومي التونسي المعروف بمغوش، وبالغوثي نسبة إلى أبي مدين الغوث دفين تلمسان، شمس الدين، المقرئ الفقيه المالكي، الإمام في المعقولات.
سمع صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وجملة من الموطأ، وجامع الترمذي، والشفا للقاضي عياض، وقرأ البعض من ذلك بلفظه على شيخ الإسلام المعمر أبي العباس أحمد الأندلسي الشهير بالمشاط، وأجاز له جميع ذلك وجميع محفوظاته، وسمع البخاري، وصدرا من مسلم على قاضي العسكر بتونس أبي عبد الله محمد البكري، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم البيدموري التريكي التونسي قاضي العسكر بتونس، عن الحافظ ابن حجر العسقلاني.
من تلامذته بتونس محمد خروف نزيل فاس، ومحمد الطبلبي نزيل طرابلس الشام (لبنان).
تولى قضاء العسكر بتونس في دولة سلطانها الحسن بن محمد بن عثمان الحفصي، ولما احتل خير الدين بربروس تونس سنة 941/ 1534 نفاه منها فتوجه إلى استانبول عن طريق البحر في دولة السلطان سليمان العثماني، فاغتبط به وأكرم مثواه، ورتب له مرتبا حسنا، وجعله إماما عنده، ورتب له كل يوم سبعين درهما، وسكن هناك عمارة الوزير محمود باشا، والتقى هناك بالشيخ أبي السعود العمادي صاحب التفسير. وشاع فضله بين أكابرها، وأخذ عنه جماعة منهم قاضي العسكرين، وأحمد بن مصطفى بن خليل المعروف بطاش كبري زاده صاحب «الشقائق النعمانية» ولم يصبر على شدة الشتاء في البلاد التركية واستأذن السلطان في الارتحال إلى مصر، فأذن له وسافر عن طريق البر فدخل حلب سنة 944/ 1537، واجتمع مع بعض علمائها، وقرأ عليه فيها جماعة، وأقرأ دروسا في «العضد» سمعها منه جماعة منهم رضي الدين الحنبلي صاحب «در الحبب»، ثم توعك وعوفي، ورحل مع تلميذه الطبلبي إلى دمشق فدخلاها يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى من سنة 944، وقد حفظ لنا النجم الغزي أخباره في دمشق، وما كاد يعلم بقدومه القاضي زين الدين معروف حتى جاء مسلما عليه وحمله مكرما إلى داره فتوارد عليه أفاضل دمشق، وشهدوا له بالعلم والتحقيق خصوصا في التفسير والعربية والمنطق والكلام والعروض، والقراءات، والمعاني والبيان، وقالوا: لم يرد إلى دمشق من يستحضر كلام السعد التفتازاني والسيد الشريف ويقرره ولا يرد عليه غيره.
وكان ممن قرأ عليه بدمشق الشيخ علاء الدين بن عماد الدين الشافعي في أوائل تفسير البيضاوي، والقاضي زين الدين معروف رسالة الوجود للسيد الشريف، وبعض شرح آداب البحث للمسعودي، وقرأ عليه الشيخ شهاب الدين أحمد بن بدر الدين الطيبي في القراءات، وأجازه إجازة حافلة، والطيبي هذا (ت. سنة 979 هـ) وله السكر المرشوش في تاريخ سفر الشيخ مغوش.
ثم توجه إلى القاهرة، فنزل بها، وانتشرت فضائله بها، فاشتغل عليه جماعة، وتوجه إلى مكة ولم يلبث أن انتقل إلى رحمة الله في العشر الأخير من شعبان.
وكانت له ذاكرة عجيبة وحافظة خارقة حتى إنه كان يقرأ القرآن العظيم على القراءات السبع بل العشر من حفظه بلا مطالعة كتاب، وكان شرح المطول للتلخيص مع حواشيه للسيد الشريف الجرجاني في حفظه من أوله إلى آخره مع إتقان تحقيقات وتدقيقات زائدة من عنده، وكذا شرح الطوالع للأصفهاني، وكذا شرح المواقف للشريف الجرجاني كانا محفوظين له مع إتقان وتدقيق، وكذا شرح المطالع للعلامة قطب الدين الرازي كان في حفظه من أوله إلى آخره. وكانت قواعد المنطق محفوظة له بحيث لا يغيب شيء منها عن خاطره، وكذا التلويح في شرح التوضيح، وشرح مختصر ابن الحاجب للقاضي عضد الدين الإيجي مع حواشيه في حفظه مع إتقان وتحقيق، وكذا الكشاف مع حواشي الطيبي كان محفوظا له من أوله إلى آخره .. وكان مع إمامته في العلم لين الجانب طارحا للتكلف، ومتصفا بالأخلاق الحميدة، وكان مشتغلا بقراءة القرآن العظيم في غالب أوقاته وكان يطالع من حفظه كل ما أراد من العلوم، ولم يكن عنده كتاب ولا ورقة أصلا.
ومن غريب ما ذكره صاحب «در الحبب»: «وكان من دأبه وعادته الاستلقاء على القفا ولو في حالة التدريس، وعدم النهوض لمن ورد عليه ولو من الأكابر إلا لبعض الأفراد وقليل ما هم، كل ذلك لما كان عنده من حب الرفاهية والراحة والانبساط والشهامة».
ونحن لا نفهم الاستلقاء على ظهره في حالة التدريس لا سيما إذا كان بمسجد من المساجد لأنه ينافي أدب الدرس وأدب المسجد، ولعل هذا يكون منه في المجالس الخاصة حيث لا كلفة.
تآليفه:
1 - الأمالي على شرح الشاطبية للجعبري أملاها عند إقامته باستانبول.
2 - رسالة في الكيمياء ألفها لأبي السعود العمادي مفتي استانبول.
3 - كتاب في الطب من غير عنوان يوجد بالمكتبة الوطنية بتونس ضمن مجموع رقم 16299 من الورقة 193 إلى 271.
المصادر والمراجع:
- الأعلام 7/ 57 (ط 5/).
- إيضاح المكنون 2/ 19.
- تاريخ الطب العربي التونسي ص 143، 144.
- الحلل السندسية 3/ 843/1 - 844 (آخر ترجمة فيه) 4/ 1094/1.
- در الحبب في تاريخ حلب 2/ 212، 217.
- شجرة النور الزكية 273.
- الشقائق النعمانية (ط/بيروت) 269، 270.
- عرفة الشابي لعلي الشابي (1982) ص 153.
- كشف الظنون 887.
- الكواكب السائرة لنجم الدين الغزي 2/ 15 نقلا عن در الحبب.
- معجم المؤلفين 11/ 261 نقلا عن الأعلام للزركلي.
- المؤنس لابن أبي دينار (ط 3/) ص 163.
- نيل الابتهاج 336.
- الدكتور صلاح الدين المنجد علماء تونسيون في دمشق، ذكرى مرور ثلاثة عشر قرنا على تأسيس جامع الزيتونة 25 محرم 2 صفر 1400/ 15، 21 ديسمبر 1979 تونس، نسخة مرقونة.
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 4- ص: 348