ابن الأنباري محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، ابو بكر الانباري: من اعلم أهل زمانه بالادب واللغة، ومن اكثر الناس حفظا للشعر والاخبار، قيل: كان يحفظ ثلثمائة الف شاهد في القرآن. ولد في الانبار (على الفرات) وتوفي ببغداد. وكان يتردد إلى اولاد الخليفة الراضي بالله، يعلمهم. من كتبه (الزاهر -خ) في اللغة، و (شرح معلقة زهير -ط) و (ايضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل -خ) و (الهاآت -خ) و (عجائب علوم القرآن -خ) و (شرح معلقة عنترة -ط) و (خلق الانسان) و (الامثال) و (الاضداد -ط) واجل كتبه (غريب الحديث) قيل انه 45000 ورقة. وله (الامالي) اطلعت على قطعة منها كتبت في المدرسة النظامية، وعليها خط الحافظ عبد العزيز ابن الاخضر، سنة 609هـ.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 334

الإمام أبو بكر ابن الأنباري محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلامة ولد سنة احدى وسبعين. قال أبو علي القالي تلميذه: كان يحفظ فيما قيل ثلاث مائة ألف بيت شعر شاهد في القرآن. وكان يملي من حفظه وما أملى من دفتر.
وكان زاهدا متواضعا. حكى الدارقطني أنه حضره في مجلس يوم الجمعة فصحف اسما فأعظمت أن احمل عنه وهما وهبته وعرفت مستمليه فلما حضرت الجمعة الثانية قال لمستمليه: عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني ونبهنا ذلك الشاب على الصواب.
وروي عنه أنه قال: احفظ ثلاثة عشر صندوقا. قال التميمي: حدث أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها.
كان يتردد إلى أولاد الراضي بالله فسألته جارية عن تعبير رؤيا فقال: أنا حاقن، ومضى فلما عاد من الغد عاد وقد صار عابرا مضى من يومه فدرس كتاب الكرماني.
كان إماما في نحو الكوفيين وأملى كتاب غريب الحديث في خمس وأربعين ألف ورقة وله شرح الكافي في ألف ورقة وكتاب الأضداد ما رأيت أكبر منه في بابه والجاهليات في سبع مائة ورقة والمذكر والمؤنث وخلق الإنسان وخلق الفرس والأماثل والمقصور والممدود والهاءات في ألف ورقة المشكل رسالة رد فيها على ابن قتيبة والوقف والابتداء وكان يملي هو في ناحية في المسجد وأبوه في ناحية أخرى الزاهر أدب الكاتب لم يتم الواضح في النحو نقض مسائل ابن شنبوذ الرد على من خالف مصحف عثمان كتاب اللامات كتاب الألفات شرح شعر زهير شرح شعر النابغة الجعدي شرح شعر الأعشى كتاب الأمالي.
توفي ليلة النحر سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 4- ص: 0

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة، أبو بكر ابن الانباري النحوي اللغوي الأديب: كان من أعلم الناس بنحو الكوفيين، وأكثرهم حفظا للغة، وكان صدوقا زاهدا متواضعا فاضلا أديبا
ثقة خيرا من أهل السنة حسن الطريقة، أخذ عن أبي العباس ثعلب وخلق، وروى عنه الدارقطني وجماعة، وكتب عنه وأبوه حي. وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. ومرض يوما فعاده أصحابه فرأوا من انزعاج والده أمرا عظيما، فطيبوا نفسه فقال: كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون، وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا.
وقال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي: كان أبو بكر ابن الانباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها.
وقال له أبو الحسن العروضي: قد أكثر الناس في حفظك فكم تحفظ؟ فقال:
ثلاثة عشر صندوقا.
قال وسألته جارية الراضي يوما عن تعبير رؤيا فقال: أنا حاقن، ثم مضى من يومه فحفظ كتاب الكرماني في التعبير، وجاء من الغد وقد صار معبرا للرؤيا.
وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق: كان أبو بكر ابن الانباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والتفسير والأخبار والأشعار، كل ذلك من حفظه.
وقال محمد بن جعفر التميمي: أما أبو بكر ابن الانباري فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر منه علما، وكان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا، وهذا مما لم يحفظه أحد قبله ولا بعده.
وقال أبو العباس يونس النحوي: كان أبو بكر آية من آيات الله تعالى في الحفظ، وكان أحفظ الناس للغة والشعر.
وحكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضر مجلس إملائه في يوم جمعة، فصحف اسما أورده في إسناد حديث، إما كان حبان فقال حيان، قال الدارقطني:
فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبت أن أوقفه على ذلك، فلما
فرغ من إملائه تقدمت إليه فذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال أبو بكر للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال.
وقال أحمد بن يوسف الأصبهاني: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله عمن آخذ علم القرآن؟ فقال: عن أبي بكر ابن الانباري.
وقال أبو الحسن العروضي: اجتمعت أنا وأبو بكر ابن الانباري عند الراضي بالله على الطعام، وكان الطباخ قد عرف ما يأكل أبو بكر، وشوى له قلية يابسة، قال: فأكلنا نحن ألوان الطعام وأطايبه وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأتينا بحلواء فلم يأكل منها، فقمنا ونمنا إلى الخيش، فنام بين يدي الخيش ونمنا نحن في خيشين ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كان بعد العصر قال: يا غلام، الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج، فغاظني أمره وصحت: يا أمير المؤمنين، فأمر باحضاري وقال: ما قصتك؟ فأخبرته وقلت يا أمير المؤمنين يحتاج هذا إلى ان يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها، فضحك وقال: له في هذا لذة، وقد جرت له به عادة، وصار آلفا لذلك فلن يضره. ثم قلت له: يا أبا بكر لم تفعل هذا بنفسك؟ فقال: أبقي على حفظي.
ويحكى أنه كان يأخذ الرطب ويشمه ويقول: أما إنك طيب، ولكن أطيب منك ما وهب الله لي من العلم وحفظه.
وحكي أنه مر يوما بالنخاسين فرأى جارية تعرض حسنة الصورة كاملة الوصف، قال: فوقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي بالله فقال:
أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته الأمر وأخبرته بالجارية، فأمر بشرائها وحملت إلى منزلي ولم أعلم، فجئت فوجدتها في المنزل، فقلت لها: اعتزلي إلى الاستبراء، وكنت
أطلب مسألة قد خفيت علي فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم: خذها وامض بها إلى النخاس فليس يبلغ قدرها ان يشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام فقالت:
دعني حتى أكلمه، فقالت لي: انت رجل لك محل وعقل، فإذا أخرجتني ولم تبين ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجني، فقلت: مالك عندي ذنب غير أنك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل عندي، قال: فبلغ الراضي ما كان من أمري فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في قلب هذا الرجل.
ولا بن الانباري شعر لطيف فمن ذلك قوله:

ومن أماليه:
وأملى أيضا:
ولأبي بكر ابن الأنباري من التصانيف: غريب الحديث قيل انه خمس وأربعون ألف ورقة أملاه من حفظه. ومما أملاه أيضا من مصنفاته كتاب الهاءات نحو ألف ورقة. وشرح الكافي نحو ألف ورقة. وكتاب الأضداد وما ألف في الاضداد أكبر منه. وكتاب المذكر والمؤنث ما صنف أحد أتم منه. ورسالة المشكل رد فيها على ابن قتيبة وأبي حاتم السجستاني. وكتاب المشكل في معاني القرآن بلغ فيه إلى طه
وأملاه سنين كثيرة ولم يتمه. وشرح الجاهليات سبعمائة ورقة. وكتاب الوقف والابتداء. والكافي في النحو. والزاهر. وكتاب اللامات. وشرح المفضليات. والامالي. وأدب الكاتب. والواضح في النحو. والموضح في النحو أيضا. وشرح شعر النابغة. وشرح شعر الأعشى. وشرح شعر زهير. وشعر الراعي.
والمقصور والممدود. وكتاب الالفات. وكتاب الهجاء. والمجالسات. وكتاب مسائل ابن شنبوذ. وكتاب الرد على من خالف مصحف عثمان. وغير ذلك.
وكانت ولادة أبي بكر ابن الانباري يوم الأحد لاحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة احدى وسبعين ومائتين، وتوفي ليلة عيد النحر سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وقيل سبع وعشرين وثلاثمائة.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2614

ابن الأنباري الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون، أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن الأنباري، المقرئ النحوي. ولد سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
وسمع في صباه باعتناء أبيه من: محمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، وأحمد بن الهيثم البزاز، وأبي العباس ثعلب، وخلق كثير.
وحمل عن والده، وألف الدواوين الكبار مع الصدق والدين، وسعة الحفظ.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأحمد بن نصر الشذائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن عبد الله ابن أخي ميمي الدقاق، وأحمد بن محمد بن الجراح، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وآخرون.
قال أبو علي القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل: ثلاث مائة ألف بيت شاهد في القرآن.
قلت: هذا يجيء في أربعين مجلدا.
قال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى من دفتر قط.
وقال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحدا أحفظ من ابن الأنباري، ولا أغزر من علمه. وحدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا.
وقيل: كان يأكل القلية، ويقول: أبقي على حفظي.
وقيل: إن من جملة محفوظه عشرين ومائة تفسير بأسانيدها.
قال أبو بكر الخطيب: كان ابن الأنباري صدوقا دينا من أهل السنة. صنف في علوم القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء.
وقال غيره: كان من أعلم الناس وأفضلهم في نحو الكوفيين، وأكثرهم حفظا للغة. أخذ عن: ثعلب، وأخذ الناس عنه، وهو شب في حدود سنة ثلاث مائة.
قال أبو الحسن العروضي: كنت أنا وابن الأنباري عند الراضي بالله، ففي يوم من الأيام سألته جارية عن تفسير شيء من الرؤيا، فقال: أنا حاقن، ومضى. فلما كان من الغد، عاد، وقد صار معبرا للرؤيا. مضى من يومه، فدرس كتاب ’’الكرماني في التعبير’’ وجاء.
قلت: له كتاب ’’الوقف والابتداء’’، وكتاب ’’المشكل’’، و’’غريب الغريب النبوي’’، و’’شرح المفضليات’’، و’’شرح السبع الطوال’’، وكتاب ’’الزاهر’’، وكتاب ’’الكافي’’ في النحو، وكتاب ’’اللامات’’، وكتاب ’’شرح الكافي’’، وكتاب ’’الهاءآت’’، وكتاب ’’الأضداد’’، وكتاب ’’المذكر والمؤنث’’، وكتاب ’’رسالة المشكل’’ يرد على ابن قتيبة، وأبي حاتم، وكتاب ’’الرد على من خالف مصحف عثمان’’ بأخبرنا وحدثنا، يقضي بأنه حافظ للحديث، وله أمالي كثيرة، وكان من أفراد العالم.
وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباري زاهدا متواضعا، حكى الدارقطني أنه حضره، فصحف في اسم، قال: فأعظمت أن يحمل عنه وهم وهبته، فعرفت مستمليه. فلما حضرت الجمعة الأخرى، قال ابن الأنباري لمستمليه: عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب.
وقيل: إن ابن الأنباري -على ما بلغني- أملى ’’غريب الحديث’’ في خمسة وأربعين ألف ورقة. فإن صح هذا، فهذا الكتاب يكون أزيد من مائة مجلد. وكتاب ’’شرح الكافي’’ له ثلاث مجلدات كبار. وله كتاب ’’الجاهليات’’ في سبع مائة ورقة.
وقد كان أبوه القاسم بن محمد الأنباري محدثا أخباريا علامة من أئمة الأدب.
أخذ عن: سلمة بن عاصم، وأبي عكرمة الضبي.
وله كتاب ’’خلق الإنسان’’، وكتاب ’’خلق الفرس’’، وكتاب ’’الأمثال’’، و’’المقصور والممدود’’، و’’غريب الحديث’’ وأشياء عدة. مات سنة أربع وثلاث مائة.
ومات ابنه العلامة أبو بكر في ليلة الأضحى ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة عن سبع وخمسين سنة.
وفيها مات العلامة أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي صاحب ’’كتاب العقد’’ عن اثنين وثمانين سنة، وكبير الشافعية أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري ببغداد عن بضع وثمانين سنة، ومقرئ العراق أبو الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ، وشيخ الصوفية أبو محمد المرتعش ببغداد، والوزير أبو علي بن مقلة. ومسند نيسابور أبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي، ومسند دمشق أبو الدحداح أحمد بن محمد بن أسماعيل التميمي، ومسند بغداد أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني عن ثلاث وتسعين سنة، وعالم نيسابور وقدوتها أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، والحسين بن محمد بن سعيد بن المطبقي ببغداد من شيوخ ابن جميع.
أخبرنا المسلم بن محمد العلاني في كتابه، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي بن المهتدي بالله، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أبو عتاب الدلال، حدثنا المختار بن نافع، حدثنا أبو حيان التيمي، عن أبيه، عن علي -رضي الله عنه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، ونقلني إلى دار الهجرة وأعتق بلالا، رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وما له من صديق، رحم الله عثمان تستحييه الملائكة، رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار’’.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 489

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة، الإمام أبو بكر بن الأنباري.
المقرئ، النحوي «النحوي، الحنبلي، البغدادي. صاحب التصانيف.
ولد يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين.
وروى القراءة عن أبيه، وإسماعيل القاضي، وسليمان بن يحيى الضبي، وأحمد بن سهل الأشناني، وإدريس بن عبد الكريم، ومحمد بن هارون التمار، وطائفة وقرأ على بعضهم. وسمع من الكديمي، والبزاز.
روى عنه عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن نصر الشذائي، وأبو علي القالي، وصالح بن إدريس، والحسين بن خالويه، وأبو عمر بن حيويه، والدارقطني، وابن أخي ميمي، وخلق كثير، ومن آخرهم محمد بن أحمد أبو مسلم الكاتب.
روى عنه الداني كتاب «الوقف والابتداء»، وكان صدوقا فاضلا دينا خيرا من أهل السنة.
وكان يملي في ناحية وأبوه مقابلة، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان يملي من حفظه، لا من كتاب.
ومرض يوما فعاده أصحابه، فرأوا من انزعاج والده عليه أمرا عظيما فطيبوا نفسه، فقال: كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون؟ وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا.
وكان مع حفظه زاهدا متواضعا، حكى الدارقطني أنه حضره في إملاء فصحف اسما في إسناد. قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم فلما انقضى المجلس تقدمت إليه، وذكرت له ذلك، وانصرفت. ثم حضرت المجلس الآتي فقال للمستملي: عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا كذا في المجلس الماضي، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل، فوجدناه كما قال.
وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها.
وقال أبو الحسن العروضي: اجتمعت أنا وأبو بكر بن الأنباري عند الراضي بالله على الطعام- وكان الطباخ قد عرف ما يأكل- فكان يطبخ له قلية، يابسة، قال: فأكلنا نحن من ألوان الطعام وأطايبه، وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأتينا بحلواء، فلم يأكل منها، وقمنا إلى الخيش، فنام بين الخيشين، ونمنا نحن في خيشين ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كان العصر قال لغلام: الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك المزمل بالثلج، فغاظني ذلك، فصحت، فأمر الراضي بإحضاري، وقال: ما قصتك؟ فأخبرته، وقلت: هذا يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه وبين تدبير نفسه، لأنه يقتلها، ولا يحسن عشرتها، فضحك. وقال: يا أبا بكر لم تفعل هذا؟ فقال: أبقي على حفظي، قلت له: قد أكثر الناس في حفظك، فكم تحفظ؟ قال ثلاثة عشر صندوقا.
قال: وسألته يوما جارية المراضي عن شيء في تعبير الرؤيا، فقال: أنا حاقن، ثم مضى من يومه، فحفظ كتاب الكرماني، وجاء من الغد وقد صار معبرا للرؤيا وكان يأخذ الرطب فيشمه، ويقول: إنك لطيب، ولكن أطيب منك ما وهب الله لي من العلم.
ولما مرض مرض الموت، أكل كل شيء كما يشتهي، وقال: هي علة الموت.
وقال الخطيب: ورأى يوما بالسوق جارية حسناء، فوقعت في قلبه، فذكرها للراضي، فاشتراها وحملها إليه، فقال لها: اعتزلي إلى الاستبراء، قال: وكنت أطلب مسألة، فاشتغل قلبي، فقلت للخادم: خذها وامض بها، فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام، فقالت له: دعني أكلمه بحرفين، فقالت له: أنت رجل لك محل وعقل، وإذا أخرجتني ولم تبين ذنبي ظن الناس في ظنا قبيحا، فقال لها: مالك عندي ذنب غير أنك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل، فبلغ الراضي، فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل.
قال الزبيدي: وكان شحيحا، وما أكل له أحد شيئا قط، وكان ذا يسار وحال واسعة ولم يكن له عيال.
ووقف عليه رجل يوما، فقال له: أجمع أهل سبع فراسخ على شيء، فأعطني درهما حتى أفارق الإجماع، فقال له: ما هذا الإجماع؟ فقال على أنك بخيل، فضحك ولم يعطه شيئا.
وأملى كتبا كثيرة، منها «غريب الحديث»، «الهاءات» في كتاب الله عز وجل، «الأضداد» في النحو، «المشكل» في معاني القرآن لم يتمه، «المذكر والمؤنث»، «الزاهر»، «أدب الكاتب». «المقصور والممدود»، «الواضح في النحو»، «الموضح فيه»، «الهجاء»، «اللامات»، «شرح شعر الأعشى» «شرح شعر النابغة»، «شرح شعر زهير»، كتاب «الألفات»، «نقض مسائل ابن شنبوذ»، «المفضليات»، «إيضاح الوقف والابتداء»، «الكافي في النحو»، «السبع الطوال» صنعته، «الرد على من خالف مصحف عثمان»، «شعر الراعي» صنعته، وله مجالسات لغة ونحو وأخبار. ومات ليلة الأضحى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد.
ومن شعره:

ذكره أبو يعلى في «طبقات الحنابلة»، ثم الذهبي في «طبقات القراء»، ثم شيخنا في «طبقات النحاة».

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 227

ابن الأنباري الحافظ العلامة شيخ الأدب أبو بكر محمد بن القاسم ابن محمد بن بشار النحوي
صاحب ثعلب
صنف التصانيف الكثيرة وأملى من حفظه وكان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصدق والدين من أهل السنة وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن وعنه أحفظ ثلاثة عشر صندوقاً مات ليلة عيد النحر ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة عن سبع وخمسين سنة

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 350

أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري
أخذ النحو عن أبي العباس ثعلب.
ولأبي بكر مصنفات، منها: كتاب في النحو، يعرف بـ ’’الكافي’’، وله الكتاب ’’الزاهر’’، و ’’كتاب في المقصور والممدود’’.
وله علم، ورواية.
عمره ثمان وخمسون سنة.
توفي سنة سبع وعشرين ثلاثمائة.
ولم يكن بعده إمام في علم نحو الكوفيين، مثل:

  • هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة - مصر-ط 2( 1992) , ج: 1- ص: 178

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري
النحوي على مذهب الكوفيين. الإمام المشهور، العلم المنشور. كان أحفظ زمانه، يقال: إنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بإسنادها. وعن أبي علي البغدادي قال: كان أبو بكر الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شواهد في القرآن، وكان من الصالحين.
وله التصانيف المفيدة في النحو واللغة وأمال، منها: كتاب الزاهر في اللغة، وكتاب هاءات القرآن، وكتاب الأمالي، وكتاب غريب الحديث، خمس وأربعون ألف ورقة، وكتاب خلق الإنسان، وكتاب خلق الفرس، وغير ذلك.
وكان بخيلا إلى الغاية، قال له أبو يوسف يوما. قد أجمع أهل بغداد على بخلك فأعطني درهما أخرق به الإجماع، فضحك ولم يعطه.
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة

  • جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 71

  • دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 282

محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار بن الحسين بن سماعة بن فروة، أبو بكر ابن الأنباريّ، النّحويّ اللّغوي.
وشهرته تغني عن صفته. قال الخطيب في تاريخه: كان أبو بكر الأنباريّ أعلم الناس في النّحو وعلم الأدب، وأكثرهم حفظا. سمع أبا العباس ثعلبا وخلقا من طبقته، وكان ديّنا، صالحا، صدوقا. صنّف كتبا كثيرة في علوم القرآن والمشكل والوقف والابتداء، وغريب الحديث، والردّ على من خالف مصحف العامة. وروى عنه الدّارقطني.
وكان ابن الأنباريّ يحفظ ثلاث مائة ألف بيت شاهدا في القرآن، ولم يكن أحد أحفظ منه، فإنه كان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا كتبا، ويملي من حفظه، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا من تفاسير القرآن. وكان يتردّد إلى أولاد الراضي بالله ويعلّمهم الأدب.
وسئل يوما عن تفسير منام فقال: أنا حاقن، ومضى، فلمّا كان الغد عاد وقد صار معبّرا للرّؤيا لأنه طالع في ذلك اليوم والليلة كتاب الكرمانيّ في التعبير فحفظه. وكان يأخذ الرّطب ويشمّه ويقول: إنّك طيّب، ولكنّ الحفظ أطيب منك. وكان لا يأكل اللّحم إلا منشّفا، ولا يشرب الماء مبرّدا. وكان يدرس في كلّ جمعة عشرة آلاف ورقة من العلم، وأملى كتاب غريب الحديث وهو خمس وأربعون ألف ورقة.
ولمّا وقع في علّة الموت أكل شيئا كان يشتهيه ويقول: هي علّة الموت.
ومن تصانيفه: شرح الكافي، وهو نحو ألف ورقة، وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة، وكتاب الأضداد وهو زيادة على ذلك، وكتاب المشكل، أملاه وبلغ فيه إلى (طه) في سنين عدّة، ولم يتمّه، وكتاب الجاهليّات، مائة ورقة، وكتاب المذكّر والمؤنّث، وكتاب رسالة المشكل، ردّ فيها على ابن قتيبة، وأبي حاتم السّجستاني، وله كتاب الزاهر، وكتاب أدب الكاتب، لم يتمّه، وكتاب الواضح في النّحو، وكتاب الموضّح في النّحو أيضا، وكتاب الألفات، وكتاب نقض مسائل ابن شنبوذ، وكتاب الهجاء، وكتاب اللامات، وكتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان، وكتاب شرح شعر الراعي، وكتاب شرح شعر زهير، وكتاب شرح شعر النابغة الجعديّ، وكتاب شرح شعر الأعشى، وكتاب الأمثال، وفيه نوادر وأشعار.
وكان بخيلا، فوقف عليه سائل، وقال له: يا سيّدي، قد أجمع أهل بغداد على أنّك بخيل، فأعطني درهما حتى أخالف القوم، فضحك ولم يعطه شيئا.
كانت وفاة ابن الأنباريّ هذا في سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة في خلافة الراضي بالله عن نيّف وستين سنة.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 118

ابن الأنباري
الإمام، الحافظ، العلامة، شيخ الأدب، أبو بكر، محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، النحوي.
كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً له.
ولد سنة إحدى وسبعين ومئتين.
وسمع: إسماعيل القاضي، والكديمي، وثعلباً، وأحمد بن الهيثم البزاز، وغيرهم.
وصنف التصانيف الكثيرة.
روى عنه: ابن حيويه، والدارقطني، وابن أخي ميمي، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن محمد بن الجراح، وآخرون.
قال الخطيب: كان صدوقاً ديناً من أهل السنة، وصنف في [علوم] القرآن، والغريب، والمشكل، والوقف والابتداء.
وقال إسماعيل بن القاسم أبو علي القالي: كان أبو بكر بن الأنباري يحفظ فيما ذكر ثلاث مئة ألف بيت شاهدٍ في القرآن.
وقال الخطيب: حدثني علي بن أبي علي عن أبيه قال: أخبرني غير واحد ممن شاهد أبا بكر بن الأنباري يملي من حفظه، وأن عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا، ما أملى قط من دفتر.
وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباري زاهداً متواضعاً، حكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس يوم جمعة، فصحف اسماً، إما كان جبان أو حيان. قال أبو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله وهمٌ، وهبته، فلما انقضى المجلس تقدمت إلى المستملي وذكرت له، وعرفته الصواب، ثم حضرت الجمعة الثانية، فقال ابن الأنباري للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الاسم الفلاني، ونبهنا على الصواب ذلك الشاب، وعرفه أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال.
وقد روي عن ابن الأنباري أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقاً.
وقيل: إنه كان يحفظ عشرين ومئة تفسير بأسانيدها، وقد أملى كتاب ’’غريب الحديث’’ قيل: إنه خمس وأربعون ألف ورقة. وكتاب ’’شرح الكافي ’’وهو نحو ألف ورقة، وكتاب ’’الأضداد ’’ وهو كبير جداً، وكتاب ’’الجاهليات ’’ في سبع مئة ورقة.
وكان رأساً في نحو الكوفيين.
مات ليلة عيد النحر ببغداد سنة ثمانٍ وعشرين وثلاث مئة.
وفيها: مات المحدث أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ببغداد، وله ثلاث وتسعون سنة. ومحدث دمشق أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي. ومصنف ’’العقد’’ أبو عمر أحمد بن عبد ربه القرطبي الأخباري، وله اثنتان وثمانون سنة. وشيخ الشافعية أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري ببغداد في عشر التسعين. والمحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد بن المطبقي البغدادي، من شيوخ ابن جميع. والمعمر أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي بنيسابور، وله اثنتان وتسعون سنة. وشيخ
القراء أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبود. وشيخ نيسابور وعالمها أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وله نيف وثمانون سنة. والوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة. وشيخ الصوفية أبو محمد المرتعش ببغداد، رحمهم الله تعالى.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 3- ص: 1