ابن القم الحسين بن علي بن محمد بن ممويه، أبو عبد الله، المعروف بابن القم: شاعر يماني، مولده ووفاته في زبيد كان رئيس الإنشاء عند الصليحيين. وكان أبوه صاحب ديوان الخراج بتهامة. قال مخرمة: كان أهل اليمن يعدون الحسين كالمتنبي في الشام والعراق له (مجموع رسائل - خ) وفي المتحف البريطاني رقم 4004 أوراق منتزعة من (ديوان شعره).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 246
ابن القم الحسين بن علي بن محمد بن ممويه، أبو عبد الله المعروف بابن قم، ولد بزبيد. قال العماد الكاتب: هو من شعراء القصر الأقرب، عصره متقدم. وكان معاصر ابن سنان الخفاجي أو بعده بقريب، وكان الأمير المفضل نجم الدين أبو محمد ابن فضال ينشدني من شعره، وذكر أن ابن القم سمع بيتا لابن سنان الخفاجي قد ابتكر معناه وقد أحسن صياغة مفراه وهو:
طويت إليك الباخلين كأنني | سريت إلى شمس الضحى في الغياهب |
ولما مدحت الهبرزي بن أحمد | أجاز وكافاني على المدح بالمدح |
فعوض عن شعري بشعر وزادني | عطاه فهذا رأس مالي وذا ربحي |
لفظت ملوك الأرض حتى رأيته | فكنت كمن شق الظلام إلى الصبح |
مشهر الفضل إن شمس الضحى احتجبت | عن العيون اضاء الأفق سؤدده |
مات الكرام فأحيتهم مآثره | كأن مبعث أهل الفضل مولده |
لولا المخافة من أن لا تدوم له | إرادة البذل أعطت نفسها يده |
كأنه خاف أن ينسى السماح فما | يزال منه له درس يردده |
الموقدون إذا باتو فواضل ما | بات الطعان بأيديهم يقصده |
بكل عضب تخر الهام ساجدة | إذا رأته كأن الهام تعبده |
ولئن ذكرت هوى الظعائن جملة | فالقصد صاحبة البعير الواحد |
وكما يعد الأكرمون جماعة | والواحد المرجو عبد الواحد |
معاليك لا ما شيدته الأوائل | ومجدك لا ما قاله فيك قائل |
وما السعد إلا حيث يممت قاصدا | وما النصر إلا حيث ينزل نازل |
إذا رمت صيدا فالملوك طرائد | أمامك تسعى والرماح أجادل |
ومذ رمت إيراد العوالي تيقنت | نفوس الأعادي أنهن مناهل |
وقد عشقت أسيافك الهام منهم | فكل حسام مرهف الحد ناحل |
مليك يفض الجيش والجيش حافل | ويخجل صوب المزن والمزن هاطل |
سحاب غواديه لجين وعسجد | وليث عواديه قنا وقنابل |
توقى الأعادي بأسه وهو باسم | ويرجو الموالى جوده وهو صائل |
أرض الفلاحة لو أتاها جرول | أعني الحطيئة لاغتدى حراثا |
لم آتها من أي باب جئتها | إلا حسبت بيوتها أجداثا |
تصدى بها الأفهام بعد صقالها | وترد ذكران العقول إناثا |
أرض خلعت اللهو خلعي خاتمي | فيها وطلقت السرور ثلاثا |
بطل كأن ثيابه في سرجه | يحذى نعال السبت ليس بتوأم |
أسد أضبط يمشي | بين طرفاء وغيل |
لبسه من نسج داود | كضحضاح المسيل |
فتطاعنا وتوافقت خيلاهما | وكلاهما بطل اللقاء مقنع |
فكرت تبتغيه فصادفته | على دمه ومصرعه السباعا |
عبثن به فلم يتركن إلا | أديما قد تمزق أو كراعا |
يقيم الرجال الموسرون بأرضهم | وترمي النوى بالمقترين المراميا |
وما تركوا أوطانهم عن ملالة | ولكن حذارا من شمات الأعاديا |
للخطب والخطب البليغة أندب | وإذا يحاس الحيس يدعى جندب |
إذا حل ذو نقص محلة فاضل | وأصبح رب الجاه غير وجيه |
فإن حياة المرء غير شهية | إليه وطعم الموت غير كريه |
وإن صريح الحزم والرأي لامريء | إذا بلغته الشمس أن يتحولا |
من يساجلني يساجل ماجدا | يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
فأسبل عليها ستر معروفك الذي | سترت به قدما علي عواري |
فيك برحت بالعذول إباء | وعصيت اللوام والنصحاء |
فانثنى العاذلون أخيب مني | يوم أزمعتم الرحيل رجاء |
من مجيري من فاتر الطرف ألمى | جمع النار خده والماء |
فيه لليل والنهار صفات | فلهذا سر القلوب وساء |
لازم شيمة الخلاف فإن لنـ | ـت قسا أو دنوت منه تناءى |
يا غريب الصفات حق لمن كا | ن غريبا أن يرحم الغرباء |
حربا من صدوده وتجنيـ | ـه وإشماته بي الأعداء |
وإذا ما كتمت ما بي من الوجـ | ـد أذاعته مقلتاي بكاء |
كعطايا سبا بن أحمد يخفيـ | ـها فتزداد شهرة ونماء |
أريحي بهزه المدح للجو | د وإن لم تمدحه جاد ابتداء |
ألمعي يكاد ينبيك عما | كان في الغيب فطنة وذكاء |
وإذا أخلف السماء بأرض | أخلفت راحتاه ذاك السماء |
بندى يخجل الغيوث انهمالا | وشذى ينهل الرماح الظماء |
ما أبالي إذ أحسن الدهر فيه | أحسن الدهر بالورى أم أساء |
أيها الطالب الغنى زره تظفر | بعطاء يخجل الأنواء |
تلق منه المهذب الماجد الند | ب الكريم السميدع الأناء |
إن سطا أرهب الضراغم في الآ | جام أو جاد بخل الكرماء |
راحة في الندى تسيل نضارا | وحسام في الروع يهمي دماء |
شيم من أبيه أحمد ما ينـ | ـفك عنها تقيلا واقتفاء |
يا با حمير دعوتك للدهـ | ـر فكنت امرءا تجيب الدعاء |
قد تعاطى في المجد شأوك قوم | عجزوا واحتملت فيه العناء |
فأبى البخل أن يكونوا أماما | وأبى الجود أن يكون وراء |
شرفا شامخا ومجدا منيفا | عد مليا وعزة قعساء |
أنا أشكو إليك جور زمان | دأبه أن يعاند الأدباء |
مال عني بما أؤمل فيه | كلما قلت سوف يأسو أساء |
أهملتني صروفه فكأني | ألف الوصل ألغيت إلغاء |
رهن بيت لو استقر به الير | بوع لم يرضه قاصعاء |
نقصتني نقص المرخم فيه | خلتني في فم الزمان نداء |
منعتني من التصرف منع الـ | ـعلل التسع صرفها الأسماء |
يا با حمير وحرمة إحسا | نك عندي ما كان حبي رياء |
ما ظننت الزمان يبعدني عنـ | ـك إلى أن أفارق الأحياء |
غير أني فدتك نفسي من السو | ء وإن قل أن تكون فداء |
ضاع سعيي وخبت خابت أعا | ديك ومن يبتغي لك الأسواء |
واحتملت الحرمان والنقص والإبـ | ـعاد والذل والعنا والجفاء |
وتحملت واصطبرت فما أبـ | ـقى على عمودي الزمان لحاء |
أعلى هذه المصيبة صبر؟ | لا ولو كنت صخرة صماء |
ولو أني لم أعتمد دون غيري | لتأسيت أن أموت وفاء |
غير أن التصريح ليس بخاف | عند من كان يفهم الإيماء |
غير أني مثن عليك وما لمـ | ـت على ما لقيت إلا القضاء |
وسيأتيك في البعاد وفي القر | ب مديح يجمل الشعراء |
فبشكر رحلت عنك وألقا | ك به إن قضى الإله لقاء |
ليس يبقى في الدهر غير ثناء | فاكتسب ما استطعت ذاك الثناء |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0
ابن القم الحسين بن علي.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
الحسين بن علي بن محمد بن ممويه، أبو عبد الله المعروف بابن قم الزبيدي اليمني: ولد بزبيد سنة ثلاثين وخمسمائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. كان أديبا كاتبا شاعرا من أفاضل اليمن المبرزين في النظم والنثر والكتابة، ومن شعره:
أأحبابنا من بالقطيعة أغراكم | وعن مستهام في المحبة ألهاكم |
صددتم وأنتم تعلمون بأننا | لغير التجني والصدود وددناكم |
كشفت لكم سري على ثقة بكم | فصرت بذاك السر من بعض أسراكم |
جعلناكم للنائبات ذخيرة | فحين طلبناكم لها ما وجدناكم |
قطعتم وصلناكم، نسيتم ذكرناكم | عققتم بررناكم، أضعتم حفظناكم |
وفي النفس سر لا تبوح بذكره | ولو تلفت وجدا إلى يوم لقياكم |
فإن تجمع الأيام بيني وبينكم | غفرت خطاياكم لحرمة رؤياكم |
خير ما ورث الرجال بنيهم | أدب صالح وحسن ثناء |
ذاك خير من الدنانير والأو | راق في يوم شدة ورخاء |
تلك تفنى والدين والأدب الصا | لح لا يفنيان حتى اللقاء |
أرض الفلاحة لو أتاها جرول | أعني الحطيئة لاغتدى حراثا |
ما جئتها من أي باب جئتها | إلا حسبت بيوتها أجداثا |
تصدا بها الأفهام بعد صقالها | وترد ذكران العقول إناثا |
أرض خلعت اللهو خلعي خاتمي | فيها وطلقت السرور ثلاثا |
بطل كأن ثيابه في سرحة | يحذى نعال السبت ليس بتوأم |
أسد أضبط يمشي | بين طرفاء وغيل |
لبسه من نسج دا | ود كضحضاح المسيل |
فتطاعنا وتواقفت خيلاهما | وكلاهما بطل اللقاء مقنع |
فكرت تبتغيه فصادفته | على دمه ومصرعه السباعا |
عبثن به فلم يتركن إلا | أديما قد تمزق أو كراعا |
يقيم الرجال الموسرون بأرضهم | وترمي النوى بالمقترين المراميا |
وما تركوا أوطانهم عن ملالة | ولكن حذارا من شمات الأعاديا |
إذا حل ذو نقص مكانة فاضل | وأصبح رب الجاه غير وجيه |
فإن حياة الحر غير شهية | إليه وطعم الموت غير كريه |
وإن صريح الرأي والحزم لامرئ | إذا بلغته الشمس أن يتحولا |
من يساجلني يساجل ماجدا | يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
فيك برحت بالعذول إباء | وعصيت اللوام والنصحاء |
فانثنى العاذلون أخيب مني | يوم أزمعتم الرحيل رجاء |
من مجيري من فاتر اللحظ ألمى | جمع النار خده والماء |
فيه لليل والنهار صفات | فلهذا سر القلوب وساء |
لازم شيمة الخلاف فإن لن | ت قسا أو دنوت منه تناءى |
يا غريب الصفات حق لمن كا | ن غريبا أن يرحم الغرباء |
معرضا عن صدوده وتجني | ه وإشماته بي الأعداء |
وإذا ما كتمت ما بي من وج | د أذاعته مقلتاي بكاء |
كعطايا سبا بن أحمد يخفي | ها فتزداد شهرة ونماء |
أريحي يهزه المدح للجو | د وإن لم نمدحه جاد ابتداء |
المعي يكاد ينبيك عما | كان في الغيب فطنة وذكاء |
وإذا أخلف السماء بأرض | أخلفت راحتاه ذاك السماء |
بندى يخجل الغيوث انهمالا | وشذا ينهل الرماح الظماء |
ما أبالي إذ أحسن الدهر فيه | أحسن الدهر للورى أم أساء |
أيها المجدب الضريك انتجعه | فعطاياه تسبق الأنواء |
تلق منه المهذب الماجد الند | ب الكريم السميدع الأباء |
راحة في الندى تنيل نضارا | وحسام في الروع يهمي دماء |
يا أبا حمير دعوتك للده | ر فكنت امرءا يجيب الدعاء |
فأبى البخل أن يكون أماما | وأبى الجود أن يكون وراء |
أنا أشكو إليك جور زمان | دأبه أن يعاند الأدباء |
أهملتني صروفه وكأني | ألف الوصل ألقيت إلقاء |
إن سطا أرهب الضراغم في الآ | جام أو جاد بخل الكرماء |
شيم من أبيه أحمد لا ين | فك عنها تتبعا واقتفاء |
قد تعاطى في المجد شأوك قوم | عجزوا واحتملت فيه العناء |
شرفا شامخا ومجدا منيفا | حميريا وعزة قعساء |
مال عني بما أؤمل فيه | كلما قلت سوف يأسو أساء |
رهن بيت لو استقر به الير | بوع لم يرضه له نافقاء |
نقصتني نقص المرخم حتى | خلتني في فم الزمان نداء |
منعتني من التصرف منع ال | علل التسع صرفها الأسماء |
يا أبا حمير وحرمة إحسا | نك عندي ما كان حبي رياء |
ما ظننت الزمان يبعدني عن | ك إلى أن أفارق الأحياء |
غير أني فدتك نفسي من السو | ء وإن قل أن تكون فداء |
ضاع سعيي وخبت خابت أعا | ديك ومن يبتغي لك الأسواء |
واحتملت الحرمان والنقص والإب | عاد والذل والعنا والجفاء |
وتجملت واصطبرت فما أب | قى على عودي الزمان لحاء |
أعلى هذه المصيبة صبر | لا ولو كنت صخرة صماء |
ولو اني لم أعتمد دون غيري | لتأسيت أن أموت وفاء |
غير أن التصريح ليس بخاف | عند من كان يفهم الإيماء |
غير أني مثن عليك وما لم | ت على ما لقيت إلا القضاء |
وسيأتيك في البعاد وفي القر | ب مديح يستوقف الشعراء |
فبشكر رحلت عنك وألقا | ك به إن قضى الإله لقاء |
ليس يبقى في الدهر غير ثناء | فاكتسب ما استطعت ذاك الثناء |
تشكى المحبون الصبابة ليتني | تحملت ما يلقون من بينهم وحدي |
فكانت لنفسي لذة الحب كلها | فلم يدرها قبلي محب ولا بعدي |
هدايا الناس بعضهم لبعض | تولد في قلوبهم الموده |
وتزرع في النفوس هوى وحبا | لصرف الدهر والحدثان عده |
وتصطاد القلوب بلا شراك | وتسعد حظ صاحبها وجده |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1132