ابن عياش محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، أبو عبد الله ابن عياش : عالم بالادب له شعر، أندلسي من بني تجيب. من أهل برشانة (في المرية) سكن مراكش واستكتبه السلطان الموحدي بالمغرب سنة 586 وتوفي بمراكش.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 208

محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عياش التجيبي
يكنى أبا عبد الله. هو الكاتب المشهور الجليل المقدار. كتب لأمير المؤمنين المنصور، فكان يظهر له في كتبه من البلاغة والفصاحة ما يدل على معرفته وحفظه.
وكتبه مشهور.
حدثني خالي أبو عبد الله بن عسكر رحمة الله عليه، أنّ الكاتب أبا عبد الله هذا، كتب يوما كتابا ليهودي، فكتب فيه: ويحمل على البرّ والإكرام. فقال له المنصور: من أين لك أن تقول في كافر: يحمل على البرّ والكرامة. قال: ففكرت ساعة، وقد علمت أن الانفصال يلزمني عما ذكرت. فقلت له: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، وهذا عامّ في الكافر وغيره. فقال لي: نعم، هذه الكرامة. فالمبرّة من أين أخذتها. قال: فسكتّ لم أجد جوابا. قال: فقرأ المنصور:
أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، {لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.قال: فسررت بذلك كثيرا وشكرته عليه. وكان أبو عبد الله هذا كاتبا بليغا شاعرا مؤثرا عالي الهمة، معظما عند الملوك مقرّبا لديهم. قدم علينا لمالقة، وقرأ بها على الأستاذ الجليل أبي زيد السّهيلي رحمه الله، وصحب في حين القراءة عليه الأستاذ أبا علي الرّندي. قال خالي رحمة الله عليه: إن شيخنا أبا علي أخبره أنه لمّا قدم مراكش، لقي بها الكاتب أبا عبد الله، فانتفع به في قضاء مآربه، ونالها على الكمال والتمام بسببه. ومن شعره رحمه الله: [طويل]

قال الفقيه أبو البحر صفوان بن إدريس في كتابه المسمّى بزاد المسافر، وقد ذكر الكاتب أبا عبد الله بن عياش: اجتمعت به ليلة بمراكش، فقال ابن عياش مرتجلا: [بسيط]
وله من قصيدة:
وأدبه رحمه الله كثير، ومنصبه شهير.
ووصفه الأديب أبو عبد الله بن مرج الكحل في صدر كتابه الذي جمع فيه شعره، وطرّزه باسم الكاتب أبي عبد الله المذكور، بعد أن قال: ولمّا جنيت ثمر الانقطاع والانحياش، من الرّئيس الأوحد أبي عبد الله بن عيّاش. جمعت شتاته، ووصلت بتاته، فرسمته باسمه، ووسمته بوسمه، وعوّذتها من نفثات المتعسّفين بسور كرمه، وأمّنتها نقد المنتقدين في فناء حرمه، على أنّي ما نظمت إلاّ منثوره، ولا ضمّنت إلاّ حكمه المأثورة، عرفت فاعترفت، ونلت حين وردت بحره فاغترفت.
ولابن مرج الكحل فيه نظما ونثرا: [وافر]
فما طمحت الهمم إلى كلامه، إلاّ نكصت على أعقابها، ولا برزت الوجوه إلى أن تعاطيه، إلاّ استترت بنقابها. كلامه يبهر الخواطر ويستوقف الخاطر، ويدرّ الجمام ويستوكف الماطر.
ولابن مرج الكحل المذكور فيه أمداح كثيرة. وله فيه من قصيدة مدحه بها: [طويل]
ومنها:
ومنها:
ومولد الكاتب أبي عبد الله المذكور ببلده برشانة عام خمسين وخمسمائة.
وتوفي رحمه الله بمراكش في شهر رجب عام ثمانية عشر وستمائة.

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط - المغرب-ط 1( 1999) , ج: 1- ص: 155