ابن دانيال محمد بن دانيال بن يوسف الخزاعي الموصلي، شمس الدين: طبيب رمدي (كحال) من الشعراء. اصله من الموصل ومولده بها. نشأ و توفي في القاهرة و كانت له دكان كحل في داخل باب الفتوح. له كتب منها (طيف الخيال-خ) في معرفة خيال الظل، وارجوزة سماها (عقود النظام فيمن ولي مصر من الحكام) و شعره رقيق. كان صاحب نكت و نوادر و مجون، نعته صاحب عقود الجمان بالحكيم الاديب الخليع.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 120
ابن دانيال محمد بن دانيال بن يوسف الخزاعي الموصلي الحكيم الفاضل الأديب شمس الدين، صاحب النظم الحلو والنشر العذب والطباع الداخلة والنكت الغريبة والنوادر العجيبة، هو ابن حجاج عصره، وابن سكرة مصره، وضع كتاب طيف الخيال فأبدع طريقه، وأغرب فيه فكان هو المطرب والمرقص على الحقيقة، وله أيضا أرجوزة سماها عقود النظام في من ولي مصر من الحكام، أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال: كان الحكيم شمس الدين المذكور له دكان كحل داخل باب الفتوح فاجتزت به أنا وجماعة من أصحابه فرأينا عليه زحمة ممن يكحله فقالوا: تعالوا نخايل على الحكيم! فقلت لهم: لا تشاكلوه تخسروا معه، فلم يوافقوني وقالوا له: يا حكيم أتحتاج إلي عصيات؟ يعنون بذلك أن هؤلاء الذين يكحلهم يعمون ويحتاجون إلى عصي فقال لهم سريعا: لا، إلا إن كان فيكم أحد يقود لله تعالى، فمروا خجلين، وكان له راتب على الديوان السلطاني من لحم وعليق وغير ذلك فعمل في وقت استيمار وقطع راتبه من اللحم فدخل على الأمير سيف الدين سلار وهو يعرج فقال له: ما بك يا حكيم؟ فقال: بي قطع لحم، فضحك منه وأمر بإعادة مرتبه، ويقال أن الملك الأشرف قبل أن يلي السلطنة أعطاه فرسا وقال: هذا اركبه إذا طلعت القلعة أو سافرت معنا، لأنه كان في خدمته، فأخذه منه فلما كان بعد أيام رآه وهو على حمار مكسح فقال: يا حكيم ما أعطيناك فرسا لتركبه؟ فقال: نعم! بعته وزدت عليه واشتريت هذا الحمار، فضحك منه، وله من هذا النوع غرايب ينقلها المصريون عنه، ومن نظمه قوله:
قد عقلنا والعقل أي وثاق | وصبرنا والصبر مر المذاق |
كل من كان فاضلا كان مثلي | فاضلا عند قسمة الأرزاق |
بي من أمير شكار | وجد يذيب الجوانح |
لما حكى الظبي جيدا | حنت إليه الجوارح |
ومنزل حف بالرياض فما | نعدم نورا به ولا نورا |
وكان خورا تلهو النفوس به | وزيد ماء فصار ماخورا |
ما عاينت عيناي في عطلتي | أقل من حظي ولا بختي |
قد بعت عبدي وحصاني وقد | أصبحت لا فوقي ولا تحتي |
يا سايلي عن حرفتي في الورى | وضيعتي فيهم وإفلاسي |
ما حال من درهم إنفاقه | يأخذه من أعين الناس |
يقولون الطبيب أبو فلان | حوى كرما وجودا في اليدين |
فقلت علمت ذلك وهو سمح | يضيع كل يوم ألف عين |
قطعت من يومين بطيخة | وجدت فيها جعس مصمودي |
قالوا خرى الخولي في أصلها | أيام جري الماء في العود |
رأيت سراج الدين للصفع صالحا | ولكنه في علمه فاسد الذهن |
أستره بالكف خوف انطفايه | وآفته من طفئه كثرة الدهن |
نديمي عد بالمصباح عني | ولا تحفل به في ليل أنسي |
فليس أخاف أن يدجو ظلام | علي وقهوتي في الليل شمسي |
واقطع قلت له | أأنت لص أوحد |
فقال هذي صنعة | لم يبق لي فيها يد |
لقد كان حد الخمر من قبل صلبه | خفيف الأذي إذ كان في شرعنا جلدا |
فلما بدا المصلوب قلت لصاحبي | ألا تب فإن الحد قد جاوز الحدا |
لقد منع الإمام الخمر فينا | وصير حدها حد اليماني |
فما جسرت ملوك الجن خوفا | لأجل السيف تدخل في القناني |
غصن من البان مثمر قمرا=يكاد من لينه إذا خطرا | يعقد |
عربد سكرا علي إذ خطرا=كذاك في الناس كل من سكرا | عربد |
أحرمني النون عندما نفرا=حتى لطيف الخيال حين سرى | شرد |
إن كان في الحب قتلتي نكرا=فها دمي فوق خده ظهرا | يشهد |
لو عبد الناس قبله بشرا=لكان من حسنه بغير مرى | يعبد |
والحب داء لو حمل الحجرا=لذاب من هول ذاك وانفطرا | وانهد |
فرحت أجري في الدمع منحدرا=ذاك لأني غدوت منكسرا | مفرد |
نمل عذار يحير الشعرا=وفود شعر يستوقف الزمرا | أسود |
بي رشأ عندما رنا وسرا=باللحظ للعاشقين إذ أسرا | قيد |
بدر لصبح الجبين قد سترا=بليل شعر فانظر له سترى | أسود |
وسنان جفن سما عن النظرا=وكل طرف إليه قد نظرا | سهد |
حوى الثريا من ثغره أثرا=له الذي أدمعي به نثرا | نضد |
به غرامي قد شاع واشتهرا=وسيفه في الحشا إذا شهرا | يغمد |
ذا الأسمر اللون ردني سمرا=وفي فؤادي من قده سمرا | أملد |
بالنور من وجهه سبا الشعرا=وردني بالجفا وما شعرا | مكمد |
إذا ما كنت مختوما | فكن ضيف على شير |
فما يخرج منه الخبـ | ـز إلا بالمناشير |
كم قيل لي إذ دعيت شمسا | لا بد للشمس من طلوع |
فكان ذاك الطلوع داء | يرقى إلى السطح من ضلوعي |
فسر لي عابر مناما | فصل في قوله وأجمل |
وقال لا بد من طلوع | فكان ذاك الطلوع دمل |
يا رشا لحظه الصحيح العليل | كل صب بسيفه مقتول |
لك ردف غادرته رهن خصر | وهو رهن كما علمت ثقيل |
تمنيت لما عزني الوفر والمنى | ضلال بأن الوفر خص به غيري |
ولو كان أيري مثل ما قلت وافرا | لأتعبني حملا ولذ به غيري |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
ابن دانيال الحكيم شمس الدين اسمه محمد بن دانيال.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
محمد بن دانيال بن يوسف الخزاعي الموصلي، الحكيم الفاضل الشاعر الأديب شمس الدين.
صاحب النظم الحلو، والقريض الذي ليس فيه بيت من النكت خلو، والنثر العذب الرائق، والكلام الذي أصبح وهو على زهر الرياض فائق، والطباع الداخله، والمخيلة التي هي بالصواب غير باخله.
كان ابن حجاج عصره، وابن سكرة مصره. لو كانا حيين لقلداه المجون. وعلما أن نكته تفعل بالألباب ما لا تفعله ابنة الزرجون. قد لطف كلامه، وظرف نظامه، يأتي بمضحكات تعجب منها الثكالى، وتنشط الكسالى، لو رآه أبو نواس لما قال:
’’أما ترى الشمس حلت الحمل’’.
أو ابن الهبارية لما نظم ’’حي على خير عمل’’. وكان لا يبالي بما يقول من سخفه، ولا يستحي في المجون إذا رفع مرخى سجفه:
لو عابه سيبويه قال له: | خرا الكسائي في لحية الفراء |
نعم أنت أولى من نؤمله قدرا | وأكرم من نهدي المديح له درا |
وما أنت إلا ديمة أي ديمة | تسح فيحيي سحها البلد القفرا |
ولو لم تكن يا ابن المكارم ديمة | تجود لما استهديت من جودك القطرا |
فجد لي به من ساعتي إنني امرؤ | أخاف إذا جرعت في عسل صبرا |
ودعني من رفع النحاة ونصبهم | وجرهم أن يملأوا جرتي جرا |
فقد لهبت عندي القطائف غلة | عليه وأبدت ألسنا للظما حرا |
وشقت له أيدي الكنافة جيبها | وقد شيقت من طول وحشتها الصدرا |
وقد صدع البين المشت لبعده | قلوبا، فقلب اللوز منكسر كسرا |
وإن جاءني مع ذلك القطر سكر | أنقطه حتى يكون لكم شكرا |
ما لي وللمنخرقه | والعطف والمنزلقه |
وغله الخالص في | تحصيلها والملقه |
ورحلتي في مركب | بكل فدم موسقه |
أرجاؤها علي من | زحامهم مضيقه |
بت بها لضيقها | وضنكها في بوتقه |
ترقص في البحر لدى | أمواجه المصفقه |
والريح لا تجري على | طريقة متفقه |
تهب غربا وتهب | ب تارة مشرقه |
كأنها من هوج | رفيقنا اللص الثقه |
أقبحنا خلقا فسبـ | ـحان الذي قد خلقه |
بصورة القر فلو | لا، ذقنه والعنفقه |
وأنه الكلب لمن | عاينه أو حققه |
والكلب لو جاراه في | خساسة ما لحقه |
شيخ لنقصه وإن | كان ثقيلا طبقه |
رافقته ولم تكن | رفاقيته رفقه |
حتى إذا ما غيب الأ | فق لدينا شفقه |
وهوم الناس فلا | عين امرئ مؤرقة |
نام فكان نائما | كالحية المطوقه |
وقام في الليل كمثـ | ـل من يريد السرقه |
يسعى إلى عبد له | وجه شبيه الدرقه |
عبل الذراع أسود | بشفة مشتقه |
لو جاز رأس أيره | في كم قاض فتقه |
أولجه في سرمه | ثم عليه طبقه |
وفك سندان استه | بفيشة كالمطرقه |
ولم يزل حتى رمى | بيض المخاصي زنبقه |
فقلت في نفسي ترى | خيطه أم فتقه |
وعاد نحوي قائلا | وجحره مبصقه |
ما أطيب الأير سجـ | ـقا والخصي مدققه |
ولو أتاني نكته | على سبيل الصدقه |
أحسن من ذاك وذا | جارية معشقه |
جديدة في حسنها | وقهوة معتقه |
ذات حر يضيق بالأيـ | ـر إلى أن يخنقه |
حر رميت طيره | من خصيتي بندقه |
فخر مصروعا ولم | يقطع سواي سبقه |
غنت فأغنت عن شدا الـ | ـحمامة المطوقه |
لله صب لا يضيـ | ـع عهده وموثقه |
أو شادن عليه أكـ | ـباد الورى محترقه |
علق نفيس كل كهـ | ـجة به معتلقه |
يموج عند نيكه | تحتك مثل العلقه |
يكاد موج ردفه | للصب أن يغرقه |
كم ليلة ركبني | من خلفه في الحلقه |
لما استجاد عدتي | في العرض يوم النفقه |
وجونة زاهية | بظلمة وبرزقه |
ذات شواء قد غدا | مشتملا بجردقه |
وافى ونفسي لم تزل | إلى لقاء شيقه |
لولا خلوق ثوبه | لكدت أن أخلقه |
في إثره دجاجة | مصلوقة في مرقه |
تتبع بوارانية | في دهنها معرقه |
فمن حبته هذه | سبحان رب رزقه |
قد تجاسرت إذ كتبت كتابي | طمعا في مكارم الأصحاب |
رأيت في النوم أبا مره | وهو حزين القلب في مره |
وعينه العوراء مقروحة | تقطر دمعا قطرة قطره |
يصيح واويلاه من حسرتي | تلك التي ما مثلها حسره |
وحوله من رهطه عصبة | فيهم على قلتهم كثره |
من كل علق مثل بدر الدجى | قيمته في واحد بدره |
مظفر اللحظ بعشاقه | وإنما في جفنه كسره |
شمس ضحى غصن نقى قدره | وظله من خلفه الشعره |
تجميشه نقل لمن ضمه | وجوز التينة بالتمره |
يهون وزن المال في وصفه | طالعه الميزان والزهره |
ومن سحور العين فتانة | خود لها شمس الضحى ضره |
تقول للعشاق من معصمي | تنزهوا في الماء والخضره |
إذا رأى عاشقها كسها | يود لو ترضعه بظره |
وكل قواد له ضرطة | من شدقه يتبعها شخره |
يسطو على العاشق في سومه | مغالبا لما اقتضى حذره |
يقول والكيفاح من خلفه | وعنده في قوله شمره |
زن ألف دينار إذا رمتها | إن كنت ما ترضى بها بعره |
سبحان من ولد في خدها النـ | ـقي بياضا فوقه حمره |
هيا تمتع دي بحق الوفا | لا تترك القصف على فشره |
وكل لوطي له نهمة | على سميط اللحم في السفره |
إن وسوست في وجهه فسوة | يقل لها يا طيبها نخره |
وكل زناء يرى بولة الـ | ـقحبة في صبحته نشره |
وكل بنت ما لها عذرة | لكن هواها من بني عذره |
سحاقة قد كلكلت بظرها | وما لها في دلكها شعره |
وكل خمار وفي كفه | كأس على عاتقه جره |
ومن حشيشي سطيل على | شاربه قد بقلت خضره |
ومن بني حام له مزرة | صفى لها صاحبه المزره |
وكل بغاء به أبنة | مبادل أبغى من الإبره |
وكل جلاد على خلوة | عمرة هاجت به عميره |
ومن خيالي ومن مطرب | وزامر قد جاء في الزمره |
فقلت يا إبليس ماذا الذي | أسال من مقلتك العبره |
وما الذي أزعج أشياعك النو | كى وإن كانوا ذوي شره |
فقال لي: يا بأبي أنت قد | وقعت في مس أخت ما أكره |
قلت جيوشي ووهى منصبي | وعدت لا أمر ولا إمره |
وأصبح الخمار لا يلتقي | في بيته كوزا ولا جره |
ومنزل المزار صفر وقد | علته من ذلته صفره |
وبات قلي الفار في حسرة | وقلبه يقلى على جمره |
وكاد أن يسطو الحشيشي وأن | يجرح بالخنجر والشفره |
وسائر الستات من قحبنا | أكثرهن اليوم في الحجره |
يطلبن أزواجا فلا قحبة | منهن إلا أصبحت حره |
وكل سالوس قمار وقد | أجاد بالعفق بها مهره |
كم جهد ما أغوي وأعوي وكم | أصفف المقصوص والطره |
وكم أرى العينين مكحولة | لمن رمي بالعين والنظره |
وكم وكم أشهر في خدمة الـ | ـعشاق في الليل إلى بكره |
وما أرى اليوم ولا عاشقا | إلا الذي أغويه في الندره |
قد كسدت سوق المعاصي فلا | شرب ولا قصف ولا عشره |
هذا على أني ومن غيتي | أقود لا أجر ولا أجره |
فقلت: يا إبليس سافر بنا | وطول الغيبة والسفره |
إياك أن تسكن مصرا وأن | تقربها إن كنت ذا خبره |
فإن فيها صاحبا عادلا | مبارك الطلعة والغره |
قد علم السلطان في نصحه | لملكه ما شاع بالشهره |
جزاء من خالف مرسومه | تجريسه والضرب بالدره |
لا ودخان المشعل | وضوئه المشتعل |
وعرفه الذي غدا | يزري بعرف المندل |
قد عقلنا والعقل أي وثاق | وصبرنا والصبر مر المذاق |
كل من كان فاضلا كان مثلي | فاضلا عند قسمة الأرزاق |
بي من أمير شكار | وجد يذيب الجوانح |
لما حكى الظبي جيدا | حنت إليه الجوارح |
ما عاينت عيناي في عطلتي | أقل من حظي ولا بختي |
قد بعت عبدي وحماري معا | وصرت لا فوقي ولا تحتي |
يا سائلي عن صنعتي في الورى | وحرفتي فيهم وإفلاسي |
ما حال من درهم إنفاقه | يأخذه من أعين الناس |
إذا ما كنت متخوما | فكن ضيفا على شير |
فما يخرج منه الخبـ | ـز إلا بالمناشير |
يا رشا لحظه الصحيح عليل | كل صب بسيفه مقتول |
لك ردف غادرته رهن خصر | وهو رهن كما علمت ثقيل |
وأقطع قلت له | أنت لص أوحد |
فقال هذي صنعة | لم يبق لي فيها يد |
كم قيل لي: إذ دعيت شمسا | لا بد للشمس من طلوع |
فكان ذاك الطلوع داء | يرقى إلى السطح من ضلوعي |
لقد كان حد الخمر من قبل صلبه | خفيف الأذى إذ كان في شرعنا جلدا |
فلما بدا المصلوب قلت لصاحبي | ألا تب فإن الحد قد جاوز الحدا |
لقد منع الإمام الخمر فينا | وصير حدها حد اليماني |
فما جسرت ملوك الجن خوفا | لأجل الحد تدخل في القناني |
يقولون الحكيم أبو فلان | حوى كرما وجودا في اليدين |
قطعت من يومين بطيخة | وجدت فيها جعس مصمودي |
قالوا خرى الخولي في أصلها | من يوم جري الماء في العود |
مكارم ما زال في طبه | مكارها واللفظ فيه اشتباه |
أعني به الغارق في ذقنه | ولست أعني غارقا في خراه |
غصن من البان مثمر قمرا | يكاد من لينه إذا خطرا يعقد |
عربد سكرا علي إذ خطرا | كذاك في الناس كل من سكرا عربد |
أحرمني النوم عندما نفرا | حتى لطيف الخيال حين سرى شرد |
إن كان في الحب قتلتي نكرا | فها دمي فوق خده ظهرا يشهد |
لو عبد الناس قبله بشرا | لكان من حسنه بغير مرا يعبد |
فالحب داء لو حمل الحجرا | لذاب من هول ذاك وانفطرا وانهد |
فبت أجري في الدمع منحدرا | ذاك لأني غدوت منكسرا مفرد |
نمل عذار يحير الشعرا | وفود شعر يستوقف الزمرا أسود |
بي رشا عندما رنا وسرا | باللحظ للعاشقين إذ أسرا قيد |
بدر بصبح الجبين قد سترا | بليل شعر وانظر له سترا أسود |
وسنان جفن سما عن النظرا | وكل طرف إليه قد نظرا سهد |
به غرامي قد شاع واشتهرا | وسيفه في الحشا إذا اشهرا يغمد |
حوى الثريا من نوره أثرا | له أدمعي الذي نثرا نضد |
بالنور من وجهه سبا الشعرا | وردني بالجفا وما شعرا مكمد |
ذا الأسمر اللون ردني سمرا | وفي فؤادي من قده سمرا أملد |
فخصره حالتي قد اعتبرا | وعن سقامي فقد روى خبرا مسند |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 422
محمد بن دانيال بن يوسف المراغي الموصلي محمد بن دانيال بن يوسف المراغي الموصلي الحكيم شمس الدين الكحال الفاضل الأديب تعانى الآداب ففاق في النظم وسلك طريق ابن حجاج ومزجها بطريقة متأخري المصريين يأتي بأشياء مخترعة وصنف طيف الخيال الشاهد له بالمهارة في الفن وله أرجوزة سماها عقود النظام فيمن ولي مصر من الحكام وكان كثير النوادر والرواية توجه مرة صحبة الأمير سلار إلى قوص فاتفق أن بعض الخصيان الذين في خدمة الأمير توجه إلى النزهة في بستان مع شخص من أتباع الأمير يقال له الحليق فبحث الأمير عنهما إلى أن وجدهما فأراد معاقبتهما فنهض ابن دانيال فقال يا خوند احلق ذقن هذا القواد وأشار إلى الحليق واخص هذا الخادم وأشار إلى الخصي فضحك الأمير سلار وسكن غضبه وأعطاه الأشرف فرسا ليركبه إذا طلع القلعة للخدمة فرآه على حمار أعرج فاستدعاه وسأله فقال يا خوند بعت الفرس وزدت عليه واشتريت هذا فضحك منه ودخل على سلار وقد قطع الوزير راتبه من اللحم فتعارج فقال ما لك قال لي قطع لحم فضحك وأمر برده عليه وحكى ابن سيد الناس قال أجتزت به في جماعة فقالوا تعالوا نتمازح معه فنهيتهم فأبوا فقالوا له وهو يكحل في حانوته يا حكيم تحتاج إلى عصيات فقال لا إلا إن كان منكم من يشتهي أن يقود طلبا للثواب فليجئ قال فقلت لهم أنتم ظلمتم أنفسكم هكذا ذكر الصفدي عن ابن سيد الناس وقرأت بخط الكمال جعفر اجتاز الوراق والجزار بابن دانيال وهو شاب يكحل الناس فقال له أحدهما خذ هذه الرزمة العكاكير عندك فقال لا بل قودوا أنتم وله ديوان شعر فمنه القصيدة التي أولها
قد تجاسرت إذ كتبت كتابي | طمعا في مكارم الأصحاب |
رأيت في النوم أبا مره | وهو حزين القلب في مره |
قد عقلنا والعقل أي وثاق | وصبرنا والصبر مر المذاق |
كل من كان فاضلا كان مثلي | فاضلا عند قسمة الأرزاق |
يا سائلي عن صنعتي في الورى | وضيعتي فيهم وإفلاسي |
ما حال من درهم إنفاقه | يأخذه من أعين الناس |
كم قيل لي إذ دعيت شمسا | لا بد للشمس من طلوع |
لقد منع الإمام الخمر فينا | وصير حدها حد الثماني |
فما طمعت ملوك الجن خوفا | لأجل السيف تدخل في القناني |
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 2- ص: 0