ابن عبد السلام محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير الهواري المنستيري، ابو عبد الله: فقيه مالكي. كان قاضي الجماعة بتونس. نسبته إلى (المنستير) بين المهدية وسوسة (بافريقية) ولي القضاء بتونس سنة 734 واستمر إلى ان توفي بالطاعون الجارف. وكان لايرعى في الحق سلطانا ولا أميرا. له كتب منها (شرح جامع الامهات لابن الحاجب -خ) الجزء الرابع منه، في فقه المالكية، و (ديوان فتاوي -خ).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 205
ابن عبد السلام محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير الهواري المنستيري، العلامة الإمام الجامع بين العلوم النقلية والعقلية مع دقة نظر، وشفوف فكر، قاضي الجماعة بتونس، الملقب شيخ الإسلام.
سمع من أبي العباس البطرني، وعبد الله بن محمد بن هارون القرطبي نزيل تونس العالي الإسناد في رواية الموطأ، وأدرك جماعة من الاعلام الأجلة الذين أخذ عنهم وفي إكمال اكمال العلم للأبي 2/ 262 عند الكلام عن أحاديث النهي في انشاد الضالة في المسجد ما نصه: «وكان البوذري من متأخري التونسيين واحد شيوخ ابن عبد السلام مدرسا بمدرسة التوفيق ... ».
وبعد استكمال تحصيله انتصب للتدريس، وتخرج به كثيرون كابن خلدون، وابن عرفة، وأجاز للمحدث الرحالة محمد بن سعيد بن محمد الرعيني الأندلسي الفاسي، وكانت دروسه محط رحال المستفيدين لغزارة علمه وتحقيقه وقوة عارضته وفصاحته فذاع صيته وانتشر أمره.
ولما نزل السلطان أبو الحسن المريني بتونس حضر مجلس درسه ومعه طائفة من كبار أعلام فاس ناقشوه وابدوا اعتراضاتهم فقطعهم واحدا بعد واحد. وكان زيادة عن مجالس دروسه العامة تسمع منه بعض الكتب كالموطإ بمنزله على عادة بعض العلماء في العصر الحفصي من التدريس
بمنازلهم زيادة عن دروسهم في المؤسسات العامة. كان يدرس بالمدرسة الشماعية الكائنة بسوق البلغاجية، ولما بنت الأميرة فاطمة بنت الأمير أبي زكرياء الحفصي مدرسة عنق الجمل طلبت من أخيها السلطان أبي يحيى أن يكون قاضي الجماعة صاحب الترجمة مدرسا بها فاسعفها فكان يقسم الأسبوع بين المدرستين، ثم أن الأميرة فاطمة عزلته عن مدرستها ونسبته للتفريط.
تولى المترجم قضاء الجماعة بعد وفاة الشيخ عمر بن قداح الهواري المتوفي سنة 734/ 1334، وأظهر من الصلابة في الحق، والشجاعة الأدبية في المواقف الحرجة الخطرة ما سارت به الأمثال، ودون في الصحف قال ابن عرفة: «حدثني من أثق به لما مات القاضي ابن قداح بتونس تكلم أهل مجلس السلطان أبي يحيى في ولاية قاض فذكر بعض أهل المجلس الشيخ ابن عبد السلام فقال بعض أهل المجلس الكبار» أنه شديد الأمر لا تطيقونه، فقال بعضهم «نستخبر أمره» فدسوا عليه رجلا من الموحدين كان جارا له يعرف بابن ابراهيم فقال له «هؤلاء امتنعوا من توليتك لأنك شديد في الحكم» فقال له: «أنا أعرف الفوائد وأمشيها» فحينئذ ولوه من عام 734 إلى أن توفي عام 749، قال الشيخ البرزلي بعد أن ذكر هذه الحكاية «لعله ذكر ذلك لأنه خاف أن يتولى من لا يصلح بوجه فكان كلامه مانعا منه» كان يسكن في زقاق الخلدونية اليوم المعروف يومئذ بدرب ابن عبد السلام.
وقد بلغ رتبة مجتهد الفتوى وكانت له قوة الترجيح بين الأقوال، واعتمد ترجيحه معاصره خليل بن اسحاق وغيره.
توفي في 22 رجب، ومات ولده قبله بثلاثة أيام في الطاعون الجارف.
مؤلفاته:
1) تنبيه الطالب لفهم ألفاظ جامع الأمهات لابن الحاجب، وهو شرح حافل سبق به غيره وكان قدوة لمن بعده، ومهد الطريق لمعاصره خليل بن إسحاق في شرحه المسمى بالتوضيح، وقال بعضهم في مدحه:
«وكان غيره من شروحات ابن الحاجب بالنسبة إليه كالعين من الحاجب » وفي كشف الظنون 1/ 1487 وهو مختصر مشتمل على شرح ألفاظ كتاب جامع الامهات لأبي عمرو عثمان بن الحاجب وتقييدها لفظا مرتبا على الحروف كالمصباح المنير. «وكان قد شرع في الشرح وهو في حال ضيق ومحنة أصيب بها أسوة بالعلماء قبله فلم يحضره كتب حتى أنه لم يقدر على الوقوف على مختصر ابن الجلاب لمراجعة مسألة نسبت إليه حتى وصل في الشرح نحو ثلث الأصل ثم أكمله إكمالا حسنا ثم فرج الله عنه وعظم قدره وانتشر ذكره وانتفع به الناس ».
يوجد الجزء الرابع منه بدار الكتب المصرية، وتوجد أجزاء منه بالمكتبة الوطنية بتونس.
2) ديوان فتاوى مخطوط بدار الكتب المصرية.
المصادر والمراجع:
- الأعلام 7/ 77، ايضاح المكنون 1/ 153، تاريخ الدولتين 54، 58، 62، 66، 73، الحلل السندسية 1 ق 3/ 524 - 98، درة الحجال 2/ 123، الديباج 336 - 37، الفكر السامي 4/ 75 - 76، شجرة النور الزكية 210، فهرس الفهارس 1/ 327، كشف الظنون 487، المرقية العليا للنباهي المالقي (القاهرة 1948) ص 161 - 63، معجم المؤلفين 10/ 71، نزهة الأنظار 1/ 226، نيل الابتهاج 336،
هدية العارفين 2/ 155 - 6، الوفيات لابن قنفذ 56، تعليقات المرحوم عثمان الكعاك على الأدلة البينة النورانية لابن الشماع ص 125، محمد الهادي العامري أعلامنا مدرسة محمد بن عبد السلام في العهد الحفصي مجلة الفكر ص 27 - 30 ع 6 س 10 مارس 1965، وانظر عن مجلس درسه بمحضر السلطان أبي الحسن المريني وعلماء فارس وتفوقه عليهم وقطعهم واحدا بعد واحد أزهار الرياض 3/ 28.
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 3- ص: 325
محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير قاضي الجماعة بتونس كان إماما عالما حافظا متفننا في علمي الأصول والعربية وعلم الكلام وعلم البيان فصيح اللسان صحيح النظر قوي الحجة عالما بالحديث له أهليه الترجيح بين الأقوال لم يكن في بلده في وقته مثله.
سمع من أبي العباس البطرني وأدرك جماعة من الشيوخ الجلة وأخذ عنهم وولي قضاء الجماعة فكان قائما بالحق ذابا عن الشريعة المظهرة شديدا على الولاة صارما مهيبا لا تأخذه في الحق لومة لائم وتخرج بين يديه جماعة من العلماء الأعلام كأبي عبد الله بن عرفة الورغمي ونظرائه موصوفا بالدين والعفة والنزاهة معظما عند الخاصة والعامة وله تقاييد وشرح مختصر بن الحاجب الفقهي شرحا حسنا وضع عليه القبول فهو أحسن شروحه وكان قد شرع فيه وهو في حال ضيق ومحنة أصيب بها أسوة العلماء قبله فلم يحضره كتب حتى أنه ذكر في كتابه أنه لم يقدر على الوقوف على مختصر بن الجلاب لمراجعة مسألة نسبت إليه حتى وصل في الشرح نحو ثلث الأصل ثم أكمله إكمالا حسنا ثم فرج الله عنه وعظم قدره وانتشر ذكره وانتفع به الناس. توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
دار التراث للطبع والنشر - القاهرة-ط 1( 2005) , ج: 2- ص: 329