البوصيري محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصهاجي البوصيري المصري، شرف الدين، ابو عبد الله: شاعر، حسن الديباجة، مليح المعاني. نسبته إلى بوصير (من اعمال بني سويف، بمصر) امه منها. واصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون. ومولده في بهشيم من اعمال الهنساوية صناعة الكتابة في الشرقية ببليس. له (ديوان شعر-ط) واشهر شعره البردة، ومطلعها:
#أمن تذكر جيران بذي سلم
شرحها وعارضها كثيرون؛ والهمزية، ومطلعه:
#كيف ترقى رقيك الأنبياء
وعارض (بات سعاد) بقصيدة، مطلعها:
#إلى متى أنت بالذات مشغول
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 139
البوصيري محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله ابن حياني بن صنهاج بن ملال الصنهاجي شرف الدين أبو عبد الله، كان أحد أبويه من بوصير والآخر من دلاص فركب له نسبة منهما وقال الدلاصيري ولكن اشتهر بالبوصيري، وكانت له أشياء مثل هذا يركبها من لفظتين مثل قوله في كساء له كساط فقيل له: لم ذا سميته بذلك؟ قال: لأني تارة أجلس عليه فهو بساط وتارة أرتدي به فهو كساء، وأهل العلم تسمى مثل هذا منحوتا كقولهم عبشمي نسبة إلى عبد شمس، وأظنه كان يعاني صناعة الكتابة في التصرف وباشر ذلك في الشرقية ببلبيس، وله تلك القصيدة التي نظمها في مباشري الشرقية التي أولها:
فقدت طوايف المستخدمينا | فلم أر فيهم رجلا أمينا |
فقد عاشرتهم ولبثت فيهم | مع التجريب من عمري سنينا |
فكتاب الشمال هم جميعا | فلا صحبت شمالهم اليمينا |
فكم سرقوا الغلال وما عرفنا | بهم فكأنما سرقوا العيونا |
ولولا ذاك ما لبسوا حريرا | ولا شربوا خمور الأندرينا |
ولا ربوا من المردان مردا | كأغصان يقمن وينحنينا |
وقد طلعت لبعضهم ذقون | ولكن بعدما نتفوا ذقونا |
وأقلام الجماعة جايلات | كأسياف بأيدي لاعبينا |
وقد ساوقتهم حرفا بحرف | فكل اسم يخطوا منه سينا |
أمولاي الوزير غفلت عما | يتم من اللئام الكاتبينا |
تنسك معشر منهم وعدوا | من الزهاد والمتورعينا |
وقيل لهم دعاء مستجاب | وقد ملأوا من السحت البطونا |
تفقهت القضاة فخان كل | أمانته وسموه الأمينا |
وما أخشى على أموال مصر | سوى من معشر يتأولونا |
يقول المسلمون لنا حقوق | بها ولنحن أولى الآخذينا |
وقال القبط نحن ملوك مصر | وإن سواهم هم غاصبونا |
وحللت اليهود بحفظ سبت | لهم مال الطوايف أجمعينا |
وما ابن قطيبة إلا شريك | لهم في كل ما يتخطفونا |
أغار على قرى فاقوس منه | بجور يمنع النوم الجفونا |
وصير عينها حملا ولكن | لمنزله وغلتها خزينا |
وأصبح شغله تحصيل تبر | وكانت راؤه من قبل نونا |
وقدمه الذين لهم وصول | فتمم نقصه صلة الذينا |
وفي دار الوكالة أي نهب | فليتك لو نهبت الناهبينا |
فثم بها يهودي خبيث | يسوم المسلمين أذى وهونا |
إذا ألقى بها موسى عصاه | تلفقت القوافل والسفينا |
سموه غمرا فصحفن اسمه عمرا | فبين الدهر منا موضع الغلط |
فأصبحت عينه غينا بنقطتها | وطالما ارتفع التصحيف بالنقط |
أهوى والمشيب قد حال دونه | والتصابي بعد المشيب رعونه |
أبت النفس أن تطيع وقالت | أن جني لا يدخل القنينه |
كيف أعصي الهوى وطينة قلبي | بالهوى قبل آدم معجونه |
سلبته الوقار بيضة خدر | ذات حسم كالدرة المكنونه |
سمتها قبلة نسر بها النفـ | ـس فقالت كذا أكون حزينه |
قلت لا بد أن تسيري إلى الدا | ر فقالت عسى أنا مجنونه |
قلت سيري فإنني لك خير | من أب راحم وأم حنونه |
أنا نعم القرين إن كنت تبغيـ | ـن حلالا وأنت نعم القرينه |
قالت اضرب عن ذكر وصلي صفحا | واضرب الخل أو تصير طحينه |
لا أرى أن تمسني يد شيخ | كيف أرضى به لطستي مسينه |
قلت إني كثير مال فقالت | هبك أنت المبارز القارونه |
سيدي لا تخف علي خروجا | في عروض ففطنتي موزونه |
كل بحر إن شئت فيه اختبرني | لا تكذب فإنني يقطينه |
يا أيها الملوى الوزير الذي | أيامه طايعة أمره |
ومن له منزلة في العلى | تكل عن أوصافها الفكره |
إليك نشكو حالنا إننا | حاشاك من قوم أولي عسره |
في قلة نحن ولكن لنا | عايلة في غاية الكثرة |
أحدث المولى الحديث الذي | جرى لهم بالخيط والإبره |
صاموا مع الناس ولكنهم | كانوا لمن أبصرهم عبره |
إن شربوا فالبئر زير لهم | ما برحت والشربة الجره |
لهم من الخبيز مصلوقة | في كل يوم تشبه النشره |
أقول مهما اجتمعوا حولها | تنزهوا في الماء والخضره |
وأقبل العيد وما عندهم | قمح ولا خبز ولا فطره |
فارحمهم أن عاينوا كعكة | في يد طفل أو رأوا تمره |
تشخص أبصارهم نحوها | بشهقة تتبعها زفره |
كم قايل يا أبا منهم | قطعت عنا الخير في كره |
ما صرت تأتينا بفلس ولا | بدرهم ورق ولا نقره |
وأنت في خدمة قوم فهل | تخدمهم يا أبتا سخره |
ويوم زارت أمهم أختها | والأخت في الغيرة كالضره |
وأقبلت تشكو لها حالها | وصبرها مني على العشره |
قالت لها كيف تكون النسا | كذا مع الأزواج يا عره |
قومي اطلبي حقك منه بلا | تخلف منك ولا فتره |
وإن تأبى فخذي ذقنه | وخلصيها شعرة شعره |
قالت لها ما هكذا عادتي | فإن زوجي عنده ضجره |
أخاف إن كلمته كلمة | طلقني قالت لها بعره |
وهونت قدري في نفسها | فجاءت الزوجة محتره |
فقابلتني فتهددتها | فاستقبلت رأسي بآجره |
ودامت الفتنة ما بيننا | من أول الليل إلى بكره |
وحق من حالته هذه | أن ينظر المولى له نظره |
قل لعلي الذي صداقته | على حقوق الأخوان مؤتمنه |
أخوك قد عودت طبيعته | بشربة في الربيع كل سنه |
والآن قد عفنت عليه وقد | هدت قواه وخففت بدنه |
وعادوت يومها زيارته | وما اعتراها من قبل ذاك سنه |
وصار عند القيام يحملها | براحتيه كأنها زمنه |
جئت بها للطبيب مشتكيا | ودمعتي كالعوارض الهتنه |
فقال عد لي إذا احتميت وكل | في كل يوم دجاجة دهنه |
كيف وصولي إلى الدجاجة والـ | ـبيضة عندي كأنها بدنه |
فإن تجد لي بما أؤمله | بشربة بالطيور مقترنه |
جزاك ربي إذا انسهلت بما | شربت عن كل خرية حسنه |
يا أيها السيد الذي شهدت | ألفاظه لي بأنه فاضل |
أقصى مرادي لو كنت في بلدي | أرعى بها في جوانب الساحل |
ما كان ظني يبيعني أحد | قط ولكن سيدي جاهل |
لو جرسوه علي من سفه | لقلت غيظا عليه يستاهل |
وبعد هذا فما يحل لكم | بيعي فإني من سيدي حامل |
إذا خان من أهوى طوى سبب الهوى | وغطت يد التقبيح عني جماله |
وصار كمثل الميت يأسى لفقده | فؤادي ويأبى قربه ووصاله |
أنجد تجد الله في | عينيه سرا أي سر |
طمس اليمين بكوكب | وسيطمس اليسرى بفجر |
لقد عاب شعري في البرية شاعر | ومن عاب أشعاري فلا بد أن يهجا |
وشعري بحر لا يوافيه ضفدع | ولا يقطع الرعاد يوما له لجا |
وإني اختبرت الناس في حالتي غنى | وفقر فما أحمدت من أحد خبرا |
وقد هذب التجريب كل مغفل | فما أبقت الأيام من أحد غرا |
إلى متى أنت باللذات مشغول | وأنت عن كل ما قدمت مسؤل |
وأصبحت آيمات محصناتهم | وأيماتهم وهي المثاكيل |
لا تمسك الدمع من حزن عيونهم | إلا كما تمسك الماء الغرابيل |
أمن تذكر جيران بذي سلم | مزجت دمعا جرى من مقلة بدم |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
البوصيري صاحب البردة، محمد بن سعيد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0