ابن الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث بن قيس الكندي: امير، من القادة الشجعان الدهاة. وهو صاحب الوقائع مع الحجاج الثقفي. سيره الحجاج بجيش لغزو بلاد رتبيل (ملك الترك) فيما وراء سجستان. فغزا بعض اطرافها، واخذ منها حصونا وغنائم. وكتب إلى الحجاج يخبره بذلك وانه يرى ترك التوغل في بلاد رتبيل إلى ان يختبر مداخلها ومخارجها. فاتهمه الحجاج بالضعف والعجز، واجابه: (ان كتابك كتاب امرئ يحب الهدنة، ويستريح إلى الموادعة، قد صانع عدوا قليلا ذليلا، فامض لما امرتك به من الوغول في ارضهم والهدم لحصونهم وقتل مقاتلهم، والافأخوك اسحاق بن محمد امير الناس) فاستشار عبد الرحمن من معه. فلم يروا رأى الحجاج، واتفقوا على نبذ طاعته، وبايعوا عبد الرحمن، على خلع الحجاج واخراجه من ارض العراق. وقال: بعضهم: اذا خلعنا الحجاج عامل عبد الملك، فقد خلعنا عبد الملك. فخلعوا عبد الملك بن مروان ايضا. وزحف بهم عبد الرحمن (سنة 81هـ) عائدا إلى العراق، لقتال الحجاج. ونشبت بينه وبين جيوش الحجاج وعبد الملك معارك ظفر فيها عبد الرحمن، وتم له ملك سجستان وكرمان والبصرة وفارس (الا خراسان، وكان عليها المهلب واليا لعبد الملك بن مروان) ثم خرجت البصرة من يده فاستولى على الكوفة، فقصده الحجاج، فحدثت بينهما موقعة (دير الجماجم) التي دامت مئة وثلاثة ايام، وانتهت بخروج ابن الاشعث من الكوفة، وكان جيشه ستين الفا، فتتابعت هزائم جيشه، في مسكن وسجستان. وتفرق من معه فبقى في عدد يسير، فلجأ إلى (رتبيل) فحماه مدة، فوردت عليه كتب الحجاج تهديدا ووعيدا اذا هو لم يقتل ابن الاشعث او يقبض عليه، فأمسكه رتبيل وقتله وبعث برأسه إلى الحجاج. فأرسله هذا إلى عبد الملك بالشام، وبعث به عبد الملك إلى اخيه عبد العزيز بمصر.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 323

عبد الرحمن بن الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أمير سجستان. ظفر به الحجاج وقتله وطيف برأسه سنة أربع وثمانين للهجرة. وكان قد خلع عبد الملك بن مروان ودعا لنفسه في شعبان سنة اثنتين وثمانين، وبايع الناس فدوفع بدير الجماجم وقتل. ولما أن وصل ابن الأشعث البصرة هرب الحجاج إلى ناحية العراق، وبايع أهل البصرة ابن الأشعث على قتال الحجاج وحرب عبد الملك من القراء وغيرهم.
وكان ممن بايع ابن الأشعث من الأعيان مسلم بن يسار، وجابر بن زيد أبو الشعثاء، وأبو الحوراء، وقتل معه، وأيوب ابن القرية، وماهان العابد قتلهما الحجاج، وأنس بن مالك في جملة القراء. ومن أهل الكوفة سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وطلحة بن مصرف وذر وعبد الله بن شداد، وأبو البحتري الطائي، والحكم بن عتبة، وعون بن عبد الله بن مسعود الهذلي وخلق سواهم.
وكان ابن الأشعث في مائتي ألف فارس ومائة ألف راجل. وكان دخول ابن الأشعث البصرة في آخر ذي الحجة سنة إحدى وثمانين، ثم إن الحجاج التقى مع ابن الأشعث في أول المحرم، وهي وقعة الزاوية، فاقتتلا قتالا شديدا، وقال الحجاج: لله در مصعب بن الزبير ما كان أكرمه. فعلم أهل الكوفة أنه لا يفر حتى يقتل، فقاتلوا دونه هم وأهل الشام وانهزم ابن الأشعث والناس معه إلى الكوفة، فأتاه وجوه أهل الكوفة وأتاه العلماء من الأمصار والزهاد وبايعوه.
وقتل الحجاج يوم الزاوية أحد عشر ألفا، نادى مناديه بالأمان ثم قتلهم إلا واحدا. ولم يزل هو والحجاج في حروب وكروب وكر وفر إلى أن أسر ابن الأشعث. وكانت بينه وبين ابن الأشعث ثمانين وقعة.
وهذا عبد الرحمن المذكور أعرق الناس في الغدر لأن عبد الرحمن غدر بالحجاج، وغدر والده محمد بن الأشعث بأهل طبرستان، لأن عبيد الله بن زياد ولاه إياها، فصالح أهلها على أن لا يدخل إليها ثم إنه عاد إليهم غادرا فأخذوا عليه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بكر، وغدر الأشعث بن قيس ببني الحارث بن كعب غزاهم فأسروه ففدا نفسه بمائتي بعير فأعطاهم مائة وبقي عليه مائة فلم يؤدها إليهم حتى جاء الإسلام فهدم ما كان في الجاهلية.
وكان بين قيس بن معدي كرب وبين مراد عهد إلى أجل، فغزاهم في آخر يوم من العهد وكان يوم الجمعة، فقالوا إنه لا يحل لنا القتال فأمهلنا إلى يوم السبت، فأمهلهم. فلما كانت صبحية السبت قاتلهم فقتلوه وهزموا جيشه. وغدر معدي كرب ببني مهرة، كان بينه وبينهم عهد إلى أجل فغزاهم ناقضا لعهدهم فقتلوه وملأوا بطنه حصى.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0

ابن الأشعث الأمير، متولي سجستان، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي.
بعثه الحجاج على سجستان، فثار هناك، وأقبل في جمع كبير، وقام معه علماء وصلحاء لله تعالى لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته. فقاتله الحجاج، وجرى بينهما عدة مصافات، وينتصر ابن الأشعث. ودام الحرب أشهرا، وقتل خلق من الفريقين وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث وفر هو إلى الملك رتبيل ملتجئا إليه. فقال له علقمة بن عمرو: أخاف عليك، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه، فإذا هو قد بعث بك أو قتلك ولكن ها هنا خمس مائة مقاتل قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها، ونقاتل حتى نعطى أمانا، أو نموت كراما فأبى عليه، وأقام الخمس مائة حتى قدم عمارة بن تميم، فقاتلوه، حتى أمنهم، ووفى لهم ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل بطلب ابن الأشعث، فبعث به إليه على أن ترك له الحمل سبعة أعوام وقيل: إن ابن الأشعث أصابه السل، فمات فقطع رأسه، ونفذ إلى الحجاج وقيل: إن الحجاج كتب إلى رتبيل: إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفا يطلبون ابن الأشعث. فأبى أن يسلمه، وكان مع ابن الأشعث عبيد بن أبي سبيع، فأرسله إلى رتبيل، فخف عن رتبيل، واختص به. قال لابن الأشعث أخوه القاسم: لا آمن غدر رتبيل، فاقتله يعني: عبيدا -فهم به. ففهم ذلك، وخاف، فوشي به إلى رتبيل، وخوفه من غائلة الحجاج، وهرب سرا إلى عمارة، فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف درهم. فكتب بذلك عمارة إلى الحجاج، فكتب: أن أعط عبيدة ورتبيل ما طلبا فاشترط أمورا، فأعطيها، وأرسل إلى ابن الأشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته، وقد هيأ لهم القيود والأغلال، فقيدهم، وبعث بهم إلى عمارة، وسار بهم فلما قرب ابن الأشعث من العراق، ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فوقه فهلك فقيل ألقى نفسه والحر معه الذي هو مقيد معه، والقيد في رجلي الاثنين، فهلكا وذلك في سنة أربع وثمانين.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 102