الصعلوكي محمد بن سليمان بن محمد بن هارون الحنفي (ن بني حنيفة) ابو سهل الصعلوكي: فقيه شافعي، من العلماء بالادب والتفسير. قال الصاحب ابن عباد: ما رأيا مثله ولا رأى مثل نفسه. واورد الثعالبي ابياتا من نظمه، وقال: له شعر كثير. مولده باصبهان وسكنه ووفاته بنيسابور. درس بالبصرة بضعة اعوام، وبنيسابور 32 سنة. ورويت عند فوائد.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 149
الصعلوكي الشافعي محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هرون الإمام أبو سهل الشافعي العجلي الصعلوكي النيسابوري الفقيه الأديب اللغوي المتكلم المفسر النحوي الشاعر المفتي الصوفي حبر زمانه وبقية أقرانه قاله الحاكم، ولد سنة ست وتسعين وماتين، سمع الحديث واختلف إلى أبي بكر بن خزيمة وغيره وناظر وبرع، قال الصاحب: ما رأينا مثل أبي سهل ولا رأى مثل نفسه، وعنه أخذ أبو الطيب وفقهاء نيسابور، وهو صاحب وجه ومن غرايبه إذا نوى غسل الجنابة والجمعة لا يجزئه لأحدهما وقال بوجوب النية لإزالة النجاسة ونقل الماوردي الإجماع هو والبغوي أنها لا تشترط، وصحب الشبلي وأبا علي الثقفي والمرتعش، وله كلام حسن في التصوف سئل عن التصوف فقال: الإعراض عن الاعتراض، ومن شعره:
أنام على سهو وتبكي الحمايم | وليس لها جرم ومني الجرايم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاقلا | لما سبقتني بالبكاء الحمايم |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
الصعلوكي أبو سهل محمد بن سليمان الشافعي المفسر الشاعر.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0
الصعلوكي الإمام العلامة ذو الفنون، أبو سهل، محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الحنفي العجلي الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي، المتكلم النحوي، المفسر اللغوي، الصوفي، شيخ خراسان.
قال الحاكم: هو حبر زمانه، وبقية أقرانه، ولد سنة ست وتسعين ومائتين، وأول سماعه في سنة خمس وثلاث مائة، واختلف إلى ابن خزيمة، ثم اختلف إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وناظر وبرع، ثم استدعي إلى أصبهان، فلما بلغه نعي عمه أبي الطيب الصعلوكي خرج في الخفية حتى قدم نيسابور في سنة سبع وثلاثين، ثم نقل أهله من أصبهان.
أفتى ودرس بنيسابور نيفا وثلاثين سنة.
سمع إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأحمد بن الماسرجسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمداباذي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وسمع ببغداد من إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وابن الأنباري، والمحاملي، وكان يمتنع عن التحديث كثيرا إلى سنة خمس وستين، فأجاب إلى الإملاء، وقد سمعت أبا بكر الصبغي غير مرة يعوذ الأستاذ أبا سهل، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين.
وقيل: سئل أبو الوليد حسان الفقيه عن أبي بكر القفال، وأبي سهل الصعلوكي، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل.
وقال الفقيه أبو بكر الصيرفي: لم ير أهل خراسان مثل أبي سهل.
قال الصاحب إسماعيل بن عباد: ما رأينا مثل أبي سهل، ولا رأى مثل نفسه.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها، وأجدل من رأينا من الشافعية بخراسان، وهو مع ذلك أديب شاعر نحوي كاتب عروضي، صحب الفقراء.
قال الشيخ أبو إسحاق في ’’الطبقات’’: الصعلوكي من بني حنيفة، وهو صاحب أبي
إسحاق المروزي، مات في آخر سنة تسع وستين وثلاث مائة، وكان فقيها أديبا متكلما مفسرا صوفيا كاتبا، عنه أخذ ابنه أبو الطيب وفقهاء نيسابور.
قلت: هو صاحب وجه، ومن غرائبه وجوب النية لإزالة النجاسة.
وقال أبو العباس النسوي: كان أبو سهل الصعلوكي مقدما في علم التصوف، صحب الشبلي، وأبا علي الثقفي، والمرتعش، وله كلام حسن في التصوف.
قلت: مناقب هذا الإمام جمة.
قال أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن فورك يقول: سئل الأستاذ أبو سهل عن جواز رؤية الله بالعقل فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة، والإرادة لا تتعلق بمحال.
وقال السلمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قط، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط، وسمعته يسأل عن التصوف فقال: الإعراض عن الاعتراض، وسمعته يقول: من قال لشيخه: لم؟ لا يفلح أبدا.
وقد حضر أبو القاسم النصراباذي وجماعة، وتكلم قوال فقال:
جعلت تنزهي نظري إليكا
فقال النصراباذي: قل: جعلت. فقال أبو سهل: بل جعلت، فرأينا النصراباذي ألطف قولا منه في ذلك، فقال: ما لنا وللتفرقة؟! أليس عين الجمع أحق؟ فسكت النصراباذي، ومن حضر.
قلت: يشير إلى الوحدة وهي الجمع، وهذا الجمع مقيد بناظر ومنظور، وهو يرجع إلى القدر، فما جعل نظره حتى جعله الله، قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} يعني: إذا قلتها بالضم أو بالفتح فهما متلازمان.
قال السلمي: قال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبعة أعوام ما مرت بي جمعة إلا ولي على الشبلي وقفة، أو سؤال، ودخل الشبلي على أبي إسحاق المروزي فرآني عنده، فقال: ذا المجنون من أصحابك، لا بل من أصحابنا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا محمد بن يوسف الحافظ، أخبرتنا زينب بنت أبي القاسم، وأخبرنا أحمد عن زينب قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، أخبرنا عمر بن مسرور، أخبرنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفي إملاء، حدثنا أبو قريش
الحافظ، حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة، حدثنا مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء’’.
وبه أنشدنا أبو سهل الحنفي لنفسه:
أنام على سهو وتبكي الحمائم | وليس لها جرم ومني الجرائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاقلا | لما سبقتني بالبكاء الحمائم |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 279
محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون بن عيسى بن إبراهيم ابن بشر الحنفى نسبا من بنى حنيفة العجلى الإمام الأستاذ الكبير أبو سهل الصعلوكى شيخ عصره وقدوة أهل زمانه وإمام وقته في الفقه والنحو والتفسير واللغة والشعر والعروض والكلام والتصوف وغير ذلك من أصناف العلوم
أجمع أهل عصره على أنه بحر العلم الذى لا ينزف وإن كثرت الدلا وجبل المعارف التى لا تمر بها الخصوم إلا كما يمر الهوا
ولد سنة ست وتسعين ومائتين
وأول سماعه سنة خمس وثلاثمائة
سمع ابن خزيمة وعنه حمل الحديث وأبا العباس السراج وأبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسى وأبا قريش محمد بن جمعة وأحمد بن عمر المحمداباذى وأبا محمد بن أبي حاتم وإبراهيم بن عبد الصمد وأبا بكر ابن الأنبارى والمحاملى وغيرهم
وتفقه على أبى إسحاق المروزى وطلب العلم وتبحر فيه قبل خروجه إلى العراق بسنين
قال الحاكم لأنه ناظر في مجلس أبى الفضل البلعمى الوزير سنة سبع عشرة وثلاثمائة وتقدم في المجلس إذ ذاك ثم خرج إلى العراق سنة اثنتين وعشرين وهو إذ ذاك أوحد بين أصحابه ثم دخل البصرة ودرس بها سنين فلما نعى إليه عمه أبو الطيب وعلم أن أهل أصبهان لا يخلون عنه في انصرافه خرج مختفيا منهم فورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين وهو على الرجوع إلى الأهل والولد والمستقر من أصبهان فلما ورد جلس لمأتم عمه ثلاثة أيام فكان الشيخ أبو بكر بن إسحاق يحضر كل يوم فيقعد معه هذا على قلة حركته وكذلك كل رئيس ومرؤوس وقاض ومفت من الفريقين فلما انقضت الأيام عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس والإلقاء ومجلس النظر عشية الأربعاء واستقرت به الدار ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه أن ينقل من خلفهم وراءه بأصبهان
فأجاب إلى ذلك ودرس وأفتى ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة وكان يسأل عن التحديث فيمتنع أشد الامتناع إلى غرة رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة سئل فأجاب للإملاء وقعد للتحديث عشية يوم الجمعة
قال الحاكم سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق عشية يوم الجمعة
قال الحاكم سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام غير مرة وهو يعوذ الأستاذ أبا سهل وينفث على دعائه ويقول بارك الله فيك لا أصابتك العين هذا في مجالس النظر عشية السبت للكلام وعشية الثلاثاء للفقه
قال وسمعت أبا على الإسفراينى يقول سمعت أبا إسحاق المروزى يقول ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبى سهل النيسابورى
قال وسمعت أبا بكر محمد بن على القفال الفقيه ببخارى يقول قلت للفقيه أبى سهل بنيسابور حين أراد مناظرتى هذا ستر قد أسبله الله على فلا تسبق إلى كشفه
قال وسمعت أبا منصور الفقيه يقول سئل أبو الوليد عن أبى بكر القفال وأبى سهل أيهما أرجح فقال ومن يقدر أن يكون مثل أبى سهل وعن أبى بكر الصيرفى خرج أبو سهل إلى خراسان ولم ير أهل خراسان مثله
وعن الصاحب أبى القاسم بن عباد لا يرى مثله ولا رأى هو مثل نفسه
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى أبو سهل الصعلوكى صاحب أبى إسحاق المروزى كان فقيها أديبا شاعرا متكلما مفسرا صوفيا كاتبا وعنه أخذ فقهاء نيسابور وابنه أبو الطيب
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيرى سمعت أبا عبد الرحمن السلمى يقول وهب الأستاذ أبو سهل جبته من إنسان في الشتاء وكان يلبس جبة النساء حين يخرج إلى التدريس إذ لم تكن له جبة أخرى فقدم الوفد المعروفون من فارس فيهم في كل نوع إمام من الفقهاء والمتكلمين والنحويين فأرسل إليه صاحب الجيش وهو أبو الحسن
وأمره أن يركب للاستقبال فلبس دراعة فوق تلك الجبة التى للنساء وركب فقال صاحب الجيش إنه يستخف بى إمام البلد يركب في جبة النسوان ثم إنه ناظرهم أجمعين وظهر كلامه على كلام جميعهم في كل فن
وقال الأستاذ أبو القاسم سمعت أبا بكر بن إشكاب يقول رأيت الأستاذ أبا سهل في المنام على هيئة حسنة لا توصف فقلت يا أستاذ بم نلت هذا فقال بحسن ظنى بربى
وحكى أن أبا نصر الواعظ وكان حنفيا في زمان الأستاذ أبى سهل انتقل إلى مذهب الشافعي فسئل عن ذلك فقال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم في المنام مع أصحابه قاصدا لعيادة الأستاذ أبى سهل وكان مريضا قال فتبعته ودخلت عليه معه وقعدت بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم متفكرا فقلت إن هذا إمام أصحاب الحديث وإن مات أخشى أن يقع الخلل فيهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى (لا تفكر في ذلك إن الله لا يضيع عصابة أنا سيدها
قلت صحب الأستاذ أبو سهل من أئمة التصوف المرتعش والشبلى وأبا على الثقفى وغيرهم
وحكى عنه أنه قال ما مرت بى جمعة وأنا ببغداد إلا ولى على الشبلى وقفة أو سؤال
وأنه قال دخل الشبلى على أبى إسحاق المروزى فرآنى عنده فقال ذا المجنون من أصحابك لا بل من أصحابنا
وقال السلمى سمعت أبا سهل يقول ما عقدت على شئ قط وما كان لى قفل ولا مفتاح ولا صررت على فضة ولا ذهب قط
قال الحاكم توفى الأستاذ أبو سهل يوم الثلاثاء خامس عشر ذى القعدة سنة تسع وستين وثلاثمائة وصلى عليه ابنه أبو الطيب ودفن في المجلس الذى كان يدرس فيه
ومن الرواية عنه
أخبرنا أحمد بن على الجزرى بقراءتى وفاطمة بنت إبراهيم بن أبي عمر قراءة عليهما وأنا أسمع قالا أخبرنا إبراهيم بن خليل حضورا أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن على بن المسلم أخبرنا أبو الحسن على بن الحسن بن الحسين الموازينى أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتى سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى يقول قلت يوما للأستاذ أبى سهل في كلام يجرى بيننا فقال لى أما علمت أن من قال لأستاذه لم لا يفلح أبدا
وبه قال سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن يقول قال الأستاذ أبو سهل لى يوما عقوق الوالدين يمحوها الاستغفار وعقوق الأستاذين لا يمحوها شئ
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا إن لم أكن قرأته عليه أخبرنا أبو الفضل أحمد ابن هبة الله بن تاج الأمناء أخبرنا محمد بن يوسف الحافظ أن زينب بنت أبى القاسم الشعرى أخبرته
ح قال شيخنا وأخبرنا أبو الفضل أنها كتبت إليه تخبره أن إسماعيل بن أبي القاسم أخبرها أخبرنا عمر بن أحمد بن منصور قال أنشدنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفى إملاء أنشدنا أبو بكر الأنبارى أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
لقد هتفت في جنح ليل حمامة | إلى إلفها شوقا وإنى لنائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا | لما سبقتنى بالبكاء الحمائم |
أنام على سهو وتبكى الحمائم | وليس لها جرم ومنى الجرائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاقلا | لما سبقتنى بالبكاء الحمائم |
تمنيت شهر الصوم لا لعبادة | ولكن رجاء أن أرى ليلة القدر |
فأدعو إله الناس دعوة عاشق | عسى أن يريح العاشقين من الهجر |
تمنيت ما لو نلته فسد الهوى | وحل به للحين قاصمة الظهر |
فما في الهوى طيب ولا لذة سوى | معاناة ما فيه يقاسى من الهجر |
ولقد كنتم رويتم | عن سعيد عن قتادة |
عن سعيد بن المسيب | أن سعد بن عبادة |
قال من مات محبا | فله أجر الشهاده |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 3- ص: 167
محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون بن موسى بن عيسى بن إبراهيم بن بشر، الحنفي نسبا، من بني حنيفة، العجلي، الأستاذ الكبير أبو سهل الصعلوكي الشافي. شيخ عصره، وقدوة أهل زمانه، وإمام وقته في الفقه، والتفسير، واللغة، والنحو، والشعر، والعروض، والكلام، والتصوف، وغير ذلك من أصناف العلم.
أجمع أهل عصره على أنه بحر العلم الذي لا ينزف.
ولد سنة ست وتسعين ومائتين.
وأول سماعه سنة خمس وثلاثمائة.
سمع ابن خزيمة، وعنه حمل الحديث، وأبا العباس السراج، وأبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمدآباذي، وأبا محمد بن أبي حاتم، وإبراهيم بن عبد الصمد، وأبا بكر بن الأنباري، والمحاملي، وغيرهم.
وتفقه على أبي إسحاق المروزي، وطلب العلم، وتبحر فيه قبل خروجه إلى العراق بسنين.
قال الحاكم: لأنه ناظر في مجلس أبي الفضل البلعمي، الوزير، سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتقدم في المجلس إذ ذاك، ثم خرج إلى العراق، سنة اثنتين وعشرين، وهو إذ ذاك أوحد بين أصحابه، ثم دخل البصرة ودرس بها سنين، فلما نعي إليه عمه أبو الطيب، وعلم أن أهل أصبهان لا يخلون عنه في انصرافه خرج مختفيا منهم، فورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين، وهو على الرجوع إلى الأهل والولد والمستقر من أصبهان، فلما ورد جلس لمأتم عمه ثلاثة أيام، فكان الشيخ أبو بكر بن إسحاق يحضر كل يوم، فيقعد معه، هذا مع قلة حركته، وكذلك كل رئيس ومرءوس، وقاض ومفت من الفريقين، فلما انقضت الأيام عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس والإلقاء، ومجلس النظر عشية الأربعاء، واستقرت به الدار، ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم، وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه أن ينقل من خلفهم وراءه بأصبهان، فأجاب إلى ذلك، ودرس، وأفتى، ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة، وكان يسأل عن التحدث فيمتنع أشد الامتناع إلى غرة رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة، سئل فأجاب للإملاء، وقعد للتحدث عشية الجمعة.
قال الحاكم: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام غير مرة، وهو يعوذ أبا سهل، وينفث على دعائه، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابتك العين.
هذا في مجلس النظر عشية السبت للكلام، وعشية الثلاثاء للفقه.
قال: وسمعت أبا علي الأسفرايني يقول: سمعت أبا إسحاق المروزي يقول: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النيسابوري.
قال: وسمعت أبا بكر محمد بن علي القفال، الفقيه ببخارى يقول: قلت للفقيه أبي سهل بنيسابور حين أراد مناظرتي: هذا ستر قد أسبله الله علي، فلا تسبق إلى كشفه.
قال: وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو الوليد عن أبي بكر القفال وأبي سهل، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل؟ وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن إشكاب يقول: رأيت الأستاذ أبا سهل في المنام على هيئة حسنة لا توصف، فقلت: يا أستاذ، بم نلت هذا؟ فقال: بحسن ظني بربي.
وحكي أن أبا نصر الواعظ، وكان حنفيا في زمان الأستاذ أبي سهل انتقل إلى مذهب الشافعي، فسئل عن ذلك فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مع أصحابه قاصدا لعيادة الأستاذ أبي سهل. وكان مريضا، قال: فتبعته، ودخلت عليه معه، وقعدت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم متفكرا، فقلت إن هذا إمام أصحاب الحديث، وإن مات أخشى أن يقع الخلل فيهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي: لا تفكر في ذاك إن الله لا يضيع عصابة أنا سيدها.
صحب الأستاذ أبو سهل من أئمة التصوف المرتعش، والشبلي، وأبا علي الثقفي، وغيرهم.
وقال السلمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت لي على شيء قط، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط. توفي يوم الثلاثاء خامس عشر ذي القعدة. سنة تسع وستين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أبو الطيب، ودفن في المجلس الذي كان يدرس فيه.
قال الشيخ أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتي: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، يقول: قلت يوما للأستاذ أبي سهل، في كلام يجري بيننا: لم؟ فقال لي أما علمت أن من قال لأستاذه: لم، لا يفلح أبدا.
قال: وسمعت الشيخ أبا عبد الرحمن، يقول: قال الأستاذ أبو سهل لي يوما: عقوق الوالدين يمحوها الاستغفار، وعقوق الأستاذين لا يمحوها شيء.
قال عمر بن أحمد بن منصور: أنشدنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفي إملاء، أنشدنا أبو بكر بن الأنباري، أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى:
لقد هتفت في جنح ليل حمامة | إلى إلفها شوقا وإني لنائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا | لما سبقتني بالبكاء الحمائم |
أنام على سهو وتبكي الحمائم | وليس لها جرم ومني الجرائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاقلا | لما سبقتني بالبكاء الحمائم |
تمنيت شهر الصوم لا لعبادة | ولكن رجاء أن أرى ليلة القدر |
فأدعو اله الناس دعوة عاشق | عسى أن يريح العاشقين من الهجر |
تمنيت ما لو نلته فسد الهوى | وحل به للحين قاصمة الظهر |
فما في الهوى طيب ولا لذة سوى | معاناة ما فيه يقاسى من الهجر |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 152
محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الصعلوكي الحنفي: من بني حنيفة، صاحب أبي إسحاق المروزي. مات في آخر سنة تسع وستين وثلاثمائة، وكان فقيها أديبا شاعرا متكلما مفسرا صوفيا كاتبا وعنه أخذ ابنه أبو الطيب وفقهاء نيسابور.
دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 115
الحنفي نسباً، العجلي، الشافعي مذهباً.
أحد أئمة وقته في علوم، متفق على تقدمه وجلالته.
ذكره أبو العباس النسوي الصوفي، وحكى أنه كان يقدم في علوم الصوفية، ويتكلم فيها بأحسن كلام.
وصحب من أئمتهم: المرتعش، والشبلي، وأبا علي الثقفي، وغيرهم.
قال: وكان حسن السماع.
قال السلمي: وقال لي يوماً: عقوق الوالدين يمحوها التوبة، وعقوق الأستاذين لا يمحوها شيء البتة.
وقال السلمي: سمعت الشيخ أبا سهل الصعلوكي يقول: أقمت ببغداد سبع سنين، ما مرت بي جمعة إلا ولي على الشبلي وقفة أو سؤال. وسمعته يقول: دخل الشبلي على أبي إسحاق المروزي، فرآني عنده، فقال: ذا المجنون من أصحابك؟ لا، بل من أصحابنا.
وذكره الحاكم فقال: الإمام الهمام، أبو سهل الصعلوكي الفقيه الأديب اللغوي النحوي المتكلم المفسر المفتي الصوفي الكاتب الشاعر العروضي، حبر زمانه، وبقية أقرانه.
وحكى أنه سمع الحديث أول سمعة سنة خمس وثلاث مئة، وأحضر للتفقه مجلس أبي علي الثقفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، وكان عمه أبو الطيب أحمد بن سليمان يمنعه عن الاختلاف إلا إلى أبي بكر ابن خزيمة وأصحابه، فلما توفي أبو بكر طلب الفقه، وتبحر في العلوم قبل خروجه إلى العراق بسنين، فإنه ناظر في مجلس الوزير أبي الفضل البلعمي سنة تسع عشرة وثلاث مئة، وهو إذ ذاك يقدم في المجلس، ويستعظم البلعمي كلامه، ثم خرج إلى العراق سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، وهو أوحد بين أصحابه، ثم دخل البصرة ودرس بها سنين، ثم استدعي إلى أصبهان ونزلها سنين، فلما نعي إليه عمه أبو الطيب علم أن أهل أصبهان، لا يخلونه ينصرف، فخرج منها مختفيا منهم، وورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، وهو على الرجوع إلى أهله وولده ومستقره من أصبهان، ولما وردها جلس لمأتم عمه أياماً ثلاثة، فكان الشيخ أبو بكر ابن إسحاق على قلة حركته وقعوده عن قضاء الحقوق يحضره كل يوم، فيقعد معه، وكذلك كل رئيس ومرؤوس وقاض ومفت من الفريقين، فلما انقضت أيام العزاء عقدوا له المجلس غداة يوم للتدريس، وبين العشاءين للإلقاء، وعشية الأربعاء للنظر، واستقرت به الدار، ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم.
وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه نقل من خلف وراءه بأصبهان،
فأجاب إلى ذلك، ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة. ’’سمع الحديث بخراسان من: الإمام أبي بكر ابن خزيمة، وأبي العباس الثقفي، والماسرجي، والأزهري، وأبي قريش الحافظ، وأقرانهم.
وبالري: من أبي محمد ابن أبي حاتم، وأقرانه.
وبالعراق: من أبي عبد الله المحاملي، وأقرانه.
قال الحاكم: أظنني أول من كتب عنه الحديث، فإني سمعت الأستاذ يقول عند وروده في سنة سبع وثلاثين: كنت أمشي مع عمي، فلما وردنا باب عزرة استقبلنا أبو العباس السراج، فسلم عليه عمي، ثم قالـ “يا أبا العباس ابن أخي، فرحب بي أبو العباس، ودعا لي، فقال لي عمي: يا أبا العباس! حدثه بحديث، فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئا لغد.
حدثني به وهو قائم، وذلك سنة خمس وثلاث مئة، ثم إن الأستاذ سئل التحديث غير مرة، فامتنع أشد الامتناع إلى غرة رجب من سنة خمس وستين وثلاث مئة، فإنه أجاب إلى الإملاء، وقعد للتحديث، وحدث.
قال الحاكم: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام رحمه الله تعالى غير مرة، وهو يعوذ الأستاذ أبا سهل، وينفث على دعائه، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين. هذا في مجالس النظر عشية السبت للكلام، وعشية الثلاثاء للفقه.
سمعت أبا علي الإسفرايني يقول: سمعت المروزي يقول: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النيسابوري.
سمعت أبا الطاهر الأنماطي الفقيه بالري يقول: سمعت الصاحب أبا القاسم يقول: إذا فكرت في مسألة التكليف نقض علي خلق أبي سهل، فإني أعلم أنه لا يرى مثله، ولا رأى هو مثل نفسه.
سمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو الوليد عن أبي بكر القفال وأبي سهل، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل؟
سمعت أبا الفضل ابن يعقوب يقول: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد السوجردي يقول: كنت في حلقة أبي بكر الشافعي الصيرفي فسمعته يقول: خرج الصعلوكي إلى خراسان، ولم ير أهل خراسان مثله.
توفي الأستاذ أبو سهل في ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاث مئة، وهو ابن ثلاث وسبعين وأشهر، وخرج السلطان في جنازته بنفسه، فقدم ابنه الفقيه أبا الطيب فصلى عليه، ودفن في المجلس الذي كان يدرس فيه. قال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا سهل، وقد دفع إليه ورقه فيها مسألة، فلما قرأها لنفسه قرأها علينا، فإذا فيها:
تمنيت شهر الصوم لا لعبادة | ولكن رجاء أن أرى ليلة القدر |
فأدعو إله الناس دعوة عاشق | عسى أن يريح العاشقين من الهجر |
تمنيت ما لو نلته فسد الهوى | وحل به للحين قاصمة الظهر |
فما في الهوى طيب ولا لذة سوى | معاناة ما فيه يقاسى من الهجر |
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 158
محمد بن سليمان، سبق.
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 688
محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون بن موسى بن عيسى بن إبراهيم بن بشر، أبو سهل، العجلي، الحنفي نسباً، الأصبهانى أصلاً ومولداً، النيسابوري داراً، الصعلوكي، الفقيه الشافعي.
سمع: أبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأحمد الماسرجسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمداباذي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وابن الأنباري، والمحاملي، وغيرهم.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم وقال: الفقيه، إمام الشافعيين في عصره، وقال مرة: إمام الشافعيين في عصره، بلا مدافعة من موافق ومخالف منصف. وعنه - أيضاً - أبو عبد الرحمن السلمي، وابنه أبو الطيب سهل، وأبو نصر بن قتادة، ووصفه بالإمام، وذكر أنه حدثه إملاءً، وروى عنه جماعة كثيرة آخرهم أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد.
قال الحاكم في ’’تاريخه’’: الإمام الهمام، أبو سهل الصعلوكي، الفقيه الأديب، اللغوي النحوي الشاعر المتكلم المفسر المفتي الصوفي الكاتب العروضي، إمام عصره بلا مدافعة، والمرجوع إليه في العلوم، وصار رئيس نيسابور، حبر زمانه، وبقية أقرانه، ولد سنة ست وسبعين ومائتين، وسمع أول ما سمع سنة خمس وثلاثمائة، وكان يليق به المتقدم أحضر للتفقه مجلس أبي علي الثقفي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وكان عمه أبو الطيب أحمد بن سليمان يمنعه عن الاختلاف إلا إلى أبي بكر بن خزيمة وأصحابه، فلما توفي أبو بكر طلب الفقه، وتبحر في العلوم قبل خروجه إلى العراق بسنين، فإنه ناظر في مجلس الوزير أبي الفضل البلعمي سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وهو إذ ذاك يقدم في المجلس، ويستعظم البلعمي كلامه، ثم خرج إلى العراق سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وهو أوحد بين أصحابه، ثم خرج إلى البصرة ودرس بها سنين، إلى أن استدعي إلى أصبهان وأقام بها سنين، فلما نعي له عمه أبو الطيب، وعلم أن أهل أصبهان لا يخلون عنه في انصرافه، خرج متخفياً منهم، فورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وهو على الرجوع إلى أهله وولده ومستقره من أصبهان، فلما وردها جلس لمأتم عمه ثلاثة أيام، فكان الشيخ أبو بكر بن إسحاق على قلة حركته وقعوده عن قضاء الحقوق يحضره كل يوم، فيقعد معه، وكذلك كل رئيس ومرؤوسٍ وقاضٍ ومفتٍ من الفريقين، فلما انقضت أيام العزاء عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس بين العشائين للإلقاء، وعشية الأربعاء للنظر، واستقرت به الدار، ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم، وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه نقل من خلفهم وراءه بأصبهان، فأجاب إلى ذلك ودرس وأفتى ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة، وصار مقدماً للعلماء على الإطلاق، سمع بخراسان، وبالري، وبالعراق، وأظنني أول من كتب عنه الحديث، فإني سمعت الأستاذ يقول عند وروده في سنة سبع وثلاثين: كنت أمشي مع عمي، فلما وردنا باب عزرة استقبلنا أبو العباس السراج، فسلم عليه عمي، ثم قال: يا أبا العباس ابن أخي، فرحب بي أبو العباس ودعا لي، فقال له عمي: يا أبا العباس حدثه بحديث، فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت عن أنس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدخر شيئاً لغدٍ حدثني به وهو قائم، وذلك سنة خمس وثلاثمائة، ثم إن الأستاذ سئل عن التحديث غير مرة، فامتنع أشد الامتناع إلى غرة رجب من سنة خمس وستين وثلاثمائة عشية الجمعة، فإنه أجاب إلى الإملاء، وقعد للتحديث، وحدث، وسمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام - رحمه الله تعالي - غير مرة وهو يعوذ الأستاذ أبا سهل، وينفث على دعائه، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين، هذا في مجالس النظر عشية السبت للكلام، وعشية الثلاثاء للفقه، وسمعت أبا علي الإسفراييني يقول: سمعت المروزي يقول: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النيسابوري. وسمعت أبا الطاهر الأنماطي الفقيه بالري يقول: سمعت الصاحب أبا القاسم بن عباد يقول: إني أعلم أنه لا يرى مثله، ولا رأى مثل نفسه، وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو الوليد النيسابوري عن أبي بكر القفال، وأبي سهل، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل! وسمعت أبا الفضل بن يعقوب يقول: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد السوجردي يقول: كنت في حلقة أبي بكر الشافعي الصيرفي فسمعته يقول: خرج الصعلوكي إلى خراسان، ولم ير أهل خراسان مثله، وسمعت أبا بكر محمد بن علي القفال الفقيه ببخارى يقول: قلت للفقيه أبي سهل بنيسابور حين أراد مناظرتي: هذا ستر قد أسبله الله علي فلا تسبق إلى كشفه. سمعت الأستاذ أبا سهل، وقد دفع إليه ورقة فيها مسألة، فلما قرأها لنفسه قرأها علينا فإذا فيها:
تمنيت شهر الصوم لا لعبادةٍ | ولكن رجاءً أن أرى ليلة القدر |
فأدعوا إله الناس دعوة عاشقٍ | عسى أن يريح العاشقين من الهجر |
تمنيت ما لو نلته فسد الهوى | وحل به للحين قاصمة الظهر |
فما في الهوى طيبٌ ولا لذةٌ سوى | معاناة ما فيه يقاسى من الهجر |
ولقد كنتم رويتم | عن سعيد عن قتاده |
عن سعيد بن المسيب | أن سعد بن عباده |
قال من مات محباً | فله أجر الشهادة |
سلوت عن الدنيا عزيزاً فنلتها | وجدت بها لما تناهت بأمالي |
علمت مصير الدهركيف سبيله | فزايلته قبل الزوال بأحوال |
دع الدنيا لعاشقها | ستصبح من ذبائحها |
ولا تغررك رائحة | تصيبك من روائحها |
فمادحها بغفلته | يصير إلى فضائحها |
أنام على سهو وتبكي الحمائم | وليس لها جرمٌ ومني الجرائم |
كذبت وبيت الله لو كنت عاقلاً | لماسبقتني بالبكاء الحمائم |
إمام الهدى إني لفعلك شاكر | إمام الهدى إني بودك فأخر |
أبا سهل الحبر المقدم أصبحت | لدي إياد منك غر ظواهر |
أأكفر إحساناً لبست جماله | إذاً لم تلدني المحصنات الطواهر |
أبو سهل السباق في كل مجلس | على الخصم سيف صارم الحدباتر |
له مكرمات يقصر الوصف دونها | ومن رام إحصاءً لها فهو قاصر |
خصال أبي سهل نجوم مضيئة | وألفاظه المستعذبات جواهر |
وهمته فوق السماء وذكره | إلى كل أطراف البسيطة سائر |
أحار أبا سهل وفيك تحيري | وها أنا في مستعجم الأمر حائر |
فيا عجباً من واحدٍ سبق الورى | فما فيهم مثل له ومفاخر |
لعمري لقد أحيا الشريعة علمه | ولولاه أضحى رسمها وهو داثر |
مساميه يبغي أبعد الشأو في العلا | وهل مدرك شأو المها قط حافر |
ألا قصروا أنى لكم مثل فهمه | وذلك بحرموجه الدهر زاخر |
هم يسهرون الليل في ضبط حجة | تزول إذا ما جالش للشيخ خاطر |
هو الصدرالمتبوع في كل مجلسٍ | وعن رأيه العالي مباهيه صادر |
أغار عليه حين ينثر دره | إذا وطئ المنثور من ذاك باقر |
ويوحشني مهما يساميه مفحم | كليل بطيء بالسفاهة خابر |
ودادي له هز القريض وصاغه | وما لي من طبع وما أنا شاعر |
بلوت فما فيهم سواك مظاهر | فأنت إمام الدين عندي ظاهر |
بقيت وسهلاً ما أقام متالع | وما ناح قمري وغرد طائر |
دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية-ط 1( 2011) , ج: 2- ص: 1
أبو سهل الصعلوكى محمد بن سليمان.
تقدم في السابعة.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1