ابن بقية محمد بن محمد بن بقية بن علي، نصير الدولة، ابو طاهر: وزير، من الاجواد. اصله من (وانا) بقرب بغداد. خدم معز الدولة بن بويه، وحسنت حاله عنده. ولما صار الامر إلى ابنه عز الدولة (بختيار) لستوزره (سنة 362هـ) واستوزره المطيع العباسي ايضا، فاقام يسوس الامور ويغدق على الناس احسانه، حتى نقم عليه عز الدولة امرا فقبض عليه (سنة 366) بواسط، وسمل عينيه، فلزم بيته. ولما ملك عضد الدولة بغداد طلبه والقاه تحت ارجل الفيلة وصلبه، فقال فيه ابن الانباري قصيدته المشهورة:
#علو في الحياة وفي الممات
ولم يزل مصلوبا إلى ان توفي عضد الدولة، فانزل عن خشبته ودفن.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 20
ابن بقية اسمه أبو طاهر محمد بن محمد بن بقية.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 262
الوزير ابن بقية محمد بن محمد بن بقية بالباء الموحدة والقاف على وزن هدية، الوزير أبو الطاهر نصير الدولة وزير عز الدولة بختيار بن معز الدولة ابن بويه كان من جلة الوزراء وأكابر الرؤساء وأعيان الكرماء يقال أن راتبه في الشمع كان في كل شهر ألف منا، وكان من أهل أوانا من عمل بغداذ، وفي أول أمره توصل إلى أن صار صاحب مطبخ معز الدولة، ثم تنقل في غير ذلك من الخدم ولما مات معز الدولة حسنت حاله عند ولده عز الدولة ورعى له خدمته لأبيه فاستوزره في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وثلثمئة فقال الناس: من الغضارة إلى الوزارة، وستر عيوبه كرمه خلع في عشرين يوما عشرين ألف خلعة، وقال أبو إسحاق الصابئ: رأيته في ليلة يشرب كلما لبس خلعة خلعها على أحد الحاضرين فزادت على مئة فقالت له مغنية: في هذه الخلع زنابير ما تدعك تلبسها فضحك وأمر لها بحقة حلي، ثم أنه قبض عليه لسبب يطول ذكره حاصله أنه حمله على محاربة ابن عمه عضد الدولة فالتقيا على الأهواز وكسر عز الدولة وفي ذلك يقول أبو عنان الطبيب بالبصرة:
أقام على الأهواز خمسين ليلة | يدبر أمر الملك حتى تدمرا |
فدبر أمرا كان أوله عمى | وأوسطه بلوى وآخره خرى |
علو في الحياة وفي الممات | بحق أنت إحدى المعجزات |
كان الناس حولك حين قاموا | وفود نداك أيام الصلات |
كأنك قايم فيهم خطيبا | وكلهم قيام للصلاة |
مددت يديك نحوهم احتفاء | كمدكها إليهم بالهبات |
ولما ضاق بطن الأرض عن أن | يضم علاك من بعد الممات |
أصاروا الجو قبرك واستنابوا | عن الأكفان ثوب السافيات |
لعظمك في النفوس تبيت ترعى | بحفاظ وحراس ثقات |
وتشعل عندك النيران ليلا | كذلك كنت أيام الحياة |
ركبت مطية من قبل زيد | علاها في السنين الماضيات |
ولم أر قبل جذعك قط جذعا | تمكن من عناق المكرمات |
أسأت إلى النوايب فاستثارت | فأنت قتيل ثأر النايبات |
وكنت تجير من صرف الليالي | فعاد مطالبا لك بالترات |
وصير دهرك الإحسان فيه | إلينا من عظيم السيئات |
وكنت لمعشر سعدا فلما | مضيت تفرقوا بالمنحسات |
غليل باطن لك في فؤادي | يخفف بالدموع الجاريات |
ولو أني قدرت على قيام | بفرضك والحقوق الواجبات |
ملأت الأرض من نظم القوافي | ونحت بها خلاف النايحات |
وما لك تربة فأقول تسقى | لأنك نصب هطل الهاطلات |
عليك تحية الرحمن تترى | برحمات غواد رايحات |
ولم أر قبل جذعك قط جذعا | تمكن من عناق المكرمات |
كأن الشموع وقد أظهرت | من النار في كل رأس سنانا |
أصابع أعدايك الخايفين | تضرع تطلب منك الأمانا |
لم يلحقوا بك عارا إذ صلبت بلى | باؤا بإثمك ثم استرجعوا ندما |
وأيقنوا أنهم في فعلهم غلطوا | وأنهم نصبوا من سودد علما |
فاسترجعوك وواروا منك طود على | بدفنه دفنوا الأفضال والكرما |
لئن بليت فما يبلى نداك ولا | ينسى وكم هالك ينسى إذا عدما |
تقاسم الناس حسن الذكر فيك كما | ما زال مالك بين الناس مقتسما |
ومرتفع في الجذع إذ حط قدره | أساء إليه ظالم وهو محسن |
كذي غرق مد الذراعين سابحا | من الجو بحرا عومه ليس يمكن |
وتحسبه من جنة الخلد دايبا | يعانق حورا ما تراهن أعين |
كأنه عاشق قد مد صفحته | يوم الفراق إلى توديع مرتحل |
أو قائم من نعاس فيه لوثته | مواصل لتمطيه من الكسل |
انظر إليه كأنه متظلم | في جذعه لحظ السماء بطرفه |
بسط اليدين كأنه يدعو على | من قد أشار على العدو بحتفه |
انظر إليهم في الجذوع كأنهم | قد فوقوا يرمون بالنشاب |
أو عصبة عزموا الفراق فنكسوا | أعناقهم أسفا على الأحباب |
سود اللباس كأنما نسجت لهم | أيدي السموم مدارعا من قار |
بكروا وأسروا في متون ضوامر | قيدت لهم من مربط النجار |
لا يبرحون ومن رآهم خالهم | أبدا على سفر من الأسفار |
أهدى لمتن الجذع متنيه كذا | من عاف متن الأسمر العسال |
لا كعب أسفل في العلى من كعبه | مع أنه عن كل كعب عال |
سام كأن الجذع يجذب ضبعه | وسموه من ذلة وسفال |
مستشرفا للشمس منتصبا لها | في أخريات الجذع كالحرباء |
فتراه مطردا على أعواده | مثل إطراد كواكب الجوزاء |
تحسد الطير منه ضبع البوادي | وهو في غير حالة المحسود |
وكأن امتداد كفيه فوق الـ | ـجذع من محفل الردى المشهود |
طاير مد مستريحا جناحيـ | ـه إستراحات متعب مكدود |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 0
ابن بقية الوزير الكبير، نصير الدولة، أبو الطاهر، محمد بن محمد بن بقية بن علي العراقي الأواني، أحد الأجواد، تقلب به الدهر ألوانا، فإن أباه كان فلاحا، وآل أمر أبي الطاهر إلى وزارة عز الدولة بختيار بن معز الدولة، بعد الستين وثلاث مائة، وقد استوزره المطيع أيضا، فلقبه الناصح.
وكان قليل النحو، فغطى ذلك السعد.
وله أخبار في الإفضال والبذل والتنعم، ثم قبض عليه عز الدولة بواسط في آخر سنة ست وستين، وسملت عيناه، فلما تملك عضد الدولة أهلكه؛ لكونه كان يحرض مخدومه عليه، ألقاه تحت قوائم الفيل، وصلب عند البيمارستان العضدي، في شوال من سنة سبع.
يقال: إنه خلع في وزارته في عشرين يوما عشرين ألف خلعة.
وعاش نيفا وخمسين سنة.
ورثاه شاعر بأبيات واختفى، فقال:
علو في الحياة وفي الممات | لحق أنت إحدى المعجزات |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 269