كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي هو أحد أبرز مؤلفاته وأشهرها، استخرجه من كتابه الضخم تاريخ الإسلام، فحذف منه الحوادث السياسية والعامة، مكتفيًا بتراجم الوفيات، مما جعله يطبع في (23) مجلدًا، أي نحو نصف حجم كتابه الأصلي. شرع الذهبي في ترتيبه سنة 732هـ، وضمن فيه روايات لم ترد في تاريخ الإسلام، وتوسّع في تراجمه، دون أن يضيف أسماء جديدة إلا في "الذيل" الذي التحق به.

رُتّب الكتاب على 35 طبقة تبدأ من عصر النبوة حتى سنة 700هـ، ثم أضاف خمس طبقات تغطي الفترة بين 700-740هـ. وقد تفاوتت مدة الطبقات؛ فالطبقة 31 امتدت 26 عامًا، في حين أن الطبقة 35 امتدت لتسع سنوات فقط. طُبع الكتاب بتحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط وفريق من المحققين، من أبرزهم د. بشار عواد معروف، الذي ألحق بالكتاب مواد من تاريخ الإسلام تتعلّق بالسيرة النبوية، بناءً على وصية الذهبي.

تميزت الطبعة الجديدة بفهارس مفيدة، مثل فهرس أقوال الذهبي، وقد وصلتنا منه عدة نسخ خطية، منها نسخة عليها سماع بخط الصفدي، وتملكها المدرسة المحمودية في القاهرة، ثم نُقلت إلى جامع آيا صوفيا. استدرك على الكتاب الحافظ تقي الدين الفاسي (ت832هـ) في كتابه تعريف ذوي العلاء بمن لم يذكره الذهبي من النبلاء.

ينبغي التنبيه إلى وجود كتاب آخر للذهبي بعنوان النبلاء في شيوخ الستة، لا علاقة له بـسير أعلام النبلاء، فقد اقتصر فيه على أسماء رجال الكتب الستة مرتبًا إياهم على المعجم. كما أن للذهبي أكثر من 200 أثر، منها مؤلفات نادرة مثل تشبيه الخسيس بأهل الخميس، والدرة اليتيمية، والقبّان في أصحاب ابن تيمية. وقد وصفه الصفدي بقوله: "لم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كودنة النقلة، بل هو فقيه النظر"، مما يعكس تفرّده في المزج بين النقد الحديثي والنظر الفقهي والأدبي.

كتاب "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي (ت748هـ)، هو أحد أهم كتب علم الجرح والتعديل، أَلَّفه بعد كتابه السابق "المغني في الضعفاء"، لكنه جعله أوسع وأشمل منه، حيث ضم فيه زيادات كثيرة، وأضاف تراجم لرواة لم يُذكَروا في "المغني".

محتوى ومنهج الكتاب:

  • يضم تراجم لعدة فئات من الرواة:

    1. الكذابين والوضّاعين

    2. المتروكين والضعفاء جدًا

    3. الرواة الصادقين أو المستورين الذين فيهم لين

    4. المجهولين

    5. الثقات الذين وُجّه إليهم نقدٌ غير معتبر

  • يورد في كل ترجمة:

    • اسم الراوي ونسبه وطبقته

    • أقوال العلماء فيه (كابن معين، وأحمد، وأبي حاتم)

    • ما رُوي عنه من أحاديث، وأحيانًا نماذج من أغلاطه أو أوهامه

    • وقد يختم بحكمه الخاص عليه

مكانته وأهميته:

  • يُعد "ميزان الاعتدال" مرجعًا موسوعيًا في الجرح والتعديل، ويحتوي على قرابة 12 ألف ترجمة.

  • امتاز بجرأة الذهبي في النقد والتمييز بين الدرجات المختلفة للرواة، وبقدرته على الجمع بين العدالة العلمية والإنصاف.

  • جمع فيه الذهبي المرويات النقدية من مئات المصادر، مع لمحات تحليلية تدل على تبحره وتميّزه في النقد الحديثي.

خلاصة:
"ميزان الاعتدال" هو أحد أعمدة علم الرجال، قصد به الذهبي تصنيف الرواة غير المتفق على توثيقهم توثيقًا مطلقًا، وجمع فيه كل ما قيل فيهم من جرح وتعديل، مع ترجيحاته وتعليقاته النافعة، ليكون دليلاً للمحدّث والباحث في التعامل مع المرويات والرواة.

يُعد كتاب الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للإمام الذهبي اختصاراً نفيساً لكتاب شيخه المزي تهذيب الكمال، اقتصر فيه على رواة الكتب الستة فقط، فجاء بحجم صغير لا يتجاوز عُشر الأصل، لكنه كبير في فائدته. يتميز الكاشف بدقته المنهجية واعتماد الذهبي فيه على الرموز المختصرة للدلالة على أصحاب الكتب الستة، مع ذكر أبرز أقوال الجرح والتعديل في كل راوٍ. وقد راجعه الذهبي بنفسه وضبطه بخط يده، فأضحى من أهم الكتب التعليمية للدارسين في علم الرجال. ويُنظر إليه بوصفه كتاب تدريب وممارسة أكثر من كونه مرجعاً موسوعيًّا، مما جعله معتمداً لدى طلاب الحديث والنقاد.

المعين في طبقات المحدثين من تأليف الحافظ شمس الدين الذهبي (ت748هـ)، ويعد من كتب التراجم المهمة في علم الحديث، إذ خصصه لتراجم المحدثين وطبقاتهم، مستندًا إلى دقته المعهودة في ترتيب الطبقات وتحرير الأقوال. يمثّل الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين، ويتميّز بأن مؤلفه هو الذهبي، الذي تعد كلماته في هذا الميدان أضعافًا مضاعفة من كلام غيره لما أوتي من حفظ، وعلم، وورع، ودقة. وقد رتب الذهبي التراجم بحسب الطبقات الزمنية، بأسلوب يقارب أسلوبه في تاريخ الإسلام، فجعل الطبقة تضم وفيات عقد زمني محدد، وضمنها أبرز أعلام الحديث في ذلك العهد. الكتاب يُعد من أواخر ما ألّف الذهبي، وثاني أضخم كتبه بعد تاريخ الإسلام.