ابن مقلة محمد بن علي بن الحسين بن مقلة، ابو علي: وزير، من الشعراء الادباء، يضرب بحسن خطه المثل. ولد في بغداد، وولي جباية الخراج في بعض اعمال فارس. ثم استوزره المقتدر العباسي سنة 316هـ ، ولم يلبث ان غضب عليه فصادره ونفاه إلى فارس (سنة 318) واستوزره القاهر بالله سنة 320 فجيء به من بلاد فارس، فلم يكد يتولى الاعمال حتى اتهمه القاهر بالمؤامرة على قتله، فاختبأ (سنة 321) واستوزره الراضي بالله سنة 322 ثم نقم عليه سنة 324 فسجنه مدة، واخلي سبيله. ثم علم انه كتب إلى احد الخارجين عليه يطمعه بدخول بغداد، فقبض عليه يده اليمنى، فكان يشد القلم على ساعده ويكتب به، فقطع لسانه (سنة 326) وسجنه، فلحقه في حبسه شقار شديد حتى كان يستقي الماء بيده اليسرى ويمسك الحبل بفمه. ومات في سجنه. قال الثعالبي: من عجائبه انه تقلد الوزارة ثلاث دفعات، لثلاثة من الخلفاء، وسافر في عمره ثلاث سفرات اثنتان في النفي إلى الشيراز والثالثة إلى الموصل، ودفن بعد موته ثلاث مرات.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 273
محمد بن علي بن الحسن بن مقلة الوزير أبو علي صاحب الخط المنسوب: ولي بعض أعمال فارس وتنقلت به الأعمال والأحوال حتى وزر للمقتدر سنة ست عشرة، فقبض عليه بعد عامين وصادره ونفاه إلى فارس، ثم استوزره القاهر بالله ونكبه، ثم وزر للراضي قليلا وأمسكه سنة أربع وعشرين وضرب بالسياط وعلق وصودر وأخذ خطه بألف ألف دينار ثم تخلص. ثم ان ابن رائق لما تمكن احتاط على ضياعه وأملاكه فكتب ابن مقلة إلى الراضي أنه إن مكن من ابن رائق خلص منه ثلاثة آلاف ألف دينار فأجابه، فلما حضر إليه حبسه، واطلع ابن رائق على الخبر فقطع يده وحبسه، فندم الراضي وداواه، فكان ينوح على يده ويبكي ويقول: كتبت بها القرآن وخدمت بها الخلفاء تقطع مثل اللصوص؟! وكان يشد القلم على يده ويكتب، فأخذ يراسل الراضي ويطمعه في الأموال، فلما قرب بجكم أحد خواص ابن رائق من بغداد أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة، فقطع ولحقه ذرب ومات في السجن سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ومولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
وقال أبو الحسن ثابت بن قرة الطبيب: كنت أدخل إليه السجن فيشكو إلي فأعزيه وأقول: هذا انتهاء المكروه وخاتمة القطوع، فينشدني:
إذا ما مات بعضك فابك بعضا | فإن البعض من بعض قريب |
ما سئمت الحياة لكن توثق | ت بأيمانهم فبانت يميني |
بعت ديني لهم بدنياي حتى | حرموني دنياهم بعد ديني |
ولقد حطت ما استطعت بجهدي | حفظ أرواحهم فما حفظوني |
ليس بعد اليمين لذة عيش | يا حياتي بانت يميني فبيني |
وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة | في شامخ من عزه المتمنع |
قالت لي النفس العروف بقدرها | ما كان أولاني بهذا الموضع |
لست ذا ذلة إذا عضني الده | ر ولا شامخا إذا واتاني |
انا نار في مرتقى نفس الحا | سد ماء جار مع الإخوان |
كذا قضى الله للأقلام مذ بريت | ان السيوف لها مذ أرهفت خدم |
وقالوا العزل للوزراء حيض | لحاه الله من حيض بغيض |
ولكن الوزير أبا علي | من اللائي يئسن من المحيض |
أحببت شكوى العين من أجلها | لأنها تستر وجدي بها |
كنت إذا أرسلت لي دمعة | قال أناس ذاك من حبها |
فصرت أبكي الآن مسترسلا | أحيل بالدمع على سكبها |
استشعر الكتاب فقدك سالفا | وقضت بصحة ذلك الأيام |
فلذاك سودت الدوي كآبة | أسفا عليك وشقت الأقلام |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2574
ابن مقلة الوزير الكبير، أبو علي محمد بن علي بن حسن بن مقلة.
ولد بعد سنة سبعين ومائتين.
وروى عن: أبي العباس ثعلب، وأبي بكر بن دريد.
روى عنه: عمر بن محمد بن سيف، وأبو الفضل محمد بن الحسن بن المأمون، وعبد الله بن علي بن عيسى بن الجراح، ومحمد بن أحمد بن ثابت.
قال الصولي: ما رأيت وزيرا منذ توفي القاسم بن عبيد الله أحسن حركة، ولا أظرف إشارة، ولا أملح خطا، ولا أكثر حفظا، ولا أسلط قلما، ولا أقصد بلاغة، ولا آخذ بقلوب الخلفاء، من ابن مقلة. وله علم بالإعراب، وحفظ للغة، وتوقيعات حسان.
قال ابن النجار: أول تصرفه كان مع محمد بن داود بن الجراح، وعمره ست عشرة سنة وأجري له في كل شهر ستة دنانير، ثم انتقل إلى ابن الفرات، فلما وزر ابن الفرات أحسن إليه، وجعله يقدم القصص، فكثر ماله إلى أن قال: فلما استعفى ابن عيسى من الوزارة، أشير على المقتدر بالله بابن مقلة، فولاه في ربيع الأول سنة، ثم عزل سنة 31 بعد سنتين وأربعة أشهر، ثم لما قتل المقتدر، وبويع القاهر، كان ابن مقلة بشيراز منفيا، فأحضر القاهر وزير المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد، وعرفه أنه قد استوزر أبا علي، فاستخلفه له إلى أن يقدم، فقدم أبو علي يوم النحر سنة عشرين، فدام إلى أن استوحش من القاهر، فاستتر بعد تسعة أشهر، ثم إنه أفسد الجند على القاهر، وجمع كلمتهم على خلعه وقتله، فتم ذلك لهم.
وبويع الراضي، فآمن أبا علي، فظهر، ووزر، ثم عزل بعد عامين، واستتر، ثم كتب إلى الراضي بالله أن يستحجب بجكم عوض ابن رائق، وأن يعيده إلى الوزارة، وضمن له مالا، وكتب إلى بجكم، فأطمعه الراضي حتى حصل عنده، واستفتى الفقهاء، فأفتوا بقطع يده. فقطع في شوال، سنة ست وعشرين وثلاث مائة. ثم كان يشد القلم على ساعده، ويكتب خطا جيدا. وكتب أيضا باليسرى.
وقيل: إنه كاتب يطلب الوزارة. فلما قرب بجكم من بغداد، طلب أبا علي، فقطع لسانه وسجن مدة، ولحقه ذرب. وكان يستقي بيساره، ويمسك الحبل بفمه، وقاسى بلاء إلى أن مات. ودفن في دار السلطنة، ثم سأل أهله فنبش، وسلم إليهم، فدفنه ابنه أبو الحسين في داره.
قال: الحسن بن علي بن مقلة: كان أبو علي الوزير، يأكل يوما، فلما غسل يده، وجد نقطة صفراء من حلو على ثوبه ففتح الدواة، فاستمد منها وطمسها بالقلم وقال: ذاك عيب. وهذا أثر صناعة.
إنما الزعفران عطر العذارى | ومداد الدواة عطر الرجال |
إذا أتى الموت لميقاته | فخل عن قول الأطباء |
وإن مضى من أنت صب به | فالصبر من فعل الألباء |
ما مر شيء ببني آدم | أمر من فقد الأحباء |
ما مللت الحياة لكن توثقـ | ـت بأيمانهم فبانت يميني |
لقد أحسنت ما استطعت بجهدي | حفظ أيمانهم فبانت يميني |
بعت ديني لهم بدنياي حتى | حرموني دنياهم بعد ديني |
ليس بعد اليمين لذة عيش | يا حياتي بانت يميني فبيني |
قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا | واصبر فإنك في أضغاث أحلام |
تبني بأنقاض دور الناس مجتهدا | دارا ستهدم أيضا بعد أيام |
ما زلت تختار سعد المشتري لها | فلم توق به من نحس بهرام |
إن القران وبطليموس ما اجتمعا | في حال نقض ولا في حال إبرام |
لئن قطعوا يمنى يديه لخوفهم | لأقلامه لا للسيوف الصوارم |
فما قطعوا رأيا إذا ما أجاله | رأيت المنايا في اللحى والغلاصم |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 460