علي بن المديني الشيخ الإمام الحجة أمير المؤمنين في الحديث، أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي مولاهم البصري، المعروف: بابن المديني، مولى عروة بن عطية السعدي.
كان أبوه محدثا، مشهورا، لين الحديث.
مات سنة ثمان وسبعين ومائة.
يروي عن: عبد الله بن دينار، وطبقته من علماء المدينة.
وقد روى والده؛ جعفر بن نجيح يسيرا عن عبد الرحمن بن القاسم التيمي.
سمع علي: أباه، وحماد بن زيد، وجعفر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وعبد الوارث، وهشيم بن بشير، وعبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، والوليد بن مسلم، وبشر بن المفضل، وغندرا، ويحيى بن سعيد، وخالد بن الحارث، ومعاذ بن معاذ، وحاتم بن وردان، وابن وهب، وعبد الأعلى السامي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز العمي، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي، وفضيل بن سليمان النميري، ومحمد بن طلحة التيمي، ومرحوم بن عبد العزيز، ومعاوية بن عبد الكريم، ويوسف بن الماجشون، وعبد الوهاب الثقفي، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق، وخلقا كثيرا.
وبرع في هذا الشأن وصنف وجمع وساد الحفاظ في معرفة العلل. ويقال: إن تصانيفه بلغت مائتي مصنف.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو يحيى صاعقة، والزعفراني، وأبو بكر الصاغاني، وأبو عبد الله البخاري، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن يحيى، وعلي بن أحمد
ابن النضر، ومحمد بن أحمد بن البراء، والحسن بن شبيب المعمري، وولده؛ عبد الله بن علي، والبخاري -فأكثر- وأبو داود، وحميد بن زنجوية وصالح بن محمد جزرة، وعبيد الله بن عثمان العثماني، وهلال بن العلاء، والحسن البزار، وأبو داود الحراني، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكجي، وعلي بن غالب البتلهي، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، ومحمد بن جعفر بن الإمام بدمياط، وأبو يعلى الموصلي، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي، وعبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب، خاتمة من روى عنه.
وقد روى عنه من شيوخه: جماعة، منهم: سفيان بن عيينة، وعاش هذا الكاتب بعد سفيان مائة وثمانيا وعشرين سنة.
مولد علي في سنة إحدى وستين ومائة. قاله علي بن أحمد بن النضر. ولد بالبصرة.
قال أبو حاتم الرازي: كان ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل. وكان أحمد بن حنبل لا يسميه إنما يكنيه تبجيلا له ما سمعت أحمد سماه قط.
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، عن زينب بنت أبي القاسم، وأخبرنا ابن عساكر عن زينب وعبد المعز البزاز قالا: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الأديب، أخبرنا محمد بن محمد الحافظ، حدثنا عبيد الله بن عثمان العثماني ببغداد، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثنا محمد بن طلحة التيمي، حدثني أبو سهيل نافع بن مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها’’.
أخرجه النسائي عن حميد بن زنجوية النسائي عن علي بن المديني فوقع بدلا عاليا بدرجتين.
أنبأنا المسلم بن علان، والمؤمل بن محمد قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا ابن ناجية، وعلي بن أحمد بن مروان، ومحمد بن خالد البردعي، قالوا: أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد العدوي، حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثني علي بن
المديني، عن أبي عاصم، عن ابن جريج عن عمرو بن دينار، فذكر حديثا، ثم قال سفيان: تلومني على حب علي، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.
وروى الحسين بن محمد بن عفير، حدثنا أحمد بن سنان قال: كان ابن عيينة يقول: لعلي بن المديني ويسميه حية الوادي: إذا استثبت سفيان، أو سئل عن شيء يقول: لو كان حية الوادي.
وقال العباس العنبري: كان سفيان يسمي علي بن المديني حية الوادي.
وعن ابن عيينة قال: إني لأرغب عن مجالستكم ولولا علي بن المديني ما جلست.
وقال خلف بن الوليد الجوهري: خرج علينا ابن عيينة يوما ومعنا علي بن المديني فقال: لولا علي لم أخرج إليكم.
وروى علي بن سعيد الرازي، عن سهل بن زنجلة قال: كنا عند ابن عيينة وعنده رؤساء أصحاب الحديث، فقال: الرجل الذي روينا عنه أربعة أحاديث؛ الذي يحدث عن الصحابة؟ فقال ابن المديني: زياد بن علاقة؟ فقال: نعم.
قال الساجي: سمعت العباس بن عبد العظيم يقول: سمعت روح بن عبد المؤمن سمعت ابن مهدي يقول: علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخاصة بحديث ابن عيينة.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي قرصافة، حدثنا محمد بن علي ابن أخت غزال سمعت القواريري سمعت يحيى بن سعيد يقول: الناس يلومونني في قعودي مع علي وأنا أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني. روى نحوها صالح جزرة عن القواريري.
وقال عباس العنبري: كان يحيى القطان ربما قال: لا أحدث شهرا ولا أحدث كذا فحدثت أنه حدث ابن المديني قبل انقضاء الشهر. قال: فكلمت يحيى في ذلك، فقال: إني أستثني عليا ونحن نستفيد منه أكثر مما يستفيد منا.
وقال يحيى بن معين: علي من أروى الناس عن يحيى القطان أرى عنده أكثر من عشرة آلاف عنده عنه أكثر من مسدد. كان يحيى يدني عليا وكان صديقه.
قال أبو قدامة السرخسي: سمعت عليا يقول: رأيت كأن الثريا تدلت حتى تناولتها.
قال أبو قدامة: صدق الله رؤياه، بلغ في الحديث مبلغا لم يبلغه أحد.
قال يعقوب الفسوي: سمعت عبد الرحمن بن أبي عباد القلزمي -وكان من أصحاب علي- قال: جاءنا علي بن المديني يوما، فقال: رأيت في هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجما. فمضينا معه إلى معبر، فقال: ستنال علما فانظر كيف تكون. فقال: له بعض أصحابنا لو نظرت في الفقه -كأنه يريد الرأي- فقال: إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن بوش عن أبي سعد الصيرفي عن محمد بن علي الصوري سمعت عبد الغني بن سعيد سمعت وليد بن القاسم سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول: كأن الله خلق علي بن المديني لهذا الشأن.
قال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.
قال عباس العنبري: بلغ علي ما لو قضي أن يتم على ذلك، لعله كان يقدم على الحسن البصري، كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه، وكل شيء يقوم أو يفعل أو نحو هذا.
يعقوب الفسوي، قال علي بن المديني: صنفت ’’المسند’’ مستقصى، وخلفته في المنزل، وغبت في الرحلة فخالطته الأرضة، فلم أنشط بعد لجمعه.
قال أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم: كان علي إذا قدم بغداد، تصدر في الحلقة، وجاء ابن معين وأحمد بن حنبل والمعيطي والناس يتناظرون. فإذا اختلفوا في شيء تكلم فيه علي.
قال أحمد بن أبي خيثمة سمعت ابن معين، يقول: كان علي بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع.
قلت: كان إظهاره لمناقب الإمام علي بالبصرة، لمكان أنهم عثمانية فيهم انحراف على علي.
أخبرنا أبو الحسين اليونيني، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا المبارك الطيوري، أخبرنا الفالي، أخبرنا أحمد بن خربان، حدثنا أبو محمد الرامهرمزي، حدثنا زنجوية بن محمد النيسابوري بمكة، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري سمعت علي بن المديني يقول: التفقة في معاني الحديث: نصف العلم، ومعرفة الرجال: نصف العلم.
قال أبو العباس السراج: سمعت محمد بن يونس سمعت علي بن المديني يقول: تركت من حديثي مائة ألف حديث منها ثلاثون ألفا لعباد بن صهيب.
وعن البخاري: وقيل له: ما تشتهي؟ قال: أن أقدم العراق، وعلي بن المديني حي فأجالسه. سمعها أبو العباس السراج من البخاري.
قال أبو عبيد الآجري: قيل لأبي داود: أحمد بن حنبل أعلم أم علي؟ فقال: علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد.
قال عبد المؤمن النسفي: سألت صالح بن محمد: هل كان يحيى بن معين يحفظ؟ فقال: لا إنما كان عنده معرفة قلت: فعلي؟ قال: كان يحفظ ويعرف.
قال أبو داود: علي بن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني.
قال عبد الله بن أبي زياد القطواني: سمعت أبا عبيد يقول: انتهى العلم إلى أربعة أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له وأحمد بن حنبل أفقههم فيه وعلي بن المديني أعلمهم به ويحيى بن معين أكتبهم له.
قال الفرهياني وغيره من الحفاظ: أعلم أهل زمانه بعلل الحديث: علي.
يعقوب الفسوي في ’’تاريخه’’: حدثني بكر بن خلف قال: قدمت مكة وبها شاب حافظ كان يذاكرني المسند بطرقها، فقلت له: من أين لك هذا؟ قال: أخبرك، طلبت إلى علي أيام سفيان أن يحدثني بالمسند فقال: قد عرفت إنما تريد بذلك المذاكرة. فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني فعلت. قال: فضمنت له واختلفت إليه فجعل يحدثني بذا الذي أذاكرك به حفظا.
قال الفسوي: فذكرت هذا لبعض من كان يلزم عليا فقال: سمعت عليا يقول: غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن -أظنه ذكر ثلاث سنين- وأمي حية. فلما قدمت قالت: يا بني فلان لك صديق وفلان لك عدو. قلت: من أين علمت يا أمه؟ قالت: كان فلان وفلان فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مسلمين فيعزوني ويقولون: اصبري فلو قدم عليك، سرك الله بما ترين. فعلمت أن هؤلاء أصدقاء وفلان وفلان إذا جاءوا يقولون لي: اكتبي إليه، وضيقي عليه ليقدم.
فأخبرني العباس بن عبد العظيم -أو غيره- قال: قال علي: كنت صنفت ’’المسند’’ على الطرق مستقصى كتبته في قراطيس وصيرته في قمطر كبير وخلفته في المنزل وغبت هذه الغيبة. قال: فجئت فحركت القمطر فإذا هو ثقيل بخلاف ما كانت ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصارت طينا.
قال أحمد بن يوسف البجيري: سمعت الأعين يقول: رأيت علي بن المديني مستلقيا وأحمد عن يمينه وابن معين عن يساره وهو يملي عليهما.
قال أبو أمية الطرسوسي: سمعت عليا يقول: ربما أذكر الحديث في الليل فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه.
البخاري: سمعت أحمد بن سعيد الرباطي قال: قال علي: ما نظرت في كتاب شيخ فاحتجت إلى السؤال به عن غيري.
وعن العباس بن سورة، قال: سئل يحيى بن معين عن علي بن المديني والحميدي فقال: ينبغي للحميدي أن يكتب عن آخر عن علي بن المديني.
قال محمد بن طالب بن علي النسفي: سمعت صالح بن محمد يقول: أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني وأفقههم في الحديث: أحمد، وأمهرهم بالحديث: سليمان الشاذكوني.
وقال عبد المؤمن بن خلف: سمعت صالح بن محمد سمعت إبراهيم بن محمد بن عرعرة سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لابن المديني: ويحك يا علي إني أراك تتبع الحديث تتبعا لا أحسبك تموت حتى تبتلى.
الفسوي: سمعت عليا وقوم يختلفون إليه يقرأ عليهم أبواب السجدة كان يذكر له طرف حديث فيمر على الصفحة والورقة فإذا تعايى في شيء، لقنوه الحرف والشيء منه ثم يمر ويقول: الله المستعان هذه الأبواب أيام نطلب، كنا نتلاقى به المشايخ ونذاكرهم بها ونستفيد ما يذهب علينا منها وكنا نحفظها. وقد احتجنا اليوم إلى أن نلقن في بعضها.
قال أزهر بن جميل: كنا عند يحيى بن سعيد أنا وعبد الرحمن وسفيان الرؤاسي وعلي بن المديني وغيرهم إذ جاء عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث فسلم. فقال له يحيى ما حالك أبا سعيد؟ قال: خير. رأيت البارحة في المنام كأن قوما من أصحابنا قد نكسوا. قال علي بن المديني: يا أبا سعيد هو خير. قال الله -تعالى: {ومن نعمره ننكسه في الخلق}. قال: اسكت، فوالله إنك لفي القوم.
قال الأثرم اللغوي: سمعت الأصمعي يقول لعلي بن المديني: والله يا علي، لتتركن الإسلام وراء ظهرك.
أحمد بن كامل القاضي: حدثنا أبو عبد الله غلام خليل، عن العباس بن عبد العظيم، قال: دخلت على علي بن المديني يوما فرأيته واجما مغموما فقلت: ما شأنك؟ قال: رؤيا رأيت كأني أخطب على منبر داود -عليه السلام- فقلت: خيرا رأيت، تخطب على منبر نبي. فقال: لو رأيت أني أخطب على منبر أيوب كان خيرا لي؛ لأنه بلي في دينه وداود فتن في دينه قال: فكان منه ما كان يعني إجابته في محنة القرآن.
قلت: غلام خليل غير ثقة.
الحسين بن فهم: حدثني أبي، قال: قال ابن أبي داود للمعتصم: يا أمير المؤمنين هذا يزعم -يعني: أحمد بن حنبل- أن الله يرى في الآخرة والعين لا تقع إلا على محدود والله لا يحد فقال: ما عندك؟ قال: يا أمير المؤمنين عندي ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم. قال: وما هو؟ قال: حدثني غندر، حدثنا شعبة عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة أربع عشرة فنظر إلى البدر فقال: ’’إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر لا تضامون في رؤيته’’.
فقال لابن أبي داود: ما تقول؟ قال: أنظر في إسناد هذا الحديث، ثم انصرف. فوجه إلى علي بن المديني وعلي ببغداد مملق ما يقدر على درهم فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وصلك بها أمير المؤمنين وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه. وكان له رزق سنتين. ثم قال له: يا أبا الحسن! حديث جرير بن عبد الله في الرؤية ما هو؟ قال: صحيح. قال: فهل عندك عنه شيء؟ قال: يعفيني القاضي من هذا. قال: هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه. ولم يزل حتى قال
له: في هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بن أبي حازم، إنما كان أعرابيا بوالا على عقبيه. فقبل ابن أبي دواد عليا واعتنقه. فلما كان الغد وحضروا قال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين يحتج في الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس، وهو أعرابي بوال على عقبيه؟ قال: فقال أحمد بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي بن المديني، فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه.
رواها المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى -يعني: الصولي- حدثنا الحسين.
ثم قال الخطيب: أما ما حكي عن علي في هذا الخبر من أنه لا يعمل على ما يرويه قيس فهو باطل. قد نزه الله عليا عن قول ذلك لأن أهل الأثر وفيهم علي مجمعون على الاحتجاج برواية قيس وتصحيحها إذ كان من كبراء تابعي أهل الكوفة. وليس في التابعين من أدرك العشرة وروى عنهم، غير قيس مع روايته عن خلق من الصحابة. إلى أن قال: فإن كان هذا محفوظا عن ابن فهم فأحسب أن ابن أبي دواد تكلم في قيس بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى ابن المديني. والله أعلم.
قلت: إن صحت الحكاية، فلعل عليا قال: في قيس ما عنده عن يحيى القطان أنه قال: هو منكر الحديث ثم سمى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئا بل هي ثابتة فلا ينكر له التفرد في سعة ما روى من ذلك حديث كلاب الحوأب، وقد كاد قيس أن يكون صحابيا أسلم في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم هاجر إليه فما أدركه بل قدم المدينة بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بليال. وقد قال يحيى بن معين فيما نقله عنه معاوية بن صالح: كان قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري.
نعم، ورؤية الله -تعالى- في الآخرة منقولة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نقل تواتر فنعوذ بالله من الهوى ورد النص بالرأي.
قال أبو داود: أجود التابعين إسنادا: قيس بن أبي حازم قد روى عن تسعة من العشرة لم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.
قال الخطيب: ولم يحك أحد ممن ساق المحنة أن أحمد نوظر في حديث الرؤية. قال: والذي يحكى عن علي أنه روى لابن أبي دواد حديثا عن الوليد بن مسلم في القرآن كان الوليد أخطأ في لفظة منه فكان أحمد ينكر على علي روايته لذلك الحديث. فقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن علي بن المديني حدث عن الوليد حديث عمر: كلوه إلى عالمه، فقال: إلى خالقه. فقال: هذا كذب. ثم قال: هذا قد كتبناه عن الوليد، إنما هو ’’فكلوه إلى عالمه’’ ، وهذه اللفظة قد روي عن ابن المديني غيرها.
قال محمد بن طاهر بن أبي الدميك: حدثنا بن المديني، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثنا الزهري حدثني أنس بن مالك قال: بينما عمر جالس في أصحابه إذ تلا هذه الآية: {وفاكهة وأبا}، ثم قال: هذا كله قد عرفناه، فما الأب؟ قال: وفي يده عصية يضرب بها الأرض، فقال: هذا -لعمر الله- التكلف. فخذوا أيها الناس بما بين لكم، فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه.
قال الخطيب: أخبرنيه أبو طالب بن بكير، أخبرنا مخلد بن جعفر الدقاق، حدثنا ابن أبي الدميك.
وقال أحمد بن محمد الصيدلاني: حدثنا المروذي، قلت لأبي عبد الله إن عليا يحدث عن الوليد | ، فذكر الحديث، وقال: فكلوه إلى خالقه. فقال أبو عبد الله: كذب. حدثنا الوليد بن مسلم مرتين إنما هو ’’كلوه إلى عالمه’’. |
بالبصرة | ، وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فغضب أبو عبد الله وقال: فنعم، قد علم أن الوليد أخطأ فيه، فلم حدثهم به؟ أيعطيهم الخطأ! |
يا ابن المديني الذي شرعت له | دنيا فجاد بدينه لينالها |
ماذا دعاك إلى اعتقاد مقالة | قد كان عندك كافرا من قالها |
أمر بدا لك رشده فقبلته | أم زهرة الدنيا أردت نوالها |
فلقد عهدتك لا أبا لك مرة | صعب المقادة للتي تدعى لها |
إن الحريب لمن يصاب بدينه | لا من يرزى ناقة وفصالها |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 104
علي بن المديني الإمام
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 87
علي بن المديني
قال العجلي وبات على بن المديني عند عبد الله بن داود الحفري بالخريبة فدخل حانوت بقال يتعشى فقال له عبد الله لو صبرت ليلة واحدة أكنت تموت أين الدين أين المروءة مالك مروءة ولا نبل
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
علي بن المديني(خ، د، ت، س)
الإمام الحافظ المقدم على حفاظ وقته والمقتدى به في علم هذا الشأن، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم المديني ثم البصري. صاحب التصانيف.
ولد سنة إحدى وستين ومئة.
سمع: أباه، وحماد بن زيد، وهشيما، وابن عيينة، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وأبو داود، والذهلي، وإسماعيل القاضي، وأبو يعلى البغوي، وخلائق.
قال أبو حاتم: كان ابن المديني [علما في الناس في معرفة الحديث والعلل، وما سمعت أحمد بن حنبل سماه قط، إنما كان يكنيه تبجيلا له.
وعن ابن عيينة قال: يلومونني على حب علي بن المديني] والله لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.
وقال ابن مهدي: علي ابن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخاصة بحديث سفيان بن عيينة.
وقال القواريري: سمعت يحيى القطان يقول: أنا أتعلم من علي أكثر مما يتعلم مني.
وقال النسائي: كأن علي بن المديني خلق لهذا الشأن.
وقال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.
وقال أبو داود: ابن المديني أعلم من أحمد باختلاف الحديث.
ومناقبه كثيرةٌ، ذكرها الخطيب وغيره.
وقال أبو زكريا النواوي: لابن المديني نحوٌ من مئتي مصنف.
مات بسامرا في ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين ومئتين. رحمه الله تعالى.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1
علي بن المديني
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة بالبصرة علي بن عبد الله بن المديني
باب ما ذكر من علم علي بن المديني ومعرفته بناقلة الآثار
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال قال عبد الله بن أبي زياد القطواني سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول انتهى العلم إلى أربعة إلى أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه وإلى علي بن المديني وهو أعلمهم به وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له وإلى أبي بكر بن أبي شيبة وهو أحفظهم له حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كان علي بن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان أحمد بن حنبل لا يسميه إنما يكنيه أبو الحسن تبجيلاً له وما سمعت أحمد بن حنبل سماه قط حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن أحمد بن حنبل وعلي بن المديني أيهما كان أحفظ قال كانا في الحفظ متقاربين وكان أحمد أفقه وكان علي أفهم بالحديث حدثنا عبد الرحمن قال سمعت هارون بن إسحاق الهمداني يقول الكلام في صحة الحديث وسقيمه لأحمد بن حنبل وعلي بن المديني نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت يحيى بن معين يقول وقال له أسنان علي بن المديني فقال يحيى علي من أهل الصدق حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبا زرعة عن علي فقال لا يرتاب في صدقه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم وسئل علي بن المديني ويحيى بن معين أيهما كان أحفظ قال كان علي أسرد وأتقن سمعت محمد بن مسلم بن وارة يقول كتب إلي سعيد بن سليمان إذا اتخذت صديقاً فاتخذ مثل أبي الوليد وعلي ابن المديني.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 1- ص: 1