الشاب الظريف محمد بن سليما بن علي بن عبد الله التمساني، شمس الدين، المعروف بالشاب الظريف، ويقال له ابن العفيف الدين التلمساني الشاعر ايضا. ولد بالقاهرة، لما كا ابوه صوفيا فيها بخانقاه سعيد السعداء. وولي عمالة الخرزانة بدمشق، وتوفي بها. له (ديوان شعر - ط) و (مقامات العشاق -خ) رسالة في ورقتين.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 150
شمس الدين ابن العفيف التلمساني محمد بن سليمان بن علي شمس الدين ابن عفيف الدين التلمساني شاعر مجيد ابن شاعر مجيد، تعانى الكتابة وولى عمالة الخزانة بدمشق، ومات شابا سنة ثمان وثمانين وست ماية، وكان فيه لعب وعشرة وانخلاع ومجون، ولد بالقاهرة فيما أخبرني به الشيخ أثير الدين أبو حيان قال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وست ماية لما كان والده صوفيا بخانقاه سعيد السعداء وأخبرني أن والده كان معه على حال نسأل الله السلامة منها ومن كل شر ولم يتعرض شمس الدين المذكور إلى ما تعرض والده في شعره من الاتحاد المشئوم وكتب شمس الدين المذكور طبقة رأيت ديوانه بخطه وهو في غاية القوة والقلم الجاري واخترت ديوانه، ورأيت خط الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى على كتاب المنهاج له وقد قرأه عفيف الدين التلمساني وولده شمس الدين محمد المذكور وقد أجازهما روايته عنه سنة سبعين وست ماية وفي أول هذه النسخة بخط شمس الدين المذكور ملكه فلان وحفظه، أنشدني الشيخ أثير الدين قال: أنشدني شمس الدين المذكور لنفسه:
أعز الله أنصار العيون | وخلد ملك هاتيك الجفون |
وضاعف بالفتور لها اقتدارا | وإن تك أضعفت عقلي وديني |
وأبقى دولة الأعطاف فينا | وإن جارت على القلب الطعين |
واسبغ ظل ذاك الشعر يوما | على قد به هيف الغصون |
وصان حجاب هاتيك الثنايا | وإن ثنت الفؤاد إلى الشجون |
رب طباخ مليح | فاتن الطرف غرير |
مالكي أصبح لكن | شغلوه بالقدور |
أسير أجفان بخد أسيل | كليم أحشاء لطرف كليل |
في حب من حظي كشعر له | لكن قصير ذا وهذا طويل |
ليس خليلا لي ولكنه | يضرم في الأحشاء نار الخليل |
يا ردفه جرت على خصره | رفقا به ما أنت إلا ثقيل |
وقد سود حظي منـ | ـك يا أبهى الورى غره |
سواد الخال والعار | ض والمقلة والطره |
قديم الهجر من لفتى | قديم في الهوى هجره |
فكم يلقاه بالإبعا | د والإيعاد والنفره |
ولا يشكو ولا تطر | ح في قفته كسره |
رأينا من حنى وجفا | ولكن زدت في كره |
فقد أصبحت لا أمـ | ـلك من صبري ولا ذره |
وقد صيرني هجر | ك في كس أخت ما أكره |
عذيري فيه من قمر | يريك بخده الزهره |
إذا قارن بالأكؤ | س إذ يشربها ثغره |
أراك الذهب المصر | ى فوق الفضة النقره |
للمنطقيين أشتكي أبدا | عيني رقيبي فليته هجعا |
حاذرها من أحبه فأبى | أن نختلي ساعة ونجتمعا |
كيف غدت دايما وما انفصلت | مانعة الجمع والخلو معا |
حل ثلاثا يوم حمامه | ذوايبا تعبق منها الغوال |
فقلت والقصد ذؤاباته | واسهري في ذي الليالي الطوال |
لم أنس لما زارني مقبلا | أولاني الوصل وما ألوى |
وقعت بالرشف على ثغره | وقع المساطيل على حلوى |
يا ذا الذي صد عن محب | أذاب فيه الغرام قلبه |
مالك في الهجر من دليل | لكن هذا علو قبه |
رأى رضابا عن تسـ | ـليه أولو العشق سلوا |
ما ذاقه وشاقه | هذا وما كيف ولو |
يا ذا الذي نام عن جفني | ونبه الوجد والجوى لي |
جفني خراجيه دموع | شوقا إلى وجهك الهلالي |
وحق هذي الأعين الساحره | وحسن هذي الوجنة الزاهره |
لو أنها واصلتي لم يبت | قلبي منها وهو بالهاجره |
بالله خف إثمي يا قاتلي | فاليوم دنيا وغدا آخره |
قلبي مصر لك ما باله | قد ذاب من أخلاقك القاهره |
يا من أطال التجني | وقد أسا في التوخي |
أسرفت تيها وعجبا | وكثرة الشد يرخي |
يا رب أحوى أحور لم يزل | يعطفني الحب على عطفه |
كأن روض النيربين انثنت | تروى كمال الحسن عن وصفه |
من عاين الدهشة في وجهه | درى بأن السهم من طرفه |
أحلى من الشهد من هويت وكم | فتت به في الهوى مرارات |
وكيف لا تستطاب ريقته | وثغره سكر سنينات |
يا خاله خضرة بعارضه | حبستها عن متيم مغرى |
كف عن العاشقين مقتصرا | هل أنت إلا حويرس الخضرا |
قامت حروب الزهر ما | بين الرياض السندسيه |
وأتت يوش الآس تغـ | ـزو روضة الورد الجنيه |
لكنها كسرت لأ | ن الورد شوكته قويه |
بمهجتي سلطان حسن غدا | يجور في الحب ولا يعدل |
يا عاشقيه حاذروا صدغه | فهو الحشيشي الذي يقتل |
هذا الفقير الذي تراه | كالفرخ ملقى بغير ريش |
قد قتلته الحشيش سكرا | والقتل من عادة الحشيش |
مثل الغزال نظرة ولفتة | من ذا رآه مقبلا ولا افتتن |
أعذب خلق الله ثغرا فما | إن لم يكن أحق بالحسن فمن |
في ثغره وخده وصدغه | الماء والخضرة والوجه الحسن |
عذار فيه قد عبثوا | محبوه وقد عنتوا |
يخاف عيون واشيه | فيمشي ثم يلتفت |
بلا غيبة للبدر وجهك أجمل | وما أنا فيما قلته متجمل |
لحاظك أسياف ذكور فما لها | كما زعموا مثل الأرامل تغزل |
وعهدي أن الشمس بالصحو آذنت | وسكري أراه في محياك يقبل |
حللت بأحشاء لها منك قاتل | فهل أنت فيها نازل أم منازل |
أرى الليل مذ حجبت ما حال لونه | على أنه بيني وبينك حايل |
أيسعدني يا طلعة البد طالع | ومن شقوتي خط بخديك نازل |
ولو أن قسا واصف منك وجنة | لأعجزه نبت بها وهو باقل |
ولقد أتيت إلى جنابك قاضيا | باللثم للعتبات بعض الواجب |
وأتيت أقصد زورة أحيى بها | فرددت يا عيني هناك بحاجب |
إذا ما رمت حل البند قالت | معاطفه حمانا لا يحل |
وإن جليت بوجنته مدام | يرى لعذاره دور ونزل |
رأى المسيحيون منه دمية | تعطو كبدر فوق غصن مايد |
فبرهنوا تثليثهم بشكله | لما رأوا ثلاثة في واحد |
ما لي بفقد المحمدين يد | مضى أخي ثم بعده الولد |
يا نار قلبي وأين قلبي أو | يا كبدي لو تكون لي كبد |
يا بايع الموت مشتريه أنا | فالصبر ما لا يصاب والجلد |
أين البنان التي إذا كتبت | وعاين الناس خطها سجدوا |
أين الثنايا التي إذا ابتسمت | أو نطقت لاح لؤلؤ نضد |
ما فقدتك الأقران يا ولدي | وإنما شمس أفقهم فقدوا |
محمد يا محمد عددا | وما لما ليس ينتهي عدد |
ماذا على الغاسلين إذ قرب الـ | ـأملاك منه لو أنهم بعدوا |
قد حملت نفسه العلوم إلى الـ | ـفردوس والنعش فوقه الجسد |
أبكيت خالاتك الضواحك من | قبل وما من صفاتك النكد |
بي كبر مسني وأمك قد | شاخت فمن أين لي ترى ولد |
وهبه قد كان لي فمثلك لا | يرجى وأين الزمان والأمد |
يا ليتني لم أكن أبا لك أو | يا ليت ما كنت أنت لي ولد |
لو أن عيني منك ما رأتا | ما رأتا ما دهاهما الرمد |
لو أن أذني منك ما سمعا | نطقا لما صمتا لما أجد |
لولا احتماليك باليدين إلى | صدري لم ترتعش عليك يد |
أرسلتما لي رسولا في رسالته | حلو المراشف والأعطاف والهيف |
وقدتما ويسيرا ذاك أنكما | وقدتما النار في بادي الضنى دنف |
مولاي كيف انثنى عنك الرسول ولم | تكن لوردة خديه بمقتطف |
جاءتك من بحر ذاك الحسن لؤلؤة | فكيف عادت بلا ثقب إلى الصدف |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0