يُعد كتاب "الجرح والتعديل" للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي من أعمدة كتب علم الرجال، ومتممًا مهمًا لـ"التاريخ الكبير" للبخاري، إذ بنى ابن أبي حاتم عمله على أقوال والده أبي حاتم وأبي زرعة، عبر سؤالاته لهما، فخرج بعمل نقدي علمي متكامل. وقد فصّل في مقدمته الغرض من التأليف، مؤكدًا أن فهم الكتاب والسنة متوقف على عدالة النقلة، فميّز مراتب الرواة ورتّبها بدءًا من الجهابذة النقاد وانتهاءً بالضعفاء.

اشتملت مقدمته على تصنيف مراتب الرواة وألفاظ الجرح والتعديل، واستعرض فيها أعلام النقد الحديثي مثل مالك، والثوري، وشعبة، وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن معين، وأحمد بن حنبل، مبينًا أنهم مرجعيته في الحكم على الرجال. ميّز ابن أبي حاتم ألفاظ التوثيق الدقيقة مثل: "ثقة مأمون إمام"، و"ثقة وزيادة"، و"الثقة الرضا"، و"له أوهام".

أهمية الكتاب تكمن في دقة التصنيف، وصرامة المنهج، وثراء المادة، إذ جعله مرجعًا محوريًا في مدرسة نقد الرواة الإسلامية، ووسيلة لفهم دلالات الألفاظ في سياق توثيق الرجال.