ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن ابي ذئب، من بني عامر بن لؤي، من قريش، ابو الحارث: تابعي، من رواة الحديث. من أهل المدينة. كان يفتي بها. يشبه بسعيد بن المسيب. من اروع الناس وافضلهم في عصره. دخل على ابي جعفر المنصور، وقال له: الظلم فاش ببابك! وسئل الامام أحمد عنه وعن الامام مالك، فقال: ابن ابي ذئب اصلح في بدنه واورع واقوم بالحق من الك عند السلاطين. وقيل: كان يرى القدر، وهجر مالك من اجله.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 189
ابن أبي الذئب اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 257
ابن أبي ذئب الإمام المدني اسمه محمد بن عبد الرحمن تقدم ذكره.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0
ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام بن شعبة. الإمام، شيخ الإسلام، أبو الحارث القرشي، العامري المدني، الفقيه.
سمع: عكرمة، وشرحبيل بن سعد، وسعيدا المقبري، ونافعا العمري، وأسيد بن أسيد البراد، وصالحا مولى التوأمة، وشعبة مولى ابن عباس، وخاله الحارث بن عبد الرحمن القرشي، ومسلم بن جندب، وابن شهاب الزهري، والقاسم بن عباس، ومحمد بن قيس، وإسحاق بن يزيد الهذلي، والزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري، وسعيد بن سمعان، وعثمان بن عبد الله بن سراقة، ومحمد بن المنكدر، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وخلقا سواهم.، وكان من أوعية العلم ثقة فاضلا قوالا بالحق مهيبا.
حدث عنه: ابن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، وابن أبي فديك، وشبابة بن سوار، وأبو علي الحنفي، وحجاج بن محمد، وأبو نعيم، ووكيع، وآدم بن أبي إياس، والقعنبي، وأسد بن موسى، وعاصم بن علي، وأحمد بن يونس اليربوعي، وعلي بن الجعد، وابن، وهب، والمقرىء، وخلق كثير.
قال أحمد بن حنبل: كان يشبه بسعيد بن المسيب. فقيل لأحمد: خلف مثله؟ قال: لا. ثم قال: كان أفضل من مالكإلا أن -مالكا رحمه الله أشد تنقية للرجال منه.
قلت:، وهو أقدم لقيا للكبار من مالك، ولكن مالكا أوسع دائرة في العلم، والفتيا، والحديث، والإتقان منه بكثير.
قال محمد بن عمر الواقدي:، ولد سنة ثمانين، وكان من أورع الناس، وأودعهم، ورمي بالقدر، وما كان قدريا لقد كان يتقي قولهم، ويعيبه.
ولكنه كان رجلا كريما يجلس إليه كل أحد، ويغشاه فلا يطرده، ولا يقول له شيئا، وإن مرض عاده فكانوا يتهمون بالقدر لهذا، وشبهه.
قلت: كان حقه أن يكفهر في، وجوههم، ولعله كان حسن الظن بالناس.
ثم قال الواقدي تلميذه:، وكان يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غدا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد. أخبرني أخوه قال: كان أخي يصوم يوما، ويفطر يوما ثم سرد الصوم، وكان شديد الحال يتعشى الخبز، والزيت، وله قميص، وطيلسان يشتو فيه، ويصيف. قال: وكان من رجال الناس صرامة، وقولا بالحق، وكان يحفظ حديثه لم يكن له كتاب، وكان يروح إلى الجمعة باكرا فيصلي إلى أن يخرج الإمام، ورأيته يأتي دار أجداده عند الصفا فيأخذ كراءها، وكان لا يغير شيبه.
ولما خرج محمد بن عبد الله بن حسن لزم بيته إلى أن قتل محمد، وكان أمير المدينة الحسن بن زيد يجري على ابن أبي ذئب كل شهر خمسة دنانير، وقد دخل مرة على، والي المدينة فكلمه، وهو عبد الصمد بن علي عم المنصور فكلمه في شيء فقال عبد الصمد بن علي: إني لأراك مرائيا. فأخذ عودا، وقال: من أرائي؟ فوالله للناس عندي أهون من هذا.
ولما، ولي المدينة جعفر بن سليمان بعث إلى ابن أبي ذئب بمئة دينار فاشترى منها ساجا كرديا بعشرة دنانير، فلبسه عمره، وقدم به عليهم بغداد.
فلم يزالوا به حتى قبل
منهم فأعطوه ألف دينار -يعني: الدولة -فلما رجع، مات بالكوفة -رحمه الله-. نقل هذا كله ابن سعد في ’’الطبقات’’، عن الواقدي، والواقدي، وإن كان لا نزاع في ضعفه- فهو صادق اللسان، كبير القدر.
وفي ’’مسند’’ الشافعي سماعنا: أخبرني أبو حنيفة بن سماك، حدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي شريح: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’من قتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إن أحب أخذ العقل، وإن أحب فله القود’’.
قلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا؟ فضرب صدري، وصاح كثيرا، ونال مني، وقال: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه، وسلم:، وتقول تأخذ به؟!: نعم آخذ به، وذلك الفرض علي، وعلى كل من سمعه. إن الله اختار محمدا -صلى الله عليه، وسلم- من الناس فهداهم به، وعلى يديه، فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك.
قال أحمد بن حنبل: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث: ’’البيعان بالخيار’’ فقال: يستتاب فإن تاب، وإلا ضربت عنقه. ثم قال أحمد: هو أورع، وأقول بالحق من مالك.
قلت: لو كان، ورعا كما ينبغي لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم، فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث؛ لأنه رآه منسوخا. وقيل: عمل به، وحمل قوله: ’’حتى يتفرقا’’ على التلفظ بالإيجاب، والقبول، فمالك في هذا الحديث، وفي كل حديث له أجر، ولا بد فإن أصاب، ازداد أجرا آخر، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية. وبكل حال فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه بل هما عالما المدينة في زمانهما -رضي الله عنهما-، ولم يسندها الإمام أحمد فلعلها لم تصح.
كتب إلي مؤمل البالسي، وغيره: أن أبا اليمن الكندي أخبرهم: أنبأنا القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو سعيد الصيرفي، حدثنا الأصم، حدثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي ذئب سمع عكرمة.
وبه: قال الخطيب: أنبأنا الجوهري، أنبأنا المرزباني، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو العيناء قال: لما حج المهدي، دخل مسجد رسول الله -صلى الله عليه، وسلم- فلم يبق أحد إلا قام، إلا ابن أبي ذئب. فقال له المسيب بن زهير: قم، هذا أمير المؤمنين. فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين. فقال المهدي: دعه، فلقد قامت كل شعرة في رأسي.
وبه: قال أبو العيناء: وقال ابن أبي ذئب للمنصور: قد هلك الناس فلو أعنتهم من الفيء. فقال: ويلك لولا ما سددت من الثغور، لكنت تؤتى في منزلك، فتذبح. فقال ابن أبي ذئب: قد سد الثغور، وأعطى الناس من هو خير منك: عمر -رضي الله عنه- فنكس المنصور رأسه والسيف بيد المسيب ثم قال: هذا خير أهل الحجاز.
قال أحمد بن حنبل: ابن أبي ذئب ثقة. قد دخل على أبي جعفر المنصور، فلم يهله أن قال له الحق. وقال: الظلم ببابك فاش وأبو جعفر أبو جعفر.
قال مصعب الزبيري: كان ابن أبي ذئب فقيه المدينة.
وقال البغوي: حدثنا هارون بن سفيان قال: قال أبو نعيم: حججت عام حج أبو جعفر، ومعه ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، فدعا ابن أبي ذئب، فأقعده معه على دار الندوة، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد بن حسن -يعني: أمير المدينة-؟ فقال: إنه ليتحرى العدل. فقال له: ما تقول في -مرتين-؟ فقال: ورب هذه البنية، إنك لجائر. قال: فأخذ الربيع الحاجب بلحيته فقال له: أبو جعفر كف يا ابن اللخناء ثم أمر لابن أبي ذئب بثلاث مائة دينار.
قال محمد بن المسيب الأرغياني: سمعت يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد فأسفت عليه، ما أسفت على الليث بن سعد، وابن أبي ذئب.
قلت: أما فوات الليث، فنعم وأما ابن أبي ذئب، فما فرط في الارتحال إليه، لأنه مات وللشافعي تسعة أعوام.
علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان ابن أبي ذئب عسرا، أعسر أهل الدنيا، إن كان معك الكتاب، قال: اقرأه، وإن لم يكن معك كتاب، فإنما هو حفظ. فقلت: ليحيى كيف كنت تصنع فيه؟ قال: كنت أتحفظها، وأكتبها.
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: قلت لأحمد بن حنبل: فابن أبي ذئب، سماعه من الزهري أعرض هو؟ قال: لا يبالي كيف كان.
قلت: كان يلينه في الزهري بهذه المقالة فإنه ليس بالمجود في الزهري.
قال أحمد بن علي الأبار: سألت مصعبا عن ابن أبي ذئب فقال: معاذ الله أن يكون قدريا إنما كان في زمن المهدي قد أخذوا أهل القدر وضربوهم ونفوهم فجاء منهم قوم إلى ابن أبي ذئب فجلسوا إليه واعتصموا به من الضرب فقيل: هو قدري لأجل ذلك. لقد حدثني من أثق به أنه ما تكلم فيه قط.
وجاء عن أحمد بن حنبل: أنه سئل عنه، فوثقه، ولم يرضه في الزهري. وقال الفضل بن زياد: سئل أحمد بن حنبل أيما أعجب إليك ابن عجلان أو ابن أبي ذئب؟ فقال: ما فيهما إلا ثقة.
قدم ابن أبي ذئب بغداد، فحملوا عنه العلم، وأجازه المهدي بذهب جيد، ثم رد إلى بلاده، فأدركه الأجل بالكوفة غريبا، وذاك في سنة تسع وخمسين ومائة.
قال البغوي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان ابن أبي ذئب رجلا صالحا، قوالا بالحق، يشبه بسعيد بن المسيب. وكان قليل الحديث.
أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، وغيره كتابة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي، أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي، أنبأنا أبو محمد بن هزارمرد الخطيب، أنبأنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ’’يبايع لرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله، فإذا استحلوه، فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعدها أبدا، وهم الذين يستخرجون كنزه’’.
وبه: أنبأنا ابن أبي ذئب، عن شعبة -هو مولى ابن عباس- قال: دخل المسور بن مخرمة على ابن عباس، وعليه ثوب إستبرق، فقال: ما هذا يا أبا العباس؟ قال: وما هو؟ قال: هذا الإستبرق. قال: ما علمت به، ولا أظن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه حين نهى إلا للتجبر والتكبر، ولسنا -بحمد الله- كذلك. قال: فما هذه الطيور في الكانون؟ -يعني: تصاوير؟ قال: إلا ترى كيف أحرقناها بالنار؟. فلما خرج المسور قال: انزعوا هذا الثوب عني واقطعوا رأس هذه التماثيل والطيور.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو القاسم بن صصرى، أنبأنا أبو المكارم عبد الواحد بن محمد الأزدي، أنبأنا أبو الفضل عبد الكريم المؤمل الكفرطابي قراءة عليه وأنا حاضر، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، أنبأنا أبو علي محمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو بكر أحمد بن علي القاضي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه.
قال الدارقطني: كان ابن أبي ذئب صنف ’’موطأ’’، فلم يخرج.
ابن أبي مريم، عن يحيى بن معين، قال: ابن أبي ذئب ثقة، وكل من روى عنه ابن أبي ذئب، فثقة، إلا أبا جابر البياضي، وكل من روى عنه مالك ثقة، إلا عبد الكريم أبا أمية.
وقال يعقوب بن شيبة: أخذه عن الزهري عرض، والعرض عند جميع من أدركنا صحيح.
وسمعت أحمد ويحيى يتناظران في ابن أبي ذئب وعبد الله بن جعفر المخرمي، فقدم أحمد المخرمي فقال يحيى: المخرمي شيخ؟ وأيش عنده؟ وأطرى ابن أبي ذئب، وقدمه على المخرمي تقديما كثيرا، متفاوتا. فذكرت هذا لعلي، فوافق يحيى. وسألت عليا عن سماع ابن أبي ذئب من الزهري. فقال: هي مقاربة، وهي عرض.
وقال الواقدي: كان من أورع الناس، وأفضلهم، وكانوا يرمونه بالقدر، وما كان قدريا. أخبرني أخوه قال: كان يصوم يوما ويفطر يوما فقدم رجل فجعل يسأله عن رجفة الشام فأقبل يحدثه ويستمع له، وكان ذلك اليوم إفطاره فقلت له: قم تغد. قال: دعه اليوم فسرد من ذلك اليوم إلى أن مات. وكان شديد الحال، وكان من رجال الناس صرامة، وكان يتشبب في حداثته حتى كبر، وطلب الحديث وقال: لو طلبت وأنا صغير كنت أدركت المشايخ ففرطت فيهم كنت أتهاون وكان يحفظ الحديث لم يكن له كتاب.
قال حماد بن خالد: كان يشبه بابن المسيب، وما كان هو ومالك في موضع عند سلطان إلا تكلم ابن أبي ذئب بالحق، والأمر والنهي، ومالك ساكت.
قال عثمان الدارمي: قلت ليحيى: ما حال ابن أبي ذئب في الزهري؟ فقال: ابن أبي ذئب ثقة.
قلت: هو ثقة مرضي. وقد قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سألت عليا عنه، فقال: كان عندنا ثقة، وكانوا يوهنونه في أشياء رواها عن الزهري. وسئل عنه أحمد، فوثقه ولم يرضه في الزهري.
قال ابن أبي فديك: مات سنة ثمان وخمسين ومائة.
وقال أبو نعيم، وطائفة: مات سنة تسع وخمسين. وقال الواقدي: اشتكى بالكوفة وبها مات.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيبعث بها ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم. صحيح، عال.
قيل: ألف ابن أبي ذئب كتابا كبيرا في السنن.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 561
وأخوه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وأمه بريهة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب. وأم أبي ذئب أم حبيب بنت العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وكان أبو أحيحة سعيد بن العاص خاله. وكان أبو ذئب قد أتى قيصر. فسعى به عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى- وكان يقال له شيطان قريش- إلى قيصر. فحبس قيصر أبا ذئب حتى مات في حبسه.
وقال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: كان محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب يكنى أبا الحارث. ولد سنة ثمانين. عام الجحاف. وكان من أورع الناس وأفضلهم.
وكانوا يرمونه بالقدر. وما كان قدريا. لقد كان ينفي قولهم ويعيبه. ولكنه كان رجلا كريما. يجلس إليه كل أحد ويغشاه فلا يطرده. ولا يقول له شيئا وإن هو مرض عاده.
فكانوا يتهمونه بالقدر لهذا وشبهه. وكان يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة. ولو قيل له إن القيامة تقوم غدا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد.
وأخبرني أخوه قال: يصوم يوما ويفطر يوما. فوقعت الرجفة بالشام. فقدم رجل من أهل الشام فسأله عن الرجفة. فأقبل يحدثه وهو يستمع لقوله. فلما قضى حديثه- وكان ذلك اليوم يوم إفطاره- قلت له- قم نغد. قال: دعه اليوم. قال: فسرد من ذلك اليوم إلى أن مات. وكان شديد الحال. يتعش بالخبز والزيت. وكان له طيلسان وقميص. فكان يشتو فيه ويصيف. وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق وكان يتشبب في حداثته حتى كبر وطلب الحديث. وقال: لو طلبته وأنا صغير كنت أدركت مشايخ فرطت فيهم. وكنت أتهاون بهذا الأمر حتى كبرت وعقلت. وكان يحفظ حديثه كله. لم يكن له كتاب. ولا شيء ينظر فيه. ولا له حديث مثبت في شيء.
قال: وسألت سلامة أم ولده. أنه كتب؟ قالت: لا. ما له كتاب واحد.
قال: وأول يوم جئته أنا وأخي شملة انقلبنا من الكتاب. فعمدت أمي إلينا فألبستنا ثيابا. وأخذت دفترا لي قد كتبت فيه بعض أحاديث ابن أبي ذئب. فجئته فقرأت عليه قراءة رديئة وخط رديء. فتتعتعت فيه. قال: فضجر وأخذ الدفتر فطرحه.
فقال: صبيان لا يحسنون شيئا. قوموا عنا فقمنا. فلما كان الغد وانقلبنا من الكتاب.
قالت أمي: اذهبوا إلى ابن أبي ذئب. فأما أخي شملة فحلف ألا يذهب إليه. وأما أنا فذهبت إليه. فحين رآني قال: تعال تعال اذهب إلى فلان فخذ منه كتابه وتعال. قال:
فصبرني حتى فرغت منه كله. قال: فعرفت أنه يريد به الله. قال: ثم عاد إليه أخي بعد. وكنا نختلف إليه كلانا ثم لم يخرج من الدنيا حتى سمعتها منه سماعا مما يرددها. وحتى صار إذا شك في حديث التفت إلي فقال: ما تقول في كذا وكذا. كيف حدثتك؟ فأقول: حدثتنا به كذا وكذا. فيرجع إلى قولي.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: سمعت ابن أبي ذئب. وسأله رجل من أهل مصر فقال: يا أبا الحارث. ما قرأت عليك من الحديث أقول حدثني؟ قال: نعم. وما
كان في ذلك من تباعة فهو في عنقي.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: وكان ابن أبي ذئب يروح يوم الجمعة إلى الصلاة باكرا. فيصلي حتى يخرج الإمام. وما رأيته نظر إلى شمس قط- يعني في قول من رأى الكرامة للصلاة نصف النهار-.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: رأيت ابن أبي ذئب يأتي دار أجداده بين الصفا والمروة. فيأخذ كراءها فيأخذ حصته ويقسم عليهم حصصهم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: وكان ابن أبي ذئب لا يغير شيبه.
قال: اخبرنا محمد بن عمر. قال: لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة لزم ابن أبي ذئب بيته. فلم يخرج منه حتى قتل محمد بن عبد الله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: كان ابن أبي ذئب إذا جلس إليه رجل فاقتعده سأل أهل المجلس ما فعل صاحبكم؟ فإن قالوا لا ندري. قال: أين منزله؟
فإن قالوا لا ندري. ضجر عليهم وقال: لأي شيء تصلحون؟ يجلس إليكم رجل لا تدرون إذا أعقل لم تعوده! وإن كانت له حاجة لم تعينوه! فإن عرفوا منزله قال: قوموا بنا إليه حتى نأتيه في منزله فنسأل به ونعوده.
قال: اخبرنا محمد بن عمر. قال: إني لجالس عند أبي ذئب إذ أتاه شيخ فقال:
تذكر يا أبا الحارث يوم سابقنا بالحمام فعدونا تحتها. فكان وكان. قال: وأقبل يحدثه وابن أبي ذئب يتغافل عنه ساكت. فلما أكثر عليه. قال: نعم. فكنت فيها لئيما راضعا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: دعا زياد بن عبيد الله الحارثي ابن أبي ذئب ليستعمله على بعض عمله فأبى. فحلف زياد ليعملن. فحلف ابن أبي ذئب أن لا يفعل فقال زياد: ادفعوا إليه كتابه. قال: لا أقبله. قال: ادفعوه إليه شاء أو أبى.
واسحبوه برجله. وقال له زياد: ابن الفاعلة. فقال له ابن أبي ذئب: والله ما هو من هيبتك تركت أن أردها عليك مائة مرة. ولكن تركتها لله تعالى.
قال: وندم زياد على ما قال له وصنع به. وقال له من حضره: إن مثل ابن أبي ذئب لا يصنع به مثل هذا. إن من شرفه وحاله في نفسه. وقدره عند أهل البلد أمرا عظيما. فازداد زياد ندامة. وغمه ما صنع به. وقال: فأنا آتيه فأترضاه وأتحلله مما
قلت له. قالوا: ألا تفعل فإنه أمحك ما يكون عند ذلك. ولا نأمن أن يسمعك ما تكره.
فأرسل إلى أخيه طالوت. فقال: هذه مائة دينار خذها واعطها أخاك. وتحلل لي منه.
فقال طالوت: ما أجترئ عليه بذلك وهو لا يحللك أبدا. قال: فخذ هذه الدنانير فأوصلها إليه. قال: إن علم أنها من قبلك لم يقبلها. قال: فخذها واصنع له بها شيئا يصل إليه نفعه. قال: فأخذها فاشترى له منها جارية. فهي أم ولده. اسمها سلامة.
ولا يعلم ابن أبي ذئب بذلك. ولو علم ما قبلها أبدا. قال: وكان لا يذكر فرية زياد عليه إلا بكى وتلهف. فقال: لولا خوف الله لرددتها عليه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: كان الحسن بن زيد يجري على ابن أبي ذئب خمسة دنانير في كل شهر. فلما غضب أبو جعفر المنصور على حسن بن زيد عزله عن المدينة. وولى عبد الصمد بن علي. وأمر بحبس حسن بن زيد والتضييق عليه. فأرسل المهدى إلى عبد الصمد بن علي سرا. أن وسع على الحسن بن زيد.
ولا تضيق عليه. فأرسل عبد الصمد إلى عشرة من اهل المسجد فيهم ابن أبي ذئب فقال: ادخلوا على حسن بن زيد فانظروا إليه وإلى ما هو فيه فدخلوا عليه ونظروا إليه وخرجوا ودعا بهم عبد الرحمن بن عبد الصمد بن علي. ورسول المهدي عنده يريد أن يسمع مقالهم فيخبر بذلك المهدي. فقال لهم عبد الصمد: كيف رأيتم الرجل وحاله في حبسه؟ فقالوا: رأيناه في سعة وفي خير وطبري وعنده ريحان. قالوا وابن أبي ذئب ساكت لا يتكلم فقال: ما تقول أنت؟ قال ابن أبي ذئب: كذبوك وخدعوك وغروك. الرجل في مكان ضيق ويحدث تحته. ورأيت ضيعة. ثم قام ليخرج فقال له عبد الصمد: تعال أي شيء عندك. قال: عندي الذي أخبرتك.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: دخل ابن أبي ذئب على عبد الصمد وهو والي المدينة فكلمه في شيء. فقال له عبد الصمد: إني لأراك مرائيا. فأخذ ابن أبي ذئب عودا. أو شيئا من الأرض فقال: من أرائي. فو الله للناس عندي أهون من هذا.
قال: اخبرنا محمد بن عمر. قال: حج أبو جعفر. فدعا الحسن بن زيد ودعا ابن أبي ذئب. فأراد أن يغري الحسن بابن أبي ذئب: وعرف أبو جعفر أن صاحب الحسن غير مغفول عنه. فقال لابن أبي ذئب. نشدتك الله. ما تعلم من الحسن بن زيد؟ قال: أما إذا نشدتني. فإنه يدعونا فيستشيرنا. فنخبره بالحق. فيدعه ويعمل بهواه. إن اشتهى شيئا أخذ به. وإن لم يرده تركه. قال فقال الحسن بن زيد: نشدتك
الله يا أمير المؤمنين إلا سألته عن نفسك. قال: فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب:
نشدتك بالله ما تعلم مني؟ ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا. ما أراك تعدل. وإنك لجائر. وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير والفضل.
قال: قال محمد بن عمر: فحدثني محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي وإبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي وأخبرت عن عيسى بن علي. قالوا: نحن عند أبي جعفر حين كلمه ابن أبي ذئب بما كلمه به من ذلك الكلام الشديد فظننا أن أبا جعفر سيعالجه. فجعلنا نكف إلينا ثيابنا ونتنحى مخافة أن يصيبنا من دمه. قال:
وجزع أبو جعفر واغتم قال له: قم فاخرج. قال: ورزقه الله السلامة من أبي جعفر فخرج ابن أبي ذئب إلى أم ولده سلامه وهي معه فقال احتسبي دنانيرك التي كان حسن بن زيد يجريها عليك. قالت: ولم؟ قال سألني أبو جعفر عنه فقلت له كذا وكذا. وحسن حاضر. فقالت: ففي الله خلف وعوض منها. قال: فخرج حسن بن زيد. وذكر ذلك لابن أبي الزناد. قال: والله ما ساءني كلامه. ولقد علمت على أنه أراد الله بذلك.
ولم يرد به الدنيا. ولا رضى أبي جعفر. ولكن كان ذلك الحق عنده فأراد الله به. فلما كان رأس الهلال زاده حسن بن زيد خمسة دنانير أخرى في كل شهر. فصارت عشرة.
فلم يزل يجريها عليه في كل شهر حتى مات. وقال: إنما زدته ذلك لإرادته الله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: لما ولي جعفر بن سليمان بن علي على المدينة المرة الأولى أرسل إلى ابن أبي ذئب بمائة دينار. فاشترى منها ساجا كرديا بعشرة دنانير فلبسه عمره. ثم لبسه ولده بعده ثلاثين سنة. وكانت حاله ضعيفة جدا.
وأرسل إليه فقدم به عليهم بغداد. فلم يزالوا به حتى قبل منهم. فأعطوه ألف دينار فلم يقبل فقالوا: خذها وفرقها فيمن رأيت. فأخذها وانصرف يريد المدينة. فلما كان بالكوفة اشتكى ومات. فدفن بالكوفة وهو يومئذ ابن تسع وسبعين سنة. وكان ابن أبي ذئب يفتي بالمدينة وكان عالما ثقة فقيها ورعا عابدا فاضلا. وكان يرمي بالقدرة. ولم يكن الذي بينه وبين مالك بن أنس بذلك.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 455
أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذنب القرشي مات بالكوفة، قال أحمد: مات سنة تسع وخمسين ومائة، وقال ابن أبي فديك: مات سنة ثمان وخمسين ومائة، وقال ابن أبي فديك: مات سنة ثمان وخمسين ومائة. وسأل أبو جعفر مالكا: من بقي بالمدينة من المشيخة فقال: يا أمير المؤمنين، ابن أبي ذئب وابن أبي سلمة وابن أبي سبرة.
دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 67
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب واسم أبي ذئب هشام بن شعبة بن عبد الله كنيته أبو الحارث من عباد أهل المدينة وقرائهم وفقهائهم كان مولده سنة ثمانين ومات سنة تسع وخمسين ومائة وكان من أقول أهل المدينة بالحق
دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 223
محمد بن عبد الرحمن [ع] بن المغيرة بن أبي ذئب.
أحد الاعلام الثقات.
متفق على عدالته.
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سألت عليا عنه، فقال: كان عندنا ثقة، وكانوا يوهنونه في أشياء رواها عن الزهري.
وسئل أحمد بن حنبل عنه فوثقه ولم يرضه في الزهري، وذكره السليماني في أسامي القدرية، فالله أعلم.
وقد نفى القدر عنه الواقدي وغيره.
[توفى سنة 59].
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 3- ص: 620
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب العامري أبو الحارث المدني
أحد فقهاء الأمة
روى عن أبيه وخاله الحارث بن عبد الرحمن والزهري ونافع ومحمد بن المنكدر وخلق
وعنه الثوري ومعمر وابن المبارك وخلق
قال أحمد كان ثقة صدوقًا أفضل من مالك بن أنس إلا أن مالكًا أشد تنقية للرجال منه وابن أبي ذئب كان لا يبالي عمن يحدث مات بالكوفة سنة تسع وخمسين ومائة
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 89
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب أبو الحارث العامري
أحد الأعلام عن عكرمة ونافع والزهري وعنه معمر وابن المبارك وابن وهب والقطان وعلي بن الجعد وكان كبير الشأن ثقة توفي 159 ع
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1
ابن أبي ذئب
محمد بن عبد الرحمن 5 01
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة الحارث بن أبي ذئب
واسم أبي ذئب هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي المدني أحد بني عامر بن لؤي يكنى أبا الحارث
روى عن الزهري في الإيمان واللعان والفرائض والهبة وغيرها والقاسم بن عياش في الصوم وسعيد المقبري في الحج ونافع في العتق وغيره ومهاجر بن مسمار في الجهاد
روى عنه الوليد بن مسلم ووكيع ويحيى بن سعيد وابن أبي فديك وابن نمير وابن وهب وشبابة
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1
ابن أبي ذئب
محمد بن عبد الرحمن
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب كنيته أبو الحارث
واسم أبي ذئب هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود أمه بريهة بنت عبد الرحمن بن أبي ذئب أخت الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذئب
يروي عن نافع وأهل المدينة روى عنه الحجازيون وأهل العراق وكان من فقهاء أهل المدينة وعبادهم وكان من أقول أهل زمانه بالحق دعاهم الرشيد فاجتمعوا إليه وفيهم مالك بن أنس وابن أبي ذئب وسائر فقهاء المدينة فسألهم عن سيرته فكلهم قال ما حضره من تحسين ما هو عليه فسأل بن أبي ذئب عن ذلك فقال إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني عن هذا فعل فقال سألتك إلا صدقت قال أما بعد إن سألت فإني أراك ظالما غشوما قعدت في أمر ليس هو لك وغصبته عمن هو له بحق ثم تأخذ الأموال من حيث لا يحل لك وتنفقها فيما لا يرضى الله ورسوله ولو وجدت أعوانا لخلعتك من هذا الأمر وأدخلت فيه من هو أنصح لله وللمسلمين منك فأطرق الرشيد برأسه قال مالك فضممت إلى ثيابي كي لا يصيبني من دمه فرفع الرشيد رأسه فقال أما إنك أصدق القوم ثم قال لهم قوموا وأضعف لابن أبي ذئب في العطية وكان مع هذا يرى القدر ويقول به وكان مالك يهجره من أجله وكان مولده سنة ثمانين ومات سنة تسع وخمسين ومئة وكان له يوم مات تسع وسبعون سنة
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 7- ص: 1
محمد بن عبد الرحمن (ع)
ابن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب هشام بن شعبة القرشي، أبو الحارث، العامري المدني، الإمام الفقيه العابد الثبت.
حدث عن: عكرمة، وشعبة مولى ابن عباس، وسعيد المقبري، وشرحبيل بن سعد، والزهري، ونافع، وصالح مولى التوأمة، وخلق.
وعنه: ابن المبارك، ويحيى القطان، وأبو نعيم، والقعنبي، وأسد بن موسى، وأحمد بن يونس، وعلي بن الجعد، وخلق.
قال أحمد بن حنبل: كان ابن أبي ذئب يشبه بسعيد بن المسيب، فقيل لأحمد: أخلف مثله؟ قال: لا. وقال: كان أفضل من مالك إلا أن مالكاً كان أشد تنقية للرجال هنه.
وقال الواقدي: ولد سنة ثمانين، وكان من أورع الناس، وأفضلهم، ورمي بالقدر، وما كان قدرياً، لقد كان يعيبهم، وكان يصلي
الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غداً، ما كان فيه مزيد اجتهاد.
وأخبرني أخوه قال: كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ثم سرد الصوم، وكان خشن العيش، يتعشى الخبز بالزيت، وله قميصٌ وطيلسان يشتو فيه ويصيف. وكان من رجال العالم صرامةً وقولاً بالحق. وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب، وكان يبكر إلى الجمعة فيصلي حتى يخرج الإمام. ورأيته يأتي دار أجداده عند الصفا، فيأخذ كراءها. وكان لا يغير شيبه. ولما خرج ابن حسن لزم بيته. قال: وكان الحسن بن زيد الأمير يجري على ابن أبي ذئب كل شهرٍ خمسة دنانير، ولما ولي جعفر بن سليمان المدينة بعث إليه بمئة دينار فاشترى منها ساجاً كردياً بعشرة دنانير، فلبسه بقية عمره، وقدم به عليهم بغداد، وما زالوا به حتى قبل منهم، فأعطوه ألف دينار، فلما رجع مات بالكوفة.
وقال أحمد: هو أورع وأقوم بالحق من مالك، دخل على المنصور فلم يهله أن قال له الحق، وقال: الظلم ببابك فاش، وأبو جعفر أبو جعفر.
وقال ابن حبان: كان ابن أبي ذئب من عباد أهل المدينة وقرائهم، وفقهائهم، وكان من أقول أهل المدينة بالحق.
وقال مصعب الزبيري: كان ابن أبي ذئب [فقيه المدينة.
وقال أبو نعيم: حججت عام حج أبو جعفر، ومعه
ابن أبي ذئب] ومالك، فدعا ابن أبي ذئب فأقعده معه على دار الندوة، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد؟ قال: إنه ليتحرى العدل، فقال له: ما تقول في؟ - وأعاد عليه، فقال: ورب هذه البنية إنك لجائر، قال: فأخذ الربيع بلحيته، فقال له أبو جعفر: كف يا ابن اللخناء، وأمر له بثلاث مئة دينار.
وقيل: إن المهدي حج فدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق إلا من قام إلا ابن أبي ذئب، فقيل له: قم فهذا أمير المؤمنين، فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدي: دعوه، فقد قامت كل شعرةٍ في رأسي.
مات سنة تسعٍ وخمسين ومئة. رحمه الله.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 1- ص: 1
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب القرشي أبو الحارث المخزومي
واسم أبي ذئب هشام بن سعيد أحد بني عامر بن لؤي
روى عن الزهري ويزيد بن عبد الله بن قسيط ونافع مولى بن عمر وصالح مولى التوأمة وشعبة مولى بن عباس روى عنه سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان وابن أبي فديك وابن وهب وأبو النضر هاشم بن القاسم وعاصم بن علي وأبو نعيم وآدم العسقلاني وأحمد بن يونس وابن قعنب وقبيصة وعلى بن الجعد سمعت أبي يقول ذلك.
نا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال قال أبي وذكر بن أبي ذئب فقال كان أكثر من مالك كان رجلاً صالحاً يأمر بالمعروف قلت كان يرمي بالقدر؟ قال ما علمت.
نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال ابن أبي ذئب أثبت في سعيد المقبري من بن عجلان نا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين انه قال بن أبي ذئب ثقة نا عبد الرحمن انا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سألت يحيى بن معين قلت سمع ابن أبي ذئب من الزهري شيئاً قال عرض علي الزهري وهو حاضر وحديثه عن الزهري يضعفونه قلت أنه يقول حدثني الزهري قال أصحاب العرض يرون ذلك.
نا عبد الرحمن حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال قال بشر بن السري لم يسمع ابن أبي ذئب ولا الماجشون من الزهري قال أحمد بن سنان الواسطي معناه أنه عرض.
نا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن أحمد بن البراء قال قال علي بن المديني ابن أبي ذئب ثبت سألت أبي عن ابن أبي ذئب فقال ثقة يفقهه أوثق من أسامة بن زيد سمعت أبا زرعة يقول بن أبي ذئب مديني قرشي مخزومي ثقة حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن بن أبي ذئب ومحمد بن عجلان في المقبري فقال ما أقربهما.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 7- ص: 1