محمد بن حيدر محمد بن حيدر البغدادي، أبو طاهر فخر الدين: شاعر رقيق، أورد ابن شاكر نموذجا من شعره. وكان من بلغاء الكتاب. له ’’قانون البلاغة –ط’’.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 111
محمد بن حيدر بن عبد الله بن شعيبان
البغدادي الأديب أبو طاهر كان شاعراً مجيداً حسن الشعر، رقيقه، يسكن سوق الثلاثاء، أعور أنبأنا محمد بن محمد بن حامد في كتابه: سمعت شيخنا عبد الرحيم بن الأخوة البغدادي بأصبهان يقول: إنه كان له شعر حسن، وكان من مادحي سيف الدولة صدقة بن منصور وقال: أنشدني أكثر أشعاره، فما وجدت منها أحسن من قوله في الخمر: كامل:
ومدامة كدم الذبيح سخا بها | للشرب من لهواتها الإبريق |
رقّت فراق بها السرور ولم تزل | نطف السرور ترقّ حين تروق |
حتى إذا ضحك الزجاج لقربها | منه بكى لفراقها الراووق |
مالي إذا أنا لمت أسرة مزيدٍ | والغرّ من سرواتهم لم أعذر |
أم ما لقلبي كلّما كلفته | صبراً على فعلاتهم لم يصبر |
وإذا هممت ببسط عذرهم على | منعي وهم سحب الندى لم أقدر |
رقّاصتي هذه لخفّتها | تكاد تحت الثياب تنسبك |
خفيفة الجسم ما لها كفلٌ | يثقلها شحمه ولا ورك |
كأنّما الأرض تحتها كرةٌ | تحملها وهي فوقها فلك |
أنت يا لائمي على شغف الن | فس بحبّ الوليدة الصفراء |
لا تلمني على صبابة قلبٍ | ملكته مولّدات الإماء |
أيّما في العيون أحسن لوناً | صفرة الراح أم بياض الماء؟ |
فتى من نداه الغمر يسترسل الحيا | ومن وجهه الميمون يطّلع البدر |
وما سلّ سيف العزم إلا تجعّدت | سباط القنا واحمرّت الأنصل الخضر |
هو البحر يحلو في فم الخلق طعمه | ويصفو وماء البحر ذو كدرٍ مرّ |
خليليّ هذا آخر العهد منكم | ومنّي فهل من موعدٍ نستمدّه؟ |
لأنّ أخاكم حلّ في دار غربةٍ | يطول بها عن هذه الدار عهده؟ |
فلا تعجبوا إذ خفّ للبين رحله | وقد جدّ في إثر الأحبّة جدّه |
على أنّ في الدارين تلك وهذه | له صاحبٌ يهوى وإلفٌ يودّه |
وقد أزمع المسكين عنهم ترحّلاً | فهل منكم من صادقٍ يستردّه؟ |
دار اليمامة-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 195