ابن خفيف محمد بن خفيف، أبو عبد الله الشيرازي : صوفي، شافعي. كان شيخ إقليم فارس. وهو من أولاد الامراء تزهد وسافر في سياحات كثيرة، وصنف كتبا. من كلامه : (ليس شئ أضر بالمريد، من مسامحة النفس في ركوب الرخص) ولما أدركته الوفاة قيل له : قل لا إله إلا الله. فحول وجهه إلى الجدار وقال : أفنيت كلي بكلك.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 114
ابن خفيف محمد بن خفيف بن اسكفشار أبو عبد الله الضبي الشيرازي الصوفي شيخ إقليم فارس، حدث عن حماد بن مدرك وغيره وهو شافعي قال: ما سمعت شيئا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا واستعملته حتى الصلاة على أطراف الأصابع، بقي أربعين سنة يفطر كل ليلة على كف باقلاء، قال: فافتصدت فخرج من عرقي شبيه ماء اللحم فغشي علي وتحير الطبيب وقال: ما رأيت جسدا بلا دم إلا هذا، وله مناقب، توفي سنة إحدى وسبعين وثلث ماية.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
ابن خفيف أبو عبد الله الصوفي اسمه محمد بن خفيف.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
ابن خفيف الشيخ الإمام العارف الفقيه القدوة ذو الفنون، أبو عبد الله، محمد بن خفيف بن اسفكشار الضبي الفارسي الشيرازي، شيخ الصوفية.
ولد قبل السبعين ومائتين وستين.
وحدث عن حماد بن مدرك وهو آخر أصحابه، وعن محمد بن جعفر التمار، والحسين المحاملي، وجماعة.
وتفقه على أبي العباس بن سريج.
حدث عنه: أبو الفضل الخزاعي، والحسن بن حفص الأندلسي، وإبراهيم بن الخضر الشياح، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني، ومحمد بن عبد الله بن باكويه.
قال السلمي: أقام بشيراز، وأمه نيسابورية، وهو اليوم شيخ المشايخ، وتاريخ الزمان، لم
يبق للقوم أقدم منه، ولا أتم حالا، صحب رويم بن أحمد، وابن عطاء، ولقي الحلاج، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر، متمسك بالكتاب والسنة، فقيه شافعي.
أخبرنا أحمد بن إسحاق من لفظه، أخبرنا عمر بن كرم، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الوهاب بن أحمد، أخبرنا محمد بن باكويه، حدثنا محمد بن خفيف الضبي قال: قرئ على حماد بن مدرك، وأنا أسمع، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’إذا صنعت قدرا فأكثر من مرقها، وانظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم بمعروف’’.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: قال أحمد بن يحيى الشيرازي: ما أرى التصوف إلا يختم بأبي عبد الله بن خفيف، وكان أبو عبد الله من أولاد الأمراء فتزهد، حتى قال: كنت أجمع الخرق من المزابل، وأغسلها، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت أربعين شهرا أفطر كل ليلة على كف باقلاء، فافتصدت، فخرج شبه ماء اللحم، فغشي علي، فتحير الفصاد، وقال: ما رأيت جسدا بلا دم إلا هذا.
قال ابن باكويه: سمعت أبا أحمد الكبير: سمعت ابن خفيف يقول: نهبت في البادية، وجعت حتى سقطت لي ثمانية أسنان، وانتثر شعري، ثم وقعت إلى فيد، وأقمت بها حتى تماثلت، وحججت، ثم مضيت إلى بيت المقدس، ودخلت الشام، فنمت إلى جانب دكان صباغ، وبات معي في المسجد رجل به قيام، فكان يخرج ويدخل، فلما أصبحنا صاح الناس، وقالوا: نقب دكان الصباغ وسرقت، فدخلوا المسجد ورأونا، فقال المبطون: لا أدري، غير أن هذا كان طول الليل يدخل ويخرج، وما خرجت إلا مرة تطهرت، فجروني وضربوني، وقالوا: تكلم، فاعتقدت التسليم، فاغتاظوا من سكوتي، فحملوني إلى دكان الصباغ، وكان أثر رجل اللص في الرماد، فقالوا: ضع رجلك فيه، فكان على قدر رجلي، فزادهم غيظا، وجاء الأمير، ونصبت القدر وفيها الزيت يغلى، وأحضرت السكين، ومن يقطع، فرجعت إلى نفسي وإذا هي ساكنة، فقلت: إن أرادوا قطع يدي سألتهم أن يعفو عن يميني لأكتب بها، وبقي الأمير يهددني ويصول، فنظرت إليه فعرفته، كان مملوكا لأبي، فكلمني بالعربية، وكلمته بالفارسية، فنظر إلي وقال: أبو الحسين، وبها كنت أكنى في صباي، فضحكت، فأخذ يلطم برأسه ووجهه، واشتغل الناس به، فإذا بضجة وأن اللصوص قد أخذوا، فذهبت والناس ورائي وأنا ملطخ بالدماء جائع، لي أيام لم آكل، فرأتني عجوز فقيرة، فقالت:
ادخل، فدخلت، ولم يرني الناس، وغسلت وجهي ويدي، فإذا الأمير قد أقبل يطلبني، فدخل ومعه جماعة، وجر من منطقته سكينا، وحلف بالله إن أمسكني أحد لأقتلن نفسي، وضرب بيده رأسه ووجهه مائة صفعة، حتى منعته أنا، ثم اعتذر وجهد بي أن أقبل شيئا، فأبيت، وهربت ليومي، فحدثت بعض المشايخ فقال: هذا عقوبة انفرادك. فما دخلت بلدا فيه فقراء إلا قصدتهم.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف -وقد سأله قاسم الإصطخري عن الأشعري- فقال: كنت مرة بالبصرة جالسا مع عمرو بن علويه على ساجة في سفينة، نتذاكر في شيء، فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عبر وسلم علينا، وجلس فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في شيء، عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى، فأحب أن تعيدوها علي، قلت: وفي أي شيء كنا؟ قال: في سؤال إبراهيم -عليه السلام {رب أرني كيف تحيي الموتى} وسؤال موسى -عليه السلام {رب أرني أنظر إليك}. فقلت: نعم. قلنا: إن سؤال إبراهيم هو سؤال موسى، إلا أن سؤال إبراهيم سؤال متمكن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان، فكان تصريحا، وسؤال إبراهيم كان تعريضا، وذلك أنه قال: {أرني كيف تحيي الموتى} فأراه كيفية المحيى، ولم يره كيفية الإحياء؛ لأن الإحياء صفته تعالى، والمحيى قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلا أنه قال في الآخر {واعلم أن الله عزيز} فالعزيز المنيع. فقال أبو الحسن: هذا كلام صحيح، ثم إني مشيت مع أبي الحسن، وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن مناظرته حين أجابهم.
قال أبو العباس الفسوي: صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر حتى عم نفعه البلدان.
قال أبو الفتح عبد الرحيم خادم ابن خفيف: سمعت الشيخ يقول: سألنا يوما أبو العباس ابن سريج بشيراز، ونحن نحضر مجلسه للفقه، فقال: أمحبة الله فرض أو لا؟ فقلنا: فرض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه فقال: قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم} إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}. قال: فتوعدهم الله على تفضيل محبتهم لغيره على محبته، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي ربما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف {قل هو الله أحد} وربما كنت أقرأ في ركعة القرآن كله.
وروي عن ابن خفيف أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي بالصلاة يحمل على ظهر رجل، فقيل له: لو خففت على نفسك، قال: إذا سمعتم حي على الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: ما وجبت علي زكاة الفطر أربعين سنة.
قال ابن باكويه: نظر أبو عبد الله بن خفيف يوما إلى ابن مكتوم، وجماعة يكتبون شيئا، فقال: ما هذا؟ قالوا: نكتب كذا وكذا. قال: اشتغلوا بتعلم شيء، ولا يغرنكم كلام الصوفية، فإني كنت أخبئ محبرتي في جيب مرقعي، والورق في حجزة سراويلي، وأذهب في الخفية إلى أهل العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا يفلح، ثم احتاجوا إلي.
قلت: قد كان هذا الشيخ قد جمع بين العلم والعمل وعلو السند والتمسك بالسنن، ومتع بطول العمر في الطاعة. يقال: إنه عاش مائة سنة وأربع سنين، وانتقل إلى الله تعالى في ليلة الثالث من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. والأصح أنه عاش خمسا وتسعين سنة، وازدحم الخلق على سريره، وكان أمرا عجيبا، وقيل: إنهم صلوا عليه نحوا من مائة مرة، وفيها مات بجرجان الإمام أبو بكر الإسماعيلي، والصالح أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني الصيداوي والد صاحب المعجم، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن سلمة المصري الخياش، والحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي بحلب، والقاضي إبراهيم بن أحمد الميمذي، الراوي عن محمد بن حيان المازني، لكنه تالف، وبشر بن محمد المزني الهروي، ومقرئ الوقت أبو العباس الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي عن مائة عام، والحسن بن علي الباد، الشاهد له عن أبي شعيب الحراني، ومفتي المغرب أبو سعيد، وأبو نصر خلف بن عمر القيراوني المالكي، وأبو الحسين عبد الله بن إبراهيم بن بيان الزبيبي البزاز عن ثلاث وتسعين سنة، وشيخ المالكية بالقيروان أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن التبان، ورئيس الحنبلية أبو الحسن التميمي عبد العزيز بن الحارث، والعلامة أبو زيد المروزي الزاهد، والمحدث أبو بكر محمد بن إسحاق البغدادي الصفار، وأبو بكر محمد بن خلف بن جيان -بجيم- البغدادي الخلال أحد الثقات، وشاعر الأندلس أبو بكر يحيى بن هذيل المالكي.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 345
محمد بن خفيف بن إسفكشاد الشيرازى الشيخ أبو عبد الله بن خفيف شيخ المشايخ وذو القدم الراسخ في العلم والدين كان سيدا جليلا وإماما حفيلا
يستمطر الغيث بدعائه ويؤوب المصر بكلامه من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر وممن اتفقوا على عظيم تمسكه بالكتاب والسنة
وكانت له أسفار وبدايات وأحوال عاليات ورياضات لقى من النساك شيوخا ومن السلاك طوائف رسخ قدمهم في الطريق رسوخا وصحب من أرباب الأحوال أحبارا وأخيارا وشرب من منهل الطريق كاسات كبارا وسافر مشرقا ومغربا وصابر النفس حتى انقادت له فأصبح مبنى الثناء عليها معربا صبر على الطاعة لا يعصيه فيه قلبه واستمرار على المراقبة شهيده عليه ربه وجنب لا يدرى القرار ونفس لا تعرف المأوى إلا البيداء ولا المسكن إلا القفار
كان ابن خفيف من أولاد الأمراء فتزهد حتى قال كنت أذهب وأجمع الخرق من المزابل وأغسله وأصلح منه ما ألبسه
حدث عن حماد بن مدرك والنعمان بن أحمد الواسطى ومحمد بن جعفر التمار والحسين المحاملى وجماعة
وصحب رويما والجريرى وطاهر المقدسى وأبا العباس بن عطاء
ولقى الحسين بن منصور
وروى عنه أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعى والحسين بن حفص الأندلسى ومحمد بن عبد الله بن باكويه والقاضى أبو بكر بن الباقلانى شيخ الأشعرية وطائفة رحل ابن خفيف إلى الشيخ أبى الحسن الأشعرى وأخذ عنه وهو من أعيان تلامذته
قال الحافظ أبو نعيم كان شيخ الوقت حالا وعلما
قال وهو الخفيف الظريف له الفصول في الأصول والتحقق والتثبت في الوصول
وقال أبو العباس النسوي بلغ ما لم يبلغه أحد من الخلق في العلم والجاه عند الخاص والعام وصار أوحد زمانه مقصودا من الآفاق مفيدا في كل نوع من العلوم مباركا على من يقصده رفيقا بمريديه يبلغ كلامه مراده وصنف من الكتب ما لم يصنفه أحد وعمر حتى عم نفعه
وحكى عنه أنه قال كنت في ابتدائي بقيت أربعين شهرا أفطر كل ليلة بكف باقلا فمضيت يوما وافتصدت فخرج من عرقى شبيه ماء اللحم وغشى على فتحير الفصاد وقال ما رأيت جسدا بلا دم إلا هذا
وروى عنه أنه قال ما سمعت شيئا من سنن النبى صلى الله عليه وسلم إلا استعملته حتى الصلاة على أطراف الأصابع وأنه ضعف في آخر عمره عن القيام في النوافل فجعل بدل كل ركعة من أوراده ركعتين قاعدا للخبر (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم
وقال مرة ما وجبت على زكاة الفطر أربعين سنة مع مالى من القبول العظيم بين الخاص والعام
وعنه ربما كنت أقرأ في ابتداء عمرى القرآن كله في ركعة واحدة وربما كنت أصلى من الغداة إلى العصر ألف ركعة
وعنه وسئل عن فقير يجوع ثلاثة أيام فيخرج ويسأل بعد ذلك مقدار كفايته أيش يقال له فقال يقال له مكد ثم قال كلوا واسكتوا فلو دخل فقير في هذا الباب لفضحكم
وكان إذا أراد أن يخرج إلى صلاة الجمعة يفرق كل ما عنده من ذهب وفضة وغير ذلك
ويخرج في كل سنة جميع ما عنده ويخرج من الثياب حتى لا يبقى عنده ما يخرج به إلى الناس
وقال بعض أصحابه أمرنى ابن خفيف أن أقدم كل ليلة إليه عشر حبات زبيب لإفطاره قال فأشفقت عليه ليلة فجعلتها خمس عشرة حبة فنظر إلى وقال من أمرك بهذا وأكل منها عشر حبات وترك الباقى
وقال ابن خفيف سمعت أبا بكر الكتانى يقول سرت أنا وأبو العباس ابن المهتدى وأبو سعيد الخراز في بعض السنين وضللنا عن الطريق والتقينا بحيرة فبينا نحن كذلك إذا بشاب قد أقبل وفى يده محبرة وعلى عنقه مخلاة فيها كتب فقلنا له يا فتى كيف الطريق فقال لنا الطريق طريقان فما أنتم عليه فطريق العامة وما أنا عليه فطريق الخاصة ووضع رجله في البحر وعبره
وحكى عن ابن خفيف قال دخلت بغداد قاصدا للحج وفى رأسى نخوة الصوفية ولم آكل أربعين يوما ولم أدخل على الجنيد وخرجت ولم أشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا في البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشان فلما دنوت من البئر ولى الظبى وإذا الماء في أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى مالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقول جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء إن الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت مع الركوة والحبل فرجعت فإذا البئر ملآن فملأت ركوتى وكنت أشرب منها وأتطهر إلى المدينة ولم ينفد الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد على قال لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك لو صبرت ساعة
قلت قوله نخوة الصوفية يعنى شدة المجاهدة والذى يقع لى في هذه الحكاية أنها منبهة
له من الله على الأخذ في طريق التوكل وطرح الأسباب وهذا يقع كثيرا لأرباب العنايات من الله تعالى في أثناء المجاهدات يقيض الله تعالى لهم منبها من صوت يسمع أو إشارة تحس أو أنحاء ذلك يدلهم على مراد الله تعالى منهم أو غير ذلك عناية بهم فقيض الله تعالى هذا الظبى منبها له ثم أكده بكلام الجنيد له آخرا عند عوده من الحج
وكذلك أقول في الحكاية قبلها إن ذاك الشاب قد يكون قدره الله تعالى ذلك الوقت اعتناء بابن خفيف ورفيقيه لئلا تعظم أنفسهم عليه فأحب الله تعالى أن يعرفهم أن في عباده شابا وصل إلى ما لم يصلوا إليه وهو رآهم على طريق العامة وهذا من العناية بهم
وكذا أقول في الحكاية التى قدمتها في ترجمة الجنيد في شأنه مع تلك المرأة التى أنشدته
لولا التقى لم ترنى | أهجر طيب الوسن |
ويقبح من سواك الفعل عندى | وتفعله فيحسن منك ذاكا |
ومسحل مثل حد السيف منصلت | تزل عن غربه الألباب والفكر |
طعنت بالحجة الغراء جيلهم | ورمح غيرك منه العى والحصر |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 3- ص: 149
أقام بشيراز.
قال ابن خميس: كان شيخ المشايخ وأوحدهم في وقته، عالما بعلوم الظاهر والحقائق، حسن الأحوال في المقامات والأفعال، جميل الأخلاق والأعمال.
وذكره صاحبه أبو العباس النسوي، وقال: بلغ ما لم يبلغه أحد، في العلم، والخلق، والجاه، عند الخاص والعام، وصار أوحد زمانه، مقصودا من الآفاق، مفيدا في كل نوع من العلوم، مباركاً على من يقصده، رفيقاً بمريديه، يبلغ كلامه مراده.
قال: وصنف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة حتى صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر حتى عم نفعه البلدان.
وكانت له أسفار وبدايات ورياضات، ولقي الشيوخ والزهاد والنساك، ودخل العراق، ولقي بها رويما، وابن عطاء، والجريري، وعاشر بمكة الكتاني والمزين، وأقرانهما.
وقال الشيخ أبو الفتح عبد الرحيم بن أحمد - خادم ابن خفيف صالح فاضل -: سمعت أبا عبد الله محمد بن خفيف يقول: سألنا يوماً القاضي أبو العباس ابن سريج بشيراز، وكنا نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبة الله فرض أو غير فرض؟ قلنا: فرض.
قال: ما الدلالة على فرضها؟ فما فينا من أتى بشيء فقبل، فرجعنا إليه وسألناه الدليل على فرض محبة الله عز وجل، فقال: قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم} إلى قوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} [التوبة: 24].
قال: فتواعدهم الله عز وجل على تفضيل محبتهم لغيره على محبته
ومحبة رسوله، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم، وحتم واجب.
وقال الشيخ أبو الفتح أيضا: سمعت الشيخ أبا عبد الله يقول: ما سمعت شيئا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم إلا استعملته، حتى الصلاة على أطراف الأصابع، وهو صعب.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي في ابن خفيف: هو من أعلم المشايخ بعلوم الشريعة من الكتاب والسنة، وهو فقيه على مذهب الشافعي. وقال أبو عبد الله ابن خفيف: سمعت أبا بكر الكتاني يقول: سافرت أنا والعباس بن المهتدي، وأبو سعيد الخراز في بعض السنين، وضللنا في بعض الطريق، والتقينا بحيرة، فبينا نحن كذلك إذا بشاب قد أقبل وفي يده محبرة، وعلى عنقه مخلاة فيها كتب، فقلنا له: يا فتى! كيف الطريق؟ فقال لنا: الطريق طريقان، فما أنتم عليه فطريق العامة، وما أنا عليه الخاصة، ووضع رجله في البحر وعبره، قال: فتبنا إلى الله عز وجل أن ننكر بعد ذلك أحدا من أهل العلم.
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 154
محمد بن خفيف بن أسيد كشاذ الضبى الشيرازي.
الشيخ أبو عبد اللَّه بن خفيف من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر صحب رويماً وغيره
وصنف ما لم يصنفه أحد كما قاله أبو العباس السرى وعمر، وكان يأكل عشر حبات زبيب لإفطاره قال وما وجب عليَّ زكاة الفطر أربعين سنة مع مالى من القبول بين الخاص والعام. قال السلمى: وهو فقيه على مذهب الشافعي. وكان يحضر مجلس ابن سريج لدرس الفقه وضعف في آخر عمره عن القيام فجعل بدل كل ركعة من أوراده ركعيتن قاعدا للخبر: ’’صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم’’ . قلت: الخبر محمول على غير المعذور. مات سنة إِحدى وسبعين وثلثمائة قال الذهبي: وقد جاوز المائة.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1