أبو عبد الله محمد (ابو عبد الله) بن علي (ابي الحسن) ابن سعد بن علي بن يوسف بن محمد (الغني بالله) النصري، من بني الاحمر، الانصاري الخزرجي، المعروف بابي عبد الله، ويسميه الاسبان ’’Boabdil’’ بو أبدل: أخر ملوك الاندلس. قال المقري: وهو السلطان الذي اخذت على يده غرناطة وانقرضت بدولته مملكة الاسلام في الاندلس ومحيت رسومها. ولد في غرناطة ونشأ في كنف ابيه (ابي الجسن) الغني بالله (ويسميه الاسبان المولى حسن) Mulahacen او ’’Muley-Hasan’’ وحضر بعض الوقائع معهم، فاسروه سنة 888هـ. وعمى ابوه فضعف عن ادارة الملك، فقدم اخا له اسمه محمد بن سعد يعرف بالزغل، وخلع له نفسه قبل سنة 890 فقام هذا بالامر، وكانت المعارك مع الاسبان لاتكاد تنقطع، فرأوا في الوغل قوة، فعمدوا إلى ابن اخيه (ابي عبد الله) صاحب الترجمة، وهو في اسرهم، فاتفقوا معه على ان يخلوا سبيله، يكون هو ومن يدخل تحت حكمة في هدنة وصلح معهم. فخرج إلى (بلش) فأعطاه اهلها (سنة891) وتقدم إلى رض البيازين (بقرب غرناطة) فناصره من بها. ونشبت معارك بينه وبين عمه (الزغل) كان في غرناطة. واستعان ابو عبد الله بالسبان، وهو على صلحة معهم، فامدوه. واضطر الزغل إلى الخروج من غرناة لدفع غزاة الاسبان عن بعض البلاد القريبة منها. فلم يكد يبرحها حتى دخلها (ابو عبد اله) وبايعه اهلها سنة 982 وانتهى امر الزعل بعد حروبه مع الاسبان بان صالحهم وخدمهم، ثم ركب البحر إلى (وهران) واستقر في تلمسان (قال المقري: وبها نساه إلى الآن - اواسط القرن الحادي عشر الهجري - يهرفون ببني سلطان الاندلس) وطلب الاسبان ان يقيموا لهم قوة في الحمراء (بغرناطة) فمنعهم ابو عبد الله من دخولها، فقلبو له طهر المجن وقاتلوه، وانتقض صلحه معهم، فقاتلهم (سنة 895) فكانت الحروب سجالا بينه وبينهم مدة سنتين، وحوصرت غرناطة فجاع اهلها وقد انهكتهم الغارات واضعفت نفوسهم، فاجتمع زعماؤهم عند السلطان (ابي عبد الل) واشاروا بالصلح مع العدو، وتمكينه من الحماء، فعقد الصلح، مؤلفا من 67 مادة (ذكر معظمها في الجزء الثاني من نفح الطيب، الصفحة 1268) واحتل العدو (الحمراء) فحصنها، وتسلط على غرناطة كلها، ولم يلبث ان اوعز إلى ابي عبد الله بالرحيل من غرناطة وسكني قرية (اندرش) من قرى البشرات Albujarras) فانتقل اليها باهله وخدمه وامواله (سنة 897) واظهر الملط فرديناند ان ابا عبد الله طاب الجواز إلى بر العدوة، فكتب إلى صاحب المرية: ساعة وصول كتابي هذا تشيع ابا عبد الله إلى حيث اراد. فركب البحر من عذرة (Adra) ونزل بمليلة، واستوطن مدينة فاس. قال صاحب لقط الفرائد، في اخبار سنة 897: استولى العدو على غرناطة ودخلها في ثاني ربيع الاول، وخرج سلطانها اب عبد الله فاستوطن مدينة فاس (وصادف غلاء ووباء وشدة نسأل الله السلامة). وقال المقري المتوفي سنة 1041هـ: انتهى السلطان المذكور بعد نزوله بمليلة، إلى مدينة فاس باهله واولاده (معتذرا عما اسلفه، متلهفا على ما خلفه، وبني بفاس بعض قصور على طريقة بنيان الاندلس، رأيتها ودخلتها. وعقب هذا السلطان بفاس إلى الان - سنة 1037 - وعهدي بهم ياخذون من اوقاف الفقراء والمساكين ويعدون من جملة الشحاذين) وقال شكيب ارسلان في (خلاصة تايخ الاندلس إلى سقوط غرناطة) : (هكذا انتهت تلك الحرب، وبنيانها انصرم حبل الاسلام في بلاد الاندلس، بعد ان استتبت دولته فيها سبعمائة وثمانيا وسبعين سنة، منذ انهزم لذريق، على ضفاف الوادي الكبير، إلى تسليم غرناطة).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 290