التصنيفات

عبد الله بن عياش المنتوف الهمداني الكوفي كنيته أبو الجراح: حدث عن الشعبي وغيره، وروى عنه الهيثم بن عدي فأوعب، وكان أحد أصحاب الأخبار ورواة الأنساب والأشعار مع دراية وفهم. وكان كيسا مطبوعا صاحب نوادر. وكان ينتف لحيته، وكان أبرص. مات سنة ثمان وخمسين ومائة في السنة التي مات فيها أمير المؤمنين المنصور بالله.
كتب معن بن زائدة إلى المنتوف من اليمن: قد بعثت إليك بخمسمائة دينار، ومن ثياب اليمن بخمسين ثوبا أشتري بها دينك. فكتب إليه عبد الله: قد بعتك ديني كله ما خلا التوحيد لعلمي بقلة رغبتك فيه؛ قال ابن عياش: فحدثت بها المنصور فما زال يضحك منها ويعجب لها.
قال ثعلب: كان ابن عياش المنتوف عالما بالمثالب والأنساب شاعرا هجاء، وكان يتقى لسانه، وكان ينتف لحيته كلما طالت. فقال المنصور له يوما: انظر إلى لحية عبد الله بن الربيع، ما أحسنها! فحلف ابن عياش أنه أحسن منه. فقال ابن الربيع: ما أجرأك على الله، أيها الشيخ. فقال: يا أمير المؤمنين: احلق لحيته، وأقمني إلى جنبه حتى ترى.
وقيل: إنه كان يطعن في الربيع الحاجب في نسبه طعنا قبيحا، ويقول له: فيك شبه من المسيح، يخدعه بذلك. فكان يكرمه لذلك، حتى أخبر المنصور بما قاله.
فقال له المنصور: إنه يريد أنه لا أب لك. فتنكر له بعد ذلك.
وحدث ابن عياش أن رجلا أخذ من لحية عمر بن الخطاب، رضي الله عنه شيئا. فقال له: ليكن لسانك أطول من يديك.
قال رجل لابن عياش: لي إليك حاجة صغيرة؟ قال: اطلب لها صغيرا مثلها.
وحدث ابن شبرمة قال: بكرت على أبي جعفر المنصور ذات يوم، وقد خرج عليه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن فدخلت عليه في آخر الليل، فإذا ابن عياش المنتوف واقف، وهيلانة جاريته، فقال لها: يا لخناء، ما وراءك؟ قالت: يا أمير المؤمنين: إن هاتين العروستين اللتين جاء بهما إسحاق الأزرق من الكوفة:
الطلحية والتميمية، قد ساءت ظنونهما، وخبثت أنفسهما إذ لم يدعهما أمير المؤمنين فيبسط من آمالهما، وينظر في حوائجهما، فقال: أخسئي يا لخناء، لا والله، لا أطعم الطعام الطيب، ولا أشرب الشراب البارد حتى أعلم رأسي في يد إبراهيم، أو رأس إبراهيم في يدي. ثم التفت فلحظ ابن عياش يبتسم، فقال: ما هذا التبسم، ويلك يا ابن عياش؟ فقال: يا أمير المؤمنين: ذكرت بيت الأخطل في عبد الملك بن مروان. قال: وما هو؟ قال: قوله:

قال: يا مسيب، إذا خرج ابن عياش فادفع إليه درهمين.
وحدث ابن طاهر عن أبيه عن سلمان البرمكي قال: كان المنصور قد أخذ عهد عبد الله بن عياش بإعفاء لحيته، فلما كان اليوم الذي مات فيه المنصور جعل يصرخ عليه، وينتف لحيته، ويقول: وا أمير المؤمنيناه، حتى أتى عليها فهلبها.
قال المرزباني: لم يرو شيء من الشعر لابن عياش، بلى قوله في أخي أبي عمرو بن العلاء:
وقيل: إن هذا الشعر لسلمة بن عياش القرشي البصري.
وحدث ابن عياش قال، قال لنا المنصور: أخبروني عن خليفة جبار أول اسمه عين قتل ثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين. قال، فقلت له: عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. قال: فخليفة أول أسمه عين فعل ذلك بثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين، فقلت: أنت يا أمير المؤمنين، عبد الله بن محمد قتلت أبا مسلم، واسمه عبد الرحمن وقتلت عبد الجبار بن عبد الرحمن. قال: وأدركني ذهني، قلت:
وسقط البيت على عمك عبد الله بن علي فقتله. فضحك، وقال: ويلك، وما ذنبي إذا سقط البيت عليه فقتله ؟ فسكت وكأني آنست منه لينا فقلت: أي والله، وهذا الآخر حائطه مائل عليه أريد عمده بشيء وإلا خفت أن يسقط عليه البيت فيقتله أعني عيسى بن موسى عمه. فلما قلت: وحائطه مائل، تبسم حتى كاد يغلبه الضحك، واستتر مني بكمه، وتغافل كأنه لم يفهم ما قلت.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 4- ص: 1541

عبد الله بن عياش الهمداني المنتوف فأخباري صدوق. توفى سنة ثمان وخمسين ومائة.

  • دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 2- ص: 470

عبد الله بن عياش
المنتوف. م سنة 170هـ وقيل سنة 158 هـ كان عالماً بالأنساب والرواية.

  • دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 35