ابن الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الانصاري، كمال الدين، المعروف بابن الزملكاني: فقيه، انتهت اليه رياسة الشافعية في عصره. ولد وتعلم بدمشق. وتصدر للتدريس والافتاء، وولي نظر ديوان (الافرم) ونظر الخزانة ووكالة بيت المال. وكتب في ديوان الانشاء. ثم ولي القضاء في حلب فاقام سنتين، وطلب لقضاء مصر، فقصدها، فتوفي في بلبيس ودفن بالقاهرة. له رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألتي (الطلاق والزيارة) وتعليقات على (المنهاج) للنووي، وكتاب في (التاريخ) و (عجالة الراكب في ذكر اشرف المناقب -ط) و (تحقيق الاولى من أهل الرفيق الاعلى -خ).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 284
الشمس كمال الدين الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الشيخ الإمام العلامة المفتي قاضي القضاة ذو الفنون جمال الإسلام كمال الدين أبو المعالي ابن الزملكاني الأنصاري السماكي الدمشقي كبير الشافعية في عصرة والفضلاء في دهره، كأنما عناه الغزي بقوله:
لم يبرح الفقه روضا فاق فيك له | سحابة ورده منها وعبهره |
ذو الدرس سهل المعاني في جزالته | يكاد يحفظه من لا يكرره |
أما الجدال فميدان فوارسه | تقر أنك دون الناس عنتره |
فلا تسأل عن الروض النضير | ولا عن طلعة القمر المنير |
أهواك يا ربة الأستار أهواك | وإن تباعد عن مغناي مغناك |
وأعمل العيس والأشواق ترشدني | عسى يشاهد معناكي معناك |
تهوي بها البيد لا تخشى الضلال وقد | هدت ببرق الثنايا الغر مضناك |
تشوقها نسمات الصبح سارية | تسوقها نحو رؤياكي برياك |
يا ربة الحرم العالي الأمين لمن | وافاه من أين هذا الأمن لولاك |
أن شبهوا الخال بالمسك الذكي فهـ | ـذا الخال من دونه المحكي والحاكي |
أفدي بأسود قلبي نور أسوده | من لي بتقبيله من بعد يمناك |
إني قصدتك لا ألوي على بشر | ترمي النوى بي سراعا نحو مرماك |
وقد حططت رحالي في حماك عسى | تحط أثقال أوزاري بلقياك |
كما حططت بباب المصطفى أملي | وقلت للنفس بالمأمول بشراك |
محمد خير خلق الله كلهم | وفاتح الخير ماحي كل إشراك |
سما بأخمصه فوق السماء فكم | أوطا أسافلها من علو أفلاك |
ونال مرتبة ما نالها أحد | من أنبياء ذوي فضل وأملاك |
يا صاحب الجاه عند الله خالقه | ما رد جاهك إلا كل أفاك |
أنت الوجيه على رغم العدى أبدا | أنت الشفيع لفتاك ونساك |
يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة | ولا شفى الله يوما قلب مرضاك |
ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا | ومن أعانك في الدنيا ووالاك |
يا أفضل الرسل يا مولى الأنام ويا | خير الخلائق من إنس وأملاك |
ها قد قصدتك أشكو بعض ما صنعت | بي الذنوب وهذا ملجأ الشاكي |
قد قيدتني ذنوب عن بلوغ مدى | قصدي إلى الفوز منها فهي أشراكي |
فاستغفر الله لي واسأله عصمته | فيا بقي وغنى من غير إمساك |
عليك من ربك الله الصلاة كما | منا عليك السلام الطيب الزاكي |
يا سائق الظعن قف بي هذه الكثب | عساي أقضي بها ما للهوى يجب |
وارفق قليلا لكي تروي الثرى سحب | من ناظري بمزن منه تنسكب |
فثم حي حياتي في خيامهم | فالموت أن بعدوا والعيش أن قربوا |
لي فيهم قمر القلب منزله | لكن طرفي له بالبعد يرتقب |
لدن القوام رشيق القد ذو هيف | تغار من لينه الأغصان والقضب |
حلو المقبل معسول مراشفه | يجول فيها رضاب طعمه الضرب |
لا غروان راح نشوانا ففي فمه | خمر ودر ثناياه لها حبب |
ولائم لامني في البعد عنه وفي | قلبي من الشوق نيران لها لهب |
فقلت أن صروف الدهر تصرفني | عما أروم فما لي في النوى سبب |
ومذ رماني زماني بالبعاد ولم | يرحم خضوعي ولما يبق لي نشب |
يا حاكم الحكام يا من به | قد شرقت رتبته الفاخره |
ومن سقى الشهباء مذ حلها | بحار علم وندى زاخره |
نزلت في الفردوس فأبشر به | دارك في الدنيا وفي الآخره |
بلغا القاصدين أن الليالي | قبضت جملة العلى بالكمال |
وقفا في مدارس العقل والنقـ | ـل ونوحا معي على الأطلال |
سائلاها عسى يجيب صداها | أين ولى مجيب أهل السؤال |
أين ولى بحر العلوم وأبقى | بين أجفاننا الدموع لآلي |
أين ذاك الذهن الذي قد ورثنا | عنه ما في الحشا من الاشتغال |
أين تلك الأقلام يوم انتصار | كعوالي الرماح يوم النزال |
ينقل الناس عن حديث هداها | طرق العلم عن متون العوالي |
وتفيد الجنا من اللفظ حلوا | حين كانت نوعا من العسال |
فلم يزل يبتزه دهره | ما فيه من بطش وعود صليب |
فلم يزل يبتزه دهره | ما فيه من بطش وعود صليب |
في الدهر شيء عجيب | مرآه يقذي اللواحظ |
ابن الرزيز خطيب | وابن العديسة واعظ |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 4- ص: 0
الشيخ كمال الدين الزملكاني محمد بن علي.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0
الزملكاني الشيخ كمال الدين قاضي القضاة محمد بن علي
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 2- ص: 384
محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري السماكي الدمشقي الزملكاني، الشيخ، الإمام، العالم العلامة، ذو الفنون، الذكي النحرير، شيخ الشافعية في عصره، كمال الدين أبو المعالي قاضي القضاة بحلب.
سمع من أبي الغنائم بن علان، والفخر علي، وابن الواسطي، وابن القواس، ويوسف بن المجاور، وعدة، وطلب الحديث.
وكان فصيحا في قراءته متسرعا. قال شيخنا شمس الدين الذهبي: له خبرة بالمتون، تفقه على الشيخ تاج الدين الفزاري وأفتى وله نيف وعشرون سنة، وسمي بالشيخ وعمره عشرون سنة.
وقرأ العربية على الشيخ بدر الدين بن مالك، وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخوييي وشمس الدين الأيكي.
وقرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي أول قدومه البلاد، أما لما عاد لم يقرأ عليه، وقرأ على قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي.
وأخبرني شيخنا نجم الدين بن الكمال الصفدي، قال: قلت له: فرطت في المنطق، قال: كان في طلبي له تلك الأيام شخص يعرف بالإفسنجي، وكنت قد درست وتميزت، أو قال، فكنت أتردد إليه على كره مني، والعلم في نفسه صعب، وعبارة الأفسنجي فيها عجمة، فإذا أردت منه زيادة بيان، أو قلت له: ما ظهر لي، جثا وأدار وجهه عني، فأنفت من تلك الحالة، وبطلت الاشتغال، أو كما قال.
قلت: أغناه فكره الصائب وذهنه الثاقب عن ذلك، لأن المنطق علم عقل لا نقل، على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الدين وأصول الفقه، فالمنطق نحو المعاني، كما أن النحو منطق الألفاظ، وابن الزملكاني كان يعرف المنطق على وجه كلي، كما أن امرأ القيس وغيره من فصحاء قريش يعرفون النحو على وجه كلي، وقال ابن سينا: واضع النحو والعروض في اللغة العربية يشبه واضع المنطق والموسيقا في اللغة اليونانية.
قلت: لعمري هذا تشبيه من عرف حقيقة هذه العلوم الأربعة، ولقد أورد بعض الأفاضل على تعلق المنطق: إن كانت هذه الآلات من الفطريات فليستغن عن تعلمها، وإلا افتقرت إلى آلة أخرى، ودار وتسلسل، وأجابه المنتصرون بأن بعضها فطري وبعضها كسبي، فاندفع الإشكال.
قلت: بل الإشكال باق على حاله، فنقول فيما هو فطري ما قلناه أولا، وفيما هو كسبي ما قلناه أولا، وما كان الشيخ في ذلك بحيث إنه يجهل معرفة التصور والتصديق، ودلالة المطابقة، ودلالة التضمن، ودلالة الالتزام، والضرب من الشكل المنتج والكاذب، ومواد البرهان، والمقدم والتالي، وقياس الخلف، وغير ذلك مما يدخل في الأصولين، بل كان يعرف ذلك معرفة جيدة تامة يتسلط بها على باقي الفن، أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا، وقلت أنا في مقتضى حال الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى:
أغناه ثاقب ذهنه وذكاؤه | عن أن يقلد في الأنام سواه |
من كان كالشمس المنيرة ذهنه | فجميع ما تحوي العلوم يراه |
لم يبرح الفقه روضا فاق فيك له | سحابة ورده منها وعبهره |
ذو الدرس سهل المعاني في عبارته | يكاد يحفظه من لا يكرره |
أما الجدال فميدان فوارسه | تقر أنك دون الناس عنتره |
تناول من لطافته نهارا | وفرق فوقه ليلا بهيما |
يا حاكم الحكام يا من به | قد شرفت رتبته الفاخره |
ومن سقى الشهباء إذ حلها | بحار علم وندى زاخره |
نزلت في الفردوس فابشر به | دارك في الدنيا وفي الآخره |
طباع الزملكي لها مثال | كعقرب أخفيت في البيت معنا |
فما مرت بشيء قط إلا | وتضربيه سريعا لا لمعنى |
يا واحد العصر ثاني البدر في شرف | وثالث العمرين السالفين هدى |
تيسيرك الشامل الحاوي الوجيز له | نهاية لم تنلها غاية أبدا |
محرر خص بالفتح العزيز ففي | تهذيبه المقصد الأسنى لمن قصدا |
وقد سمت همتي أن أصطفيه بها | وأن أعلمه الأهلين والولدا |
فانعم به نسخة مقابلة | ولاح نورك في أثنائها أبدا |
لا زلت بحر علوم طاب مورده | وكل ظمآن علم منه قد وردا |
أهواك يا ربة الأستار أهواك | وإن تباعد عن مغناي مغناك |
وأعمل العيس والأشواق ترشدني | عسى يشاهد معناك معناك |
تهوي بها البيد لا تخشى الضلال وقد | هدت ببرق الثنايا الغر مضناك |
تشوقها نسمات الصبح سارية | تسوقها نحو رؤياك برياك |
يا ربة الحرم العالي الأمين لمن | وافاه من أين هذا الأمن لولاك |
إن شبهوا الخال بالمسك الذكي فهـ | ـذا الخال من رؤية المحكي والحاكي |
أفدي بأسود قلبي نور أسوده | من لي بتقبيله من بعد يمناك |
إني قصدتك لا ألوي على بشر | ترمي النوى لي سريعا نحو مرماك |
وقد حططت رحالي في حماك عسى | تحط أثقال أوزاري بلقياك |
كما حططت بباب المصطفى أملي | وقلت للنفس بالمأمول بشراك |
محمد خير خلق الله كلهم | وفاتح الخير ماحي كل إشراك |
سما بأخمصه فوق السماء فكم | أوطا أسافلها من علو أفلاك |
ونال مرتبة ما نالها أحد | من أنبياء ذوي فضل وأملاك |
يا صاحب الجاه عند الله خالقه | ما ود جاهك إلا كل أفاك |
أنت الوجيه على رغم العدا أبدا | أنت الشفيع لفتاك ونساك |
يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة | ولا شفى الله يوما قلب مرضاك |
ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا | ومن أعانك في الدنيا ووالاك |
يا أفضل الرسل يا مولى الأنام ويا | خير الخلائق من إنس وأملاك |
ها قد قصدتك أشكو بعض ما صنعت | في الذنوب وهذا ملجأ الشاكي |
قد قيدتني ذنوبي عن بلوغ مدى | قصدي إلى الفوز منها فهي أشراكي |
فاستغفر الله لي واسأله عصمته | فيما بقي وغنى من غير إمساك |
عليك من ربك الله الصلاة كما | منا عليك السلام الطيب الزاكي |
يا سائق الظعن قف بي هذه الكثب | عساي أقضي بها ما للهوى يجب |
وارفق قليلا لكي تروي الثرى سحب | من ناظري بمزن منه تنسكب |
فثم حي حياتي في خيامهم | فالموت إن بعدوا والعيش إن قربوا |
لي فيهم قمر والقلب منزله | لكن طرفي له بالبعد يرتقب |
لدن القوام رشيق القد ذو هيف | تغار من لينه الأعطاف والقضب |
حلو المقبل معسول مراشفه | يجول فيها رضاب طعمه الضرب |
لا غرو إن راح نشوانا ففي فمه | خمر ودر ثناياه لها حبب |
ولائم لا مني في البعد عنه وفي | قلبي من الشوق نيران لها لهب |
فقلت: إن صروف الدهر تصرفني | عما أروم فما لي في النوى سبب |
ومذ رماني زماني بالبعاد ولم | يرحم خضوعي ولم يبق لي نشب |
بلغا القاصدين أن الليالي | قبضت جملة العلا بالكمال |
وقفا في مدارس العقل والنقـ | ـل ونوحا معي على الأطلال |
سائلاها عسى يجيب صداها | أين ولى مجيب أهل السؤال |
أين ولى بحر العلوم وأبقى | بين أجفاننا الدموع لآلي |
أين ذاك الذهن الذي قد ورثنا | عنه ما في الحشا من الاشتعال |
أين تلك الأقلام يوم انتصار | كعوالي الرماح يوم النزال |
ينقل الناس عن طريق هداها | طرق العلم عن متون العوالي |
وتفيد الجنا من اللفظ حلوا | حين كانت نوعا من العسال |
فلم يزل يبتزه دهره | ما فيه من بطش وعود صليب |
فلم يزل يبتزه دهره | ما فيه من بطش وعود صليب |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 624
محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري الدمشقي ابن الزملكاني كمال الدين أبو المعالي ولد في شوال سنة 667 وسمع من المسلم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس وغيرهم وطلب الحديث وقتا وقرأ بنفسه وكان فصيح القراءة سريعها له خبرة بالمتون وتفقه على الشيخ تاج الدين ابن الفركاح وأخذ العربية عن بدر الدين ابن مالك وأخذ عن الخوئي والأيكي وابن الزكي وغيرهم قال الكمال الادفوي أحد المتقدمين في الفتوى والتدريس والمشاورين في المجالس والمرجوع إليه في المناظرة وكان ذكي الفطرة نافذ الذهن فصيح العبارة قال الصلاح الصفدي قال لي نجم الدين ابن الكمال الصفدي قلت للشيخ كمال الدين فرطت في المنطق فقال كان في طلبي له شخص يقال له الأقشنجي وكنت قد تميزت ودرست والعلم المذكور صعب وعبارة الشيخ فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أدار وجهه فأنفت منه تركته وحفظ الشيخ كمال الدين أشياء من المختصرات وكتب الخط المنسوب وأطلق عليه الذهبي عالم العصر وامير الشافعية قال وكان بصيرا بالمذهب وأصوله قوي العربية ذكيا فطنا فقيه النفس له اليد البيضاء في النظم والنثر وكان يضرب بذكائه المثل أفتى وله نيف وعشرون سنة وتخرج عليه غالب علماء العصر ولم يروا مثل كرم نفسه وعلو همته وتجمله في مأكله وملبسه وكان يزهزه لطلبته ويعظمهم وينوه بهم وكان لا يعيب على أحد من التلامذة بل أن رآه قاصر الذهن أبعده إلى غيره وإذا رآه ماهرا قربه ونوه به وعرف بقدره وسعى له ورفع درجته وصنف رسالة في الرد على ابن تيمية في الطلاق وأخرى في الرد عليه في الزيارة وعلق على المنهاج وكان يلقي دروسه في النهاية لإمام الحرمين ولما دخل ديوان الإنشاء كان رابع أربعة فنكت عليه بعضهم بذلك فعمل رسالة في ذلك نظما ونثرا ووقع في الدست مدة وولي نظر المرستان سنة 707 ودرس بالشامية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر وكالة بيت المال ونظر الخزانة ثم صرف عن نظر الأفرم بزين الدين ابن عدلان وعن وكالة بيت المال قال ابن كثير انتهت اليه رئاسة المذهب تدريسا وإفتاء ومناظرة وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيله الذي منعه الرقاد وعبارته الرائقة وألفاظه الفائقة قال ولم أسمع أحدا من الناس يدرس أحسن منه ولا سمعت أحلى من عبارته وجودة تقريره واحترازاته وصحة ذهنه وقوة قريحته - انتهى وله نظم وسط وسيرة الورى من نظمه ثم ولي قضاء حلب في سنة 24 ثم صرف عنها فدخل إلى دمشق سنة 27 وطلبه الناصر على البريد ليوليه قضاء دمشق فتوجه إلى القاهرة فمات ببلبيس فيقال مات مسموما وكان كثير التخيل فكان يتأذى من أصحابه ويعاديهم ويعادونه وعمل عليه مرات بسبب ذلك وكانت وفاته في سادس عشر شهر رمضان سنة 727 وحمل من بلبيس إلى القرافة فدفن بالقرب من الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قرأت في كتاب العثماني قاضي صفد كتب المنسوب حتى قيل ما كتب على النجم ابن البصيص أحسن منه وكتب الكوفي طبقة وكان حسن الشكل بهي المنظر فصيحا من رآه أحبه وذكر العثماني عن ولده أنه لما مرض قال أنا ميت لا محالة ولا أتولى بعد قضاء حلب شيئا لأنه كان لي شيخ أدخلني الخلوة وامرني بصيام ثلاثة أيام افطر فيها على الماء واللبان الذكر فاتفق آخر الثلاث يوم النصف من شعبان فخيل إلي وأنا قائم في الصلاة قبة عظيمه بين السماء والارض وظاهرها مراق فصعدت فكنت أرى على مرقاة مكتوبا نظر الخزانة وعلى أخرى الوكالة وعلى أخرى مدرسة كذا وعلى آخر مرقاة قضاء حلب وأفقت من غيبتي وعدت إلى حسي فقال لي الشيخ القبة الدنيا والمراقي المراتب وهذا الذي رأيته تناله كله فكان كذلك وقال اليوسفي لما عزل الناصر الزرعي عن قضاء دمشق وولى الجلال القزويني كتب معه تقليد ابن الزملكاني بقضاء حلب وكان بلغ الناصر أن قاضيها في السياق فامتنع ابن الزملكاني من قبول الولايه فغضب منه النائب وأمر بعزله من جميع وظائفه فما مضى إلا القليل حتى ورد الخبر بموت قاضيها فقبل ابن الزملكاني الولاية حينئذ وعظم قدره عند النائب لكونه امتنع من قبول الولاية عن رجل حتى مات
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 2- ص: 0
محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني الإمام العلامة المناظر
سمع من يوسف بن المجاور وأبي الغنائم بن علان وعدة مشايخ
وطلب الحديث بنفسه وكتب الطباق بخطه
وقرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي والنحو على الشيخ بدر الدين ابن مالك
وولد في شوال سنة سبع وستين وستمائة
ودرس بالشامية البرانية والرواحية والظاهرية الجوانية وغيرها بدمشق
ثم ولي قضاء حلب
وصنف الرد على ابن تيمية في مسئلتي الطلاق والزيارة وكتابا في تفضيل البشر على الملك جود فيه وشرح من منهاج النووي قطعا متفرقة
ذكره شيخنا الذهبي في المعجم المختص فقال شيخنا عالم العصر وكان من بقايا المجتهدين ومن أذكياء أهل زمانه درس وأفتى وصنف وتخرج به الأصحاب
انتهى
وذكره الشيخ جمال الدين بن نباتة في كتاب سجع المطوق فقال أما وغصون أقلامه المثمرة بالهدى وسطور فتاويه الموضحة للحق طرائق قددا وخواطره التي تولدت فكانت الأنجم مهودا ومآثره التي ضربت رواق العز وكانت المجرة طنبا وكان الفجر عمودا ومناظراته التي أسكتت المناظرين فكأنما ضربت سيوفهم المجردة لألسنتهم قيودا
إن الآداب لتحركني لمدحه والأدب يحثني على السكون وإني لأعق محاسنه إذا أردت برها بالوصف ومن البر ما يكون
جل عن مذهب المديح فقد كاد | يكون المديح فيه هجاء |
قضى وما قضيت منك لبانات | متيم عبثت فيه الصبابات |
ما فاض من جفنه يوم الرحيل دم | إلا وفي قلبه منكم جراحات |
أحبابنا كل عضو في محبتكم | كليم وجد فهل للوصل ميقات |
غبتم فغابت مسرات القلوب فما | أنتم برغمي ولا تلك المسرات |
يا حبذا في الصبا عنكم بقاء هوى | وفي بروق الغضا منكم إنابات |
وحبذا زمن اللهو الذي انقرضت | أوقاته الغر والأعوام ساعات |
أيام ما شعر البين المشت بنا | ولا خلت من مغاني الأنس أبيات |
حيث الشباب قضاياه منفذة | وحيث لي في الذي أهوى ولايات |
ورب حانة خمار طرقت بها | حانت ولا طرقت للقصف حانات |
سبقت قاصد مغناها وكنت فتى | إلى المدام له بالسبق عادات |
أعشو إلى ديرها الأقصى وقد لمعت | تحت الدجى فكأن الدير مشكاة |
وأكشف الحجب عنها وهي صافية | لم يبق في دنها إلا صبابات |
راح زحفت على جيش الهموم بها | حتى كأن سنا الأكواب رايات |
مصونة السرح باتت دون غايتها | حاجات قوم وللحاجات أوقات |
تجول حول أوانيها أشعتها | كأنما هي للكاسات كاسات |
كأنها في أكف الطائفين بها | نار يطوف بها في الأرض جنات |
مبلبل الصدغ طوع الوصل منعطف | كأن أصداغه للعطف واوات |
ترنحت وهي في كفيه من طرب | حتى لقد رقصت تلك الزجاجات |
وقمت أشرب من فيه وخمرته | شربا تشن به في العقل غارات |
وينزل اللثم خديه فينشدها | هي المنازل لي فيها علامات |
سقيا لتلك اللييلات التي سلفت | فإنما العمر هاتيك اللييلات |
عنت لها كل أوقات السرور كما | عنت لفضل كمال الدين سادات |
حبر رأينا يقين الجود من يده | وأكثر الجود في الدنيا حكايات |
سما على الخلق واستسقوا مواهبه | لا غرو أن تسقي الأرض السموات |
واستأنف الناس للأيام طيب ثنا | من بعد ما كثرت فيها الشكايات |
لا يختشي فوت جدوى كفه بشر | كأن جدواه أرزاق وأوقات |
ولا تزحزح من فضل شمائله | كأنها لبدور الفضل هالات |
يا شاكي الدهر يممه وقد غفرت | من حول أبوابه للدهر زلات |
ويا أخا السعي في علم وفي كرم | هذي الهدايا وهاتيك الهديات |
لا تطلبن من الأيام مشبهه | ففي طلابك للأيام إعنات |
ولا تصخ لأحاديث الذين مضوا | ألوى العنان بما تملي الروايات |
طالع فتاويه واستنزل فتوته | تلق الإفادات تتلوها الإفادات |
وحبر الوصف في فضل لصاحبه | يكاد ينطق بالوصف الجمادات |
حامي الديار بأقلام لها مدد | من الهدى واسمه في الطرس مدات |
قويمة تمنع الإسلام من خطر | فاعجب لها ألفات وهي لامات |
تعلمت بأس آساد وجود حيا | منذ اغتدت وهي للآساد غابات |
وعودت قتل ذي زيغ وذي خطل | كأنها من كسير الحظ فضلات |
وجاورت للآلي البحر فابتسمت | هنالك الكلمات الجوهريات |
أغر يهوي معاد القول فيه إذا | قيل المعادات أخبار معادات |
في كل معنى دروس من فوائده | ومن بوادر نعماه إعادات |
صلى وراء أياديه الحيا فعلى | تلك الأيادي من السحب التحيات |
وصد عما يروم اللوم نائله | ولا يفيد ولا تجدي الملامات |
يرام تأخير جدواه وهمته | تقول إيها وللتأخير آفات |
من معشر نجب ماتوا وتحسبهم | للمكرمات وطيب الذكر ما ماتوا |
ممدحين لهم في كل شارقة | بر وبين خبايا الليل إخبات |
تمت أئمة أوصاف الكمال كما | تمت بقافية المنظوم أبيات |
ما روضة قلدت أجياد سوسنها | من السحاب عقود لؤلئيات |
وخطت الريح خطا في مناهلها | كأن قطر الغوادي فيه جريات |
يرقى الحمام المصفى دوحها فلها | خلف الستور على العيدان رنات |
يوما بأهيج من أخلاقه نشرا | أيام تنكر أخلاق سريات |
ولا النجوم بأنأى من مراتبه | أيام تقتصر الأيدي العليات |
قدر علا فرأى في كل شمس ضحى | جماله فكأن الشمس مرآة |
وهمة ذكرها نام وأنعمها | فحيث ما كنت أنهار وجنات |
تأبى المدائح أن يمدح سواك بها | فتلك فيهم عوار مستردات |
الله جارك من عين الزمان لقد | تجمعت بالمعالي فيك أشتات |
جاورت بابك فاستصلحت لي زمني | حتى وفت وانتفت تلك العداوات |
ولاطفتني الليالي فهي حينئذ | من بعد أهلي عمات وخالات |
ونطقتني الأيادي بالعيون ثنا | فللكواكب كالآذان إنصات |
إلا ذوي كلم لو أن محتسبا | تكلمت من جميع القوم هامات |
يزاحمون بأشعار ملفقة | كأنهم بين أهل الشعر حشوات |
ويطرحون على الأبواب من حمق | قصائدا هي في التحقيق بايات |
من كل أبله لكن ما لفطنته | كالبله في هذه الدنيا إصابات |
يحم حين يعاني نظم قافية | عجزا فتظهر هاتيك الخرافات |
ويغتدي فكره المكدود في حرق | وقد أحاطت بما قال البرودات |
وقد يجيء بشعر بعد ذا حسن | لكن على كتفيه منه كارات |
أعيذ مجدك من ألفاظها فلها | جنى كأن معانيها جنايات |
إن لم يفرق بفضل بين نظمهم | وبين نظمي فما للفضل لذات |
خذها عروسا لها في كل جارحة | لواحظ وكؤوس بابليات |
أوردت سؤددك الأعلى مواردها | وللسها في بحار الأفق عبات |
نعم الفتى أنت يستصفى الكلام له | حتى يبين له في العقل سورات |
ويطرب المدح فيه حين أذكره | كأن منتصب الأقلام نايات |
ما بعد غيثك غيث يستجاد ولا | من بعد إثبات قولي فيك إثبات |
حزت المحامد حتى ما لذي شرف | من صورة الحمد لا جسم ولا ذات |
ما شان مدحي لكم ذكر المدام ولا | أضحت جوامع لفظي وهي حانات |
ولا طرقت حمى خمارة سحرا | ولا اكتست لي بكاس الراح راحات |
وإنما أسكر الجلاس من أدب | يدور منه على الأكياس كاسات |
عن منظر الروض يغنيني القريض وعن | رقص الزجاجات تلهيني الحرازات |
عشوت منها إلى نور الكمال ولم | يدر على خاطري دير ومشكاة |
كم قد صفت لقلوب القوم أوقات | وكن تقضت لهم بالليل لذات |
والليل دسكرة العشاق يجمعهم | ذكر الحبيب وصرف الدمع كاسات |
ماتوا فأحياهم إحياء ليلهم | ومن سواهم أناس بالكرى ماتوا |
لما تجلى لهم والحجب قد رفعت | تهتكوا وصبت منهم صبابات |
وغيبتهم عن الأكوان في حجب | وأظهرت سر معناهم إشارات |
ساقي القلوب هو المحبوب يشهده | صيت لهم بقيام الليل عادات |
إذا صفا الوقت خافوا من تكدره | وللوصال من الهجران آفات |
وهو إذا احتاج إلى مال البشر | أحق من مالكه بلا نظر |
لأنه أولى بذي الإيمان | من نفسه بالنص في القرآن |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 9- ص: 190
محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري كمال الدين بن الزملكاني عالم بمصر من بقايا المجتهدين، وأذكياء أهل زمانه.
ولد بدمشق سنة 667 قرأ الأصول على الصفي الهندي، والنحو على بدر الدين: ابن مالك، وألف عدة تصانيف.
توفي سنة 727
دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 2- ص: 0
محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم، قاضي القضاة جمال الإسلام علم السنة شيخنا جمال الدين أبو المعالي الأنصاري الزملكاني الدمشقي الشافعي ولد سنة سبع وستين وست مائة.
وسمع من ابن علان، والفخر علي، وطائفة، وتفقه بالشيخ تاج الدين، درس وأفتى وصنف، وتخرج به الأصحاب، وولي المناصب الكبار، ثم تحول إلى قضاء البلاد الحلبية، سمعت منه في الأنصاري والأربعين العالية له، وحدثت عنه بحضرته، وكان ذكيا مجتهدا من أئمة السنة.
مات ببلبيس في رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مائة.......
مكتبة الصديق، الطائف - المملكة العربية السعودية-ط 1( 1988) , ج: 2- ص: 244
محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الدمشقي ابن الزملكاني كمال الدين
ولد في شهر شوال سنة 667 سبع وستين وستمائة وسمع من المسلم ابن علان وابن الواسطي وابن القواس وغيرهم وطلب الحديث بنفسه وكان فصيح القراءة سريعها له خبرة بالمتون وتفقه على الشيخ تاج الدين ابن الفركاج وأخذ العربية عن بدر الدين بن مالك قال الأدفوئي هو أحد المتقدمين في الفتاوى والتدريس والمجالس والمرجوع إليهم في المناظرة وكان ذكى الفطرة نافذ الذهن فصيح العبارة وأطلق عليه الذهبي عالم العصر وكبير الشافعية قال وكان بصيراً بالمذهب وأصوله قوي العربية ذكيا فطنا فقيه النفس له اليد البيضاء في النظم والنثر وكان يضرب بذكائه المثل افتى وله نيف وعشرين سنة وتخرج غالب علماء العصر عليه ولم يروا غيره في كرم نفسه وعلو همته وتجمله في مأكله وملبسه وصنف رسالة في الرد على ابن تيمية في الطلاق وأخرى في الرد عليه في الزيارة وعلق على المنهاج وكان يلقي دروسه في النهاية لإمام الحرمين ودخل ديوان الإنشاء ووقع في الدست وولى نظر المارستان ودرس بمدارس وولى نظر الديوان ووكالة بيت المال ونظر الخزانة. قال ابن كثير انتهت إليه رياسة المذهب تدريسا وافتاء ومناظرة وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيله الذي منعه الرقاد وعبارته الرايقة وكلماته الفائقة ولم يسمع أحد من الناس يدرس أحسن منه ولا سمعت أحلى من عبارته وجودة تقريره وصحة ذهنه وقوة قريحته انتهى
ثم لما ولي قضاء حلب وطلبه الناصر على البريد ليوليه قضاء دمشق فتوجه إلى القاهرة فمات في الطريق فيقال أنه مات مسموما وروى أنه لما مرض قال أنا ميت ولا أتولى بعد قضاء حلب شيئا لأنه كان لي شيخ أدخلني الخلوة وأمرني بصيام ثلاثة أيام أفطر فيها على الماء واللبان فاتفق آخر الثلاث يوم النصف من شعبان فخيل إلى وأنا في الصلاة قبة عظيمة بين السماء والأرض وظاهرها مراقى فصعدت فكنت أرى على مرقاة مكتوباً نظر الخزانة وعلى آخر الوكالة وعلى آخر مدرسة كذا وعلى آخر مرقاة قضاء حلب وأفقت من غيبتي وعدت إلى حسيى فقال لي الشيخ القبة الدنيا والمراقي المراتب والذي رأيته تناله كله فكان كذلك وكان موته في سادس عشر رمضان سنة 727 سبع وعشرين وسبعمائة ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 212
وقاضي القضاة شيخ الشافعية كمال الدين أبو المعالي محمد بن علي ابن عبد الواحد بن الزملكان الأنصاري
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 237
محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم كمال الدين بن الزملكاني
العلامة، قاضي القضاة بحلب في آخر عمره قال الذهبي: عالم العصر من بقايا المجتهدين ومن أذكياء أهل زمانه. درس بالشامية البرانية، والظاهرية الجوانية، والرواحية وغيرها، وأفتى، وصنف، وتخرج به الأصحاب وسمع وكتب الطباق بخطه وقرأ الأصول على الصفى الهندى والعربية على بدر الدين بن مالك، ولد سنة سبع وستين وستمائة، ورد على ابن تيمية في مسألة الطلاق والزيارة، وله ’’تفضيل البشر على الملك’’، وقطعة من شرح منهاج النووي، وله النظم والنثر من ذلك تلك الأبيات التي أرسلها للقاضي شرف الدين البارزى في مدح توضيحه وهى مشهورة ومنها:
أهواك يا ربّة الأستار أهواك | وإن تباعد عن مَغَنَاى مَغناكِ |
واعمل العيس والأشواق تحملني | عينى يشاهد معناى مُعنَّاكِ’’. |
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1