التصنيفات

زياد بن أبي سفيان ويقال زياد بن أبيه. وزياد بن أمه. وزياد بن سمية، وكان يقال له قبل الاستلحاق زياد بن عبيد الثقفي. وأمه سمية جارية الحارث ابن كلدة.
واختلف في وقت مولده، فقيل: ولد عام الهجرة. وقيل قبل الهجرة.
وقيل: بل ولد يوم بدر. ويكنى أبا المغيرة. ليست له صحبة ولا رواية.
وكان رجلا عاقلا في دنياه، داهية خطيبا، له قدر وجلالة عند أهل الدنيا، روى معتمر بن سليمان عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي أنه أخبره، قال: اشترى زياد أباه عبيدا بألف درهم فأعتقه فكنا نغبطه بذلك.
كان عمر بن الخطاب قد استعمله على بعض صدقات البصرة، أو بعض أعمال البصرة. وقيل: بل كان كاتبا لأبي موسى، فلما شهد على المغيرة مع أخيه أبي بكرة وأخيه نافع، وشبل بن معبد وجدهم ثلاثتهم عمر دونه، إذ لم يقطع الشهادة زياد، وقطعوها، وعزله، فقال له زياد: يا أمير المؤمنين،
أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية. وقال بعض أهل الأخبار: إنه قال له: ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك، فالله أعلم إن كان ذلك كذلك.
ثم صار زياد مع علي، فاستعمله على بعض أعماله، فلم يزل معه إلى أن قتل علي وانخلع الحسن لمعاوية، فاستلحقه معاوية وولاه العراقين جمعهما له. ولم يزل كذلك إلى أن توفي بالكوفة، وهو أمير المصرين في شهر رمضان لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه سنة ثلاث وخمسين، وصلى عليه عبد الله بن خالد بن أسيد، كان قد أوصى إليه بذلك.
وقال الحسن بن عثمان: توفي زياد بن أبي سفيان، ويكنى أبا المغيرة، سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين، فهذا يدل على أنه ولد عام الهجرة وكانت ولايته خمس سنين، ولي المصرين: البصرة والكوفة سنة ثمان وأربعين، وتوفي سنة ثلاث وخمسين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقيل ابن ست وخمسين.
وزياد هو الذي احتفر نهر الأبلة حتى بلغ موضع الجبل، وكان يقال زياد يعد لصغار الأمور وكبارها، وكان زياد طويلا جميلا يكسر إحدى عينيه، وفي ذلك يقول الفرزدق للحجاج:

حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم بن سعيد، قالا: حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن، قال أبو سلمة أسامة بن أحمد التجيبي، قال: حدثنا الحسن بن منصور، قال: حدثنا عبيد بن أبي السري البغدادي، قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بعث عمر بن الخطاب زيادا في إصلاح فساد وقع في اليمن، فرجع من وجهه، وخطب خطبة لم يسمع الناس مثلها، فقال عمرو بن العاص: أما والله لو كان هذا الغلام قرشيا لساق العرب بعصاه. فقال أبو سفيان بن حرب: والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه. فقال علي بن أبي طالب: ومن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا. قال: مهلا يا أبا سفيان. فقال أبو سفيان:
قال: فذاك الذي حمل معاوية على ما صنع بزياد، فلما صار الأمر إلى علي بن أبي طالب وجه زيادا إلى فارس، فضبط البلاد وحما وجبى، وأصلح الفساد، فكاتبه معاوية يروم إفساده على علي فلم يفعل، ووجه بكتابه إلى علي.
قال أبو عمر: وفيه شعر تركته، لأني اختصرت الخبر فيه.
فكتب إليه علي: «إنما وليتك ما وليتك. وأنت أهل لذلك عندي، ولن تدرك ما تريد مما أنت فيه إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحق بها نسبا ولا ميراثا. وإن معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، ثم احذره. والسلام».
فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو الحسن ورب الكعبة. قال: فذلك الذي جرأ زيادا ومعاوية على ما صنعا. ثم أدعاه معاوية في سنة أربع وأربعين، ولحق به زيادا أخا على ما كان من أبي سفيان في ذلك، وزوج معاوية ابنته من ابنه محمد بن زياد، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، أمهما سمية. فلما بلغ أبا بكرة أن معاوية استلحقه، وأنه رضي بذلك آلى يمينا لا يكلمه أبدا، وقال: هذا زنى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط، ويله ما يصنع بأم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أيريد أن يراها، فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيا لها مصيبة! يهتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة عظيمة، وحج زياد في زمن معاوية، فأراد الدخول على أم حبيبة، ثم ذكر قول أبي بكرة، فانصرف عن ذلك.
وقيل: إن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها. وقيل: إنه حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة، وقال: جزى الله أبا بكرة خيرا، فما يدع النصيحة على حال.
ولما ادعى معاوية زيادا دخل عليه بنو أمية، وفيهم عبد الرحمن بن الحكم فقال له: يا معاوية، لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة وذلة، فأقبل معاوية على مروان وقال: أخرج عنا هذا الخليع، فقال مروان: والله إنه لخليع ما يطلق. فقال معاوية: والله لولا حلمي وتجاوزي لعلمت أنه يطاق. ألم يبلغني شعره في زياد، ثم قال لمروان أسمعنيه، فقال:
وهذه الأبيات تروي ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر. ومن رواها له جعل أولها:
وذكر الأبيات كما ذكرناها سواء.
روى عمر بن شبة وغيره أن ابن مفرغ لما وصل إلى معاوية أو إلى ابنه يزيد بعد أن شفعت فيه اليمانية وغضبت لما صنع به عباد وأخوه عبيد الله، وبعد أن لقي من عباد وأخيه عبيد الله بن زياد ما لقي مما يطول ذكره، وقد نقله أهل الأخبار ورواة الأشعار، بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، ركب مني ما لم يركب من مسلم قط على غير حدث في الإسلام، ولا خلع يد من طاعة، فقال له معاوية: ألست القائل:
وذكر الأبيات كما ذكرناها. فقال ابن مفرغ: لا والذي عظم حقك، ورفع
قدرك يا أمير المؤمنين ما قلتها قط، لقد بلغني أن عبد الرحمن بن الحكم قالها ونسبها إلى. قال: أفلست القائل:
أولست القائل:
في أشعار قلتها في زياد وبنيه هجوتهم أعزب فلا عفا الله عنك، قد عفوت عن جرمك. ولو صحبت زيادا لم يكن شيء مما كان، اذهب فاسكن أي أرض أحببت، فاختار الموصل.
قال أبو عمر: ليزيد بن مفرغ في هجو زياد وبنيه من أجل ما لقى من عباد بن زياد بخراسان أشعار كثيرة، وقصته مع عباد بن زياد وأخيه عبيد الله بن زياد مشهورة، ومن قوله يهجوهم:
وروى الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: قال عبيد الله بن زياد: ما هجيت بشيء أشد على من قول ابن مفرغ:
وقال غيره أيضا:
وروينا أن معاوية قال حين أنشده مروان شعر أخيه عبد الرحمن: والله لا أرضي عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه ويعتذر إليه. وأتاه عبد الرحمن يستأذن عليه معتذرا فلم يأذن له، فأقبلت قريش على عبد الرحمن بن الحكم فلم يدعوه حتى أنى زيادا، فلما دخل عليه وسلم فتشاوس له زياد بعينه وكان يكسر عينه، فقال له زياد: أنت القائل ما قلت؟ فقال عبد الرحمن: وما الذي قلت؟ قال: قلت ما لا يقال. فقال عبد الرحمن: أصلح الله الأمير، إنه لا ذنب لمن أعتب، وإنما الصفح عمن أذنب، فاسمع مني ما أقول. قال: هات. فأنشأ يقول:
فقال له زياد: أراك أحمق مترفا شاعرا صنع اللسان يسوغ لك ريقك ساخطا ومسخوطا عليك، ولكنا قد سمعنا شعرك، وقبلنا عذرك، فهات حاجتك.
قال: كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني. قال: نعم، ثم دعا كاتبه فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله معاوية أمير المؤمنين، من زياد بن أبي سفيان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنه وذكر الخبر وفيه. فأخذ الكتاب ومضى حتى دخل على معاوية فقرأ الكتاب ورضي عنه ورده إلى حاله، وقال: قبح الله زياد! ألم يتنبه له إذ قال: وأنت زيادة في آل حرب.
قال أبو عمر: روينا أن زيادا كتب إلى معاوية أني قد أخذت العراق بيميني وبقيت شمالي فارغة- يعرض له بالحجاز، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: اللهم اكفنا شمال زياد، فعرضت له قرحة في شماله فقتلته، ولما بلغ ابن عمر موت زياد قال: اذهب إليك ابن سمية فقد أراح الله منك.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابي، حدثنا إبراهيم بن أبي داود، حدثنا خريم بن عثمان، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، قال: قال زياد لبنيه لما احتضر: ليت أباكم كان راعيا في أدناها وأقصاها ولم يقع بالذي وقع به. وقال أبو الحسن المدائني: ولد زياد عام التاريخ. ومات بالكوفة يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 523

زياد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس وأمه سمية جارية الحارث ابن كلدة الثقفي وكان بعضهم يقول: زياد ابن أبيه. وبعضهم يقول: زياد الأمير. وولي البصرة لمعاوية حين ادعاه وضم إليه الكوفة. فكان يشتو البصرة. ويصيف بالكوفة.
ويولي على الكوفة إذا خرج منها عمرو بن حريث ويولي على البصرة إذا خرج منها سمرة بن جندب. ولم يكن زياد من القراء ولا الفقهاء. ولكنه كان معروفا وكان كاتبا لأبي موسى الأشعري وقد روى عن عمر ورويت عنه أحاديث.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد قال: كان نقش خاتم زياد طاوسا.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا رجل من قريش يقال له محمد بن الحارث أن مرة صاحب نهر مرة أتى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وكان مولاهم فسأله أن يكتب له إلى زياد في حاجة له. فكتب: من عبد الرحمن إلى زياد. ونسبه إلى غير أبي سفيان فقال: لا أذهب بكتابك هذا فيضرني. قال: فأتى عائشة فكتبت له: من عائشة أم المؤمنين إلى زياد بن أبي سفيان. قال: فلما جاءه بالكتاب قال له: إذا كان غدا فجئني بكتابك. قال: وجمع الناس فقال: يا غلام اقرأه. قال: فقرأ: من عائشة أم المؤمنين إلى زياد بن أبي سفيان. قال: فقضى له حاجته.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون. أخبرنا داود بن أبي هند عن عامر قال: أتي زياد في رجل ترك عمة وخالة فقال: أتدرون كيف قضى فيها عمر بن الخطاب؟ والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر فيها. جعل الخالة بمنزلة الأخت والعمة بمنزلة الأخ. فأعطى العمة الثلثين والخالة الثلث.
وأخبرنا رجل قال: حدثنا زكرياء بن أبي زائدة عن عامر عن زياد في قوله وفصل الخطاب قال: أما بعد. قال: وولد زياد بن أبي سفيان بالطائف عام الفتح. ومات بالكوفة وهو عامل عليها لمعاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وخمسين.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 7- ص: 69

زياد بن أبي سفيان، ويقال: هو ابن عبيد، ويقال: ابن سمية، وسمية أمه، أبو المغيرة.
أخو أبي بكرة لأمه.
سمع عمر.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 3- ص: 1

زياد بن أبي سفيان
حدثنا محمد بن غالب، وإبراهيم بن هاشم صاحب الطعام قالا: نا أمية بن بسطام، نا يزيد بن زريع، نا حبيب بن الشهيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة، أن زياداً قال لأبي بكرة: ألم تر أن أمير المؤمنين أرادني على كذا وكذا، وقد ولدت على فراش عبيد وأشبهته، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ادعى إلى غير أبيه» فجئت العام المقبل وقد ادعاه

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1