يوسف فخر الدين ابن شيخ الشيوخ يوسف بن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد بن حموية، الأمير فخر الدين أبو الفضل ابن صدر الدين شيخ الشيوخ الحموي الجويني. كان أميرا جليلا كبيرا، عالي الهمة فاضلا متأدبا سمحا جوادا ممدحا، خليقا بالفلك لما فيه من الأوصاف الجميلة، وكان فيه كرم زائد وحسن تدبير، وكان مطاعا محبوبا إلى الخاص والعام، تعلوه الهيبة والوقار.
وأمه وأم أخوته ابنة شهاب الدين المطهر بن الشيخ شرف الدين أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون، وكانت أرضعت الملك الكامل، وكان أولادها الأربعة إخوة الكامل من الرضاعة، وكان يحبهم ويعظمهم ويرعى جانبهم، ولم يكن عنده أحد في رتبة الأمير فخر الدين، لا يطوي عنه سرا ويثق به ويعتمد عليه في سائر أموره، ونال الأمير فخر الدين وإخوته من السعادة ما لا ناله غيره.
ولما ملك الملك الصالح البلاد أعرض عن الأمير فخر الدين واطرحه ثم اعتقله، ثم أفرج عنه وأمره بلزوم بيته؛ ثم إنه ألجأته الضرورة إلى ندبه إلى المهمات لما لم يجد من يقوم مقامه، فجهزه إلى بلاد الملك الناصر داود فأخذها، ولم يترك بيده سوى سور الكرك، ثم جهزه لحصار حمص ثم ندبه لقتال الفرنج فاستشهد.
وكان أول أمره معمما فألزمه الكامل أن يلبس الشربوش وزي الجند، فأجابه إلى ذلك، وأقطعه منية السودان بالديار المصرية، ثم طلب منه ينادمه فأجابه إلى ذلك فأقطعه شبرا، فقال ابن البطريق الشاعر:
على منية السودان صار مشربشا | وأعطوه شبرا عندما شرب الخمرا |
فلو ملكت مصر الفرنج وأنعموا | عليه بيسوس تنصر للأخرى |
ولدا الشيخ في العلوم وفي الإمـ | ـرة بالمال وحده والجاه |
فأمير ولا قتال عليه | وفقيه والعلم عند الله |
جاءني الشافعي عند رقادي | وهو يبكي بحرقة وينادي |
عمروا قبتي لعمري ولكن | هدموا مذهبي بفقه العماد |
صيرت فمي لفيه باللثم لثام | غصبا ورشفت من ثناياه مدام |
فاغتاظ وقال أنت في الفقه إمام | ريقي خمر وعندك الخمر حرم |
لا رغبة في الحياة من بعدك لي | يا من ببعاده تناهى أجلي |
إن مت ولم أمت أسى يا خجلي | من عتبك لي في عرض يوم العمل |
في عشقك قد هجرت أمي وأبي | الراحة للغير وحظي تعبي |
يا ظالم في الهوى أما تنصفني | وحدتك في العشق فلم تشرك بي |
وتعانقنا فقل ما | شيت في ماء وخمر |
وتعاتبنا فقل ما | شيت في غنج وسحر |
ثم لما أدبر اللـ | ـيل وجاء الصبح يجري |
قال: إياك رقيبي | بك يدري، قلت يدري |
أأبا محمد يوسف بن محمد | أودى مصابك بالندى والسؤدد |
آليت لا أنساك ما هبت صبى | حتى أوسد في صفيح الملحد |
فتكوا به يوم الثلاثا فتكة | فجع الخميس بها وكل موحد |
وخلى الندي من المكارم والعلى | لخلوه من مثل ذاك السيد |
قل ما بدالك يا حسود فطالما | فقئت معاليه عيون الحسد |
فعليك مني ما حييت تحية | كالمسك طيبة تروح وتغتدي |
فض فم نعى لنا | يوم الخميس يوسفا |
واأسفا من بعده | على العلا واأسفا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 29- ص: 0
يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه الأمير الكبير الوزير مقدم جيوش الإسلام الصالحية فخر الدين أبو الفضل الجويني أحد من دان له العباد والبلاد
ولد بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وسمع منصور بن أبي الحسن الطبري ومحمد بن يوسف الغزنوي وغيرهما وحدث
وكان رئيسا عاقلا مدبرا سمح اليدين بالأموال محببا إلى الناس حبسه السلطان نجم الدين ثلاث سنين وقاسى ضرا وشدائد وكان لا ينام من العمل ثم أخرجه وأنعم عليه وجعله نائب السلطنة فلما توفي السلطان سئل فخر الدين على أن يتسلطن فلم يفعل ولو أجاب لتم له الأمر
وقيل إنه قدم دمشق مع السلطان فنزل دار أسامة فدخل عليه العماد النحاس فقال له يا فخر الدين إلى كم ما بقي بعد اليوم شيء فقال يا عماد الدين
والله لأسبقنك إلى الجنة فصدق إن شاء الله قوله واستشهد على يد الإفرنج يوم وقعة المنصورة
وقيل إن فخر الدين أنفق مرة في العسكر مائتي ألف دينار وكان يركب بالشاويشية وكان في الحقيقة هو السلطان يقف على بابه ويركب في خدمته سبعون أميرا غير مماليكه وخدمه وأبطل كثيرا من المكوس وجرت على يده خيرات حسان
ثم اتفق مجيء الإفرنج وانقطاع المسلمين بين أيديهم منهزمين فركب فخر الدين وقت السحر ليكشف الخبر وأرسل النقباء إلى الجيش وساق في طلبه فصادف العدو فحملوا عليه فانهزم أصحابه وطعن هو فسقط وقتل ونهب غلمانه ماله وضرب بالسيف في وجهه ضربتين وكان قد بنى دارا فاخرة بالمنصورة فخربت من يومها
وكان قتله يوم رابع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة
ومن شعره
إذا تحققتم ما عند صاحبكم | من الغرام فذاك القدر يكفيه |
أنتم سكنتم فؤادي وهو منزلكم | وصاحب البيت أدرى بالذي فيه |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 8- ص: 363
يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن محمد بن شيخ الشيوخ أبي الفتوح عمر بن علي بن محمد بن حمويه.
الأمير الصاحب مقدم الشيوشى الصالحية، فخر الدين الجويني ذو الجاه العريض في الدنيا، ولد سنة اثنين وثمانين وخمسمائة بدمشق، وسمع منصور بن الحسن الطبري وغيره، وحدث، حبسه السلطان فخر الدين ثلاثة أعوام، ثم أخرج وأنعم عليه وجعله نائب السلطنة، ولما مات السلطان ندب فخر الدين إلى السلطنة فامتنع، وأقام بالملك بعد موت الملك الصالح أحسن قيام وأبطل بعض المكوس، وكان يركب بالشاوشية، قتل يوم وقعة المنصورة على يد الفرنج رابع ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وستمائة، ومن شعره:
إذا تحققتُم ما عند صاحِبِكُم | من الغراِم فَذاكَ القدر يكفيه |
أنتمْ سكَنْتُم فؤادى وهو مَنْزلكم | وصاحِب البَيْتِ أَدْرى بالذى فيه’’. |
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1