ابن عرفة محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي، ابو عبد الله: امام تونس وعالمها وخطيبها في عصره. مولده ووفاته فيها. تولي امامة الجامع الاعظم سنة 750هـ ، وقدم لخطابته سنة 772 وللفتوي سنة 773. من كتبه (المختصر الكبير -ط) في فقه المالكية، و (المختصر الشامل -خ) في التوحيد، و (مختصر الفرائض -خ) و (المبسوط) في الفقه، سبعة مجلدات، قال فيه السخاوي: شديد الغموض؛ و (الطرق الواضحة في عمل المناصحة -خ) و (الحدود -ط) في التعاريف الفقيه. نسبته إلى (روغمة) قرية بافريقية.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 43
ابن عرفة محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغمي المولود بمدينة تونس كما قاله تلميذه أبو حامد بن ظهيرة في معجمه ونقله عنه السيوطي في بغية الوعاة، ولم يولد بقبيلة ورغمة كما ظنه بعضهم، الإمام العلامة شيخ الإسلام بالمغرب، كان مقرئا فقيها منطقيا فرضيا نحويا، اشتغل في مبدأ أمره بالقراءات والنحو والأصلين والمنطق وغير ذلك، وأقبل في آخر عهده على التوسع في دراسة الفقه حتى صار فيه اماما مبرزا له فيه أنظار جيدة، نعته المجارى الأندلسي في برنامجه بقوله: الشيخ الفقيه المفتي المحدث الراوية امام أهل زمانه في فتح إقفال المشكلات، وكشف نقاب شبه المعضلات».
أخذ عن والده كما قاله ابن الجزري نقلا عن التحفة لعبد الله بن غالب. وقرأ القرآن على الشيخ الصالح الفقيه محمد بن محمد بن حسن بن سلامة الأنصاري، وعرض عليه الشاطبيتين في القراءات وفي الرسم، والجزولية في النحو، وسمع عليه جملة من الموطأ تفقها. وقرأ عليه كتاب
التيسير لأبي عمرو الداني، والكافي لابن شريح، ومفردتي يعقوب للداني وابن شريح، ومفردته في الجمع بينهما من تأليفه. وقرأ عليه جملة من التفريع لابن الجلاب، وجملة من كتاب الارشاد لإمام الحرمين وجملة من المعالم الدينية لفخر الدين الرازي، وأجازه جميع ذلك وجميع مروياته.
وأخذ القراءات السبع عن محمد بن سعيد بن برال الأنصاري.
وعرض عليه الشاطبية، وقرأ عليه التيسير ومفردة يعقوب لابي عمرو الداني، وعقيلة أرباب المقاصد في الرسم للشاطبي، وأجازه جميع ذلك وجميع ما يحمله ويرويه.
وسمع على الشيخ القاضي محمد بن عبد السلام الهواري القاءه تفسير القرآن. وقرأ عليه جميع صحيح مسلم الا يسيرا منه سمعه من لفظ قراءة غيره، وسمع عليه بعض صحيح البخاري، وبعض الموطأ، وقرأ جملة من تهذيب المدونة لأبي سعيد البراذعي، وسمع سائره مرارا، وسمع تفريع ابن الجلاب، وابن الحاجب الفرعي وقرأ عليه بعض كتاب الحاصل في أصول الفقه لتاج الدين الأرموي، وكل ذلك قراءة تفقه وبحث ونظر وسمع بقراءة غيره الموطأ، وقرأ عليه بعض كتاب ابن الصلاح في علم الحديث، وسمع سائره، وأجازه جميع ما رواه وحمله.
وسمع صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وبعض رسالة القشيري على المحدث الراوية الرحالة محمد بن جابر الوادي آشي، وأجازه إجازة عامة.
وقرأ جملة من كتاب سيبويه قراءة بحث وتحقيق على الفقيه الكاتب محمد بن عمر بن حباب المعافري، وبمثل ذلك سمع عليه كتاب ابن الحاجب الأصولي، وقرأ عليه كتاب الإرشاد للعميدي ويسمع سائره بقراءة غيره، وقرأ عليه العلم الأول من كتاب كشف الحقائق لأثير الدين الأبهري بمثل القراءة المذكورة، وسمع عليه جملة من كتاب الجمل للخونجي، وأجازه جميع ما رواه.
ومن أشهر شيوخ ابن عرفة في العلوم العقلية، أي في الحساب والمنطق خاصة، ابن الحباب، وأبو يعقوب بن اندراس، والآبلي، واستشهد بهم في مختصره المنطقي عدة مرات.
وقرأ على الفقيه الحافظ محمد بن سليمان السطي جملة من كتاب تهذيب المدونة قراءة بحث ونظر، وجميع كتاب أبي القاسم الحوفي في الفرائض قراءة بحث وتحقيق لأحكامه الفقهية وتصوير لاعماله الجزئية بأعماله الثلاثة العدد (الحساب)، والكليات، والجبر والمقابلة إلا يسيرا من آخر باب الولاء.
وسمع على الآبلي كتاب ابن الحاجب الأصلي قراءة بحث وتحقيق، وبمثل ذلك سمع عليه جملة من كتاب الارشاد لإمام الحرمين، وبمثل ذلك سمع عليه جمل الخونجي، وبمثل ذلك قرأ عليه الحساب والهندسة. وقرأ كتاب التيسير على أحمد بن عبد الله الأنصاري الرصافي، وأجازه جميعه بسنده فيه. ومن شيوخه في الفقه محمد بن هارون الكناني، ومن شيوخه بالإجازة المعمر المسند شهاب الدين أحمد بن أبي طالب الحجار ابن الشحنة الصالحي الدمشقي أجازه في رواية صحيح البخاري باسناده فيه.
وكان شيخه الآبلي يثني عليه كثيرا ويقول: أنه لم ير ممن قرأ عليه مثله والشريف التلمساني. تخرج به طائفة كبيرة من علماء تونس، وغالب علماء القرن التاسع من تلامذته، ومن تلامذته ابن قنفذ القسنطيني الذي قال «وله مصنفات ارفعها المختصر الكبير في فروع المذهب قرأت عليه بعضه وأنعم بمناولته وإجازته. وزرته سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدويرة جامع الزيتونة وجدته على حال من اجتهاد في العلم والقيام بالخطبة، ثم لقيته قبل وفاته بسنة وبه ضعف وبعض نسيان وبلغت امامته بجامع الزيتونة في بلده خمسين سنة».
وهو من رؤساء العلوم في القرن الثامن، قال طاش كبري زاده بعد أن ذكر جماعة منهم «ومحمد بن عرفة في فقه المالكية وفي سائر العلوم
بالمغرب (اشتقاق النعمانية (بيروت) ص 22 معجم المطبوعات 1460 - 61) وكان عارفا بالطب قرأه علي أحمد الصقلى (فهرست الرصاع، ص 160) ولحسن سلوكه وورعه وتثبته ومجانبته لهوى النفس كان محل تقدير من تلامذته قال ابن ناجي: «وكان شيخنا الغبريني (أي أبو مهدي عيسى) لا يقدم أحدا لقضاء ولا شهادة إلا بموافقة الشيخ ابن عرفة (تذييل ابن ناجي على معالم الايمان في ترجمة محمد بن أحمد اليزليتني).
وحج سنة 792/ 1398 فتلقاه العامة وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته، وتسابق العلماء للأخذ عنه واستجازته منهم الحافظ ابن حجر، واغتبط كل واحد منهما بالآخر، والدماميني، وشمس الدين بن عمار المالكي، وأبو علي ابن أبي كامل العقيقي القبائلي اللخمي الاسكندري المعروف بالسقلوني المالكي (طبقات المفسرين 2/ 282)، ولما زار المدينة المنورة نزل في دار ابن فرحون صاحب «الديباج المذهب»، وأخذ عنه بمكة أبو حامد بن ظهيرة الذي قال عنه في «معجمه» «إمام علامة برع في الأصول والفروع والعربية والمعاني والبيان والفرائض والحساب، وكان رأسا في العبادة والزهد، ملازما للشغل بالعلم، رحل إليه الناس وانتفعوا به، ولم يكن بالعربية من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، وكانت الفتوى تأتيه من مسافة شهر».
لم يتول من المناصب سوى الخطابة والإمامة بجامع الزيتونة، وذلك بداية من سنة 772/ 1370 وبعد وفاة الشيخ ابراهيم البسيلي سنة 756/ 1355 تقدم عوضه لإمامة الخمس، وولي خطيبا سنة 772.وفي هذا العام تولى الفتيا بجامع الزيتونة وكان المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ أحمد بن أحمد الغبريني (وله صاحب عنوان الدراية) إلى أن توفي سنة 770/ 1368 فوليها عوضه الإمام ابن عرفة. ولما تولى الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة لم يرض به أهل مدينة تونس لأنه ليس ابن بلدتهم فاشترطوا عليه شروطا فقبلها منها ألا يأكل التين لعسر الاتقاء منه فقال: «من فضل الله ما أكلته قط» ومنها
ألا يمشي على الأرض حافيا فقال «لا اتركها ولا في المسجد» وأول مرة رقي المنبر قال أيها الناس:
يرفع الدهر أناسا | بعد أن كانوا سفاله |
من له في الغيب شيء | لم يمت حتى يناله |
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 3- ص: 363
محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي يكنى أبا عبد الله هو الإمام العلامة المقرئ الفروعي الأصولي البياني المنطقي شيخ الشيوخ وبقية أهل الرسوخ روى الشيخ أبو عبد الله بن عرفة عن المحدث أبي عبد الله: محمد بن جابر الوادي آشي الصحيحين - سماعا وأجازه.
روى عن الفقيه القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وسمع عليه موطأ مالك وعلوم الحديث لابن صلاح وعن الفقيه المحدث الراوية أبي عبد الله: محمد بن حسين بن سلمة الأنصاري وقرأ عليه القرآن العظيم بقراءة الأئمة الثمانية. وتفقه على الإمام أبي عبد الله: محمد بن عبد السلام وأبي عبد الله محمد بن هارون محمد بن حسن الزبيدي وأبي عبد الله الآبلي ونظرائهم وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب له التصانيف العزيزة والفضائل العديدة انتشر علمه شرقا وغربا فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية حافظا للمذهب ضابطا لقواعده إماما في علوم القرآن مجيدا
في العربية والأصلين والفرائض والحساب وعلم المنطق وغير ذلك. وله في ذلك تآليف مفيدة.
تخرج على يديه جماعة من العلماء الأعلام وقضاة الإسلام فعن رأيه تصدر الولايات وبإشارته تعين الشهود للشهادات ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدر لتجويد القراءات.
أجمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة ذا دين متين وعقل رصين وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب صائم الدهر لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال منقبضا عن مداخلة السلاطين لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس لا يغشى سوقا ولا مجتمعا ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية كهفا للواردين عليه من أقطار البلاد يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم وقد خوله الله تعالى في رياسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسارى ومناقبه عديدة وفضائله كثيرة.
وله تآليف منها: تقييده الكبير في المذهب في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره أقبل الناس على تحصيله شرقا وغربا.
وله في أصول الدين تأليف عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي واختصر كتاب الحوفي اختصارا وجيزا وله تأليف في المنطق وغير ذلك وأقام والده بالمدينة على منهاج الصالحين والسلف الماضين.
توفي فيما أظن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن بالبقيع.
وحج الشيخ أبو عبد الله في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته ولما زار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام نزل عندي في البيت. وكان يسرد الصوم في سفره وهو باق بالحياة وذكر لي مولده أنه سنة ست عشرة وسبعمائة نفع الله تعالى به.
دار التراث للطبع والنشر - القاهرة-ط 1( 2005) , ج: 2- ص: 331
محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغمي - بفتح الواو وسكون الراء المهملة وغين معجمة وتشديد الميم- التونسي المالكي أبو عبد الله. الإمام العلامة المقرئ، الفروعي، الأصولي، البياني، المنطقي، شيخ الشيوخ، وبقية أهل الرسوخ.
ولد بتونس سنة ست عشرة وسبعمائة.
وقرأ بالروايات على أبي عبد الله محمد بن محمد بن حسن بن سلمة وغيره، وسمع من الوادي آشي «الصحيحين»، ومن الإمام أبي عبد الله محمد ابن عبد السلام الهواري «الموطأ»، وأخذ عنه الفقه والأصول.
وتفقه أيضا بأبي عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدي، وأبي عبد الله الأيلي ونظرائهم، وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب.
وله التصانيف العزيزة، والفضائل العديدة، وانتشر علمه شرقا وغربا، فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية، حافظا للمذهب ضابطا لقواعده، إماما في علوم القرآن، مجيدا في التفسير، والعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، والمعاني والبيان، وغير ذلك.
وله في ذلك تواليف مفيدة، تخرج بين يديه جلة من العلماء الأعلام وقضاة الإسلام، فعن رأيه تصدر الولايات، وبإشارته تعين الشهود للشهادات، ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات، بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة، وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدر لتجويد القراءات.
اجتمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة، ذا دين متين، وعقل رصين، وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب، صائم الدهر، لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال، منقبضا عن مداخلة السلاطين، لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس، لا يغشى سوقا ولا مجتمعا، ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية، كهفا للواردين عليه من أقطار البلاد، يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم.
وقد خوله الله من رئاسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده، له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسرى، رأسا في العبادة والزهد والورع، ومناقبة عديدة وفضائله كثيرة.
وله تواليف منها: «تقييده الكبير في المذهب» في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره، أقبل الناس على تحصيله شرقا وغربا.
وله في «أصول الدين» تأليف عارض به كتاب «الطوالع» للبيضاوي، واختصر كتاب «الحوفي» اختصارا وجيزا.
وله «تأليف» في المنطق، ونظم «قراءة يعقوب» وغير ذلك.
وأقام والده بالمدينة النبوية على منهاج الصالحين والسلف الماضين.
قال ابن فرحون: توفي فيما أظن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ودفن بالبقيع. وحج الشيخ أبو عبد الله في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه، وأوصى أمير الركب بخدمته.
قال ابن فرحون: ولما زار المدينة النبوية نزل عندي في البيت، وكان يسرد الصوم في سفره.
قال أبو حامد بن ظهيرة في «معجمه»: ولم يكن بالمغرب من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له.
وكانت الفتوى تأتي إليه من مسافة شهر.
وكانت وفاته ليلة الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة ولم يخلف بعده مثله.
ومن شعره:
بلغت الثمانين بل جزتها * وهان على النفس صعب الحمام
وأمثال عصري مضوا دفعة | وصاروا خيالا كطيف المنام |
وكانت حياتي بلطف جميل | لسبق دعاء أبي في المقام |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 236
محمد بن محمد بن عرفة الورغمي أبو عبد الله. الفقيه المالكي، المحصل التونسي، أخذ عن القاضي أبي عبد الله: محمد ابن عبد السلام، وأبي عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسين الزبيدي، وأبو عبد الله الآبلي، وقرأ الحوفي على أبي عبد الله السطي - حين قدم تونس مع أبي الحسن المريني، وكانت قراءته عليه بباب الخلافة، لأن السطى كان ملازما لباب أبي الحسن المريني، بحيث لا يمكنه أن يغيب عنه ساعة، فلما طلبه في قراءة الحوفي اشترط عليه أن تكون بباب الخلافة، بحيث إذا خرج أبو الحسن، وطلبه يجده حاضرا.
كان حافظا للمذهب، ضابطا لقواعده، مجيدا للعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، وغير ذلك.
له تآليف حسان منها: تقييده الكبير في المذهب، وتفسيره للقرآن العظيم، وله في أصول الدين تأليف عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي، واختصر كتابالحوفي وله كتاب في المنطق، ولم يرض لنفسه الولاية با اختصر على خطة الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة.
بلغت مدة إمامته بها نحو الخمسين سنة - فيما نقل تلميذه: أحمد بن قنفذ القسنطيني - الملقب بالخطيب.
وله نظم: من ذلك ما كتب به لأهل مصر في قضية أبي حفص: عمر الدكالي الرجراجي، وذلك/ انه لما دخل تونس، وأقام بها مدة وتخلف عن الجمعة والجماعة، فبلغ ذلك لابن عرفة، فأمر القاضي بها - وهو الإمام الأبي ان يبحث عن ذلك، وأن يسأل أبا حفص المذكور عن تخلفه، فإن أبدى عذرا، وإلا قضى عليه بنظره، فبات القاضي المذكور متحير في أمره، فلما أصبح، فإذا بالرجراجي المذكور يدق الباب على القاضي، وقال له: أرح نفسك، وأعلم صاحبك أن عمر قد ارتحل أو كلاما يقرب من هذا، وكانوا يعدون ذلك من كرامات الرجراجي، فلما بلغ مصر دخل منزله أيضا، ولم يزل على عادته، ودأبه من ترك الجماعة والجمعة، فسأل عنه ابن عرفة القادمين فأخبر أنه على حالته، فبعث خلفه سؤالا إلى من بمصر من العلماء. وكان رئيسهم أبو حفص عمر البلقيني ونص السؤال:
يا أهل مصر ومن في الحكم شاركهم | تنبهوا لسؤال معضل نزلا |
لزوم فسقكم أو فسق من زعمت | أقواله أنه بالحق قد عدلا |
في تركه الجمع والجمعات خلفكم | وشرط إيجاب حكم الكل قد حصلا |
إن كان شأنكم التقوى فغيركم | قد باء بالإثم حتى عنه ما عدلا |
وإن يكن عكسه والأمر منعكس | فاحكم بحق وكن للحق ممتثلا |
صلاة وصوم ثم حج وعمرة | عكوف طواف وائتمام تحتما |
وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن | فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما |
يقولون ليس هذا بالرأي عندنا | ومن أنتم حتى يكون لكم عند؟ |
حسبت الهوى سهلا وما كنت داريا | ومن يجهل الأشياء يستسهل الصعبا |
إذا لم يكن في مجلس العلم نكتة | بتقرير إيضاح لمشكل صورة |
وعزو غريب النقل أو حل معضل | وإشكال أبدته نتيجة فكرة |
فدع سعيه واطلب لنفسك واجتهد | ولا تتركن فالترك أقبح خلة |
دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 2- ص: 0