شيخ الربوة محمد بن ابي طالب الانصاري، شمس الدين: صاحب كتاب (نخبة الدهر في عجائب البر والبحر -ط) و (السيسة في علم الفراسة -خ). ولد في دمشق، وولي مشيخة الربوة (من ضواحيها) وتوفي في صفد. كان ذكيا فطنا، حلو الحديث، متقشفا صبورا على الفقر والوحدة، كثير الالام والاوجاع، ينظم الشعر ويصنف في كل علم سواء عرفه ام لم يعرفه، لفرط ذكائه. وكتابه في (الفراسة) قال الصفدي: كتبنه بخطي. واصابه صمم قبل موته بعشؤ سنين واضر من عينه الواحدة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 170

شيخ الربوة محمد ابن أبي طالب الأنصاري الصوفي شمس الدين المعروف بشيخ حطين أولا ثم بشيخ الربوة آخرا، رأيته بصفد مرات واجتمعت به مدة مديدة وكان من أذكياء العالم له قدرة على الدخول في كل علم وجرأة على التصنيف في كل فن، رأيت له عدة تصانيف حتى في الأطعمة وفي أصول الدين على غير طريق اعتزال ولا أشاعرة ولا حشوية لأنه لم يكن له علم وإنما كان ذكيا، فيوما أجده وهو يرى رأي الحكماء ويوما أراه يرى رأي الأشاعرة يوما أراه يرى رأي الاعتزال ويوما أراه يرى الحشوية ويوما أراه يرى رأي ابن سبعين وينحو طريقه، وكان يتكلم عن الأوفاق ويضعها ويتكلم على أسرار الحروف ويعرف الرمل جيدا وله في كل شيء يتكلم فيه تصنيف، وكان له نظم ليس بطايل وكان ربما عرض علي القصيدة وطلب مني تنقيحها فأغير منها كثيرا، وكان يتلكم في علم الكيمياء ويدعي فيها أشياء، والظاهر أنه كان يعرف ما يخدع به العقول ويلعب بألباب الأغمار، ولقد توصل إلى أن طلبه الأفرم نايب دمشق ونفق عليه ودخل معه في أشياء وأوهمه منها أمورا فولاه مشيخة الربوة، وهو شيخ النجم الحطيني الذي سمره السلطان الملك الناصر أوايل قدومه من الكرك في المرة الثالثة بالقاهرة وجهزه مسمرا على جمل إلى دمشق لأن النجم هذا كان شيطانا جرئا قاتل النفس لعب بعقل جولجين جمدار السلطان واتصل به بدمشق لما كان السلطان بها وأراه ملحمة عتقها وذكر فيها اسمه واسم أبيه وأمه وذكر شامات في جسمه وآثارا توصل إلى معرفتها من غيره وقال له: أنت تملك، فاطلع السلطان بعد مدة فقتل جولجين ومن كان يحادثه في ذلك وجهز أخذ النجم من قرية حطين وسمره، وكان هذا النجم يخدم الشيخ شمس الدين المذكور لما كان شيخ خانقاه حطين ببلاد صفد فورد عليهم إنسان أضافوه وأراد السفر في الليل وعلم النجم أن معه ذهبا فاتبعه وقتله فبلغت القضية الأمير سيف الدين كراي نايت صفد إذ ذاك وأحضر الشيخ شمس الدين المذكور وضربه على ما قيل لي ألف مقرعة وعوقب ثم أفرج عنه، ولهذا شمس الدين المذكور كتاب حسن في الفراسة جمع فيه كلام الشافعي ابن عربي وكلام صاحب المنصوري وكلام أفلاطون وكلام أرسطو فجاء حسنا رآه جماعة من الفضلاء فأعجبهم وكتبوه منهم الشيخ شمس الدين ابن الأكفاني وغيره وتناولته منه سنة أربع وعشرين وسبع ماية بعدما كتبته بخطي، وكان فكه المحاضرة حلو المنادرة يتوقد ذكاء، ولحقه صمم قوي قبل موته بعشر سنين وأكثر من ذلك وأضر بآخره من عينه الواحدة، وتوفي في بيمارستان الأمير سيف الدين تنكز بصفد في سنة خمس وعشرين فيما أظن.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0