معجم الأدباء لياقوت الحموي يُعد من أعاظم كتب التراجم في التراث العربي، ضمَّ أكثر من 800 ترجمة موزعة على نحو 33 طبقة، شملت نُحاة ولغويين ونسابين وقراء ومؤرخين ووراقين وأصحاب مؤلفات ورسائل. الكتاب يتجاوز كونه معجمًا أدبيًا، فهو موسوعة ثقافية وفكرية ضخمة ترصد تطور الحياة الأدبية والعلمية.
لكن النسخة المطبوعة التي نشرها مرجليوث (1907م) أثارت جدلاً واسعًا، إذ تبين وجود نقص واختلاط فيها. فمن الباحثين من يرى أن بعض الصفحات دُسّت عليه من كتابه الآخر معجم الشعراء، بدليل وجود ترجمة للبحتري دون أبي تمام. وهناك من يذهب إلى أن ياقوت لم يُتم تبييض الكتاب، ولم يُنجز ما وعد به في مقدمته من ذكر الألقاب آخر كل فصل.
وقد عثر د. إحسان عباس على مختصر كتبه التكريتي بعنوان بغية الألباء من معجم الأدباء، يحتوي على 160 ترجمة غير موجودة في مطبوعة مرجليوث، ما يدل على أن بعض النسخ سلمت من الاختلاط. كما كشف د. مصطفى جواد في كتابه الضائع من معجم الأدباء عن 46 ترجمة مفقودة أخرى، ما يعزز فرضية النقص والتحريف.
ياقوت نفسه كان يحرص على عدم إعارة كتابه، فاحتفظ به في المسودات وفاءً بقسمه، وعبّر عن تعلقه به بقوله إنه كـ"الروح في جسد الجبان". وأمام هذه الملابسات، يظل معجم الأدباء رغم ما اعتراه من نقص، أحد أعمدة التراث الموسوعي في تراجم الأدباء والعلماء.