ابن الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الانصاري، كمال الدين، المعروف بابن الزملكاني: فقيه، انتهت اليه رياسة الشافعية في عصره. ولد وتعلم بدمشق. وتصدر للتدريس والافتاء، وولي نظر ديوان (الافرم) ونظر الخزانة ووكالة بيت المال. وكتب في ديوان الانشاء. ثم ولي القضاء في حلب فاقام سنتين، وطلب لقضاء مصر، فقصدها، فتوفي في بلبيس ودفن بالقاهرة. له رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألتي (الطلاق والزيارة) وتعليقات على (المنهاج) للنووي، وكتاب في (التاريخ) و (عجالة الراكب في ذكر اشرف المناقب -ط) و (تحقيق الاولى من أهل الرفيق الاعلى -خ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 284

الشمس كمال الدين الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الشيخ الإمام العلامة المفتي قاضي القضاة ذو الفنون جمال الإسلام كمال الدين أبو المعالي ابن الزملكاني الأنصاري السماكي الدمشقي كبير الشافعية في عصرة والفضلاء في دهره، كأنما عناه الغزي بقوله:

ولد في شوال سنة سبع وستين وسمع من أبي الغنائم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس ويوسف بن المجاور وعدة، وطلب الحديث في وقت وقرأ الحديث وكان فصيحا متسرعا.
قال الشيخ شمس الدين: له خبرة بالمتون وكان بصيرا بالمذهب وأصوله قوي العربية قد أتقنها ذكاء ودربها ذكيا صحيح الذهن صائب الفكر فقيه النفس، تفقه على الشيخ تاج الدين وأفتى وله نيف وعشرون سنة وكان يضرب بذكائه المثل، وقرأ العربية فيما أظن على الشيخ بدر الدين ابن مالك وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخويي وشمس الدين الأيكي وصفي الدين الهندي أول قدومه البلاد أما لما عاد الشيخ صفي الدين وأقام بدمشق لم يقرأ عليه وقرأ على قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي.
حكى لي الشيخ نجم الدين الصفدي رحمه الله تعالى قال: قلت له: فرطت في المنطق، فقال: كان بدمشق أيام طلبي له شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرست- أو قال: وأفتيت- فكنت أتردد إليه على كره مني والعلم في نفسه صعب وعبارة الأفشنجي فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أو قلت له: ما ظهر، قال: جاء، وأدار وجهه عني فأنفت من تلك الحالة وبطلت الاشتغال، أو كما قال. قلت: أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الفقه من معرفة التصور والتصديق ودلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام والضرب من الشكل المنتج والكاذب ومواد البرهان والمقدم والتالي وقياس الخلف وغير ذلك مما يدخل في الأصولين معرفة جيدة يتسلط بها على باقي الفن، أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا، وحفظ التنبيه فيما أظن والمنتخب في أصول الفقه والمحصل في أصول الدين وغير ذلك.
وأما الخط وحسن وضعه:
فإنه كتب على الشيخ نجم الدين ابن البصيص أحسن منه ومن بدر الدين حسن ابن المحدث وخطه وهو أحسن، وقيل لي أنه كان يكتب الكوفي طبقة.
وكان شكله حسنا ومنظره رائعا وتجمله في بزته وهيئته غاية وشيبته منورة بنور الإسلام يكاد الورد يلقط من وجنتيه وعقيدته صحيحة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة، فإنه كان كريم النفس عالي الهمة حشمته وافرة وعبارته حلوة فصيحة ممتعة من رآه أحبه قريب من القلب خفيف على النفس.
صنف أشياء منها... ورسالة في الرد عليه في مسألة الزيارة ورسالة سماها رابع أربعة نظما ونثرا وشرح قطعة جيدة من المنهاج.
وتخرج به الأصحاب وانتفع به الطلبة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر الخزانة ووكالة بيت المال وكتب في ديوان الإنشاء مدة ووقع في الدست فيما أظن وله الإنشاء الجيد ونثره خير من نظمه وله التواقيع المليحة والإنشاآت الجيدة.
ونقل إلى قضاء القضاة بحلب ومدارسها فأقام بها مدة أكثر من سنتين واشتغلوا عليه بها وما رأى الناس بعد دروسه في دمشق مثلها، ثم إن السلطان طلبه من حلب ليوليه قضاء دمشق لما نقل قاضي القضاة جلال الدين القزويني إلى قضاء الديار المصرية ففرح الناس بذلك، فمرض في الطريق وأدركه الأجل في بلبيس في سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مائة، فحمله ولده تقي الدين عبد الرحمن إلى القاهرة ودفنه بالقرافة عند الشافعي وله ستون سنة، قيل أنه سم في الطريق وعند الله تجتمع الخصوم.
وحكى لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله عن ولده تقي الدين أن والده الشيخ كمال الدين قال له: يا ولدي والله أنا ميت وما أتولى لا مصر ولا دمشق وما بقى بعد حلب ولاية أخرى لأنه في الوقت الفلاني حضر إلى الجامع فلان الصالح فترددت إليه وخدمته وطلبت منه التسليك فأمرني بالصوم مدة ثم أمرني بصيام ثلاثة أيام -أظنه قال- افطر فيها على الماء واللبان الذكر وكان آخر ليلة من الثلاث ليلة النصف من شعبان فقال لي: الليلة تجيء إلى الجامع تتفرج أو تخلو بنفسك، فقلت: أخلو بنفسي، فقال: جيد ولا تزال تصلي إلى أن أجيء إليك، قال: فخلوت بنفسي أصلي كما وقفني ساعة جيدة فلما كنت في الصلاة إذا به قد أقبل فلم أبطل الصلاة ثم أنني خيل لي قبة عظيمة بين السماء والأرض وظاهرها معارج ومراقي والناس يصعدون فيها من الأرض إلى السماء فصعدت معهم فكنت أرى على كل مرقاة مكتوبا نظر الخزانة وعلى أخرى وأخرى وأخرى وكالة بيت المال التوقيع المدرسة الفلانية قضاء حلب فلما وصلت إلى هذه المرقاة استفقت من تلك الحالة ورجعت إلى حسي وبت ليلتي، فلما اجتمعت بالشيخ قال: كيف كانت ليلتك؟ جئت إليك وما قصرت لأنك ما اشتغلت بي والقبة التي رأيتها هي الدنيا والمراقي هي المراتب والوظائف والأرزاق وهذا الذي رأيتها كله تناله والله يا عبد الرحمن، وكل شيء رأيتها قد نلته وكان آخر الكل قضاء حلب وقد قرب الأجل، أو كما قال.
وكان الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى كثير التخيل شديد الاحتراز يتوهم أشياء بعيدة ويبني عليها وتعب بذلك وعودي وحسد وعمل عليه ولطف الله به.
ولقد رأيته في الظاهرية وفي يده القائمة من الحساب وهو يساوق المباشرين على المصروف فيسبقهم إلى الجمع وعقد الجملة ويبقى ساعة ينتظرهم إلى أن يفرغوا فيقول: كم جاء معكم؟ فيقولون: كذا وكذا، فيقول: لا‍! فيعيدون الجمع إلى أن يصح. وعلى الجملة فكان غريب المجموع.
خرج له الشيخ صلاح الدين ابن العلائي عوالي وأربعين وقرأها الشيخ شمس الدين عليه. ومن نظمه قصيدة نظمها يذكر فيها الكعبة المعظمة ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم أولها:
تمت ولم أقف له على نظم هو خير من هذه القصيدة لمقصدها الصالح وقد أشبع فيها حركة الكاف في خطاب المؤنث حتى نشأت ياء في موضعين وهو جائز.
وعمل على هذه القصيدة فيما أظن أو على قصيدة ميمية مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أو عليهما كراريس وسماها عجالة الراكب.
ومن شعر كمال الدين الزملكاني:
ولما توجه إلى قضاء حلب نزل في مكان يعرف بالفردوس وكان معه شمس الدين الخياط الشاعر الدمشقي فأنشده لنفسه وأنشدني من لفظه غير مرة:
ونظم فيه جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن نباتة لما توفي إلى رحمة الله تعالى قصيدة طنانة يرثيه بها أنشدنيها من لفظه أولها:
قلت: هي من قصائده الغر وكلها منتقى وليس هذا موضع إثباتها.
كنت قد اختلفت أنا والمولى شرف الدين حسين ابن ريان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في قول الحريري:
فذهب هو في إعراب قوله ’’ما فيه’’ إلى أنه في موضع نصب على أنه مفعول ثان وذهبت أنا إلى أنه بدل اشتمال من الهاء التي في قوله ’’يبتزه’’ فكتب شرف الدين فتيا من صفد وجهزها إلى الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني رحمه الله تعالى ونقلتها من خطه وهي: ما تقول السادة علماء الدهر، وفضلاء هذا العصر، لا برحوا لطالب العلم الشريف قبله، وموطن السؤال ومحله، في رجلين تجادلا في مسأله نحوية، وهي في بيت من المقامات الحريرية، وهو:
ذهبا إلى معنى يبتزه يسلبه، وكل منهما وافق في هذا مذهب خصمه مذهبه، وموطن سؤالهما الغريب، إعراب قوله ’’ما فيه من بطش وعود صليب’’، لم يختلفا في نصبه، بل خلفهما فيما انتصب به، فذهب أحدهما إلى أنه بدل اشتمال، من الهاء المنصوبة في يبتزه وله على ذلك استدلال، وذهب الآخر إلى أنه مفعول ثان ليبتزه وجعل المفعول الهاء، واختلفا في ذلك وقاصديكم جاءا، وقد سألا الإجابة عن هذه المسألة، فقد اضطرا في ذلك إلى المسألة: فكتب الشيخ كمال الدين رحمه الله الجواب ونقلته من خطه وهو: الله يهدي إلى الحق كل من المختلفين المذكورين قد نهج نهج صواب، وأتى بحكمة وفصل خطاب، ولكل من القولين مساغ في النظر الصحيح، ولكن النظر إنما هو في الترجيح، وجعل ذلك مفعولا أقوى توجيها في الإعراب، وأدق بحثا عند ذوي الألباب، أما من جهة الصناعة العربية، فلأن المفعول متعلق بالفعل بذاته التي بوقوع الفعل عليه معنية، والبدل مبين بكون الأول معه مطرحا في النية، وهذا الفعل بهذا المعنى متعد إلى مفعولين، و ’’ما فيه من بطش’’ هو أحد ذينك الاثنين، لئلا يفوت متعلق الفعل المستقل، والبدل بيان يرجع إلى توكيد بتأسيس المعنى مخل، وأما من جهة المعنى فلأن المقام مقام تشك وأخذ بالقلوب، وتمكين هذا المعنى أقوى إذا ذكر ما سلب منه مع بيان أنه المسلوب. فذكر المسلوب منه مقصود كذكر ما سلب، وفي ذلك من تمكين المعنى ما لا يخفى على ذوي الأرب، ووراء هذا بسط لا تحتمله هذه العجالة والله تعالى أعلم، كتبه محمد بن علي.
قلت: لا أعلم أحدا يأتي بهذا الجواب غيره لمعرفته بدقائق النحو وبغوامض علمي المعنى والبيان ودربته بصناعة الإنشاء، وأما صورة الخط الذي نقلت منه هذه الفتيا فما كانت إلا قطعة روض تدبجت، أو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت، رحمه الله تعالى وأكرم مثواه، وجعل الجنة منقلبه وعقباه.
ابن العديسة المحدث محمد بن علي بن العديسة الشيخ شهاب الدين قارئ الحديث. توفي سنة ست وثلاثين وسبع مائة.
وأظن مجير الدين الخياط فيه يقول:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 4- ص: 0

الشيخ كمال الدين الزملكاني محمد بن علي.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

الزملكاني الشيخ كمال الدين قاضي القضاة محمد بن علي

  • دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 2- ص: 384

محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري السماكي الدمشقي الزملكاني، الشيخ، الإمام، العالم العلامة، ذو الفنون، الذكي النحرير، شيخ الشافعية في عصره، كمال الدين أبو المعالي قاضي القضاة بحلب.
سمع من أبي الغنائم بن علان، والفخر علي، وابن الواسطي، وابن القواس، ويوسف بن المجاور، وعدة، وطلب الحديث.
وكان فصيحا في قراءته متسرعا. قال شيخنا شمس الدين الذهبي: له خبرة بالمتون، تفقه على الشيخ تاج الدين الفزاري وأفتى وله نيف وعشرون سنة، وسمي بالشيخ وعمره عشرون سنة.
وقرأ العربية على الشيخ بدر الدين بن مالك، وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخوييي وشمس الدين الأيكي.
وقرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي أول قدومه البلاد، أما لما عاد لم يقرأ عليه، وقرأ على قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي.
وأخبرني شيخنا نجم الدين بن الكمال الصفدي، قال: قلت له: فرطت في المنطق، قال: كان في طلبي له تلك الأيام شخص يعرف بالإفسنجي، وكنت قد درست وتميزت، أو قال، فكنت أتردد إليه على كره مني، والعلم في نفسه صعب، وعبارة الأفسنجي فيها عجمة، فإذا أردت منه زيادة بيان، أو قلت له: ما ظهر لي، جثا وأدار وجهه عني، فأنفت من تلك الحالة، وبطلت الاشتغال، أو كما قال.
قلت: أغناه فكره الصائب وذهنه الثاقب عن ذلك، لأن المنطق علم عقل لا نقل، على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الدين وأصول الفقه، فالمنطق نحو المعاني، كما أن النحو منطق الألفاظ، وابن الزملكاني كان يعرف المنطق على وجه كلي، كما أن امرأ القيس وغيره من فصحاء قريش يعرفون النحو على وجه كلي، وقال ابن سينا: واضع النحو والعروض في اللغة العربية يشبه واضع المنطق والموسيقا في اللغة اليونانية.
قلت: لعمري هذا تشبيه من عرف حقيقة هذه العلوم الأربعة، ولقد أورد بعض الأفاضل على تعلق المنطق: إن كانت هذه الآلات من الفطريات فليستغن عن تعلمها، وإلا افتقرت إلى آلة أخرى، ودار وتسلسل، وأجابه المنتصرون بأن بعضها فطري وبعضها كسبي، فاندفع الإشكال.
قلت: بل الإشكال باق على حاله، فنقول فيما هو فطري ما قلناه أولا، وفيما هو كسبي ما قلناه أولا، وما كان الشيخ في ذلك بحيث إنه يجهل معرفة التصور والتصديق، ودلالة المطابقة، ودلالة التضمن، ودلالة الالتزام، والضرب من الشكل المنتج والكاذب، ومواد البرهان، والمقدم والتالي، وقياس الخلف، وغير ذلك مما يدخل في الأصولين، بل كان يعرف ذلك معرفة جيدة تامة يتسلط بها على باقي الفن، أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا، وقلت أنا في مقتضى حال الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى:

وقال: وكان الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى علامة الزمان وثلامة البهتان، قائما بالفقه ودقائقه وغوامضه وحقائقه، لو رآه الروياني لأغرقه في بحره، أو المتولي لعزل عما أكسبه نهاية فخره، أو القفال لفتح له أبواب نصره، أو الرافعي لانحط إلى حفضه وجره. قاعدا بالأصول فقها ودينا، ناهدا كالأسد وقد جعلت له الأقلام عرينا، فلو رآه الحليمي لسفه رأيه، أو الباقلاني لكان باقلا في الرواية والدراية، كأنما عناه الغزي بقوله، واقتصر به على طوله، حيث قال:
لا يرى الناس أفصح من عبارته، ولا أملح من إشارته، لو سمعه الأصمعي لم ينقل عربيه عن أعرابه، أو يونس بن حبيب لما قلده سيبويه في إعرابه، كأن عبارته السكر المذاب، أو رشف الثنايا العذاب، تدخل الأذن بلا إذن لفصاحتها، ويرشفها الذهن لصناعتها ونصاعتها.
وكان شكله يرى وهو من أحسن الأشكال، ومثله لا يرى وليه معه إلا أن يذل له الأنذال، وعدوه سوى إن كال له الأنكال، بعمة لا يحسن أحد أن يديرها ولا يصدق تصويرها، وطلعة يستحيي القمر أن يقابلها، والشمس أن تشاكلها، وشيبة عليها نور الإيمان، ورفق الإيقان، وكرم نفس لا يذكر معه صوب الغوادي، ولا النيل ذو الأصابع ولا البحر ذو الأيادي.
وأما خطه فلم يكتب أحد في زمانه مثل تعليقه، ولا يصل معه كاتب إلى تغليقه، كأن طروسه رياض دبجها الغمام، سطوره حدائق ألفاتها غصون، والهمزات عليها حمام، كأنما:
هذا إلى معارف حواها من سائر الفنون. وأخذ من كل منها محاسن النكت وفوائد العيون، فما باشر شيئا إلا وزانه، ونفى عنه ما شابه وشانه، تنقل في مباشرات الدوله، ونال فيها الوجاهة والعز والصون والصوله، وولي في آخر عمره قضاء قضاة حلب غصبا، ولقي فيها نصبا، وإن كان قد وجد فيها رفعا ونصبا، ثم إنه عزل منها وطلب إلى باب السلطان فما وصل، ونزع خضاب سعده ونصل، ومرض في طريق الرمل. وانبت من حياته الشمل، فعدم الوجود كماله، وما وصل جرح حياته اندماله.
وأدركه أجله في بلبيس سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وله من العمر ستون سنة.
كان مولده في شوال سنة سبع وستين وست مئة.
وحمله ولده عبد الرحمن إلى القاهرة ودفنه بالقرافة عند الشافعي رضي الله عنه.
وكان قد حفظ ’’التنبيه’’ فيما أظن و’’المنتخب’’ في أصول الفقه، و’’المحصل’’ في أصول الدين. وكتب المنسوب الفائق، كان يقال إنه ما كتب على نجم الدين بن البصيص أحسن منه ومن الشيخ بدر الدين حسن بن المحدث، وخطه هو أحسن، وقيل: إنه كان يكتب الكوفي طبقة.
وذكره شيخنا الذهبي في ’’معجمه’’ المختص فقال فيه: شيخنا عالم العصر، انتهى.
وكان الشيخ من بقايا المجتهدين ومن أذكياء أهل زمانه، تخرج به الأصحاب، وانتفع به الأئمة. لم ير مثل كرم نفسه وعلو همته وتجمله في ملبسه ومأكله، لم تزل تلاميذه الخواص على مائدته، يحب الطالب الذكي ويجذب بضبعه من ورطة الخمول ويكبره. ويعظمه ويزهزه له، ويسير إليه في البحوث ويصوب ما يقول ويحسنه ويعجب الحاضرين منه. فعل ذلك بجماعة، ونزل للقاضي فخر الدين المصري من تدريس العادلية الصغيرة، وما رأى أحد أسعد منه في علمه وقوله، كان إذا دوغ أحدا بكلمة سوء لبسته من فرقه إلى قدمه، وكذا في الخير غضب مرة على فخر الدين المصري فقال: من أرادني وأحبني فلا يكلمه، وكان المسكين يراه الناس في الجامع فما يجسر أحد يسلم عليه، وعمل خطبة افتتحها بقوله: الحمد لله الذي جعل ’’التائب من الذنب كمن لا ذنب له’’، وكان لا يتعب التلميذ، بل إذا رأى الطالب في دروسه وذهنه جيد وقد تعب على نفسه اجتذبه إليه ونوه به وعرف بقدره، فيعرف به وينسب إليه، وإذا جاءه مبتدئ ليقرأ عليه يقل له: رح الآن إلى الشيخ كمال الدين بن قاضي شهبة وإلى الشيخ شمس الدين بن النقيب وإلى مجد الدين التونسي وإلى نجم الدين القحفازي، فإذا تنبهت عد إلي.
واشتهر في زمن أشياخه وتقدم عليهم إلى أن سادهم ورأس وساد في الدولة، وطار ذكره.
وصنف رسالة في الرد على الشيخ تقي الدين بن تيمية في الطلاق، ورسالة في الرد عليه في مسألة الزيارة، وصنف مصنفين في تفضيل البشر، أحدهما سماه ’’تحقيق الأولى في الرفيق الأعلى’’، وجوده ما شاء، وشرح من ’’منهاج’’ النووي قطعا مفرقه، وكان يلقي الدروس من ’’نهاية المطلب’’. وله رسالة سماها ’’رابع أربعة’’ نظما ونثرا، وشرح في ’’عمدة الأحكام’’ قطعة.
ودرس بالشامية البرانية. والظاهرية الجوانية والرواحية، وباشر في وقت دار الحديث الأشرفية تحت القلعة عوضا عن الشيخ صدر الدين بن الوكيل، تقدير نصف شهر، ثم أخذها منه كمال الدين بن الشريشي في شعبان سنة عشر وسبع مئة.
وولي نظر ديوان الأفرم، ثم بطله، وولي نظر الخزانة ووكالة بيت المال، وكتب في ديوان الإنشاء مدة ووقع في الدست قدام الأفرم وغيره، فكان لا يدع أحدا يتكلم لا من وزير ولا من قاض ولا من ناظر جيش ولا من حاجب ولا من كاتب سر، ولا من مشد أوقاف ولا من والي المدينة ولا أحد له وظيفة، وكلامه في جميع ذلك ساد واف بالمقاصد، وكل ذلك لمعارفه وسعة علمه وخبرته ودربته ومعرفته بتراجم أهل العصر.
وله الإنشاء الجيد، ونثره خير من نظمه. وله التواقيع الجيدة المليحة، وكتب عن الأفرم في فتح جبل كسروان بعد البسملة: ’’ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا’’.
ولما كان في شهر شعبان سنة أربع وعشرين وسبع مئة رسم له السلطان بقضاء حلب، فامتنع، ودخل على الأمير سيف الدين تنكز وسأله الإعفاء، فكتب له إلى السلطان، فجاء الجواب بالتشديد في أمره وتجهيزه قولا واحدا، فتوجه بعد ما قضى أشغاله من دمشق في رابع عشر شوال من السنة المذكورة، وتأسف الناس على فراقه.
ولما دخل إلى حلب يوم الثلاثاء سادس عشري شعبان قال له نائب حلب كانت قلوبنا قد انكسرت فجبرتها، وقال: يا حلبيين لقد سعدتم وأراد الله بكم الخير، والآن عظمت حلب بهذا الرجل. ولما وصل إلى حلب نزل بمكان يعرف بالفردوس، وكان قد توجه معه شمس الدين محمد الخياط الشاعر، فأنشده وأنشدنيه من لفظه غير مرة:
وتألم أهل دمشق لفراقه وتأسفوا على بعده، لأنه كان للشافعية واسطة قلادتهم وشمس سيادتهم، وأقام في حلب مدة وما رزق فيها سعادة، وتعكس في أيام الأمير سيف الدين أرغون الدوادار وكان أصحب الناس إليه، وذلك لأنه عبث باليهود عبثا عظيما وأخذ منهم كنيسة كانت لهم وفتحها مدرسة، فتسلطوا عليه وبرطلوا وبذلوا، فنودي عليه في الجامع بعد صلاة الجمعة على رؤوس الأشهاد، وقاسى من ذلك شدة وتألم.
وطلبه السلطان بعد ذلك إلى الديار المصرية بعد ما وصل من حلب إلى دمشق في عشري شعبان سنة سبع وعشرين وسبع مئة، فأقام بدمشق أربعة أيام، وتوجه على البريد إلى القاهرة ليوليه قضاء الشام أو كتابة السر بمصر، فقيل: إنه مات وهو مسموم، وعند الله تجتمع الخصوم.
على أن القاضي شهاب الدين بن فضل الله حكى لي عن ولده تقي الدين أن والده الشيخ كمال الدين قال له وقد بدا في المرض في الرمل: والله يا ولدي أنا ميت ولا أتولى لا مصر ولا دمشق وما بقي بعد حلب ولاية أخرى، لأنه في الوقت الفلاني حضر إلى الجامع الأموي فلان الصالح فترددت إليه وخدمته وطلبت منه التسليك، فأمرني بالصوم مدة، ثم أمرني بصيام ثلاثة أيام، أظنه، قال لي: أفطر فيها على الماء واللبان الذكر، وكان آخر ليلة في الثلاث ليلة النصف من شعبان، فقال لي: الليلة تجيء إلى الجامع تتفرج أو تخلو بنفسك فقلت: بل أخلو بنفسي، فقال: جيد، ولا تزال تصلي حتى أجيء إليك، قال: فخلوت بنفسي أصلي كما وقفني ساعة جيدة، فلما كنت في الصلاة إذا به قد أقبل، فلم أبطل، ثم إنني خيل لي قبة عظيمة بين السماء والأرض، وظاهرها معارج ومراقي، والناس يصعدون فيها من الأرض إلى السماء، فصعدت معهم، فكنت أرى على كل مرقاة مكتوبا: نظر الخزانة، وكالة بيت المال، نظر المارستان النووي، التوقيع، المدرسة الفلانية، المدرسة العلانية، قضاء حلب، هذا أعلى المراقي المفرقة، ولما وصلت إلى هذه المرقاة أشفقت من هذه الحالة ورجعت إلى حسي وبت ليلتي. فلما اجتمعت بالشيخ قال لي: كيف كانت ليلتك؟ جئت إليك وما قصرت، لأنك ما اشتغلت بي، والقبة التي رأيتها هي الدنيا، والمراقي هي المراتب والوظائف والأرزاق، وهذا الذي رأيته تناله كله. والله يا عبد الرحمن وكل شيء رأيته قد نلته، وكان آخر الكل قضاء حلب، وقد قرب الأجل. أو كما قال.
وكان الشيخ كمال الدين -رحمه الله تعالى- كثير التخيل، شديد الاحتراز، يتوهم أشياء بعيدة ويبني عليها، وتعب بذلك، وعادى أصحابه، وحسد، وعمل عليه مرات، ونجاه الله ببركات العلم. وطار ذكره، ورماه الناس أنه يؤذي أصحابه، حتى قال فيه صدر الدين بن الوكيل ما أنشدنيه من لفظه القاضي علم الدين إبراهيم بن سليمان المستوفي، قال: أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ صدر الدين بن الوكيل:
ولقد رأيته مرة في الظاهرية وفي يده قائمة الحساب وهو يساوق المباشرين على المصروف فيسبقهم إلى الجمع وعقد الجملة، ويبقى ساعة ينتظرهم إلى أن يفرغوا، فيقول: كم جاء معكم؟ فيقولون: كذ وكذا، فيقول: لا، فيعيدون الجمع، إلى أن يصح.
ومرض مرة بالماشرا، وكان يعوده لعلاجه من جملة الأطباء أمين الدين رئيس الأطباء، فخرج يوما من عنده وقال: الله لا يعافي هذا الشيخ كمال الدين، قالوا له: لأي شيء؟ قال: حتى يطول علاجنا له واجتماعنا به، لأننا نسمع منه أسماء أعضاء ما كنا نحققها وأمراض ما نصححها، فاستفدنا منه تصحيح ألفاظ ذلك كله.
وخرج له الشيخ صلاح الدين العلائي عوالي وأربعين، وقرأها شيخنا الذهبي عليه.
ومن نظمه ما كتبه إلى قاضي القضاة شرف الدين بن البارزي يطلب منه ’’تيسير الفتاوي في توضيح الحاوي’’:
ومن نظمه رحمه الله تعالى:
قلت: ولم أقف للشيخ رحمه الله تعالى على نظم هو خير من هذه القصيدة لقصدها الصالح، وقد أشبع فيها الكاف كسرة في خطاب المؤنث في ثلاثة أماكن حتى نشأت ياء، لكنه جائز. وعمل على هذه القصيدة، أو على قصيدة ميمية مديح في النبي صلى الله عليه وسلم أو عليهما، كراريس سماها ’’عجالة الراكب’’.
ومن شعره:
ولما توفي رحمه الله تعالى نظم فيه المولى جمال الدين محمد بن نباته قصيدة مليحة يرثيه بها، أولها:
وكنت قد اختلفت أنا والمولى شرف الدين حسين بن ريان في وقت بصفد في قول الحريري في بعض ’’مقاماته’’:
فذهب هو في إعراب قوله: ’’ما فيه’’ إلى أن هذا في موضع نصب على أنه مفعول ثان، وذهبت أنا إلى أنه بدل اشتمال من الهاء في قوله: ’’يبتزه’’، فكتب شرف الدين فتوى من صفد وجهزها إلى الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى، ونقلتها من خطه وهي:
ما تقول السادة علماء الدهر، وفضلاء هذا العصر، لا برحوا لطالبي هذا العلم الشريف قبلة، وموطن السؤال ومحله، في رجلين تجادلا في مسألة نحوية، وهي في بيت من ’’المقامات الحريرية’’ وهو:
وذهبا إلى أن معنى ’’يبتزه’’ يسلبه، وكل منهما وافق في هذا مذهب خصمه مذهبه، وأصل سؤالهما الغريب إعراب قوله: ’’ما فيه من بطش وعود صليب’’. لم يختلفا في نصبه، بل خلفهما فيما انتصبت به، فذهب أحدهما إلى أنه بدل اشتمال من الهاء المنصوبة في ’’يبتزه’’، وله على ذلك استدلال، وذهب الآخر إلى أنه مفعول ثان ’’ليبتزه’’ وجعل المفعول الهاء، واختلفا في ذلك وقاصديكم جاءا وقد سألا الإجابة عن هذه المسألة.
فكتب الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى الجواب، ونقلته من خطه وهو: الله يهدي للحق، كل من المختلفين المذكورين قد نهج نهج الصواب، وأتى بحكمة وفصل خطاب، ولكل من القولين مساغ في النظر الصحيح، ولكن النظر إنما هو الترجيح، وجعل ذلك مفعولا أقوى توجيها في الإعراب، وأدق بحثا عند ذوي الأدب. أما من جهة المعنى فإن المقام مقام تشك وأخذ بالقلوب، وتمكين، هذا المعنى أقوى إذا ذكر ما سلب، منه مع بيان المسلوب، فذكر المسلوب مقصود كذكر ما سلب، وفي ذلك من تمكين المعنى ما لا يخفى على ذوي الألباب، ووراء هذا بسط لا تحتمله هذه العجالة، والله أعلم. كتبه محمد بن علي.
قلت: لا أعلم في ذلك العصر أحدا يأتي بهذا الجواب غيره، لمعرفته بدقائق النحو وبغوامض علمي المعاني والبيان ودربته بصناعة الإنشاء.
وأما صورة الخط الذي نقلت منه هذه الفتوى فما كانت إلا قطعة روض تدبجت، أو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت، رحمه الله وأكرم مثواه، وجعل الجنة منقلبه وعقباه.
ونقلت من كلامه تعليقا على قوله تعالى: {التائبون العابدون} الآية: فإن قيل: كيف ترك العطف في جميع الصفات وعطف ’’النهي عن المنكر’’ على ’’الأمر بالمعروف’’ بالواو؟ قلت: للمفسرين والعلماء في الجواب عن هذا السؤال أقول، فمنها قولهم لأنها الصفة الثامنة، فهي واو الثمانية، وهذا في غاية السخافة، منها أن هذا من التفنن في الكلام، وهو جواب إقناعي، ومنها أن المراد التنبيه على أن الموصوفين بالصفات المتقدمة هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وهذا بعيد في الإعراب ومقصود الكلام، ومنها أن هاتين الصفتين متعلقتان بالغير فاحتاجت إلى مزية، وهو كالأجوبة التي قبله.
قال: وعندي في هذا وجه حسن، وهو أن الصفات تارة تنسق بحرف العطف وتارة تذكر بغيره، لكل مقام معنى يناسبه، فإذا كان المقام مقام تعداد صفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف، فإن أريد الجمع بين الصفتين أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف أيضا، وفي القرآن أمثلة تبين ذلك، قال الله تعالى: ’’عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن’’ الآية، فأتى بالواو بين الوصفين لأن المقصود بالصفات الأول ذكرها مجتمعة، والواو قد توهم التنويع، فحذف، وأما الأبكار فلا يكن ثيبات والثيبات لا يكن أبكارا، فأتي بالواو لتضاد النوعين، وقال تعالى: ’’حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول’’، فأتى بالواو في الوصفين الأولين، وحذفهما في الوصفين الآخرين، لأن غفران الذنب قبل التوبة، وقبول التوب قد يظن أنهما يجريان مجرى الواحد لتلازمهما، فمن غفر الذنب قبل التوب، فبين الله تعالى بعطف أحدهما على الآخر أنهما مفهومان متغايران ووصفان مختلفان يجب أن يعطى كل واحد حكمه، وذلك مع العطف أبين وأرجح وأوضح، وأما شديد العقاب، وذو الطول فهما كالمتضادين، فإن شدة العقاب تقتضي اتصال الضرر، والاتصاف بالطول يقتضي اتصال النفع، فحذف ليعرف أنهما مجتمعان في ذاته المقدسة موصوفا بهما على الاجتماع. فهو في حال اتصافه بشديد العقاب ذو الطول، فحسن ترك العطف لهذا المعنى. وفي هذه الآية التي نحن فيها يتضح معنى العطف وتركه مما ذكرناه، لأن كل صفة مما لم ينسق بالواو مغايرة للأخرى، والغرض أنهما في اجتماعهما كالوصف الواحد لموصوف واحد، فلم يحتج إلى عطف، فلما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما متلازمان أو كالمتلازمين مستمدان من مادة واحدة كغفران الذنب وقبول التوب، حسن العطف ليبين أن كل واحد معتد به على حدة، فإنه بذاته لا يكفي منه ما يحصل في ضمن الآخر، بل لا بد من أن يظهر أمره بالمعروف بصريح الأمر، ونهيه عن المنكر بصريح النهي، فاحتاج إلى العطف، وأيضا فلما كان الأمر والنهي ضدين أحدهما طلب الاتحاد والآخر طلب الإعدام كالنوعين المتغايرين في قوله تعالى: {ثيبات وأبكارا} فحسن العطف بالواو، فهذا ما ظهر من الجواب. والله أعلم.
قلت: وكنت أنا في زمن الصبا والإشغال قد جمعت في هذه الواو كراسة وفيها فوائد.

  • دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 624

محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري الدمشقي ابن الزملكاني كمال الدين أبو المعالي ولد في شوال سنة 667 وسمع من المسلم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس وغيرهم وطلب الحديث وقتا وقرأ بنفسه وكان فصيح القراءة سريعها له خبرة بالمتون وتفقه على الشيخ تاج الدين ابن الفركاح وأخذ العربية عن بدر الدين ابن مالك وأخذ عن الخوئي والأيكي وابن الزكي وغيرهم قال الكمال الادفوي أحد المتقدمين في الفتوى والتدريس والمشاورين في المجالس والمرجوع إليه في المناظرة وكان ذكي الفطرة نافذ الذهن فصيح العبارة قال الصلاح الصفدي قال لي نجم الدين ابن الكمال الصفدي قلت للشيخ كمال الدين فرطت في المنطق فقال كان في طلبي له شخص يقال له الأقشنجي وكنت قد تميزت ودرست والعلم المذكور صعب وعبارة الشيخ فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أدار وجهه فأنفت منه تركته وحفظ الشيخ كمال الدين أشياء من المختصرات وكتب الخط المنسوب وأطلق عليه الذهبي عالم العصر وامير الشافعية قال وكان بصيرا بالمذهب وأصوله قوي العربية ذكيا فطنا فقيه النفس له اليد البيضاء في النظم والنثر وكان يضرب بذكائه المثل أفتى وله نيف وعشرون سنة وتخرج عليه غالب علماء العصر ولم يروا مثل كرم نفسه وعلو همته وتجمله في مأكله وملبسه وكان يزهزه لطلبته ويعظمهم وينوه بهم وكان لا يعيب على أحد من التلامذة بل أن رآه قاصر الذهن أبعده إلى غيره وإذا رآه ماهرا قربه ونوه به وعرف بقدره وسعى له ورفع درجته وصنف رسالة في الرد على ابن تيمية في الطلاق وأخرى في الرد عليه في الزيارة وعلق على المنهاج وكان يلقي دروسه في النهاية لإمام الحرمين ولما دخل ديوان الإنشاء كان رابع أربعة فنكت عليه بعضهم بذلك فعمل رسالة في ذلك نظما ونثرا ووقع في الدست مدة وولي نظر المرستان سنة 707 ودرس بالشامية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر وكالة بيت المال ونظر الخزانة ثم صرف عن نظر الأفرم بزين الدين ابن عدلان وعن وكالة بيت المال قال ابن كثير انتهت اليه رئاسة المذهب تدريسا وإفتاء ومناظرة وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيله الذي منعه الرقاد وعبارته الرائقة وألفاظه الفائقة قال ولم أسمع أحدا من الناس يدرس أحسن منه ولا سمعت أحلى من عبارته وجودة تقريره واحترازاته وصحة ذهنه وقوة قريحته - انتهى وله نظم وسط وسيرة الورى من نظمه ثم ولي قضاء حلب في سنة 24 ثم صرف عنها فدخل إلى دمشق سنة 27 وطلبه الناصر على البريد ليوليه قضاء دمشق فتوجه إلى القاهرة فمات ببلبيس فيقال مات مسموما وكان كثير التخيل فكان يتأذى من أصحابه ويعاديهم ويعادونه وعمل عليه مرات بسبب ذلك وكانت وفاته في سادس عشر شهر رمضان سنة 727 وحمل من بلبيس إلى القرافة فدفن بالقرب من الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قرأت في كتاب العثماني قاضي صفد كتب المنسوب حتى قيل ما كتب على النجم ابن البصيص أحسن منه وكتب الكوفي طبقة وكان حسن الشكل بهي المنظر فصيحا من رآه أحبه وذكر العثماني عن ولده أنه لما مرض قال أنا ميت لا محالة ولا أتولى بعد قضاء حلب شيئا لأنه كان لي شيخ أدخلني الخلوة وامرني بصيام ثلاثة أيام افطر فيها على الماء واللبان الذكر فاتفق آخر الثلاث يوم النصف من شعبان فخيل إلي وأنا قائم في الصلاة قبة عظيمه بين السماء والارض وظاهرها مراق فصعدت فكنت أرى على مرقاة مكتوبا نظر الخزانة وعلى أخرى الوكالة وعلى أخرى مدرسة كذا وعلى آخر مرقاة قضاء حلب وأفقت من غيبتي وعدت إلى حسي فقال لي الشيخ القبة الدنيا والمراقي المراتب وهذا الذي رأيته تناله كله فكان كذلك وقال اليوسفي لما عزل الناصر الزرعي عن قضاء دمشق وولى الجلال القزويني كتب معه تقليد ابن الزملكاني بقضاء حلب وكان بلغ الناصر أن قاضيها في السياق فامتنع ابن الزملكاني من قبول الولايه فغضب منه النائب وأمر بعزله من جميع وظائفه فما مضى إلا القليل حتى ورد الخبر بموت قاضيها فقبل ابن الزملكاني الولاية حينئذ وعظم قدره عند النائب لكونه امتنع من قبول الولاية عن رجل حتى مات

  • مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 2- ص: 0

محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني الإمام العلامة المناظر
سمع من يوسف بن المجاور وأبي الغنائم بن علان وعدة مشايخ
وطلب الحديث بنفسه وكتب الطباق بخطه
وقرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي والنحو على الشيخ بدر الدين ابن مالك
وولد في شوال سنة سبع وستين وستمائة
ودرس بالشامية البرانية والرواحية والظاهرية الجوانية وغيرها بدمشق
ثم ولي قضاء حلب
وصنف الرد على ابن تيمية في مسئلتي الطلاق والزيارة وكتابا في تفضيل البشر على الملك جود فيه وشرح من منهاج النووي قطعا متفرقة
ذكره شيخنا الذهبي في المعجم المختص فقال شيخنا عالم العصر وكان من بقايا المجتهدين ومن أذكياء أهل زمانه درس وأفتى وصنف وتخرج به الأصحاب
انتهى
وذكره الشيخ جمال الدين بن نباتة في كتاب سجع المطوق فقال أما وغصون أقلامه المثمرة بالهدى وسطور فتاويه الموضحة للحق طرائق قددا وخواطره التي تولدت فكانت الأنجم مهودا ومآثره التي ضربت رواق العز وكانت المجرة طنبا وكان الفجر عمودا ومناظراته التي أسكتت المناظرين فكأنما ضربت سيوفهم المجردة لألسنتهم قيودا
إن الآداب لتحركني لمدحه والأدب يحثني على السكون وإني لأعق محاسنه إذا أردت برها بالوصف ومن البر ما يكون

ثم قال هو البحر وعلومه درره الفاخرة وفتاويه المتفرق في الآفاق سحبه السائرة والعلم إلا أنه الذي لا تجنه الغياهب والطود إلا أنه الذي لا يحاوله البشر
على أنه نسر الكواكب والمنفرد الذي حمى بيضة الإسلام في أعشاش أقلامه والمجتهد الذي لا غبار على رأيه في الدين وإن غبر ففي وجوه أعلامه
ثم قال التفسير لبراعته قد حكم بكتاب الله المنزل وقال الفقه لعلم فتاويه أنت الرامح وكل أعزل وقال الحديث لتنقيحه هذا النظر الذي لا يعزل وقال الإنشاء لكتابه ليهنك أن قلم كل بليغ لديك بخط أو بغير خط مغزل وقال النحو لتدقيقه هذا ما جاد زيد وعمرو فيه وهذا العربي الذي لو سمع الأعرابي نطقه لصاح يا أبت أدرك فاه غلبني فوه لا طاقة لي بفيه وقال الوصف وقال واستقى من مواده ولو تحقق غاية لما استقال
فتبارك من أطلعه في هذه الآفاق شمسا كأن الشمس عنده نبراس وأمطاه رتبا كأن الثريا فيها خد لقدمه على القياس وخصه بفنون العلم فله حليها النفيس وما لغيره من الحلي سوى الوسواس
انتهى
وعليه تخرج القاضي فخر الدين المصري والشيخ الحافظ صلاح الدين العلائي وكان كثير التعظيم له
توفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة بمدينة بلبيس من أعمال مصر كان قد طلبه
السلطان إلى مصر فمات بها قبل وصوله وحمل إلى القاهرة ودفن بجوار تربة الإمام الشافعي رضي الله عنه
وقد أجاد في وصفه شاعر الوقت جمال الدين بن نباتة حيث يقول فيه من قصيدة فائقة امتدحه بها أولها
قلت ولما قال ابن نابة في ابن الزملكاني هذه الكلمة البديعة حاول أدباء عصره معارضته فما أحسنوا صنعه بل كل قصر ولم يلحق وتأخر وما جاء بحق
وأنشدني شمس الدين محمد بن يوسف المعروف بالخياط الشاعر قصيدته التي عارض بها هذه القصيدة فقلت كيف رضي ابن الزملكاني بهذه عراضا لتلك فقال أنا أنكرت على ابن نباتة تغزله ونسيبه اللذين جاء بهما على هذا الوجه وهو يمتدح عالما من علماء المسلمين وكان من قوله
وأنشدها أيضا بدرس الشامية بين يدي الشيخ كمال الدين بن الزملكاني
ومن أراد من أهل هذه المائة أن يلحق ابن نباتة في نظم أو نثر أو خط فقد أراد المحال وحاول ما لا يصير بحال
ويعجبني على هذا الوزن والروي وإن لم يلحق ابن نباتة في الصنع البهي قول ابن الدواليبي متأخر من العراق
ومن فوائد الشيخ كمال الدين
في تفسير قوله تعالى {التائبون العابدون الحامدون السائحون} الآية في الجواب عن السؤال المشهور وهو أنه كيف ترك العطف في جميع الصفات وعطف النهي عن المنكر على الأمر بالمعروف بالواو
قال عندي فيه وجه حسن وهو أن الصفات تارة تنسق بحرف العطف وتارة تذكر بغيره ولكل مقام معنى يناسبه فإذا كان المقام مقام تعداد صفات من غير
نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف وإن أريد الجمع بين الصفتين أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف وكذلك إذا أريد التنويع بعدم اجتماعهما أتي بالحرف أيضا وفي القرآن الكريم أمثلة تبين ذلك قال الله تعالى {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} فأتى بالواو بين الوصفين الأخيرين لأن المقصود بالصفات الأول ذكرها مجتمعة والواو قد توهم التنويع فحذفت وأما الأبكار فلا يكن ثيبات والثيبات لا يكن أبكارا فأتى بالواو لتضاد النوعين
وقال تعالى {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول} فأتى بالواو في الوصفين الأولين وحذفها في الوصفين الأخيرين لأن غفران الذنب وقبول التوب قد يظن أنهما يجريان مجرى الواحد لتلازمهما فمن غفر الذنب قبل التوب فبين الله سبحانه وتعالى بعطف أحدهما على الآخر أنهما مفهومان متغايران ووصفان مختلفان يجب أن يعطى كل واحد منهما حكمه وذلك مع العطف أبين وأوضح
وأما شديد العقاب وذو الطول فهما كالمتضادين فإن شدة العقاب تقتضي إيصال الضرر والاتصاف بالطول يقتضي إيصال النفع فحذف ليعرف أنها مجتمعان في ذاته وأن ذاته المقدسة موصوفة بهما على الاجتماع فهو في حالة اتصافه بشديد العقاب ذو الطول وفي حال اتصافه بذي الطول شديد العقاب فحسن ترك العطف لهذا المعنى
وفي هذه الآية التي نحن فيها يتضح معنى العطف وتركه مما ذكرناه لأن كل صفة
مما لم ينسق بالواو مغايرة للأخرى والغرض أنهما في اجتماعهما كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف فلما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما متلازمان أو كالمتلازمين مستمدان من مادة واحدة كغفران الذنب وقبول التوب حسن العطف ليبين أن كل واحد معتد به على حدته قائم بذاته لا يكفي منه ما يحصل في ضمن الآخر بل لا بد أن يظهر أمره بالمعروف بصريح الأمر ونهيه عن المنكر بصريح النهي فاحتاج إلى العطف
وأيضا فلما كان النهي والأمر ضدين أحدهما طلب الإيجاد والآخر طلب الإعدام كانا كالنوعين المتغايرين في قوله تعالى {ثيبات وأبكارا} فحسن العطف بالواو
وقال في قوله صلى الله عليه وسلم (لا تفضلوني على يونس) السبب في ذلك أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولا تكن كصاحب الحوت} ومن المقطوع به أنه امتثل هذا الأمر لعصمته من المخالفة فصار مقطوعا بأفضليته عليه أو كالمقطوع به ومع ذلك نهى عن تفضيله عليه لما يقتضيه تواضعه لله وكرم خلائقه أو غير ذلك مما ذكر
قلت فأين اللطيفة في نهيه عن التفضيل
حاصل هذا أنه قرر عدم التفضيل مع القطع بوقوعه ونحن عارفون بذلك إنما البحث عن الحكمة فيه
وقوله لما يقتضيه تواضعه إلى آخره هو ما ذكره غيره فلم يزد على الناس شيئا
وذكر قول الفقيه ناصر الدين ابن المنير في المقتفى في حديث شاة أم معبد وأن فيه لطيفة عجيبة وهو أن اللبن المحتلب من الشاة المذكورة لا بد أن يفرض مملوكا والملك هنا دائر بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب الشاة ولهذا قسم اللبن وأشبه شيء بذلك المساقاة فإنها تلزمه للأصل وإصلاح بجزء من الثمرة وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم كدم الشاة وأصلحها بجزء من اللبن
ويحتمل أن يقال إن اللبن مملوك للنبي صلى الله عليه وسلم وسقاها تفضلا لأنه ببركاته كان وعن دعائه وجد والفقه الأول أدق وألطف
انتهى
قال ابن الزملكاني وكلا الوجهين لا ينفك عن نظر
ويحتمل أن يكون ذلك في محل المسامحة أو مأذون ذلك فيه في مثل هذا الحال لحاجتهما إلى اللبن أو لوجوب الضيافة أو لكون المالك مشتركا
انتهى
قلت أما النظر في وجهي ابن المنير فحق فإن الأول لا يتم لأنه لو تم لجاز مثل هذا النوع في اللبن ولا مساقاة فيه ولكان وقع عقد بينهما ولم يقع ولكانت القيمة إما نصفين عن السوية وإما على ما يقع عليه الإنفاق لو فرض ولم ينقل واحد منهما ولا وقع أيضا
والثاني قد يقال عليه لا يلزم من نمو مال زيد بدعوة عمرو أن يملك عمرو القدر النامي
والذي عندي في هذا أن اللبن ملك للنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الشاة نفسها
فالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ولا يحتاج إلى إذن من أحد وما يلزم على ذلك من اجتماع مالكين على مملوك واحد لا محذور فيه كما قررناه في بعض تعاليقنا
وهذا كما أن الوجود بأسره ملك لله تعالى ملكا حقيقيا وملك كل مالك ما ملكه الله وهكذا نقول إن الوجود بأسره ملك محمد صلى الله عليه وسلم يتصرف فيه كيف يشاء وإذا ازدحم هو وبعض الملاك في شيء كان أحق لأنه مالك مطلق ولا كذلك غيره لأن كل واحد وإن ملك شيئا فعليه فيه الحجر من بعض الوجوه
ولي أرجوزة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته منها
وذكر الشيخ كمال الدين إشكالا ذكره ابن المنير في حديث قتل كعب ابن الأشرف حاصله أن النيل من عرض النبي صلى الله عليه وسلم كفر ولا تباح كلمة الكفر إلا بالإكراه فكيف استأذنوه عليه السلام أن ينالوا منه بألسنتهم استدراجا للعدو وأذن لهم
وأجاب عنه بأن كعبا كان يحرض على قتل المسلمين وفي قتله خلاص من ذلك فكأنه أكره الناس على النطق بهذا الكلام بتعريضه إياهم للقتل فدفعوا عن أنفسهم بألسنتهم
انتهى
قال الشيخ كمال الدين في هذا الجواب نظر لا يخفى ويحتمل أجوبة منها أن النيل لم يكن صريحا في الكفر بل كان تعريضا يوهم المخاطب لهم فيه مقاصد صحيحة وذلك في الخديعة قد يجوز
ومنها أنه كان بإذنه صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الحق وقد أذن
في حقه لمصلحة شرعية ولا نسلم دخول هذه الصورة فيما يكون كفرا انتهى
قلت النبي صلى الله عليه وسلم لا يأذن إلا في جائز وسبه لا يجوز أصلا والواقع التعريض دون صريح السب والحامل عليه المصلحة حيث اقتضاها الحال وكان في المعاريض مندوحة عن الكذب
ومن فتاويه
أفتى الشيخ كمال الدين ببطلان إجارة الجندي أقطاعه وقد اتبع في ذلك شيخه الشيخ تاج الدين بن الفركاح والذي أفتى به النووي والشيخ الإمام الوالد وغيرهما الصحة وهو الوجه
سمعت الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني مد الله في عمره يحكي عن الشيخ كمال الدين أنه كان يقول إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه قال وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس
رفع إلي في المحاكمات مسئلة في رجل وقف على أولاده الأشراف فلان وفلان وسمي جماعة أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولادهم من بعدهم وعلى أولاد أولادهم وعلى أولاد الأولاد من بعد آبائهم وأسفل ذلك من أعقابهم وأنسابهم طبقة بعد طبقة وقرنا

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 9- ص: 190

محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري كمال الدين بن الزملكاني عالم بمصر من بقايا المجتهدين، وأذكياء أهل زمانه.
ولد بدمشق سنة 667 قرأ الأصول على الصفي الهندي، والنحو على بدر الدين: ابن مالك، وألف عدة تصانيف.
توفي سنة 727

  • دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 2- ص: 0

محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم، قاضي القضاة جمال الإسلام علم السنة شيخنا جمال الدين أبو المعالي الأنصاري الزملكاني الدمشقي الشافعي ولد سنة سبع وستين وست مائة.
وسمع من ابن علان، والفخر علي، وطائفة، وتفقه بالشيخ تاج الدين، درس وأفتى وصنف، وتخرج به الأصحاب، وولي المناصب الكبار، ثم تحول إلى قضاء البلاد الحلبية، سمعت منه في الأنصاري والأربعين العالية له، وحدثت عنه بحضرته، وكان ذكيا مجتهدا من أئمة السنة.
مات ببلبيس في رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مائة.......

  • مكتبة الصديق، الطائف - المملكة العربية السعودية-ط 1( 1988) , ج: 2- ص: 244

محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الدمشقي ابن الزملكاني كمال الدين
ولد في شهر شوال سنة 667 سبع وستين وستمائة وسمع من المسلم ابن علان وابن الواسطي وابن القواس وغيرهم وطلب الحديث بنفسه وكان فصيح القراءة سريعها له خبرة بالمتون وتفقه على الشيخ تاج الدين ابن الفركاج وأخذ العربية عن بدر الدين بن مالك قال الأدفوئي هو أحد المتقدمين في الفتاوى والتدريس والمجالس والمرجوع إليهم في المناظرة وكان ذكى الفطرة نافذ الذهن فصيح العبارة وأطلق عليه الذهبي عالم العصر وكبير الشافعية قال وكان بصيراً بالمذهب وأصوله قوي العربية ذكيا فطنا فقيه النفس له اليد البيضاء في النظم والنثر وكان يضرب بذكائه المثل افتى وله نيف وعشرين سنة وتخرج غالب علماء العصر عليه ولم يروا غيره في كرم نفسه وعلو همته وتجمله في مأكله وملبسه وصنف رسالة في الرد على ابن تيمية في الطلاق وأخرى في الرد عليه في الزيارة وعلق على المنهاج وكان يلقي دروسه في النهاية لإمام الحرمين ودخل ديوان الإنشاء ووقع في الدست وولى نظر المارستان ودرس بمدارس وولى نظر الديوان ووكالة بيت المال ونظر الخزانة. قال ابن كثير انتهت إليه رياسة المذهب تدريسا وافتاء ومناظرة وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيله الذي منعه الرقاد وعبارته الرايقة وكلماته الفائقة ولم يسمع أحد من الناس يدرس أحسن منه ولا سمعت أحلى من عبارته وجودة تقريره وصحة ذهنه وقوة قريحته انتهى
ثم لما ولي قضاء حلب وطلبه الناصر على البريد ليوليه قضاء دمشق فتوجه إلى القاهرة فمات في الطريق فيقال أنه مات مسموما وروى أنه لما مرض قال أنا ميت ولا أتولى بعد قضاء حلب شيئا لأنه كان لي شيخ أدخلني الخلوة وأمرني بصيام ثلاثة أيام أفطر فيها على الماء واللبان فاتفق آخر الثلاث يوم النصف من شعبان فخيل إلى وأنا في الصلاة قبة عظيمة بين السماء والأرض وظاهرها مراقى فصعدت فكنت أرى على مرقاة مكتوباً نظر الخزانة وعلى آخر الوكالة وعلى آخر مدرسة كذا وعلى آخر مرقاة قضاء حلب وأفقت من غيبتي وعدت إلى حسيى فقال لي الشيخ القبة الدنيا والمراقي المراتب والذي رأيته تناله كله فكان كذلك وكان موته في سادس عشر رمضان سنة 727 سبع وعشرين وسبعمائة ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 212

وقاضي القضاة شيخ الشافعية كمال الدين أبو المعالي محمد بن علي ابن عبد الواحد بن الزملكان الأنصاري

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 237

محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم كمال الدين بن الزملكاني
العلامة، قاضي القضاة بحلب في آخر عمره قال الذهبي: عالم العصر من بقايا المجتهدين ومن أذكياء أهل زمانه. درس بالشامية البرانية، والظاهرية الجوانية، والرواحية وغيرها، وأفتى، وصنف، وتخرج به الأصحاب وسمع وكتب الطباق بخطه وقرأ الأصول على الصفى الهندى والعربية على بدر الدين بن مالك، ولد سنة سبع وستين وستمائة، ورد على ابن تيمية في مسألة الطلاق والزيارة، وله ’’تفضيل البشر على الملك’’، وقطعة من شرح منهاج النووي، وله النظم والنثر من ذلك تلك الأبيات التي أرسلها للقاضي شرف الدين البارزى في مدح توضيحه وهى مشهورة ومنها:

مات سنة سبع وعشرين وسبعمائة ببلبيس من أعمال القاهرة، كان طلب إليها فمات قبل أن يدخلها، ثم حمل ودفن بجوار تربة الشافعي ومن فوائده في تفسير قوله تعالى: {الْتَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} الآية في الجواب على الحكمة في ترك العطف في جميع الصفات، وعطف النهى عن المنكر على الأمر بالمعروف بالواو، وقالا عندى فيه وجه حسن: وهو أن النهى والأمر ضدان فلهذا أتى بالعطف بخلاف الباقي فإنه كالوصف، ثم أوضح ذلك.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1