أبو شجاع محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله، أبو شجاع الروذراوري، الملقب بظهير الدين: وزير، من العلماء. ولد بالأهواز، أو بقلعة كنكور (من أعمال همذان) وولى الوزارة للمقتدي العباسي (سنة 476 هـ) فعمرت العراق في عهده - كما يقول الذهبي – وعزل سنة 484 وحج سنة 487 فجاور بالمدينة إلى أن توفي. ودفن بالبقيع. حسنت سيرته في الوزارة. وكان وافر العقل، عالما بالأدب، له شعر رقيق. وصنف كتبا، منها ’’ذيل تجارب الأمم لمسكويه –ط’’ وكان يكتب على طريقة ابن مقلة. نسبته إلى ’’الروذراور’’ من نواحي همذان، أصله منها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 100
الوزير أبو شجاع محمد بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم الملقب ظهير الدين أبو شجاع الروذراوري الأصل الأهوازي المولد، قرأ الفقه على الشيخ أبي إسحاق وقرأ الأدب، وولي الوزارة للإمام المقتدى بعد عزل عميد الدولة أبي منصور بن جهير ثم أعيد عميد الدولة، ولما قرأ شجاع التوقيع بعزله أنشد:
تولاها وليس له عدو | وفارقها وليس له صديق |
أيذهب جل العمر بيني وبينكم | بغير لقاء إن ذا لشديد |
فإن يسمح الدهر الخؤون بوصلكم | على فاقتي إني إذا لسعيد |
لأعذبن العين غير مفكر | فيها بكت بالدمع أو فاضت دما |
ولأهجرن من الرقاد لذيذه | حتى يعود على الجفون محرما |
هي أوقعتني في حبايل فتنة | لو لم تكن نظرت لكنت مسلما |
سفكت دمي فلا سفحن دموعها | وهي التي ابتدأت فكانت أظلما |
يا عين ما ظلم الفؤا | د ولا تعدى في الصنيع |
جرعته مر الهوى | فمحا سوادك بالدموع |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 3- ص: 0
أبو شجاع ظهير الدين اسمه محمد بن الحسين، وقد تقدم في المحمدين فيطلب هناك.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0
ظهير الدين الوزير العادل، ظهر الدين، أبو شجاع محمد بن الحسين بن محمد الروذراوري.
مولده بقلعة كنكور، ومن أعمال همذان، سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: تغير القائم على وزيره أبي نصر بن جهير، فصرفه بأبي يعلى الحسين بن محمد، فخدم ولده أبو شجاع صهر بن رضوان القائم بثلاثين ألف دينار. فعزل ابن جهير سنة ستين، ومات حينئذ أبو يعلى، فعوض ولده أبو شجاع عن المال بدار البساسيري، فباع منها بأضعاف ذلك المال، وتكسب، وتعانى العقار، ثم خدم ولي العهد المقتدي، وصار صاحب سره، فلما استخلف، عظم أبو شجاع، فسمع نظام الملك، فكاتب المقتدي في إبعاده، فكتب المقتدي إلى النظام بخطه يعرفه منزلة أبي شجاع لديه، ويصف دينه وفضله، ثم أمر أبا شجاع بالمضي إلى أصبهان، وبعث في خدمته خادمه مختصا، فخضع النظام، وعاد لأبي شجاع بالود في سنة خمس وسبعين، ثم عز المقتدى ابن جهير في
سنة ست، واستوزر أبا شجاع، وأقبلت سعادته، وتمكن من المقدى تمكنا عجيبا، وعزت الخلافة، وأمن الناس، وعمرت العراق، وكثرت المكاسب.
وكان كثير التلاوة والتهجد، ويكتب مصاحف، ويجلس للمظالم، فيغتص الديوان بالسادة والكبراء، وينادي الحجاب: أين أصحاب الحوائج؟ فينصف المظلوم، ويؤدي عن المحبوس، وله في عدله حكايات في إنصاف الضعيف من الأمير.
وخلعت عليه بنت السلطان ملكشاه حين تزوجت بالمقدى، فاستعفى من لبس الحرير، فنفذت له عمامة ودبيقية بمائتين وسبعين دينارا، فلبسها.
وقيل: إنه أمر ليلة بعمل قطائف، فلما أحضرت، تذكر نفوس مساكين تشتهيها، فأمر بحملها إلى فقراء وأضراء.
وقيل: أحصي ما أنفقه على يد كاتب له، فبلغ أزيد من مائة ألف دينار.
قال الكاتب: وكنت واحدا من عشرة يتولون صدقاته.
وكان كاملا في فنون، وله يد بيضاء في البلاغة والبيان، وكتابته طبقة عالية على طريقة ابن مقلة. ولقد بالغ ابن النجار في استيفاء ترجمته.
وزر سبع سنين وسبعة أشهر، ثم عزل بأمر السلطان ملكشاه للخليفة لموجدة، فأنشد أبو شجاع:
تولاها وليس له عدو | وفارقها وليس له صديق |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 14- ص: 110
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الروذراوري الوزير أبو شجاع
ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة
وكان والده من أهل روذراور وصحب الأمير كرشاسف بن علاء الدولة صاحب همذان وأصبهان وبلاد الجبل وكان ينقاد له
وصحب الأمير هرارست
أمير خوزستان والبصرة وواسط ثم استوحش منه وجهز أمواله إلى بغداد وأخفى نفسه وولده وخرج إلى حلب ثم توجه إلى همذان
ثم إن القائم بأمر الله صرف وزيره ابن جهير عن الوزارة وصور في نفسه أن يستوزره فورد الخبر بوفاته فقال الخليفة عولنا على هذا الدارج في وزارتنا فحالت الأقدار بيننا وبين الإيثار وقد عرفنا تميز ولده إلا أن السن لم ينته به إلى هذا المنصب فرقاه ولا يزال أبو شجاع يترقى إلى أن انتهت الخلافة إلى المقتدى وتزايد عظمة وترقت به الحال فوق ما كانت
ثم إن نظام الملك كاتب المقتدى في إبعاد أبي شجاع فإنه كان يكرهه فكتب الخليفة الجواب بخطه وعرف نظام الملك منزلة أبي شجاع عنده وفضله ودينه وأكد عليه في الوصاية به وترك الالتفات إلى قول أعدائه وأمر الوزير أبا شجاع بالخروج إلى أصبهان إلى خدمة نظام الملك وأصحبه بعض خدمه فتلقاه نظام الملك بالبشر وأعاده إلى بغداد مكرما فعاد وخرج إليه عسكر الخليفة مستلقين
ثم لما عزل المقتدى بالله عميد الدولة أبا منصور ابن جهير من وزارته ولاها ظهير الدين أبا شجاع وخلع عليه في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة
وتوالت السعادة في وزارته وما زال يتقدم في كل يوم تقدما لم يكن لغيره وصار الأمر أمره والمقبول من ارتضاه والمدفوع من أباه وعظم الحق وانتشر العدل
وكان لا يخرج من بيته حتى يقرأ شيئا من القرآن ويصلي
وكان يصلي الظهر ويجلس للمظالم إلى وقت العصر وحجابه تنادي أين أصحاب الحوائج
قال النقلة فلم يطمع في أيامه طامع ولم يحدث نفسه بالظلم ظالم
وكان من سعادته أن قاضي القضاة الشامي ذاك الرجل العالم الصالح هو القاضي في أيامه فانتظم أمر بغداد كما ينبغي
واستدعى يوما بعض كبار الأمراء بالنواحي فجاءه في خمسمائة فارس من الأمراء والسلارية فلما مثل بين يديه فقال له إن بعض أعوانك أخذ عمامة رجل
فقال يا مولانا إنك تتعمد الغض مني والنقص من محلي وهذا مما يسأل عنه من استنبته في الشرطة من أصحابي والمستخدمون على أبوابي
فقال له الوزير وإذا سألك الله تعالى في الموقف الذي يسألك فيه عن اللفظة واللحظة ومثقال الذرة يكون هذا جوابك
فخرج ذلك الملك واستبحث عن العمامة حتى عادت
وأخباره في ذلك ونظائره مشهورة كثيرة
ثم لاح له توفيق إلهي فحاسب نفسه على زكاة ماله وعلم أنه أخل بأدائها فيما تقدم واحتاط بأن أخرجها عن والده سنين كثيرة
ورأوه عدة أيام خاليا يكتب ويحسب فأشفق عليه بعض الأصدقاء وأرجف به الأعداء وقالوا خولط ولحقته السوداء
وأما ما كان يفعله من صنائع البر والتنوع في صلة المعروف فعجيب كثير
وحكي أنه استدعى بعض أخصائه في يوم بارد وعرض عليه رقعة من بعض
الصالحين يذكر فيها أن في الدار الفلانية امرأة معها أربعة أطفال أيتام وهم عراة جياع
فقال له امض الآن وابتع لهم جميع ما يصلح لهم
ثم خلع أثوابه وقال والله لا لبستها ولا أكلت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم
وبقي يرعد بالبرد إلى حيث قضى الأمر وعاد إليه وأخبره
وقال بعض من كان يتولى صدقاته إنه حسب ما انصرف على يده من صلاته فاشتمل على مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار
قال وكنت واحدا من عشرة يتولون صدقاته
ثم إن السلطان ملكشاه سأل الخليفة في عزلة فعزله في ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة فأنشد أبو شجاع في حال انصرافه
تولاها وليس له عدو | وفارقها وليس له صديق |
يا ماجدا لو رمت مدح سواه لم | أقدر على بيت ولا مصراع |
امنن علي بشعرك الدر الذي | شعر الرضى له من الأتباع |
لو كنت أرضى ما جمعت شتيته | ما صنت معرضه عن الأسماع |
لكن شعري شبه شوهاء اتقت | عيابها فتسترت بقناع |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 4- ص: 136
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الوزير أبو شجاع
من أهل روذراور، من ناحية همذان. كان وزير المقتدي وجرت أموره في وزارته على سداد وكان يرجع إلى فضل كامل، وعقل وافر، ورأي صائب، وكان له شعر رقيق مطبوع، أدركاته حرفة الأدب، وصرف عن الوزارة، وكلّف لزوم البيت، فانتقل من بغداد إلى جوار النبي - ( - وأقام بالمدينة إلى حين وفاته، ودفن عند قبر إبراهيم ابن النبي - ( - بالبقيع، ولما أحسّ بالوفاة، حمل إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف عند الحضرة، وبكى، وقال: يا رسول الله قال الله سبحانه وتعالى: {ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرّسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} ولقد جئتك معترفاً بذنوبي، وجرائمي، أرجو شفاعتك! وبكى، ورجع، وتوفى من يومه. أنبأني أبو الضياء شهاب بن محمود الشذباني الهروي - رحمه الله - أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المرزوي من كتابه بالجامع القديم بهراة قال: سمعت أبا علي أحمد بن علي ابن سعيد العجليّ في منزله مذاكرة بهمذان يقول: قلت للوزير أبي شجاع - رحمه الله - أريد أن أقرأ عليك ديوان شعرك. فقال: لا، ولكن أنشدك أبياتاً من شعري، فأنشدني لنفسه: بسيط:
ليس المقادير طوعاً لامرئ أبداً | وإنّما المرء طوعٌ للمقادير |
فلا تكن إن أتت باليسر ذا أشر | ولا يؤوساً إذا جاءت بتسعير |
وكن قنوعاً بما يأتي الزمان به | فيما ينوبك من صفو وتكدير |
فما اجتهاد الفتى يوماً بنافعه | وإنّما هو إبلاء المعاذير |
ما كان بالإحسان أولاكم | لو زرتم من كان يهواكم |
أحباب قلبي! ما لكم والجفا؟ | ومن بهذا الهجر أغراكم!؟ |
ما ضرّكم لو عدتم مدنفاً | ممرّضاً، من بعض قتلاكم |
أنكرتمونا مذ عهدناكم | وخنتمونا مذ حفظناكم |
لا نظرت عيني سوى شخصكم | ولا أطاع القلب إلاّكم |
جرتم وخنتم وتحاملتم | على المعنىّ في قضاياكم |
ما كان أغناني عن المشتكى | إلى نجوم الليل لولاكم! |
سلوا حداة العيس هل أوردت | ماءً سوى دمعي مطاياكم؟ |
أو فاسألوا طيفكم: هل رأى | طرفي غفا من بعد مسراكم؟ |
أحاول النّوم عسى أنّني | في مستلذّ النّوم ألقاكم |
يا ظبيات الإنس! في ناظري | ورودكم، والقلب مرعاكم |
جوروا وخونوا وانصفوا واعذلوا | في كلّ حال لا عدمناكم |
يا قوم ما أخونكم في الهوى | وما على الهجران أجراكم! |
ما آن أن تقضوا غريماً لكم | يخشاكم أن يتقاضاكم |
يستنشق الرّيح إذا ما جرت | من نحو نجدٍ شوق رؤياكم |
فشتّان من يمسي ويصبح دائباً | بمجلس لهو بين عزف قيان |
ومن يشتكي سقماً وهجراً ووحدة | لك الخير قل لي كيف يجتمعان؟! |
تولاّها وليس له عدوٌّ | وفارقها وليس له صديق |
دار اليمامة-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 245