ابن شرف القيرواني محمد بن سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني، ابو عبد الله: كاتب مترسل، وشاعر اديب. ولد في القيروان، واتصل بالمعز بن باديس امير افريفية، فالحقه بديوان حاشيته، ثم جعله في ندمائه وخاصته. واستمر إلى ان زحف عرب الصعيد واستولوا على معظم القطر التونسي (سنة 449هـ) فارتحل المعز إلى المهدية ومعه ابن شرف. ثم رحل ابن شرف إلى صقلية، ومنها إلى الاندلس، فمات باشبيلية. من كتبه (ابكار الافكار) مختارات جمعها من شعره ونثره، و (مقامات) عارض بها البديع، نشرها السيد حسن حسني عبد الوهاب، في مجلة المقتبس، باسم (رسائل الانتقاد) ثم نشرت في رسالة منفردة باسم (اعلام الكلام) وهذا من كتبه المفقودة، ولو سميت (رسالة الانتقاد) لكان اصح، لقوا ياقوت في اسماء تصانيفه: (ورسالة الانتقاد، وهي على طرز مقامة) اما الذي سماها (مقامات) فهو ابن بسام، في الذخيرة، وقد اورد جملا منها تتفق مع المطبعة ولابن شرف (ديوان شعر) وكتب اخرى.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 138
ابن شرف القيرواني محمد بن أبي سعيد بن أحمد بن شرف القيرواني أبو عبد الله الجذامي، أحد فحول شعراء الغرب كان أعور، وله تصانيف منها أبكار الأفكار وهو كتاب حسن في الأدب يشتمل على نظم ونثر من كلامه، قيل أن شرف اسم أم أحمد فعلى هذا لا ينصرف وقيل اسم أبيه فينصرف، وروى ابن شرف عن أبي الحسن القابسي، وتوفي سنة ستين وأربع ماية أو فيما قبلها، وكانت بينه وبين ابن رشيق مهاجاة وعداوة جرى الزمان بعادتها بين المتعاصرين ولابن رشيق فيه عدة رسايل يهجوه فيها ويذكر أغلاطه وقبايحه منها رسالة ساجور الكلب ورسالة قطع الأنفاس ورسالة نجح الطلب ورسالة رفع الأشكال ودفع المحال وكتاب نسخ الملح وفسخ اللمح، وأنشد في بعضها:
بنو شرف شرف أمكم | ليست أباكم فلا تكذب |
ولكنها التقطت شيخكم | فأثبت في ذلك المنصب |
أبينوا لنا أمكم أولا | ونحن نسامحكم بالأب |
كأنما حمامنا فقحة | النتن والظلمة والضيق |
كأنني في وسطها فيشة | ألوطها والعرق الريق |
وأنت أيضا أعور أصلع | فصادف التشبيه تحقيق |
ولقد نعمت بليلة جمد الحيا | بالأرض فيها والسماء تذوب |
جمع العشائين المصلي وانزوى | فيها الرقيب كأنه مرقوب |
والكأس كاسية القميص كأنها | لونا وقدرا معصم مخضوب |
هي وردة في خده وبكأسها | تحت القناني عسجد مصبوب |
مني إليه ومن يديه إلى يدي | فالشمس تطلع بيننا وتغيب |
طالعات من السقاة علينا | فإذا ما غربن يغربن فينا |
ينحسر الليل عن دجاه | وتطلع الشمس في الصواني |
جاور عليا لا تحفل بحادثة | إذا ادرعت فلا تسأل فلا تسأل عن الأسل |
فالماجد السيد الحر الكريم له | كالنعت والعطف والتوكيد والبدل |
سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد | ملء المسامع والأفواه والمقل |
ولست بمستبق أخا لا تلمه | على شعث أي الرجال المهذب |
لا تسأل الناس والأيام عن خبر | هما يبثانك الأخبار تطفيلا |
ولا تعاتب على نقص الطباع أخا | فإن بدر السما لم يعط تكميلا |
لو كان خلقك لليالي لم يزل | جسم الثرى وعليه ثوب ربيع |
سلك الورى آثار فضلك فانثنى | متكلف عن مسلك مطبوع |
أبناء جنسك في الحلى لا في العلى | وأقول قولا ليس بالمدفوع |
أبدا ترى البيتين يختلفان في الـ | ـمعنى ويتفقان في التقطيع |
فإن تفق الأنام وأنت منهم | فإن المسك بعض دم الغزال |
احذر محاسن أوجه فقدت محا | سن أنفس ولو أنها أقمار |
سرج تلوح إذا نظرت فإنها | نور يضئ وإن مسست فنار |
قالوا تصاهلت الحميـ | ـر فقلت إذ عدم السوابق |
خلت الدسوت من الرخا | خ ففرزنت فيها البيادق |
سقى الله أرضا أنبتت عودك الذي | زكت منه أغصان وطابت مغارس |
تغنى عليها الطير وهي رطيبة | وغنى عليها الناس والعود يابس |
خيار يحيينا خيار الورى به | بأيدي المهى في أخضر الحبرات |
لففن على الأيدي الأكمة سترة | فأذكرننا ما قيل في الخفرات |
يخبين أطراف البنان من التقى | ويطلعن شطر الليل معتجرات |
إذا صحب الفتى جد وسعد | تحامته المكاره والخطوب |
ووافاه الحبيب بغير وعد | طفيليا وقاد له الرقيب |
وعد الناس ضرطته غناء | وقالوا إن فسا قد فاح طيب |
يا أعدل الأمة اسما كم تجور على | فؤاد مضناك بالهجران والبين |
أظنهم سرقوك القاف من قمر | وأبدلوها بعين خيفة العين |
يا ثاويا في معشر | قد اصطلى بنارهم |
إن تبك من شرارهم | على يدي شرارهم |
أو ترم من أحجارهم | وأنت في أحجارهم |
فما غنيت جارهم | ففي هواهم جارهم |
وأرضهم في أرضهم | ودارهم في دارهم |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
ابن شرف القيرواني الشاعر اسمه محمد بن أبي سعيد، تقدم ذكره في المحمدين فليطلب هناك.
وابنه جعفر بن محمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0
محمد بن أبي سعيد محمد المعروف بابن شرف الجذامي القيرواني الأديب الكاتب الشاعر أبو عبد الله: روى عن أبي الحسن القابسي وأبي عمران الفاسي، وقرأ النحو على أبي عبد الله محمد بن جعفر القزاز، وأخذ العلوم الأدبية عن أبي إسحاق إبراهيم الحصري وغيرهم، فبرع في الكتابة والشعر، وتقدم عند الأمير المعز بن باديس أمير أفريقية، وكانت القيروان في عهده وجهة العلماء والأدباء تشد اليها الرحال من كل فج لما يرونه من إقبال المعز على أهل العلم والأدب وعنايته بهم، وكان ابن شرف وابن رشيق صاحب «العمدة» متقدمين عنده على سائر من في حضرته من الأفاضل والأدباء، فكان يقرب هذا تارة ويدني ذاك تارة، فتنافسا وتنافرا ثم تهاجيا، ولكن لم يتغير أحدهما على الآخر بما جرى بينهما من المناقضات. ولم يزل ابن شرف ملازما لخدمة المعز الى أن هاجم عرب الصعيد القيروان واضطر المعز الى الخروج منها إلى المهدية سنة سبع وأربعين وأربعمائة فخرج ابن شرف وسائر الشعراء معه إليها واستقروا بها، فأقام ابن شرف مدة بالمهدية ملازما خدمة المعز وابنه تميم، ثم خرج منها قاصدا صقلية ولحق به رفيقه ابن رشيق، فاجتمعا بها ومكثا بها مدة، ثم
استنهضه ابن شرف على دخول الأندلس فتردد ابن رشيق وأنشد:
مما يزهدني في أرض أندلس | أسماء مقتدر فيها ومعتضد |
ألقاب مملكة في غير موضعها | كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد |
إن ترمك الغربة في معشر | قد جبل الطبع على بغضهم |
فدارهم ما دمت في دارهم | وأرضهم ما دمت في أرضهم |
لك مجلس كملت دواعي لهونا | فيه ولكن تحت ذاك حديث |
غنى الذباب فظل يزمر حوله | فيه البعوض ويرقص البرغوث |
رياض غلائلها سندس | توشت معاطفها بالزهر |
مدامعها فوق خط الربى | لها نظرة فتنت من نظر |
وكل مكان بها جنة | وكل طريق إليها سقر |
ولقد نعمت بليلة جمد الحيا | في الأرض فيها والسماء تذوب |
جمع العشاءين المصلي وانزوى | فيها الرقيب كأنه مرقوب |
والكاس كاسية القميص يديرها | ساق كخود كفه مخصوب |
هي وردة في خده وبكأسها ال | دري منها عسجد مصبوب |
مني إليه ومن يديه إلى يدي | الشمس تطلع تارة وتغيب |
قالوا تسابقت الحمي | ر فقلت من عدم السوابق |
خلت الدسوت من الرخا | خ ففرزنت فيها البيادق |
إذا صحب الفتى جد وسعد | تحامته المكاره والخطوب |
ووافاه الحبيب بغير وعد | طفيليا وقاد له الرقيب |
وعد الناس ضرطته غناء | وقالوا إن فسا قد فاح طيب |
ولقد يهون ان يخونك كاشح | كون الخيانة من أخ وخدين |
لقى أخو يعقوب يعقوب الأذى | وهما جميعا في ثياب جنين |
ومضى عقيل عن علي خاذلا | ورأى الأمين جناية المأمون |
فعلى الوفاء سلام غير معاين | شخصا له إلا عيان ظنون |
خادمنا خيرنا وأفضلنا | نطرح أعباءنا ويحملها |
فنحن يسرى اليدين تخدمها | يمناهما الدهر وهي أفضلها |
يا أعدل الناس إسما كم تجور على | فؤاد مضناك بالهجران والبين |
اظنهم سلبوك القاف من قمر | فأبدلوها بعين خيفة العين |
جاور عليا ولا تحفل بحادثة | إذا ادرعت فلا تسأل عن الأسل |
اسم حكاه المسمى في الفعال وقد | حاز العليين من قول ومن عمل |
فالماجد السيد الحر الكريم له | كالنعت والعطف والتوكيد والبدل |
زان العلا وسواه شانها وكذا | تميز الشمس في الميزان والحمل |
سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد | ملء المسامع والأفواه والمقل |
كسيت قناع الشيب قبل أوانه | وجسمي عليه للشباب وشاح |
ويا رب وجه فيه للعين نزهة | أمانع عيني منه وهو مباح |
ترى سيئات القيروان تعاظمت | فجلت عن الغفران والله غافر |
تراها أصيبت بالكبائر وحدها | ألم تك قدما في البلاد الكبائر |
تكشفت الأستار عن أهلها وكم | أقيمت ستور دونهم وستائر |
احذر محاسن أوجه فقدت محا | سن نفسها ولو انها أقمار |
سرج تلوح إذا نظرت وإنها | نور يضيء وإن مسست فنار |
وما بلوغ الأماني من مواعدها | إلا كأشعب يرجو وعد عرقوب |
وقد تخلف مكتوب القضاء بها | فكيف لي بقضاء غير مكتوب |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2636