ابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي، ابو القاسم المعروف بابن الحنفية: احد الابطال الاشداء في صدر الاسلام. وهو اخو الحسن والحسين، غير ان امهما فاطمة الزهراء، وامه خولة بنت جعفر الحنفية، ينسب اليها تمييزا له عنهما. وكان يقول: الحسن والحسين افضل مني، وانا اعلم منهما. كان واسع العلم، ورعا، اسود اللون. واخبار قوته وشجاعته كثيرة. وكان المختار الثقفي يدعو الناس إلى امامته، ويزعم انه المهدي. وكانت الكيسانية (من فوق الاسلام) تزعم انه لم يمت وانه مقيم برضوي. مولده ووفاته في المدينة. وقيل: خرج إلى الطائف هاربا من ابن الزبير، فمات هناك. وللخطيب علي بن الحسين الهاشمي النجفي كتاب (محمد بن الحنفية -ط) في سيرته.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 270

ابن الحنيفة اسمه محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 264

ابن علي بن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو القاسم ابن الحنفية واسمها خولة بنت جعفر من سبي اليمامة.
ولد في صدر الخلافة عمر بن الخطاب ورأى عمر وروى عن أبيه وعثمان وعمار وأبي هريرة وغيرهم وروى عه الجماعة، صرع مروان يوم الجمل وجلس على صدره فلما وفد على ابنه ذكره بذلك فقال: عفوا يا أمير المؤمنين، فقال: والله ما ذكرت ذلك وأنا أريد أن أكافيك به.
سمته شيعته المهدي وهم يزعمون أنه لم يمت، ومن شيعته كثير عزة والسيد الحميري ومن قول كثير الشاعر فيه:

قلت: هذا فيه نظر لأن السبط هو ابن البنت فأما الحسن والحسين رضي الله عنهما فولدا بنت رسول الله وأما محمد هذا فإنه من الحنفية وليس من فاطمة رضي الله عنها. ولما تطاول مقام محمد بن الحنفية على زعمهم برضوى قال السيد الحميري:
وكان السيد الحميري يعتقد أنه لم يمت وأنه في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
ويقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: سيولد لك بعدي غلام وقد نحلته اسمي وكنيتي ولا يحل لأحد من أمتي بعده، وممن تسمى محمدا واكتنى بأبي القاسم: محمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن طلحة بن عبيد الله ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ومحمد بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن حاطب بن أبي بلتعة ومحمد بن الأشعث بن قيس.
وكان محمد بن الحنفية شديد القوى وله في ذلك أخبار عجيبة، حكى المبرد في الكامل أن أباه عليا استطال درعا كانت له فقال له يقص منها كذا وكذا حلقة فقبض محمد بإحدى يديه على ذيلها وبالأخرى على فضلها ثم جذبها فقطعها من الموضع الذي حده أبوه، وكان عبد الله بن الزبير إذا حدث بهذا الحديث غضب واعتراه أفكل وهي الرعدة لأنه كان يحسده على قوته وكان عبد الله أيضا شديد القوى.
وقال ابن سعد: جاء رجل إلى ابن الحنفية فسلم عليه وقال له: كيف أنتم؟ فقال محمد: إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا. وكان يقول: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا.
وكتب ملك الروم إلى عبد الملك يتهدده ويتوعده ويحلف أنه يبعث إليه مائة ألف في البر ومائة ألف في البحر أو يؤدي له الجزية، فكتب إلى الحجاج أن اكتب إلى ابن الحنفية وتوعده وتهدده ثم أخبرني بما يكتب إليك، فكتب الحجاج إليه يتوعده بالقتل فكتب إليه ابن الحنفية: إن لله في خلقه في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة وأنا أرجو أن الله ينظر إلي نظرة يمنعني بها منك، فكتب الحجاج بكتابه إلى عبد الملك فكتب عبد الملك نسخته إلى ملك الروم فقال ملك الروم: ما خرج هذا منك ولا من أهل بيتك ما خرج إلا من بيت النبوة.
وكان يخضب بالحناء والكتم فقيل له: أكان أبوك يخضب؟ فقال: لا، قيل: فما بالك؟ قال: أتشبب النساء. وكان يلبس الخز ويتعمم عمامة سوداء ويتختم في يساره وكان يطلي رأس أمه ويمشطها. وسيأتي ذكر ولده عبد الله أبي هاشم المنسوب إليه الفرقة الهاشمية من الإمامية في حرف العين في مكانه إن شاء الله تعالى.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 4- ص: 0

ابن الحنفية اسمه محمد بن علي.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

ابن الحنفية وابناه السيد، الإمام أبو القاسم، وأبو عبد الله محمد بن الإمام علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب شيبة بن هاشم عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، الهاشمي، المدني، أخو الحسن والحسين.
وأمه: من سبي اليمامة زمن أبي بكر الصديق، وهي خولة بنت جعفر الحنفية.
فروى الواقدي، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء، قالت: رأيت الحنفية وهي سوداء مشرطة حسنة الشعر اشتراها علي بذي المجاز مقدمه من اليمن فوهبها لفاطمة فباعتها فاشتراها مكمل الغفاري فولدت له عونة.
وقيل: بل تزوج بها مكمل، فولدت له عونة وقيل: إن أبا بكر وهبها عليا.
ولد في العام الذي مات فيه أبو بكر.
ورأى عمر، وروى عنه، وعن: أبيه، وأبي هريرة، وعثمان، وعمار بن ياسر، ومعاوية، وغيرهم.
حدث عنه: بنوه عبد الله، والحسن، وإبراهيم، وعون، وسالم بن أبي الجعد، ومنذر الثوري، وأبو جعفر الباقر وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعمرو بن دينار، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وآخرون.
ووفد على معاوية، وعبد الملك بن مروان. وكانت الشيعة في زمانه تتغالى فيه، وتدعي إمامته، ولقبوه: بالمهدي، ويزعمون أنه لم يمت.
قال أبو عاصم النبيل: صرع محمد بن علي مروان يوم الجمل، وجلس على صدره. قال فلما وفد على عبد الملك قال له أتذكر يوم جلست على صدر مروان قال عفوا يا أمير المؤمنين قال: أم والله ما ذكرته لك وأنا أريد أن أكافئك لكن أردت أن تعلم أني قد علمت.
الواقدي: حدثنا معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: لما صار محمد بن علي إلى المدينة، وبنى داره بالبقيع، كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه، فأذن له، فوفد عليه في سنة ثمان وسبعين إلى دمشق، فأنزله بقربه. وكان يدخل على عبد الملك في إذن العامة، فيسلم مرة ويجلس، ومرة ينصرف. فلما مضى شهر، كلم عبد الملك خاليا، فذكر قرابته ورحمه وذكر دينا فوعده بقضائه ثم قضاه وقضى جميع حوائجه.
قلت: كان مائلا لعبد الملك، لإحسانه إليه، ولإساءة ابن الزبير إليه.
قال الزبير بن كبار: سمته الشيعة المهدي. فأخبرني عمي مصعب، قال: قال كثير عزة:

فقيل له: ألقيت كعبا؟ قال قلته بالتوهم. وقال أيضا:
وقد رواها: عمر بن عبيدة لكثير بن كثير السهمي.
قال الزبير: كانت شيعة ابن الحنفية يزعمون أنه لم يمت.
وفيه يقول السيد الحميري:
وللسيد الحميري:
قال محمد بن سعد: مولده في خلافة أبي بكر.
الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت رأيت محمد بن الحنفية سندية سوداء كانت أمة لبني حنيفة لم تكن منهم وإنما صالحهم خالد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم.
وكناه عمر الضرير، والبخاري: أبا القاسم.
قال فطر بن خليفة، عن منذر، سمع ابن الحنفية يقول: كانت رخصة لعلي، قال: يا رسول الله إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: ’’نعم’’.
وقال يزيد بن هارون أنبأنا أبو مالك الأشجعي، حدثنا سالم بن أبي الجعد: أنه كان مع محمد بن الحنفية في الشعب فقلت له ’’ذات يوم’’: يا أبا عبد الله وكناه بها.
النسائي، وأبو أحمد، وروى ابن حميد: حدثنا سلمة الأبرش، حدثنا زهير عن يحيى بن سعيد: قلت لابن المسيب: ابن كم كنت في خلافة عمر؟ قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافته فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية فقال: ذاك مولدي.
روى الربيع بن منذر الثوري عن أبيه قال: وقع بين علي وطلحة كلام، فقال طلحة: لجرأتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سميت باسمه وكنيت بكنيته، وقد نهى أن يجمعهما أحد.
قال: إن الجريء من اجترأ على الله ورسوله، اذهب يا فلان، فادع لي فلانا وفلانا -لنفر من قريش- فجاؤوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي، ولا تحل لأحد من أمتي بعده’’ رواه: ثقتان عن الربيع وهو مرسل.
زيد بن الحباب: حدثنا الربيع بن منذر، حدثنا أبي، سمعت ابن الحنفية يقول: دخل عمر، وأنا عند أختي أم كلثوم فضمني، وقال: ألطفيه بالحلواء.
سالم بن أبي حفصة، عن منذر عن أبي الحنفية قال: حسن وحسين خير مني ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما وإني صاحب البغلة الشهباء.
قال إبراهيم بن الجنيد: لا نعلم أحد أسند عن علي أكثر ولا أصح مما أسند ابن الحنفية.
إسرائيل، عن عبد الأعلى: أن محمد بن علي كان يكنى: أبا القاسم، وكان ورعا، كثير العلم.
وقال خليفة: قال أبو اليقظان: كانت راية علي -رضي الله عنه- لما سار من ذي قار، مع ابنه محمد.
ابن سعد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر، عن منذر الثوري، قال: كنت عند محمد بن الحنفية، فقال: ما أشهد على أحد بالنجاة ولا أنه من أهل الجنة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا على أبي فنظر إليه القوم فقال من كان في الناس مثل علي سبق له كذا.
سبق له كذا.
أبو شهاب الحناط، عن ليث عن محمد الأزدي عن ابن الحنفية قال أهل بيتين من العرب يتخذهما الناس أندادا من دون الله نحن وبنو عمنا هؤلاء يريد بني أمية.
أبو نعيم: حدثنا عبثر أبو زبيد عن سالم بن أبي حفصة عن منذر أبي يعلى عن محمد قال نحن أهل بيتين من قريش نتخذ من دون الله أندادا نحن وبنو أمية.
أبو نعيم: حدثنا إسماعيل بن مسلم الطائي عن أبيه قال كتب عبد الملك من عبد الملك أمير المؤمنين إلى محمد بن علي فلما نظر محمد إلى عنوان الكتاب قال إنا لله الطلقاء ولعناء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنابر والذي نفسي بيده إنها لأمور لم يقر قرارها.
قلت: كتب إليه يستميله فلما قتل ابن الزبير واتسق الأمر لعبد الملك بايع محمد.
الواقدي حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال ابن الحنفية وفدت على عبد الملك فقضى حوائجي وودعته فلما كدت أن أتوارى ناداني: يا أبا
القاسم، يا أبا القاسم. فرجعت، فقال: أما إن الله يعلم أنك يوم تصنع بالشيخ ما تصنع ظالم له- يعني: لما أخذ يوم الدار مروان، فدغته بردائه- قال عبد الملك: وأنا أنظر يومئذ ولي ذؤابة.
إبراهيم بن بشار: حدثنا ابن عيينة، سمع الزهري يقول: قال رجل لابن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرام لا يرمي فيها الحسن والحسين؟ قال؟ لأنهما كانا خديه، وكنت يده، فكان يتوقى بيديه عن خديه.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن كليب أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا ابن عرفة، حدثنا ابن مبارك، عن الحسن بن عمرو، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، قال: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله من أمره فرجا أو قال: مخرجا.
وعن ابن الحنفية، قال: من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر وعنه: أن الله جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.
وروى الواقدي بإسناده، قال: لما جاء نعي معاوية إلى المدينة، كان بها الحسين، وابن الحنفية، وابن الزبير، وكان ابن عباس بمكة، فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة، وأقام ابن الحنفية، فلما سمع بدنو جيش مسرف زمن الحرة، رحل إلى مكة، وأقام مع ابن عباس. فلما مات يزيد، بويع ابن الزبير، فدعاهما إلى بيعته، فقالا: لا، حتى تجتمع لك البلاد فكان مرة يكاشرهما ومرة يلين لهما، ثم غلظ عليهما، ووقع بينهم حتى خافاه، ومعهما النساء والذرية فأساء جوارهم، وحصرهم وقصد محمدا، فأظهر شتمه وعيبه، وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم، وجعل عليهم الرقباء، وقال فيما يقول: والله لتبايعن، أو لأحرقنكم، فخافوا.
قال سليم أبو عامر: فرأيت ابن الحنفية محبوسا في زمزم، والناس يمنعون من الدخول عليه فقلت: والله لأدخلن عليه. فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟ قال: دعاني إلى البيعة، فقلت: إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك، فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني، فاذهب إلى ابن عباس فسلم عليه وقل: ما ترى؟ قال: فدخلت على ابن عباس، وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت؟ قلت: أنصاري قال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا. قلت: لا تخف أنا ممن لك كله. قال: هات فأخبرته فقال: قل له لا تطعه ولا نعمة عين
إلا ما قلت، ولا تزده عليه. فأبلغته، فهم ابن الحنفية أن يسير إلى الكوفة، وبلغ ذلك المختار، فثقل عليه قدومه، فقال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا، فيضربه رجل في السوق بالسيف لا يضره ولا يحيك فيه.
فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأقام، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة، فأعلمتهم ما أنت فيه. فبعث أبا الطفيل إلى شيعتهم، فقال لهم: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء. وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فقطع المختار بعثا إلى مكة، فانتدب معه أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وقال له: سر، فإن وجدت بني هاشم في حياة، فكن لهم عضدا، و ’’انفذ’’ لما أمروك به وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم، فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير، ثم لا تدع لآل الزبير شعرا ولا ظفرا، وقال: يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير، ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر وساروا حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث: عجلوا فما أراكم تدركونهم. فانتدب منهم ثمان مائة رأسهم عطية بن سعد العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فهرب إلى دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة- وقال أنا عائذ الله. قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب، فأحيط بهم حتى ساوى الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد فأخرناه عن الأبواب، وعجل علي بن عبد الله بن عباس، وهو يومئذ رجل، فأسرع في الحطب ليخرج، فأدماه. وأقبل أصحاب ابن الزبير، فكنا صفين، نحن وهم في المسجد نهارنا لا ننصرف إلى صلاة حتى أصبحنا وقدم الجدلي في الجيش فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير فقالا: هذا بلد حرمه الله، ما أحله لأحد إلا لنبيه ساعة فامنعونا وأجيرونا قال: فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرية تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم فأنزلوهم منى فأقاموا مدة ثم خرجوا إلى الطائف وبها توفي ابن عباس وصلى عليه محمد فبقينا معه فلما كان الحج وافى محمد بأصحابه فوقف ووقف نجدة بن عامر الحنفي في الخوارج ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة.
وعن محمد بن جبير: أن الذي أقام الحج ابن الزبير. وحج ابن الحنفية في الخشبية أربعة آلاف، نزلوا في الشعب الأيسر من منى، فخفت الفتنة، فجئت ابن الحنفية، فقلت: يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعر حرام في بلد حرام والناس وفد الله فلا تفسد عليهم حجهم فقال: والله ما أريد ذلك ولكني أدفع عن نفسي، وما أطلب هذا الأمرإلا أن لا يختلف علي فيه اثنان، فائت ابن الزبير وكلمه عليك، بنجدة، فكلمه. فجئت ابن الزبير،
فقال: أنا أرجع! قد اجتمع علي وبايعني الناس، وهؤلاء أهل خلاف. قلت: إن خيرا لك الكف. قال أفعل. ثم جئت نجدة الحروري، فأجده في أصحابه، وعكرمة عنده، فقلت: استأذن لي عليه قال فدخل فلم ينشب أن أذن لي فدخلت، فعظمت عليه، وكلمته فقال: أما أن أبتدئ أحدا بقتال، فلا قلت: إني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم فقالوا: لا نقاتل فلم أر في تلك الألوية أسكن من أصحاب ابن الحنفية. ووقفت تلك العشية إلى جنبه فلما غابت الشمس التفت إلي فقال يا أبا سعيد ادفع فدفعت معه فكان أول من دفع.
قال خليفة: في سنة خمس وستين دعا ابن الزبير ابن الحنفية إلى بيعته، فأبى، فحصره في شعب بني هاشم، وتوعدهم حتى بعث المختار أبا عبد الله الجدلي إلى ابن الحنفية في أربعة آلاف سنة ست فأقاموا معه حتى قتل المختار في رمضان سنة سبع وستين.
الواقدي: حدثني جعفر بن محمد الزبيري، عن عثمان بن عروة، عن أبيه. وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، وغيره، قالوا: كان المختار أشد شيء على ابن الزبير، وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لابن الحنفية ثم ظلمه وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إليه فيبايعونه سرا فشك قوم وقالوا أعطينا هذا عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية وهو بمكة ليس منا ببعيد فشخص إليه قوم فأعلموه أمر المختار فقال نحن قوم حيث ترون محبوسون وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن ولوددت أن الله انتصر لنا بمن يشاء فاحذروا الكذابين قال وكتب المختار كتابا على لسان ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاءه يستأذن وقيل المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له ورحب به فتكلم المختار وكان مفوها ثم قال إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت وقد كتب إليك المهدي كتابا وهؤلاء الشهود عليه فقالوا نشهد أن هذا كتابه ورأيناه حين دفعه إليه فقرأه إبراهيم ثم قال أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك ثم كان يركب إليه في كل يوم فزرع ذلك في الصدور وبلغ ذلك ابن الزبير فتنكر لابن الحنفية وجعل أمر المختار يغلظ وتتبع قتلة الحسين فقتلهم وجهز ابن الأشتر في عشرين ألفا إلى عبيد الله بن زياد، فظفر به ابن الأشتر، وبعث برأسه إلى المختار، فبعث به إلى ابن الحنفية وعلي بن الحسين، فدعت بنو هاشم للمختار وكان ابن الحنفية لا يحب كثيرا مما يأتي به وكتب المختار، إليه لمحمد المهدي من المختار الطالب بثأر آل محمد.
أبو غسان النهدي: حدثنا عمر بن زياد عن الأسود بن قيس قال لقيت رجلا من
عنزة فقال: انتهيت إلى ابن الحنفية، فقلت: السلام عليك يا مهدي. قال: وعليك السلام. قلت: إن لي حاجة. فلما قام، دخلت معه، فقلت: ما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الأعناق، وشردنا في البلاد، وأوذينا ولقد كانت تبلغنا عند أحاديث من وراء وراء، فأحببت أن أشافهك. فقال: إياكم وهذه الأحاديث، وعليكم بكتاب الله، فإنه به هدي أولكم وبه يهدى آخركم ولئن أوذيتم، لقد أوذي من كان خيرا منكم ولأمر آل محمد أبين من طلوع الشمس.
ابن عيينة حدثنا أبو الجحاف -شيعي- عن رجل من ’’أهل البصرة’’ قال: أتيت ابن الحنفية حين خرج المختار، فقلت إن هذا خرج عندنا يدعو إليكم، فإن كان أمركم، اتبعناه. قال سآمرك بما أمرت به ابني هذا، إنا -أهل بيت- لا نبتز هذه الأمة أمرها، ولا نأتيها من غير وجهها وإن عليا كان يرى أنه له ولكن لم يقاتل حتى جرت له بيعة.
ابن عيينة، عن ليث، عن منذر الثوري، عن محمد بن علي: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلا في دم امرئ مسلم فقلت: يطعن على أبيك قال: لا بايعه أولو الأمر، فنكث ناكث فقاتله وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد.
الثوري، عن الحارث الأزدي، قال: قال ابن الحنفية: رحم الله امرأ أغنى نفسه، وكف يده وأمسك لسانه وجلس في بيته، له ما احتسب، وهو مع من أحب إلا إن أعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين إلا إن لأهل الحق دولة يأتي بها الله إذا شاء فمن أدرك ذلك كان عندنا في السهم الأعلى، ومن يمت فما عند الله خير وأبقى.
أبو عوانة: حدثنا أبو حمزة قال: كانوا يقولون لابن الحنفية: سلام عليك يا مهدي. فقال: أجل أنا مهدي، أهدي إلى الرشد والخير، اسمي محمد. فقولوا: سلام عليك يا محمد، أو يا أبا القاسم.
روى الربيع بن منذر الثوري، عن أبيه، قال: قال محمد بن الحنفية: لوددت أني فديت شيعتنا هؤلاء ببعض دمي ثم قال: بحديثهم الكذب، وإذاعتهم السر، حتى لو كانت أم أحدهم لأغرى بها حتى تقتل.
قال ابن سعد: قتل المختار في سنة ثمان وستين وفي سنة تسع بعث ابن الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحنفية يقول: إني غير تاركك أبدا حتى تبايعني، أو أعيدك في الحبس، وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته، وأجمع أهل العراق علي، فبايع. فقال: يا عروة ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم، والاستخفاف بالحق وما أغفله عن تعجيل عقوبة الله! ما
يشك أخوك في الخلود، ووالله ما بعث المختار داعيا ولا ناصرا، ولهو -كان- أشد إليه انقطاعا منه إلينا، فإن كان كذابا، فطالما قربه على كذبه، وإن كان غير ذلك، فهو أعلم به، وما عندي خلاف ما أقمت، في جواره ولو كان، لخرجت إلى من يدعوني، ولكن ها هنا لأخيك قرن وكلاهما يقاتلان على الدنيا عبد الملك فلكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك وإني لأحسب ’’أن’’ جواره خير من جواركم، ولقد كتب إلي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه قال عروة: فما يمنعك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلي من صاحبك فقال بعض أصحاب ابن الحنفية: والله لو أطعتنا لضربنا عنقه. فقال: وعلى ماذا؟ رجل جاء برسالة من أخيه، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي سوى إنسان لما قاتلته. فانصرف عروة، وأخبر أخاه، وقال: ما أرى لك أن تعرض له، دعه فليخرج عنك، فعبد الملك أمامه، لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وهو فلا يبايعه أبدا حتى يجمع عليه الناس.
أبو عوانة، عن أبي جمرة، قال: سرنا مع ابن الحنفية من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس، وكان عبد الملك قد كتب له على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه، حتى يتفق الناس على رجل واحد، فإذا اصطلحوا على رجل بعهد الله وميثاقه .... -في كلام طويل- فلما قدم محمد الشام كتب إليه عبد الملك إما أن تبايعني وإما أن تخرج من أرضي ونحن يومئذ سبعة آلاف فبعث إليه على أن تؤمن أصحابي ففعل فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: الله ولي الأمور كلها وحاكمها، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن والذي نفس محمد بيده، ليعودن فيه الأمر كما بدأ، الحمد الله الذي حقن دماءكم وأحرز دينكم من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا، فليفعل، كل ما هو آت قريب عجلتم بالأمر قبل نزوله، والذي نفسي بيده، إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد، ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد أمر آل محمد مستأخر. قال: فبقي في تسع مائة، فأحرم بعمرة وقلد هديا فلما أردنا أن ندخل الحرم تلقتنا خيل ابن الزبير، فمنعتنا أن ندخل فأرسل إليه محمد لقد خرجت وما أريد قتالا ورجعت كذلك دعنا ندخل فلنقض نسكنا، ثم لنخرج عنك، فأبى قال: ومعنا البدن مقلدة، فرجعنا إلى المدينة، فكنا بها حتى قدم الحجاج، وقتل ابن الزبير، ثم سار إلى العراق، فلما سار، مضينا، فقضينا نسكنا، وقد رأيت القمل يتناثر من ابن الحنفية. قال: ثم رجعنا إلى المدينة، فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي إسنادها ثابت.
الواقدي: حدثنا موسى بن عبيدة، عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: وفدت مع أبان على عبد الملك وعنده ابن الحنيفة فدعا عبد الملك بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودعا بصيقل، فنظر، فقال: ما رأيت حديدة قط أجود منها. قال عبد الملك: ولا والله ما رأى الناس مثل صاحبها! يا محمد هب لي هذا السيف قال محمد: أينا أحق به، فليأخذه قال ’’عبد الملك’’: إن كان لك قرابة، فلكل قرابة فأعطاه محمد إياه ثم قال: يا أمير المؤمنين إن هذا -وأشار إلى الحجاج- قد استخف بي، وآذاني، ولو كانت خمسة دراهم أرسل إلي فيها. قال لا إمرة له عليك. فلما ولى محمد، قال عبد الملك للحجاج: أدركه فسل سخيمته فأدركه فقال: إن أمير المؤمنين قد أرسلني إليك لأسل سخيمتك، ولا مرحبا بشيء ساءك. قال ويحك يا حجاج! اتق الله، واحذره، ما من صباح إلا ولله في كل عبد من عباده ثلاث مائة وستون لحظة، إن أخذ أخذ بمقدرة وإن عفا عفا بحلم، فاحذر الله. فقال: لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه قال: وتفعل قال: نعم قال صرم الدهر.
الثوري، عن مغيرة، عن أبيه: أن الحجاج أراد يضع رجله على المقام فزجره ابن الحنفية ونهاه.
إسرائيل: حدثنا ثوير، قال: رأيت ابن الحنفية يخضب بالحناء والكتم.
وعن أبي مالك: أنه رأى ابن الحنفية يرمي الجمار على برذون أشهب.
وروى الثوري، عن الشيباني: رأيت على ابن الحنفية مطرف خز أصفر بعرفة.
وعن رشدين بن كريب: رأيت ابن الحنفية يعتم بعمامة سوداء، ويريخها شبرا أو دونه.
وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الحنيفة عمامة سوداء.
وقيل لابن الحنفية: لم تخضب؟ قال: أتشبب به للنساء.
أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد بن الحنفية فإذا هو مكحل مصبوغ اللحية بحمرة فرجعت فقلت لأبي بعثتني إلى شيخ؟! مخنث؟! قال: يا ابن اللخناء ذاك محمد بن علي.
قال ابن سعد: أنبأنا محمد بن الصلت، حدثنا ربيع بن منذر، عن أبيه قال: كنا مع ابن الحنفية فأراد أن يتوضأ فنزع خفيه ومسح على قدميه.
قلت: هذا قد يتعلق به الإمامية، وبظاهر الآية، لكن غسل الرجلين شرع لازم، بينه لنا الرسول -اللهم صل عليه- وقال: ’’ويل للأعقاب من النار’’، وعليه عمل الأمة، ولا اعتبار بمن شذ قال رافضي: فأنتم ترون مسح موضع ثلاث شعرات، بل شعرة من الرأس يجزئ، والنص فلا يحتمل هذا ولا يسمى من اقتصر عليه ماسحا لرأسه عرفا ولا رأينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد من أصحابه اجتزأ بذلك، ولا جوزه. فالجواب: أن الباء للتبعيض في قوله ’’برؤوسكم’’ وليس الموضع يحتمل تقريره هذه المسألة.
قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، قال: لم يبايع أبي الحجاج، لما قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه: أن قد قتل عدو الله فقال: إذا بايع الناس بايعت قال: والله لأقتلنك قال: إن لله في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، في كل لحظة ثلاث مائة وستون قضية، فلعله أن يكفيناك في قضية من قضاياه وكتب الحجاج فيه إلى عبد الملك بذلك، فأعجب عبد الملك قوله، وكتب بمثلها إلى طاغية الروم، وذلك أن صاحب الروم كتب إلى عبد الملك يتهدده بأنه قد جمع له جموعا كثيرة. وكتب إلى الحجاج: قد عرفنا أن محمدا ليس عنده خلاف، فارفق به، فسيبايعك. فلما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع له ابن عمر قال ابن عمر لمحمد: ما بقي شيء، فبايع. فكتب بالبيعة إلى عبد الملك، وهي أما بعد فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم فلما أفضى الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجل منهم فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه.
فكتب إليه عبد الملك: إنك عندنا محمود، أنت أحب إلينا، وأقرب بنا رحما من ابن الزبير، فلك ذمة الله ورسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء.
قال أبو نعيم الملائي: مات ابن الحنفية سنة ثمانين.
وقال الواقدي: أنبأنا زيد بن السائب، قال: سألت عبد الله بن الحنفية: أين دفن أبوك؟ قال بالبقيع سنة إحدى وثمانين، في المحرم، وله خمس وستون سنة، فجاء أبان بن عثمان والي المدينة ليصلي عليه، فقال أخي: ما ترى؟ فقال أبان: أنتم أولى بجنازتكم. فقلنا: تقدم، فصل، فتقدم.
الواقدي: حدثنا علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، سمعت ابن الحنفية سنة إحدى وثمانين يقول: لي خمس وستون سنة جاوزت سن أبي فمات تلك السنة.
وفيها أرخه أبو عبيد وأبو حفص الفلاس. وانفرد المدائني، فقال: مات سنة ثلاث وثمانين.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 55

محمد ابن الحنفية ومنهم الإمام اللبيب ذو اللسان، الخطيب، الشهاب الثاقب والنصاب العاقب، صاحب الإشارات الخفية والعبارات الجلية، أبو القاسم محمد ابن الحنفية
حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوف الأعرابي، عن ميمون، عن وردان قال: ’’كنت في العصابة الذين ابتدروا إلى محمد بن علي ابن الحنفية وكان ابن الزبير منعه أن يدخل مكة حتى يبايعه فأبى أن يبايعه، وأراد الشام أن يدخلها، فمنعه عبد الملك بن مروان أن يدخلها حتى يبايعه، فأبى فسرنا معه ولو أمرنا بالقتال لقاتلنا معه فجمعنا يوما، فقسم لنا فيئا يسيرا، ثم حمد الله تعالى فأثنى عليه، وقال: الحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بما تعرفون، ودعوا ما تنكرون، وعليكم أنفسكم ودعوا أمر العامة، واستقروا على أمرنا كما استقرت السماء والأرض فإن أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضاحية’’
حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث الجوهري، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبو عوانة، عن أبي حمزة قال: ’’كنت مع محمد بن علي، فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس بزيادة على أربعين ليلة، وكان عبد الملك قد كتب لمحمد ابن الحنفية عهدا على أن يدخل هو وأصحابه في أرضه
حتى يصطلح الناس على رجل، فلما قدم الشام بعث إليه محمد بن علي أن تؤمن أصحابي، ففعل، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: الله ولي الأمور كلها وحاكمها، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، إن كل ما هو آت قريب، عجلتم بالأمر قبل نزوله، والذي نفسي بيده إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد، ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد، فأمر آل محمد مستأخر، والذي نفسي بيده ليعودن فيكم كما بدأ، الحمد لله الذي حقن دماءكم، من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل، فانصرف عنه أصحابه وبقي معه تسعمائة رجل، فأحرم بعمرة وقلد هديا، فقدم مكة، ونحن معه، فلما أردنا أن ندخل مكة تلقتنا خيل ابن الزبير فمنعتنا أن ندخل، وأرسل إليه محمد بن علي لقد خرجت عنك، وما أريد أن أقاتلك، ورجعت وما أريد أن أقاتلك، دعنا فلندخل لنقضي نسكنا، ثم لنخرج عنك، فأبى ومنعنا الهدي، فرجع محمد بن علي إلى المدينة ورجعنا، فكنا بالمدينة حتى قتل ابن الزبير، فخرج إلى مكة وخرجنا معه، فنزل الشعب حتى قضينا نسكنا، وقد رأيت القمل يتناثر من محمد بن علي، فلما قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة، فمكث محمد بن علي ثلاث شهور ثم توفي رحمه الله’’
حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا أبو العباس الثقفي، ثنا محمد بن الصباح، ثنا جرير، عن عمرو بن ثابت قال: قال محمد ابن الحنفية: «ترون أمرنا لهو أبين من هذه الشمس، فلا تعجلوا ولا تقتلوا أنفسكم»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو خليفة، ثنا عبيد الله بن عائشة، ثنا عبد الله بن المبارك، عن الحسين بن عمر التيمي، عن منذر الثوري، قال: قال محمد ابن الحنفية: «ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد بدا من معاشرته حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا»
حدثنا أبو حامد، ثنا أبو العباس، ثنا علي بن سعيد البغدادي، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن سعيد بن الحسين، قال: قال لي محمد ابن الحنفية رحمه الله: «من كف يده ولسانه وجلس في بيته فإن ذنوب بني أمية أسرع عليهم من سيوف المسلمين»
حدثنا أحمد بن محمد بن سنان، ثنا محمد بن إسحاق السراج الثقفي، ثنا عمر بن الحسين، ثنا أبي، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين قال: ’’كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان يتهدده ويتوعده ويحلف له ليجعلن له مائة ألف في البر ومائة ألف في البحر، أو يؤدي إليه الجزية، فسقط في درعه، وكتب إلى الحجاج أن اكتب إلى ابن الحنفية فتهدده وتواعده، ثم أعلمني ما يرد عليك، فكتب الحجاج إلى ابن الحنفية بكتاب شديد يتهدده ويتواعده فيه بالقتل، قال: فكتب إليه ابن الحنفية: إن لله تعالى ثلاثمائة وستين لحظة إلى خلقه، وأنا أرجو أن ينظر الله عز وجل إلي نظرة يمنعني بها منك، قال: فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك بن مروان، فكتب عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم نسخته، فقال ملك الروم: ما هذا خرج منك، ولا أنت كتبت به، ما خرج إلا من بيت نبوة’’
حدثنا أبي وأبو محمد بن حيان، قالا: ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين، ثنا سعيد بن عمرو السكوني الحمصي، ثنا بقية بن الوليد، عن صفوان بن رستم الصوري، ثنا سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية، أنه قال: «لم يزل قوم من قبلكم يبحثون وينقرون حتى تاهوا، فكان الرجل إذا نودي من خلفه أجاب من أمامه، وإذا نودي من أمامه أجاب من خلفه»
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن عبد الله بن مصعب، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا مروان بن معاوية، ثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه قال: قال محمد ابن الحنفية: ’’يا منذر، قلت: لبيك، قال: كل ما لا يبتغى به وجه الله تعالى يضمحل’’
حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عيين، ثنا الحسين بن عبد الرحمن، حدثني أبو عثمان المؤذن قال: قال محمد ابن الحنفية: «من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر»
حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو بكر بن عيين، ثنا محمد بن عبد المجيد أنه سمع ابن عيينة يقول: قال محمد ابن الحنفية: «إن الله تعالى جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها» أسند محمد ابن الحنفية عن عدة من الصحابة، وعامة حديثه عند أولاده وروى عنه عمرو بن دينار ومنذر الثوري وعبد الله بن محمد بن عقيل ومحمد بن قيس بن مخرمة
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ومحمد بن علي بن حبيش قالا: ثنا أبو شعيب، ثنا عبد الله بن جعفر الرقي ثنا عبد الله بن عمرو، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن الزهري، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما، عن علي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم في غزوة خيبر نكاح المتعة»، هذا حديث صحيح متفق عليه رواه عن يحيى بن سعيد حماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي، ورواه عن الزهري، معمر ومالك وابن عيينة وعبيد الله بن عمر وعبد العزيز بن أبي سلمة وإسحاق بن راشد على اختلاف بينهم في روايتهم عن الزهري في الحسين وعبد الله، فمنهم من جمعهما، ومنهم من أفردهما ورواه عنتر بن القاسم عن سفيان الثوري عن مالك بن أنس عن الزهري، ورواه أبو سعد سعيد بن المرزبان البقال عن عبد الله، عن أبيه، عن علي نحوه
حدثنا أبو أحمد، ثنا فضيل بن محمد الملطي، ثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله تعالى في ليلة، أو قال في يومين»، هذا حديث غريب من حديث محمد رواه وكيع وابن نمير وأبو داود الحفري عن ياسين، ورواه محمد بن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم
حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، ثنا أحمد بن يحيى بن زهير، ثنا أبو كريب، ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن علي ابن الحنفية، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: ’’كثر على مارية أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم في قبطي، ابن عم لها، كان يزورها، ويختلف إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي: «خذ هذا السيف، فانطلق إليه فإن وجدته عندها فاقتله»، فقلت: يا رسول الله أكون في أمرك إذ أرسلتني كالسكة المحماة لا يثنيني شيء حتى أمضي لما أرسلتني به أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ قال: «بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب»، فأقبلت متوشحا السيف فوجدته عندها فاخترطت السيف، فلما أقبلت نحوه عرف أني أريده، فأتى نخلة فرقى فيها، ثم رمى بنفسه على قفاه، وشغر برجليه، فإذا هو أجب أمسح، ما له ما للرجال قليلا ولا كثيرا، فأغمدت سيفي، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت»، هذا غريب لا يعرف مسندا بهذا السياق إلا من حديث محمد بن إسحاق
حدثنا محمد بن علي بن حبيش في جماعة، قالوا: ثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا أبو جعفر النفيلي، أخبرنا يونس بن راشد، عن عون بن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالإثمد فإنه منبت للشعر مذهب للقذى، مصفاة للبصر»، هذا حديث غريب من حديث ابن الحنفية، لم يروه عنه إلا ابنه عون، ولا عنه إلا يونس
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، ثنا الحسين بن علي، عن محمد ابن الحنفية أنه سمع أباه عليا رضي الله تعالى عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء قدر ما يسعهم، فإن منعوهم حتى يجوعوا أو يعروا أو يجهدوا حاسبهم الله فيه حسابا شديدا، وعذبهم عذابا نكرا»، هذا حديث غريب من حديث محمد ابن الحنفية لا يعرف إلا من هذا الوجه
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا داود بن عبد الرحمن العطار، ثنا أبو عبد الله مسلم الرازي عن أبي عمرو البجلي، عن عبد الملك بن سفيان الثقفي، عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحب العبد المؤمن المفتقر التواب»، هذا حديث غريب من حديث محمد ابن الحنفية، تفرد به داود العطار
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا جعفر بن محمد بن عمران، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد البصري، سكن المغار، ثنا عمرو بن عاصم، ثنا حرب بن شريح، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: جعلت فداك، أرأيت هذه الشفاعة الذي تحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال: شفاعة ماذا؟ قلت: شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، قال: إي والله، حدثني عمي ابن محمد بن علي ابن الحنفية عن علي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’أشفع لأمتي حتى ينادي ربي عز وجل، أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم، يا رب رضيت ’’ ثم أقبل علي فقال: إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب الله عز وجل {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} [الزمر: 53] قلت: إنا لنقول ذلك، قال: لكنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله عز وجل {ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 5] وهي الشفاعة، هذا حديث لم نكتبه إلا من حديث حرب بن شريح ولا رواه عنه إلا عمرو بن عاصم، وهو بصري ثقة
حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا هشام بن سليمان، ثنا إبراهيم بن يزيد المكي، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’اخرج فأذن في الناس من الله، لا من رسوله: لعن الله قاطع السدر ’’، هذا حديث غريب من حديث الحسن بن محمد عن أبيه لم يروه عنه إلا عمرو ولا عنه إلا إبراهيم وهو المعروف بالجوزي، سكن مكة، كان ينزل شعب الجوز فنسب إليه
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد الواحد بن عتاب، ثنا عنبسة بن عبد الرحمن، ثنا علاق، عن محمد بن علي ابن الحنفية، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكرسي لؤلؤ، والقلم لؤلؤ، وطول القلم سبعمائة سنة، وطول الكرسي حيث لا يعلمه العالمون» هذا حديث غريب من حديث محمد بن علي، تفرد به عنبسة عن علاق، ويعرف بأبي مسلم
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا عبد الأعلى، ثنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرى جابرة لأهلها»، هذا حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير هذا الإسناد، وهو من حديث محمد ابن الحنفية، غريب تفرد به عنه ابن عقيل ورواه عن ابن عقيل، أيضا أحمد بن إسحاق

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 3- ص: 174

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 3- ص: 174

محمد ابن الحنفية وهو محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي

وأمه الحنفية خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى علي بن أبي طالب. رحمه الله.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا الحسن بن صالح قال: سمعت عبد الله بن الحسن يذكر أن أبا بكر أعطى عليا أم محمد ابن الحنفية.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء ابنة أبي بكر قالت: رأيت أم محمد ابن الحنفية سندية سوداء وكانت أمة لبني حنيفة ولم تكن منهم وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم.

أخبرنا الفضل بن دكين وإسحاق بن يوسف الأزرق قالا: حدثنا فطر بن خليفة [عن منذر الثوري قال: سمعت محمد ابن الحنفية قال: كانت رخصة لعلي قال: يا رسول الله إن ولد لي ولد بعدك أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك. قال: نعم].

أخبرنا محمد بن الصلت وخالد بن مخلد قالا: حدثنا الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه قال: وقع بين علي وطلحة فقال له طلحة: لا كجرأتك على رسول الله.

سميت باسمه وكنيت بكنيته وقد نهى رسول الله أن يجمعهما أحد من أمته بعده. فقال علي: إن الجريء من اجترأ على الله وعلى رسوله. اذهب يا فلان فادع لي فلانا وفلانا. لنفر من قريش. قال فجاؤوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: [نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي ولا تحل لأحد من أمتي بعده].

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إبراهيم بن عثمان قال: حدثنا أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد أن محمد بن علي كان يكنى أبا القاسم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم قال: كان محمد ابن الحنفية يكنى أبا القاسم.

أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الأعلى أن محمد بن علي كان يكنى أبا القاسم. وكان كثير العلم ورعا. فولد محمد ابن الحنفية عبد الله وهو أبو هاشم وحمزة وعليا وجعفرا الأكبر وأمهم أم ولد. والحسن بن محمد. وكان من ظرفاء بني هاشم وأهل العقل منهم وهو أول من تكلم في الإرجاء. ولا عقب له وأمه جمال ابنة قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي. وإبراهيم بن محمد وأمه مسرعة ابنة عباد بن شيبان بن جابر بن أهيب بن نسيب بن زيد بن مالك بن عوف بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر حليف بني هاشم. والقاسم بن محمد وعبد الرحمن لا بقية له. وأم أبيها وأمهم أم عبد الرحمن واسمها برة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم. وجعفرا الأصغر وعونا وعبد الله الأصغر وأمهم أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب. وعبد الله بن محمد ورقية وأمهما أم ولد.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا فطر بن خليفة عن منذر الثوري قال: سمعت محمد ابن الحنفية يقول. وذكر يوم الجمل قال: لما تصاففنا أعطاني علي الراية فرأى مني نكوصا لما دنا الناس بعضهم إلى بعض فأخذها مني فقاتل بها. قال فحملت يومئذ على رجل من أهل البصرة. فلما غشيته قال: أنا على دين أبي طالب.

فلما عرفت الذي أراد كففت عنه. [فلما هزموا قال علي: لا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا. وقسم فيؤهم] بينهم ما قوتل به من سلاح أو كراع. وأخذنا منهم ما أجلبوا به علينا من كراع أو سلاح.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الموال عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت محمد ابن الحنفية يقول: كان أبي يريد أن يغزو معاوية وأهل الشام فجعل يعقد لواءه ثم يحلف لا يحله حتى يسير. فيأبى عليه الناس وينتشر رأيهم ويجبنون فيحله ويكفر عن يمينه. حتى فعل ذلك أربع مرات. وكنت أرى حاله فأرى ما لا يسرني. فكلمت المسور بن مخرمة يومئذ وقلت له: ألا تكلمه أين يسير بقوم لا والله ما أرى عندهم طائلا؟ فقال المسور: يا أبا القاسم يسير لأمر قد حم. قد كلمته فرأيته يأبى إلا المسير.

قال محمد ابن الحنفية: فلما رأى منهم ما رأى قال: [اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني فأبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني].

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه عن محمد بن كعب القرظي قال: كان على رجالة علي يوم صفين عمار بن ياسر. وكان محمد ابن الحنفية يحمل رايته.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أحمد بن خازم عن عمرو بن شراحيل عن حنش بن عبد الله الصنعاني عن عبد الله بن زرير الغافقي. وقد كان شهد صفين مع علي. قال: لقد رأيتنا يوما والتقينا نحن وأهل الشام فاقتتلنا حتى ظننت أنه لا يبقى أحد. فأسمع صائحا يصيح: يا معشر المسلمين الله الله. من للنساء والولدان. من للروم. من للترك. من للديلم؟ الله الله والبقيا. فأسمع حركة من خلفي فالتفت فإذا علي يعدو بالراية يهرول بها حتى أقامها. ولحقه ابنه محمد فأسمعه يقول: يا بني الزم رأيتك فإني متقدم في القوم. فأنظر إليه يضرب بالسيف حتى يفرج له ثم يرجع فيهم.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا فطر بن خليفة عن منذر الثوري قال: كنت عند محمد ابن الحنفية فسمعته يقول: ما أشهد على أحد بالنجاة ولا أنه من أهل الجنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على أبي الذي ولدني. قال فنظر القوم إليه. قال: من كان في الناس مثل علي سبق له كذا سبق له كذا؟

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن محمد ابن الحنفية أنه قال وهو في الشعب: لو أن أبي عليا أدرك هذا الأمر لكان هذا موضع رحله.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أبو شهاب عن ليث عن محمد الأزدي عن ابن الحنفية قال: أهل بيتين من العرب يتخذهما الناس أندادا من دون الله.

نحن وبنو عمنا هؤلاء. يعني بني أمية.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا عبثر أبو زبيد عن سالم بن أبي حفصة عن منذر أبي يعلى عن محمد ابن الحنفية قال: نحن أهل بيتين من قريش نتخذ من دون الله أندادا. نحن وبنو أمية.

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي حمزة قال: كانوا يسلمون على محمد بن علي: سلام عليك يا مهدي. فقال: أجل أنا مهدي أهدي إلى الرشد والخير. اسمي اسم نبي الله وكنيتي كنية نبي الله. فإذا سلم أحدكم فليقل سلام عليك يا محمد. السلام عليك يا أبا القاسم.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا أبو العلاء الخفاف عن المنهال بن عمرو قال: جاء رجل إلى ابن الحنفية فسلم عليه فرد ع فقال: كيف أنت؟ فحرك يده فقال: كيف أنتم. أما آن لكم أن تعرفوا كيف نحن؟ إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون. كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم. وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا. فزعمت العرب أن لها فضلا على العجم فقالت العجم: وما ذاك؟ قالوا: كان محمد عربيا. قالوا: صدقتم. قالوا: وزعمت قريش أن لها فضلا على العرب فقالت العرب: وبم ذا؟ قالوا: قد كان محمد قرشيا.

فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس.

قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي قال: أخبرنا عمر بن زياد الهذلي عن الأسود بن قيس حدثه قال: لقيت بخراسان رجلا من عزة. قال قلت للأسود: ما اسمه؟ قال: لا أدري. قال: ألا أعرض عليك خطبة ابن الحنفية؟ قال قلت: بلى. قال: انتهيت إليه وهو في رهط يحدثهم فقلت: السلام عليك يا مهدي.

قال: وعليك السلام. قال قلت: إن لي إليك حاجة. قال: أسر هي أم علانية؟ قال قلت: بل سر. قال: اجلس. فجلست وحدث القوم ساعة ثم قام فقمت معه. فلما أن دخل دخلت معه بيته. قال: قل بحاجتك. قال فحمدت الله وأثنيت عليه وشهدت أن لا إله إلا الله وشهدت أن محمدا عبد الله ورسوله ثم قلت: أما بعد فو الله ما كنتم أقرب قريش إلينا قرابة فنحبكم على قرابتكم ولكن كنتم أقرب قريش إلى نبينا قرابة فلذلك

أحببناكم على قرابتكم من نبينا. فما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الأعناق وأبطلت الشهادات وشردنا في البلاد وأوذينا حتى لقد هممت أن أذهب في الأرض قفرا فأعبد الله حتى ألقاه لولا أن يخفى علي أمر آل محمد. وحتى هممت أن أخرج مع أقوام شهادتنا وشهادتهم واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون ونقيم. فقال عمر: يعني الخوارج. وقد كانت تبلغنا عنك أحاديث من وراء فأحببت أن أشافهك للكلام فلا أسأل عنك أحدا وكنت أوثق الناس في نفسي وأحبه إلي أن أقتدي به.

فأرى برأيك وكيف ترى المخرج. أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم. قال فحمد الله محمد بن علي وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم قال: أما بعد فإياكم وهذه الأحاديث فإنها عيب عليكم. وعليكم بكتاب الله تبارك وتعالى فإنه به هدي أولكم وبه يهدى آخركم. ولعمري لئن أوذيتم لقد أوذي من كان خيرا منكم. أما قيلك لقد هممت أن أذهب في الأرض قفرا فأعبد الله حتى ألقاه وأجتنب أمور الناس لولا أن يخفى علي أمور آل محمد. فلا تفعل فإنك تلك البدعة الرهبانية. ولعمري لأمر آل محمد أبين من طلوع هذه الشمس. وأما قيلك لقد هممت أن أخرج مع أقوام شهادتنا وشهادتهم واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون ونقيم.

فلا تفعل. لا تفارق الأمة. اتق هؤلاء القوم بتقيتهم. قال عمر: يعني بني أمية. ولا تقاتل معهم. قال قلت: وما تقيتهم؟ قال: تحضرهم وجهك عند عودتهم فيدفع الله بذلك عنك عن دمك ودينك وتصيب من مال الله الذي أنت أحق به منهم. قال قلت: أرأيت إن أطاف بي قتال ليس لي منه بد؟ قال: تبايع بإحدى يديك الأخرى لله.

وتقاتل لله. فإن الله سيدخل أقواما بسرائرهم الجنة وسيدخل أقواما بسرائرهم النار.

وإني أذكرك الله أن تبلغ عني ما لم تسمع مني أو أن تقول علي ما لم أقل. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر قال: حدثني سفيان. يعني ابن عيينة. قال: حدثني الأسود بن قيس عن رجل عن محمد ابن الحنفية قال: بايع بإحدى يديك على الأخرى وقاتل على نيتك.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا قيس عن سعيد بن مسروق عن منذر قال: سمعت محمد ابن الحنفية يقول: إن هذه لصاعقة لا يقوم لها شيء.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن محمد ابن الحنفية أنه قال له: الزم هذا المكان وكن حمامة من حمام الحرم حتى يأتي أمرنا فإن أمرنا إذا جاء فليس به خفاء كما ليس بالشمس إذا طلعت خفاء. وما يدريك إن قال لك الناس تأتي من المشرق ويأتي الله بها من المغرب. وما يدريك إن قال لك الناس تأتي من المغرب ويأتي الله بها من المشرق. وما يدريك لعلنا سنؤتى بها كما يؤتى بالعروس.

أخبرنا محمد بن الصلت قال: حدثنا الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه قال: قال ابن الحنفية: من أحبنا نفعه الله وإن كان في الديلم.

أخبرنا محمد بن الصلت قال: أخبرنا الربيع بن المنذر عن أبيه عن ابن الحنفية قال: وددت لو فديت شيعتنا هؤلاء ولو ببعض دمي. قال ثم وضع يده اليمنى على اليسرى على المفصل والعروق ثم قال: لحديثهم الكذب وإذاعتهم الشر حتى إنها لو كانت أم أحدهم التي ولدته أغرى بها حتى تقتل.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن الحارث الأزدي قال: قال ابن الحنفية: رحم الله امرأ أغنى نفسه وكف يده وأمسك لسانه وجلس في بيته. له ما احتسب وهو مع من أحب. ألا إن أعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين.

ألا إن لأهل الحق دولة يأتي بها الله إذا شاء. فمن أدرك ذلك منكم ومنا كان عندنا في السنام الأعلى. ومن يمت فما عند الله خير وأبقى.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا أبو شهاب عن الحسن بن عمرو عن أبي يعلى عن ابن الحنفية قال: من أحب رجلا لله لعدل ظهر منه وهو في علم الله من أهل النار آجره الله على حبه إياه كما لو كان أحب رجلا من أهل الجنة. ومن أبغض رجلا لله لجور ظهر منه وهو في علم الله من أهل الجنة آجره الله على بغضه إياه كما لو كان أبغض رجلا من أهل النار.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور قالت: كان المختار بن أبي عبيد مع عبد الله بن الزبير في حصره الأول أشد الناس معه ويريه أنه شيعة له. وابن الزبير معجب به ويحمل عليه فلا يسمع عليه كلاما.

وكان المختار يختلف إلى محمد ابن الحنفية. وكان محمد ليس فيه بحسن الرأي ولا يقبل كثيرا مما يأتي به. فقال المختار: أنا خارج إلى العراق. فقال له محمد: فاخرج وهذا عبد الله بن كامل الهمداني يخرج معك. وقال لعبد الله: تحرز منه واعلم أنه ليس له كبير أمانة. وجاء المختار إلى ابن الزبير فقال: اعلم أن مكاني من العراق أنفع لك من مقامي هاهنا. فأذن له عبد الله بن الزبير فخرج هو وابن كامل. وابن الزبير لا يشك في مناصحته. وهو مصر على الغش لابن الزبير. فخرجا حتى لقيا لاقيا بالعذيب فقال المختار: أخبرنا عن الناس. فقال: تركت الناس كالسفينة تجول لا ملاح لها. فقال المختار: فأنا ملاحها الذي يقيمها.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قدم المختار العراق اختلف إلى عبد الله بن مطيع. وهو والي الكوفة يومئذ لعبد الله بن الزبير. وأظهر مناصحة ابن الزبير وعابه في السر. ودعا إلى ابن الحنفية وحرض الناس على ابن مطيع. واتخذ شيعة. يركب في خيل عظيمة.

فلما رأى ذلك ابن مطيع خافه فهرب منه إلى عبد الله بن الزبير.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن عثمان بن عروة عن أبيه قال: وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة وغيرهما قالوا: كان المختار لما قدم الكوفة كان أشد الناس على ابن الزبير وأعيبه له. وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم. يعني ابن الحنفية. ثم ظلمه إياه. وجعل يذكر ابن الحنفية وحاله وورعه وأنه بعثه إلى الكوفة يدعو له. وأنه كتب له كتابا فهو لا يعدوه إلى غيره. ويقرأ ذلك الكتاب على من يثق به. وجعل يدعو الناس إلى البيعة لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه له سرا. فشك قوم ممن بايعه في أمره وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية. وابن الحنفية بمكة ليس منا ببعيد ولا مستتر. فلو شخص منا قوم إليه فسألوه عما جاء به هذا الرجل عنه. فإن كان صادقا نصرناه وأعناه على أمره. فشخص منهم قوم فلقوا ابن الحنفية بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه فقال: نحن حيث ترون محتسبون وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن بغير حق. ولوددت أن الله انتصر لنا بمن شاء من خلقه. فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم. فانصرفوا على هذا. وكتب المختار كتابا على لسان محمد ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر. وجاء فاستأذن عليه. وقيل المختار أمين آل محمد ورسوله. فأذن له وحياه ورحب به وأجلسه معه على فراشه. فتكلم المختار. وكان مفوها. فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد. وقد ركب منهم ما قد علمت. وحرموا ومنعوا حقهم وصاروا إلى ما رأيت. وقد كتب إليك المهدي كتابا. وهؤلاء الشهود عليه. فقال يزيد بن أنس الأسدي وأحمر بن شميط البجلي وعبد الله بن كامل الشاكري وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة: نشهد أن هذا كتابه قد شهدناه حين دفعه إليه. فقبضه إبراهيم وقرأه ثم قال: أنا أول من يجيب وقد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك وادع إلى ما شئت. ثم كان إبراهيم يركب إليه في كل يوم فزرع ذلك في صدور الناس. وورد الخبر على ابن الزبير فتنكر لمحمد ابن الحنفية. وجعل أمر المختار يغلظ في كل يوم ويكثر تبعه. وجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه فيقتلهم. ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفا إلى عبيد الله بن زياد فقتله وبعث برأسه إلى المختار فعمد إليه المختار فجعله في جونة. ثم بعث به إلى محمد ابن الحنفية وعلي بن الحسين وسائر بني هاشم. [فلما رأى علي بن حسين رأس عبيد الله ترحم على الحسين وقال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغذى. وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى. ولو لم يبق من بني هاشم أحد إلا قام بخطبة في الثناء على المختار والدعاء له وجميل القول فيه.] وكان ابن الحنفية يكره أمر المختار وما يبلغه عنه ولا يحب كثيرا مما يأتي به. وكان ابن عباس يقول: أصاب بثأرنا وأدرك وغمنا وآثرنا ووصلنا. فكان يظهر الجميل فيه للعامة. فلما اتسق الأمر للمختار كتب لمحمد بن علي المهدي: من المختار بن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمد. أما بعد فإن الله تبارك وتعالى لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم. وإن الله قد أهلك الفسقة وأشياع الفسقة وقد بقيت بقايا أرجو أن يلحق الله آخرهم بأولهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بن عثمان ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وإسحاق بن يحيى بن طلحة وهشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم والحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن جده وغيرهم أيضا قد حدثني قالوا: لما جاء نعي معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة كان بها يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الحنفية وابن الزبير. وكان ابن عباس بمكة. فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة. وأقام ابن الحنفية بالمدينة حتى سمع بدنو جيش مسرف وأيام الحرة فرحل إلى مكة فأقام مع ابن عباس. فلما جاء نعي يزيد بن معاوية وبايع ابن الزبير لنفسه ودعا الناس إليه دعا ابن عباس ومحمد ابن الحنفية إلى البيعة له فأبيا يبايعان له وقالا: حتى يجتمع لك البلاد ويتسق لك الناس. فأقاما على ذلك ما أقاما.

فمرة يكاشرهما ومرة يلين لهما ومرة يباديهما. ثم غلظ عليهما فوقع بينهم كلام وشر.

فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفا شديدا ومعهما النساء والذرية. فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الحنفية فأظهر شتمه وعيبه وأمره وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة. وجعل عليهم الرقباء وقال لهم فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار. فخافوا على أنفسهم.

قال سليم أبو عامر: فرأيت محمد ابن الحنفية محبوسا في زمزم والناس يمنعون من الدخول عليه فقلت: والله لأدخلن عليه. فدخلت فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟

فقال: دعاني إلى البيعة فقلت إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم.

فلم يرض بهذا مني. فاذهب إلى ابن عباس فأقرئه مني السلام وقل يقول لك ابن عمك ما ترى؟

قال سليم: فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر فقال: من أنت؟ فقلت: أنصاري. فقال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا ممن لك كله. قال: هات. فأخبرته بقول ابن الحنفية فقال: قل له لا تطعه ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تزده عليه. فرجعت إلى ابن الحنفية فأبلغته ما قال ابن عباس. فهم ابن الحنفية أن يقدم إلى الكوفة وبلغ ذلك المختار فثقل عليه قدومه فقال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا فيضربه رجل في السوق بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه. فبلغ ذلك ابن الحنفية فأقام فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة. فقدم عليهم فقال: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء القوم. وأخبرهم بما هم فيه من الخوف. فقطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف. فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له: سر فإن وجدت بني هاشم الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به.

وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شفرا ولا ظفرا. وقال: يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر. وسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث: أعجلوا فما أراكم تدركونهم. فقال الناس: لو أن أهل القوة عجلوا. فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة. ويقال بل تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ الله.

قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر لو أن نارا تقع فيه ما رثي منهم أحد حتى تقوم الساعة. فأخرناه عن الأبواب. وعجل علي بن عبد الله بن عباس. وهو يومئذ رجل. فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه. وأقبل أصحاب ابن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلا إلى صلاة حتى أصبحنا. وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نريح الناس من ابن الزبير. فقالا: هذا بلد حرمه الله. ما أحله لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة ما أحله لأحد قبله ولا يحله لأحد بعده. فامنعونا وأجيرونا. قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية. إن السرايا تغنم الذهب والفضة وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا. وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد ابن الحنفية. وبقينا مع ابن الحنفية. فلما كان الحج وحج ابن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الحنفية من الطائف في أصحابه. فوقف بعرفة. ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السنة في أصحابه من الخوارج فوقف ناحية. وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة فيمن معهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: وقفت في هذه السنة أربعة ألوية بعرفة: محمد ابن الحنفية في أصحابه على لواء قام عند حبل المشاة. وحج ابن الزبير في أصحابه معه لواء فقام مقام الإمام اليوم. ثم تقدم محمد ابن الحنفية بأصحابه حتى وقف حذاء ابن الزبير. ووافى نجدة الحروري في أصحابه ومعه لواء فوقف خلفهما. ووافت بنو أمية ومعهم لواء فوقفوا عن يسارهما.

فكان أول لواء أنغض لواء محمد ابن الحنفية. ثم تبعه نجدة. ثم لواء بني أمية. ثم لواء ابن الزبير واتبعه الناس.

أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني عبد الله بن نافع عن أبيه قال: لم يدفع ابن الزبير تلك العشية إلا بدفعه ابن عمر. فلما أبطأ ابن الزبير. وقد مضى ابن الحنفية

ونجدة وبنو أمية. قال ابن عمر: أينتظر ابن الزبير أمر الجاهلية؟ ثم دفع فدفع ابن الزبير على أثره.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان قال: سمعت ابن الحنفية يقول: دفعت من عرفة حين وجبت الشمس وتلك السنة فبلغني أن ابن الزبير يقول: عجل محمد عجل محمد. فعن من أخذ ابن الزبير الإغساق؟

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير عن أبيه قال: أقام الحج تلك السنة ابن الزبير وحج عامئذ محمد ابن الحنفية في الخشبية معه. وهم أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسرائيل عن ثوير قال: رأيت ابن الحنفية في الشعب الأيسر من منى في أصحابه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: خفت الفتنة فمشيت إليهم جميعا فجئت محمد بن علي في الشعب فقلت: يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعر حرام وبلد حرام. والناس وفد الله إلى هذا البيت. فلا تفسد عليهم حجهم. فقال: والله ما أريد ذلك وما أحول بين أحد وبين هذا البيت. ولا يؤتى أحد من الحاج من قبلي ولكني رجل أدفع عن نفسي من ابن الزبير وما يريد مني. وما أطلب هذا الأمر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان.

ولكن ائت ابن الزبير فكلمه وعليك بنجدة فكلمه.

قال محمد بن جبير: فجئت ابن الزبير فكلمته بنحو مما كلمت به ابن الحنفية فقال: أنا رجل قد اجتمع علي وبايعني الناس. وهؤلاء أهل خلاف. فقلت: إن خيرا لك الكف. فقال: أفعل. ثم جئت نجدة الحروري فأجده في أصحابه وأجد عكرمة غلام ابن عباس عنده. فقلت: استأذن لي على صاحبك. قال فدخل فلم ينشب أن أذن لي فدخلت فعظمت عليه وكلمته بما كلمت به الرجلين فقال: أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا ولكن من بدأنا بقتال قاتلناه. قلت: فإني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك. ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحو مما كلمت به القوم فقالوا: نحن على لوائنا لا نقاتل أحدا إلا أن يقاتلنا. فلم أر في تلك الألوية أسكن ولا أسلم دفعة من أصحاب ابن الحنفية.

قال محمد بن جبير: وقفت تلك العشية إلى جنب محمد ابن الحنفية. فلما غابت الشمس التفت إلي فقال: يا أبا سعيد ادفع. فدفع ودفعت معه فكان أول من دفع.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: رأيت أصحاب ابن الحنفية يلبون بعرفة ورمقت ابن الزبير وأصحابه فإذا هم يلبون حتى زاغت الشمس. ثم قطع. وكذلك فعلت بنو أمية. وأما نجدة فلبى حتى رمى جمرة العقبة.

أخبرنا المعلى بن أسد قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا خالد قال: حدثني أبو العريان المجاشعي قال: بعثنا المختار في ألفي فارس إلى محمد ابن الحنفية. قال فكنا عنده. قال فكان ابن عباس يذكر المختار فيقول: أدرك ثأرنا وقضى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الحنفية لا يقول فيه خيرا ولا شرا. قال فبلغ محمدا أنهم يقولون إن عندهم شيئا. أي من العلم. قال فقام فينا فقال: إنا والله ما ورثنا من رسول الله إلا ما بين هذين اللوحين. ثم قال: اللهم حلا وهذه الصحيفة في ذؤابة سيفي. قال فسألت: وما كان في الصحيفة؟ قال: من أحدث حدثا أو آوى محدثا.

أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: حدثني الوليد الرماح قال: بلغنا أن محمد بن علي أخرج من مكة فنزل شعب علي فخرجنا من الكوفة لنأتيه فلقينا ابن عباس. وكان ابن عباس معه في الشعب فقال لنا: أحصوا سلاحكم ولبوا بعمرة. ثم ادخلوا البيت وطوفوا به وبين الصفا والمروة.

أخبرنا هوذة بن خليفة قال: حدثنا عوف عن ميمون عن وردان قال: كنت في العصابة الذين انتدبوا إلى محمد بن علي. قال: وكان ابن الزبير قد منعه أن يدخل مكة حتى يبايعه فأبى أن يبايعه. قال فانتهينا إليه فأراد أهل الشام فمنعه عبد الملك أن يدخلها حتى يبايعه فأبى عليه. قال فسرنا معه ما سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا معه.

فجمعنا يوما فقسم فينا شيئا وهو يسير. ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بما تعرفون ودعوا ما تنكرون وعليكم بخاصة أنفسكم ودعوا أمر العامة واستقروا عن أمرنا كما استقرت السماء والأرض. فإن أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضاحية.

قالوا: وقتل المختار بن أبي عبيد في سنة ثمان وستين. فلما دخلت سنة تسع وستين أرسل عبد الله بن الزبير عروة بن الزبير إلى محمد ابن الحنفية: إن أمير المؤمنين يقول لك إني تاركك أبدا حتى تبايعني أو أعيدك في الحبس وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته. وأجمع علي أهل العراقين. فبايع لي وإلا فهي الحرب بيني وبينك إن امتنعت. فقال ابن الحنفية لعروة: ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عن تعجيل عقوبة الله. ما يشك أخوك في الخلود وإلا فقد كان أحمد للمختار ولهديه مني. والله ما بعثت المختار داعيا ولا ناصرا.

وللمختار كان إليه أشد انقطاعا منه إلينا. فإن كان كذابا فطال ما قربه على كذبه. وإن كان على غير ذلك فهو أعلم به. وما عندي خلاف. ولو كان خلاف ما أقمت في جواره ولخرجت إلى من يدعوني فأبيت ذلك عليه. ولكن هاهنا والله لأخيك قرينا يطلب مثل ما يطلب أخوك. كلاهما يقاتلان على الدنيا: عبد الملك بن مروان. والله لكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك وإني لأحسب أن جوار عبد الملك خير لي من جوار أخيك. ولقد كتب إلي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه. قال عروة: فما يمنعك من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قال: أذكر ذلك له.

فقال بعض أصحاب محمد ابن الحنفية: والله لو أطعتنا لضربنا عنقه. فقال ابن الحنفية: وعلى م أضرب عنقه؟ جاءنا برسالة من أخيه وجاورنا فجرى بيننا وبينه كلام فرددناه إلى أخيه. والذي قلتم غدر وليس في الغدر خير. لو فعلت الذي تقولون لكان القتال بمكة وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي كلهم إلا إنسان واحد لما قاتلته. فانصرف عروة فأخبر ابن الزبير بما قال له محمد ابن الحنفية. قال والله ما أرى أن تعرض له. دعه فليخرج عنك ويغيب وجهه فعبد الملك أمامه لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه. وابن الحنفية لا يبايعه أبدا حتى يجتمع الناس عليه. فإن صار إليه كفاكه إما حبسه وإما قتله فتكون أنت قد برئت من ذلك. فأفثأ ابن الزبير عنه.

فقال أبو الطفيل: وجاء كتاب من عبد الملك بن مروان ورسول حتى دخل الشعب فقرأ محمد ابن الحنفية الكتاب فقرأ كتابا لو كتب به عبد الملك إلى بعض إخوته أو ولده ما زاد على ألطافه. وكان فيه: إنه قد بلغني أن ابن الزبير قد ضيق عليك وقطع رحمك واستخف بحقك حتى تبايعه فقد نظرت لنفسك ودينك وأنت أعرف به حيث فعلت ما فعلت. وهذا الشام فانزل منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو رحمك وعارفو حقك. فقال ابن الحنفية لأصحابه: هذا وجه نخرج إليه. قال فخرج وخرجنا معه ومعه كثير عزة ينشد شعرا:

#حتى تحل أرض كلب وبلي

قال أبو الطفيل: فسرنا حتى نزلنا أيلة فجاورونا بأحسن جوار وجاورناهم بأحسن ذلك وأحبوا أبا القاسم حبا شديدا وعظموه وأصحابه. وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ولا يظلم أحد من الناس قربنا ولا بحضرتنا. فبلغ ذلك عبد الملك فشق ذلك عليه وذكره لقبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع وكانا خاصته فقالا: ما نرى أن ندعه يقيم في قربة منك وسيرته سيرته حتى يبايع لك أو تصرفه إلى الحجاز. فكتب إليه عبد الملك: إنك قدمت بلادي فنزلت في طرف منها. وهذه الحرب بيني وبين ابن الزبير كما تعلم. وأنت لك ذكر ومكان. وقد رأيت أن لا تقيم في سلطاني إلا أن تبايع لي. فإن بايعتني فخذ السفن التي قدمت علينا من القلزم وهي مائة مركب فهي لك وما فيها. ولك ألفا ألف درهم أعجل لك منها خمسمائة ألف وألف ألف وخمسمائة ألف آتيتك مع ما أردت من فريضة لك ولولدك ولقرابتك ومواليك ومن معك. وإن أبيت فتحول عن بلدي إلى موضع لا يكون لي فيه سلطان. قال فكتب إليه محمد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن علي إلى عبد الملك بن مروان. سلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فقد عرفت رأيي في هذا الأمر قديما. وإني لست أسفهه على أحد. والله لو اجتمعت هذه الأمة علي إلا أهل الزرقاء ما قاتلتهم أبدا ولا اعتزلتهم حتى يجتمعوا. نزلت مكة فرارا مما كان بالمدينة فجاورت ابن الزبير فأساء جواري وأراد مني أن أبايعه فأبيت ذلك حتى يجتمع الناس عليك أو عليه. ثم أدخل فيما دخل فيه الناس فأكون كرجل منهم. ثم كتبت إلي تدعوني إلى ما قبلك فأقبلت سائرا فنزلت في طرف من أطرافك. والله ما عندي خلاف ومعي أصحابي فقلنا بلاد رخيصة الأسعار وندنو من جوارك ونتعرض صلتك.

فكتبت بما كتبت به ونحن منصرفون عنك إن شاء الله.

أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي حمزة قال: كنت مع محمد بن علي فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس بزيادة على أربعين

ليلة. قال وكان عبد الملك قد كتب لمحمد عهدا على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه حتى يصطلح الناس على رجل. فإذا اصطلحوا على رجل بعهد من الله وميثاق كتبه عبد الملك. فلما قدم محمد الشام بعث إليه عبد الملك: إما أن تبايعني وإما أن تخرج من أرضي. ونحن يومئذ معه سبعة آلاف. فبعث إليه محمد بن علي: على أن تؤمن أصحابي. ففعل. فقام محمد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: الله ولي الأمور كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يشاء لم يكن. كل ما هو آت قريب.

عجلتم بالأمر قبل نزوله. والذي نفسي بيده إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد وأمر آل محمد مستأخر. والذي نفس محمد بيده ليعودن فيكم كما بدأ. الحمد لله الذي حقن دماءكم وأحرز دينكم! من أحب منكم أن يأتي إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل. فبقي معه تسعمائة رجل فأحرم بعمرة وقلد هديا فعمدنا إلى البيت فلما أردنا أن ندخل الحرم تلقتنا خيل ابن الزبير فمنعتنا أن ندخل. فأرسل إليه محمد: لقد خرجت وما أريد أن أقاتلك. دعنا فلندخل ولنقض نسكنا ثم لنخرج عنك. فأبى. ومعنا البدن قد قلدناها. فرجعنا إلى المدينة فكنا بها حتى قدم الحجاج فقتل ابن الزبير ثم سار إلى البصرة والكوفة. فلما سار مضينا فقضينا نسكنا وقد رأيت القمل يتناثر من محمد بن علي. فلما قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم الطائي عن أبيه قال: كتب عبد الملك بن مروان: من عبد الملك أمير المؤمنين إلى محمد بن علي. فلما نظر إلى عنوان الصحيفة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. الطلقاء ولعناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على منابر الناس. والذي نفسي بيده إنها لأمور لم يقر قرارها.

قال أبو الطفيل: فانصرفنا راجعين فأذن للموالي ولمن كان معه من أهل الكوفة والبصرة فرجعوا من مدين. ومضينا إلى مكة حتى نزلنا معه الشعب بمنى. فما مكثنا إلا ليلتين أو ثلاثا حتى أرسل إليه ابن الزبير أن أشخص من هذا المنزل ولا تجاورنا فيه. قال ابن الحنفية: اصبر وما صبرك إلا بالله وما هو بعظيم من لا يصبر على ما لا يجد من الصبر عليه بدا حتى يجعل الله له منه مخرجا. والله ما أردت السيف ولو كنت أريده ما تعبث بي ابن الزبير ولو كنت أنا وحدي ومعه جموعه التي معه. ولكن والله ما أردت هذا وأرى ابن الزبير غير مقصر عن سوء جواري فسأتحول عنه. ثم خرج إلى الطائف فلم يزل بها مقيما حتى قدم الحجاج لقتال ابن الزبير لهلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين. فحاصر ابن الزبير حتى قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة. وحج ابن الحنفية تلك السنة من الطائف ثم رجع إلى شعبه فنزله.

أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي الموال عن الحسن بن علي بن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال: لما صار محمد بن علي إلى الشعب سنة اثنتين وسبعين وابن الزبير لم يقتل والحجاج محاصره أرسل إليه أن يبايع لعبد الملك. فقال ابن الحنفية: قد عرفت مقامي بمكة وشخوصي إلى الطائف وإلى الشام. وأنا رجل ليس عندي خلاف. لما رأيت الناس اختلفوا اعتزلتهم حتى يجتمعوا. فأويت إلى أعظم بلاد الله حرمة يأمن فيه الطير فأساء ابن الزبير جواري. فتحولت إلى الشام فكره عبد الملك قربي. فتحولت إلى الحرم فإن يقتل ابن الزبير ويجتمع الناس على عبد الملك أبايعك. فأبى الحجاج أن يرضى بذلك منه حتى يبايع لعبد الملك. فأبى ذلك ابن الحنفية وأبى الحجاج أن يقره على ذلك. فلم يزل محمد يدافعه حتى قتل ابن الزبير.

أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثني سهل بن عبيد بن عمرو الحارثي قال: لما بعث عبد الملك الحجاج إلى مكة والمدينة قال له: إنه ليس لك على محمد ابن الحنفية سلطان. قال فلما قدم الحجاج أرسل إليه الحجاج يتوعده ثم قال: إني لأرجو أن يمكن الله منك يوما من الدهر ويجعل لي عليك سلطانا فأفعل وأفعل. قال: كذبت يا عدو نفسه! هل شعرت أن لله في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة أو نفحة؟ فأرجو أن يرزقني الله بعض لحظاته أو نفحاته فلا يجعل لك علي سلطانا. قال فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك فكتب بها عبد الملك إلى صاحب الروم فكتب إليه صاحب الروم: إن هذه والله ما هي من كنزك ولا كنز أهل بيتك ولكنها من كنز أهل بيت نبوة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي قال: لم يبايع أبي الحجاج. لما قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه فجاء فقال: قد قتل الله عدو الله. فقال ابن الحنفية: إذا بايع الناس بايعت. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تدري أن لله في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة في كل لحظة ثلاثمائة وستون قضية؟ فلعله يكفيناك في قضية من قضاياه.

قال فكتب بذلك الحجاج إلى عبد الملك فأتاه كتابه فأعجبه. وكتب به إلى صاحب الروم. وذلك أن صاحب الروم كتب إليه يهدده أنه قد جمع له جموعا كثيرة.

فكتب عبد الملك بذلك الكلام إلى صاحب الروم. وكتب: قد عرفنا أن محمدا ليس عنده خلاف وهو يأتيك ويبايعك فارفق به. فلما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع ابن عمر قال ابن عمر لابن الحنفية: ما بقي شيء فبايع. فكتب ابن الحنفية إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين من محمد بن علي. أما بعد فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم. فلما أفضى هذا الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجل منهم أدخل في صالح ما دخلوا فيه. فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك وبعثت إليك ببيعتي. ورأيت الناس قد اجتمعوا عليك.

ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه. فإن أبيت فإن أرض الله واسعة. فلما قرأ عبد الملك الكتاب قال قبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع: ما لك عليه سبيل. ولو أراد فتقا لقدر عليه. ولقد سلم وبايع فنرى أن تكتب إليه بالعهد والميثاق بالأمان له والعهد لأصحابه. ففعل فكتب إليه عبد الملك: إنك عندنا محمود. أنت أحب وأقرب بنا رحما من ابن الزبير. فلك العهد والميثاق وذمة رسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء تكرهه. ارجع إلى بلدك واذهب حيث شئت.

ولست أدع صلتك وعونك ما حييت. وكتب إلى الحجاج يأمره بحسن جواره وإكرامه.

فرجع ابن الحنفية إلى المدينة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: لما صار محمد بن علي إلى المدينة وبنى داره بالبقيع كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه. فكتب إليه عبد الملك يأذن له في أن يقدم عليه.

فوفد عليه سنة ثمان وسبعين وهي السنة التي مات فيها جابر بن عبد الله. فقدم على عبد الملك بدمشق فاستأذن عليه فأذن له وأمر له بمنزل قريب منه. وأمر أن يجرى عليه نزل يكفيه ويكفي من معه. وكان يدخل على عبد الملك في إذن العامة. إذا أذن عبد الملك بدأ بأهل بيته ثم أذن له فسلم. فمرة يجلس ومرة ينصرف. فلما مضى من ذلك شهر أو قريب منه كلم عبد الملك خاليا فذكر قرابته ورحمه وذكر دينا عليه فوعده عبد الملك أن يقضي دينه وأن يصل رحمه وأمره أن يرفع حوائجه. فرفع محمد دينه وحوائجه وفرائض لولده ولغيرهم من حامته ومواليه فأجابه عبد الملك إلى ذلك كله وتعسر عليه في الموالي أن يفرض لهم وألح عليه محمد ففرض لهم فقصر بهم فكلمه فرفع في فرائضهم. فلم يبق له حاجة إلا قضاها. واستأذنه في الانصراف فأذن له.

أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: قال ابن الحنفية: وفدت على عبد الملك فقضى حوائجي وودعته. فلما كدت أن أتوارى من عينيه ناداني: أبا القاسم أبا القاسم! فكررت فقال لي: أما تعلم أن الله يعلم أنك يوم تصنع بالشيخ ما تصنع ظالم له؟ يعني حين أخذ ابن الحنفية مروان بن الحكم يوم الدار فدعثه بردائه. قال عبد الملك: وأنا أنظر إليه ولي يومئذ ذؤابة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن عبيدة عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: وفدت مع أبان بن عثمان على عبد الملك بن مروان وعنده ابن الحنفية. فدعا عبد الملك بسيف النبي صلى الله عليه وسلم فأتي به ودعا بصيقل فنظر إليه فقال: ما رأيت حديدة قط أجود منها. قال عبد الملك: ولا والله ما أرى الناس مثل صاحبها. يا محمد هب لي هذا السيف. فقال محمد: أينا رأيت أحق به فليأخذه. قال عبد الملك: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قال فأعطاه محمد عبد الملك وقال: يا أمير المؤمنين إن هذا. يعني الحجاج وهو عنده. قد آذاني واستخف بحقي. ولو كانت خمسة دراهم أرسل إلي فيها. فقال عبد الملك: لا إمرة لك عليه. فلما ولى محمد قال عبد الملك للحجاج: أدركه فسل سخيمته. فأدركه فقال: إن أمير المؤمنين أرسلني إليك لأسل سخيمتك ولا مرحبا بشيء ساءك. فقال محمد: ويحك يا حجاج اتق الله واحذر الله. ما من صباح يصبحه العباد إلا لله في كل عبد من عباده ثلاثمائة وستون لحظة إن أخذ أخذ بمقدرة وإن عفا عفا بحلم. فاحذر الله. فقال له الحجاج: لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه. فقال له محمد: وتفعل؟ قال له الحجاج: نعم. قال: فإني أسألك صرم الدهر. قال فذكر الحجاج ذلك لعبد الملك. فأرسل عبد الملك إلى رأس الجالوت فذكر له الذي قال محمد وقال: إن رجلا منا ذكر حديثا ما سمعناه إلا منه. وأخبره بقول محمد. فقال رأس الجالوت: ما خرجت هذه الكلمة إلا من بيت نبوة.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم أن الحجاج أراد أن يضع رجله على المقام فزجره ابن الحنفية ونهاه.

أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الحنفية دخل الكعبة فصلى في كل زاوية ركعتين. ثماني ركعات.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا سفيان قال: قال محمد ابن الحنفية: لا تذهب الدنيا حتى تكون خصومات الناس في ربهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو معاوية الضرير عن أبي مالك قال: رأيت ابن الحنفية يرمي الجمار على برذون أشهب.

قال: أخبرنا محمد بن عبيد قال: حدثني سفيان التمار قال: رأيت محمد ابن الحنفية موسعا رأسه بالحناء والكتم يوم التروية وهو محرم.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا إسرائيل قال: حدثني ثوير قال: رأيت محمد ابن الحنفية يخضب بالحناء والكتم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني مروان بن معاوية عن سفيان التمار قال: رأيت ابن الحنفية أشعر بدنه في الشق الأيمن.

أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا سفيان عن سليمان الشيباني قال: رأيت على محمد ابن الحنفية مطرف خز أصفر بعرفة.

أخبرنا أبو معاوية الضرير عن أبي إسحاق الشيباني قال: رأيت على ابن الحنفية مطرف خز بعرفات.

أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي عن رشدين قال: رأيت محمد ابن الحنفية يعتم بعمامة سوداء حرقانية ويرخيها شبرا أو أقل من شبر.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الحنفية عمامة سوداء.

أخبرنا القاسم بن مالك المزني عن نصر بن أوس قال: رأيت على محمد بن علي ابن الحنفية ملحفة صفراء وسخة.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا إسرائيل عن عبد العزيز بن حكيم عن أبي إدريس قال: قال لي محمد ابن الحنفية: ما منعك أن تلبس الخز فإنه لا بأس به؟ قلت: إنه يجعل فيه الحرير.

أخبرنا عبيد الله بن موسى والفضل بن دكين قالا: حدثنا إسرائيل عن عبد العزيز بن حكيم عن أبي إدريس قال: رأيت ابن الحنفية يخضب بالحناء والكتم فقلت له: أكان علي يخضب؟ قال: لا. قلت: فما لك؟ قال: أتشبب به للنساء.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا أبو نعيم الخزاز قال: سمعت صالح بن ميسم قال: رأيت في يد محمد بن علي ابن الحنفية أثر الحناء فقلت له: ما هذا؟ فقال: كنت أخضب أمي.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: حدثنا سفيان عن سالم بن أبي حفصة عن أبي يعلى عن محمد ابن الحنفية أنه كان يذوب أمه ويمشطها.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت محمد ابن الحنفية مخضوبا بالحناء. ورأيته مكحول العينين. ورأيت عليه عمامة سوداء.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الحنفية فدخلت عليه وهو مكحل العينين مصبوغ اللحية بحمرة فرجعت إلى أبي فقلت: أرسلتني إلى شيخ مخنث! فقال: يا ابن اللخناء ذاك محمد بن علي.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا فطر بن خليفة عن منذر الثوري عن ابن الحنفية أنه كان يشرب نبيذ الدن.

أخبرنا محمد بن الصلت قال: حدثنا ربيع بن المنذر عن أبيه قال: كنا مع ابن الحنفية فأراد أن يتوضأ وعليه خفان فنزع خفيه ومسح على قدميه.

أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي عن إسماعيل الأزرق عن أبي عمر أن ابن الحنفية كان يغتسل في العيدين وفي الجمعة وفي الشعب. قال وكان يغسل أثر المحاجم.

أخبرنا يعلى بن عبيد قال: أخبرنا رشدين بن كريب قال: رأيت ابن الحنفية يتختم في يساره.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا علي بن عمر بن علي بن حسين عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت ابن الحنفية سنة إحدى وثمانين يقول: هذه لي خمس وستون سنة قد جاوزت سن أبي. توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. ومات ابن الحنفية في تلك السنة. سنة إحدى وثمانين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا زيد بن السائب قال: سألت أبا هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية: أين دفن أبوك؟ فقال: بالبقيع. قلت: أي سنة؟ قال: سنة إحدى وثمانين في أولها. وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة لا يستكملها.

أخبرنا محمد بن سعد. ولا نعلمه روى عن عمر شيئا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني زيد بن السائب قال: سمعت أبا هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية يقول وأشار إلى ناحية من البقيع فقال: هذا قبر أبي القاسم. يعني أباه. مات في المحرم في سنة إحدى وثمانين. وهي سنة الجحاف.

سيل أصاب أهل مكة جحف الحاج. قال فلما وضعناه في البقيع جاء أبان بن عثمان بن عفان وهو الوالي يومئذ على المدينة لعبد الملك بن مروان ليصلي عليه فقال: أخي ما ترى؟ فقلت: لا يصلي عليه أبان إلا أن يطلب ذلك إلينا. فقال أبان: أنتم أولى بجنازتكم. من شئتم فقدموا من يصلي عليه. فقلنا: تقدم فصل. فتقدم فصلى عليه.

قال محمد بن عمر: فحدثت زيد بن السائب فقلت إن عبد الملك بن وهب أخبرني عن سليمان بن عبد الله عن عويمر الأسلمي أن أبا هاشم قال يومئذ: نحن نعلم أن الإمام أولى بالصلاة ولولا ذلك ما قدمناك.

فقال زيد بن السائب: هكذا سمعت أبا هاشم يقول. فتقدم فصلى عليه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 67

محمد بن علي بن أبي طالب وهو ابن الحنفية، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه. قال المدائني: مات سنة ثلاث وثمانين، وقال أبو نعيم: سنة ثمانين، وقال الهيثم بن عدي: سنة اثنتين أو ثلاثة وسبعين. وروي عن محمد أنه قال: الحسن والحسين خير مني، وأنا أعلم بحديث أبي منهما.

  • دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 62

محمد بن علي بن أبي طالب يقال له محمد بن الحنفية كنيته أبو القاسم وقد قيل أبو عبد الله كان من أفاضل أهل البيت وكانت الشيعة تسميه المهدى كان مولده لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر بن الخطاب ومات برضوى سنة ثلاث وسبعين ودفن بالبقيع

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 103

محمد بن علي، ابن الحنفية، والحنفية أمه، وهو ابن علي بن أبي طالب، الهاشمي، أبو القاسم.
قال لنا موسى بن إسماعيل: عن أبي عوانة، عن أبي حمزة، قال: قضينا نسكنا حين قتل ابن الزبير، ثم رجعنا إلى المدينة مع محمد، فمكث ثلاثة أيام، ثم توفي.
قال أبو عبد الله: سمع أباه، وقد دخل على عمر، وهو غلام.
روى عنه الحسن، وعبد الله، ابنا محمد.
وقال لنا أبو نعيم: حدثنا فطر، عن منذر، قال: سمعت ابن الحنفية، قال: كانت رخصةً لعلي، قال: يا رسول الله، إن ولد لي بعدك، أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم.
وقال لي إسحاق: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا أبو مالكٍ الأشجعي، قال: حدثنا سالم بن أبي الجعد، أنه كان مع محمد ابن الحنفية في الشعب، فقلت له ذات يومٍ: يا أبا عبد الله.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 1

محمد بن علي أبو القاسم بن الحنفية
عن أبيه وعثمان وعمار وعنه بنوه وعمرو بن دينار والباقر وعبد الله بن محمد بن عقيل عاش سبعا وستين سنة ومات سنة ثمانين على الأشهر ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1

محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي يقال له محمد بن الحنفية والحنفية هي أمه واسمها خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة ويقال كانت من سبي اليمامة كنيته أبو القاسم ويقال أبو عبد الله مات برضوى سنة ثلاث وسبعين ويقال سنة ثمانين وقيل سنة إحدى وثمانين ودفن بالبقيع قال عمرو بن علي مات محمد بن الحنفية سنة إحدى وثمانين ويكنى أبا القاسم ويقال مات وهو ابن خمس وستين سنة وقال أبو نعيم مات ابن الحنفية سنة ثمانين
روى عن علي في الوضوء والنكاح
روى عنه منذر الثوري وابناه عبد الله والحسن

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

(ع) محمد بن علي بن أبي طالب أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله المدني عرف بابن الحنفية.
قال البخاري: ثنا موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن أبي حمزة قال: قضينا نسكنا حين قتل ابن الزبير، ثم رجعنا إلى المدينة مع محمد فمكث ثلاثة
أيام ثم [ق 8/أ] توفي وقد دخل على عمر بن الخطاب وهو غلام.
وفي ’’ تاريخ الطالبيين ’’ للجعابي: حدثنا محمد بن القاسم، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا عمرو بن ثابت عن يزيد بن أبي زياد قال: قالوا لمحمد بن الحنفية: ابسط يدك حتى نبايعك على أنك المهدي. قال: فبسط يده وقال: كل مؤمن مهدي. وفي رواية فطر: إن المهدي هو المؤمن.
قال يزيد: وقلت له: متى ولدت؟ قال: لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر بن الخطاب.
وعن منذر الثوري قال محمد: الحسن والحسين خير مني وأنا أعلم بحديث أبي وكان يخليني، ولقد علما أني صاحب البغلة الشهباء.
وفيه يقول كثير لما حبسه في سجن عارم بن الزبير:

وقال كثير فيه أيضاً لما أرادوه على البيعة:
[ق 8/ب] وفي ’’ تاريخ الطبري ’’: كانت الشيعة تسميه إمام الهدي والنجيب المرتضى وابن خير من مشى حاشى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وفي ’’ الأنساب ’’ للبلاذري و’’ الطبقات ’’ لمحمد بن سعد: ولد له الحسن بن محمد، وعبد الله، وجعفر الأكبر، وحمزة، وعلي، وجعفر الأصغر، وعون، والقاسم، وعبد الرحمن، وإبراهيم، ومحمد الأكبر، ومحمد الأصغر، وعن قيس بن الربيع أن الشيعة كانت تزعم أن ابن الحنفية هو الإمام بعد علي، وكان معاوية يقول: ما في قريش كلها أرجح حلما ولا أفضل علما ولا أسكن طائراً ولا أبعد من كل كبر وطيش ودنس من ابن الحنفية؛ فقال له مروان يوماً: والله ما نعرفه إلا بخير؛ فأما كل ما تذكر فإن في مشيخة قريش من هو أولى بهذا منه. فقال معاوية: لا يجعل من يتخلق خلقاً وينتحل الفضل انتحالا كمن جبله الله تعالى على الخير وأجراه على السداد.
ولما أخرجه ابن الزبير إلى الشام كان كثير أمامه؛ وهو يقول:
يابن علي سر ومن منك علي
وتوفي بالمدينة وصلى عليه أبان بن عثمان، وقيل: إنه أبو هاشم بن محمد. وفي كتاب ابن سعد كاتب الواقدي: عن أسماء قالت: رأيت أم محمد سندية سوداء أمة لبني حنيفة ولم تكن منهم، وإنما صالحهم خالد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم، وعن عبد الأعلى قال: كان محمد كثير العلم ورعاً، حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبو عوانة عن أبي جمرة قال: كانوا يسلمون على محمد بن علي: سلام عليك يا مهدي. فقال: أجل أنا مهدي
أهدى إلى الرشد والخير؛ إذا سلم أحدكم فليقل: السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أبا القاسم. وسئل ابنه أبو هاشم: متى مات أبوك؟ قال: في المحرم سنة الجحاف، سنة إحدى وثمانين في أولها لم يستكمل خمساً وستين سنة.
وفي كتاب ’’ أخبار النساء المهبرات ’’: وكانت لعلي جارية سوداء مشرطة حسكة الشعر، اشتراها بذي المجاز مقدمه من اليمن، ولدت له محمداً وهي الحنفية.
وقال ابن حبان: كان من [ق 10/أ] أفاضل أهل بيته، مات برضوى سنة ثلاث وسبعين وله خمس وستون ودفن بالبقيع.
وفي كتاب الكلاباذي: مات في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين. قاله الواقدي.
وفي ’’ تاريخ المنتجيلي ’’: مات بالطائف. وقال المدائني: مات سنة ثلاث وثمانين وإبراهيم بن هشام على المدينة، وزعم المسعودي أن الكيسانية من الرافضة هم القائلون بإمامة ابن الحنفية؛ وهم فرقتان: فرقة تزعم أنه لم يمت وأنه حي بجبال رضوى، وفرقة تزعم أنه مات.
ومنهم من يقول: هو المهدي الذي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
وذكر الإمام أبو المظفر طاهر بن محمد الإسفرائيني في كتابه ’’ التبصير ’’ أن البيانية أتباع بيان بن سمعان التميمي كان يقول بإمامة محمد بن الحنفية.
ومن المنتسبين إليه أيضاً الخشبية وهم الذين خلصوه من السجن مع أبي عبد الله الجدلي، وكانوا أربعة آلاف رجل جاءوا وفي أيديهم الخشب لئلا يشهروا السلاح في الحرم. وقيل: إنهم أخذوا الخشب الذي كان مع الحراس عليه.
وفي كتاب ’’ الكمال ’’ شيء لم ينبه عليه المزي وهو: قال عمرو بن علي: مات سنة أربع عشرة ومائة. وكذلك قال أبو نعيم في أكثر الروايات عنه، وقال
البخاري: وقال أبو نعيم مات سنة ثمانين. انتهى.
وهذا وهم من غير شك ولم ينبه عليه المزي بل أثبته، وكأنه أحال عليه بقوله: وقد قيل غير ذلك في تاريخ وفاته ومبلغ سنة يعني ما ذكره؛ وفيه أمران: الأول: لم أر أحداً نقل هذا عن أبي نعيم ولا عمرو والذي في تاريخهما ونقله عنهما الأثبات: توفي سنة ثمانين. وفي أكثر نسخ كتاب الفلاس (إحدى وثمانين) وهو الذي في الكلاباذي وغيره.
الثاني قوله: وقد قيل في مبلغ سنه غير ما ذكرناه فيه نظر؛ لأني لم أر أحداً ممن صنف تاريخاً فيما أعلم ذكر سنه حين وفاته غير ما ذكره المزي وهو: خمس وستون سنة.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 10- ص: 1

محمد بن علي بن أبي طالب
الذي يقال له بن الحنفية والحنفية أمه كنيته أبو القاسم ويقال أبو عبد الله
يروي عن علي وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه عبد الله والحسن ابنا محمد بن علي وكان من أفاضل أهل بيته مات برضوى سنة ثلاث وسبعين ويقال سنة ثمانين وقد قيل سنة إحدى وثمانين وهو بن خمس وستين سنة ودفن بالبقيع شهد يوم الجمل وكانت تسميه الشيعة المهدي وكان مولده لثلاث سنين بقين من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما والحنفية أمه وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن عبيد بن يربوع بن الدول بن حنيفة

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 5- ص: 1

محمد بن علي بن الحنفية
وكان يكنى أبا القاسم وكان رجلاً صالحا تابعيا ثقة مدنيا وابناه الحسن وعبد الله ثقتان حدثنا أبو مسلم حدثني أبي قال وسأل رجل بن عمر عن مسألة فقال له سل محمد بن الحنفية ما يقول ثم أخبرني فسأله عنها ثم أخبره فقال بن عمر أهل بيت مفهمون

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

محمد بن علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف، القرشي الهاشمي، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية:
[وروى عن: عبد الله بن عباس، وعثمان بن عفان، وأبيه علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي هريرة.
روى عنه: ابناه إبراهيم بن محمد بن الحنفية، والحسن بن محمد بن الحنفية، وسالم بن أبي الجعد، وابنه عبد الله بن محمد بن الحنفية، وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وعبد الأعلي بن عامر الثعلبي، وعطاء بن أبي رباح، وابنه عمر بن محمد بن الحنفية.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: تابعى، ثقة، كان رجلا صالحا وثلاثة يكنون بأبى القاسم رخص لهم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله.
وقال إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله بن الجنيد: لا نعلم أحدا أسند عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية.
وقال الزبير بن بكار: وتسميه الشيعة: المهدى، أخبرني عمى مصعب بن عبد الله، قال كثير: قيل: إنه ولد في خلافة أبي بكر، وقيل: في خلافة عمر، ومات برضوى سنة ثلاث وسبعين، ودفن بالبقيع، وقيل: مات سنة ثمانين، وقيل: سنة إحدى وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وتسعين، وهو ابن خمس وستين، وقيل غير ذلك في تاريخ وفاته ومبلغ سنه. روى له جماعة].

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 2- ص: 1

محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنفية

  • مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - لبنان-ط 1( 1985) , ج: 1- ص: 1

محمد بن علي بن الحنفية

  • مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - لبنان-ط 1( 1985) , ج: 2- ص: 1

محمد بن علي بن أبي طالب أبو القاسم
وهو ابن الحنفية واسم أمه خولة من سبي بني حنيفة وهبها أبو بكر الصديق لعلي رضي الله تعالى عنهما، ولد لثلاث بقين من خلافة عمر روى عن عمر بن الخطاب مرسل وأبيه علي بن أبي طالب روى عنه بنوه إبراهيم وعون وعبد الله والحسن وعبد الله بن محمد بن عقيل ومنذر أبو يعلي الثوري وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 8- ص: 1