سعيد بن العاص سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص ابن أمية، الأموي القرشي: صحابي، من الأمراء الولاة الفاتحين. ربي في حجر عمر بن الخطاب. وولاه عثمان الكوفة وهو شاب، فلما بلغها خطب في أهلها، فنسبهم إلى الشقاق والخلاف، فشكوه إلى عثمان، فاستدعاه إلى المدينة، فأقام فيها إلى أن كانت الثورة عليه، فدافع سعيد عنه وقاتل دونه إلى أن قتل عثمان، فخرج إلى مكة، فأقام إلى أن ولي معاوية الخلافة، فعهد إليه بولاية المدينة، فتولاها إلى أن مات وهو فاتح طبرستان. وأحد الذين كتبوا المصحف لعثمان. اعتزل فتنى الجمل وصفين. وكان قويا، فيه تجبر وشدة، سخيا، فصيحا. وما زالت آثاره قصره في المدينة شاخصة إلى اليوم. قيل: توفي سنة 53 هـ ، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام - حوادث سنة 59 - ’’فيها توفي سعيد بن العاص الأموي على الصحيح وأخباره كثيرة. وفي المؤرخين من يمزج بعضها بأخبار جده، المتقدمة ترجمته قبل هذه.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 96

سعيد بن العاص بن سعيد (ب د ع) سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وجده هو المعروف بأبي أحيحة، وكان أشرف قريش، وأم سعيد أم كلثوم بنت عمرو بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي العامرية.
ولد عام الهجرة، وقيل: بل ولد سنة إحدى، وقتل أبوه العاص يوم بدر كافرا، قتله علي بن أبي طالب.
قال عمر بن الخطاب: رأيت العاص بن سعيد يوم بدر يبحث التراب عنه كالأسد، فصمد له علي فقتله، وقال عمر يوما لسعيد بن العاص: لم أقتل أباك وإنما قتلت خالي العاص بن هاشم، وما أعتذر من قتل مشرك. فقال له سعيد بن العاص: ولو قتلته لكنت على الحق، وكان على الباطل فتعجب عمر من قوله.
وكان جده أبو أحيحة إذا اعتم بمكة لا يعتم أحد بلون عمامته إعظاما له، وكان يقال له: ذو التاج.
وكان هذا سعيد من أشراف قريش وأجوادهم وفصحائهم، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان بن عفان، واستعمله عثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
وغزا طبرستان فافتتحها، وغزا جرجان فافتتحها، سنة تسع وعشرين أو سنة ثلاثين، وانتقضت أذربيجان، فغزاها، فافتتحها في قول.
ولما قتل عثمان لزم بيته واعتزل الفتنة، فلم يشهد الجمل ولا صفين، فلما استقر الأمر لمعاوية أتاه، وله مع معاوية كلام طويل عاتبه معاوية على تخلفه عنه في حروبه، فاعتذر هو، فقبل معاوية عذره، ثم ولاه المدينة، فكان يوليه إذا عزل مروان عن المدينة، ويولي مروان إذا عزله، وكان سعيد كثير الجود والسخاء، وكان إذا سأله سائل، وليس عنده ما يعطيه، كتب به دينا إلى وقت ميسرته، وكان يجمع إخوانه كل جمعة يوما فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم، ويرسل إليهم بالجوائز، ويبعث إلى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يبعث مولى له إلى المسجد بالكوفة في كل ليلة جمعه ومعه الصرر فيها الدنانير، فيضعها بين يدي المصلين، وكان قد كثر المصلون بالمسجد بالكوفة في كل ليلة جمعة، إلا أنه كان عظيم الكبر وروى سعيد هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر، وعن عثمان، وعائشة. روى عنه ابناه يحيى وعمرو الأشدق، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعروة.
روى ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن أبيه سعيد، قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مضطجع في مرط عائشة، فأذن له، وهو كذلك، فقضى حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو على ذلك، فقضى حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس، فجمع عليه ثيابه، فقضيت حاجتي ثم انصرفت. فقالت له عائشة: ما لك لم تفزع لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عثمان رجل حبى، وخشيت إن أذنت له، وأنا على حالتي تلك أن لا يبلغ في حاجته. وتوفي سعيد بن العاص سنة تسع وخمسين، ولما حضرته الوفاة قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتي؟ قال ابنه الأكبر: أنا يا أبه. قال: إن فيها وفاء ديني، قال: وما دينك؟ قال: ثمانون ألف دينار. قال: وفيم أخذتها؟ قال: يا بني في كريم سددت خلته، وفي رجل جاءني ودمه ينزوي في وجهه من الحياء، فبدأته بحاجته قبل أن يسألنيها.
وانقطع عقب أبي أحيحة إلا من سعيد هذا، وقد قيل إن خالد بن سعيد أعقب أيضا، وقد تقدم ذكره.
أخرجه الثلاثة.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 487

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 2- ص: 481

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 2- ص: 239

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو عثمان، ابن أخي سعيد بن سعيد الماضي قريبا، أمه أم كلثوم بنت عبد الله بن أبي قيس بن عمرو العامرية. ولم يكن للعاص ولد غير سعيد المذكور.
قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: له صحبة.
قلت: كان له يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وقتل أبوه يوم بدر، قتله علي. ويقال: إن عمر قال لسعيد بن العاص: لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام. فقال: ولو قتلته لكنت على الحق، وكان على الباطل، فأعجبه قوله.
وكان من فصحاء قريش، ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن، قال ابن أبي داود في المصاحف: حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، أن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وولي الكوفة، وغزا طبرستان ففتحها، وغزا جرجان، وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة، وولى المدينة لمعاوية.
وله حديث في الترمذي، من رواية أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن جده- إن كان الضمير يعود على موسى. وله آخر في ترجمة جده يأتي في القسم الأخير.
وروى الزبير، من طريق عبد العزيز بن أبان، عن خالد بن سعيد عن أبيه، عن ابن عمر، قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقالت: إني نذرت أن أعطي هذه البردة لأكرم العرب، فقال: «أعطيها لهذا الغلام»، وهو واقف- يعني سعيدا هذا.
قال الزبير: والثياب السعدية تنسب إليه.
وروى له مسلم والنسائي، من روايته عن عثمان وعائشة، وروى الهيثم بن كليب في مسندة، من طريق سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن جده: سمعت عمر يقول... فذكر له حديثا، وسيأتي له ذكر في ترجمة جده في القسم الأخير.
وأخرج الطبراني، من طريق محمد بن قانع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعيد بن العاص، فرأيته يكمده بخرقة.
وسعيد بن العاص هذا يحتمل أن يكون صاحب الترجمة وتكون رواية جبير هذه بعد الفتح، ويحتمل أن يكون جده وتكون رؤية جبير له قبل الهجرة، ولا مانع من عيادة الكافر، ولا سيما في ذلك الزمان لم يكن أذن فيه في قتال الكفار.
وذكر ابن سعد في ترجمته قصة ولايته على الكوفة بعد الوليد بن عقبة لعثمان، وشكوى أهل الكوفة منه وعزله مطولا. وكان معاوية عاتبه على تخلفه عنه في حروبه فاعتذر، ثم ولاه المدينة، فكان يعاقب بينه وبين مروان في ولايتها.
وروى ابن أبي خيثمة، من طريق يحيى بن سعيد، قال: قدم محمد بن عقيل بن أبي طالب على أبيه، فقال له: من أشرف الناس؟ قال: أنا وابن أمي، وحسبك بسعيد بن العاص.
وقال معاوية: كريمة قريش سعيد بن العاص، وكان مشهورا بالكرم والبر، حتى كان إذا سأله السائل وليس عنده ما يعطيه كتب له بما يريد أن يعطيه مسطورا، فلما مات كان عليه ثمانون ألف دينار، فوفاها عنه ولده عمرو الأشدق.
وحج سعيد بالناس في سنة تسع وأربعين، أو سنة اثنتين وخمسين، ولبث بعدها، ذكر ذلك يعقوب بن سفيان في تاريخه، عن يحيى بن كثير، عن الليث.
وروي عن صالح بن كيسان، قال: كان سعيد بن العاص حليما وقورا، وكان إذا أحب شيئا أو أبغضه لم يذكر ذلك، ويقول: إن القلوب تتغير، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحا اليوم عائبا غدا.
ومن محاسن كلامه: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فتهون عليه.
ذكره في المجالسة من طريق أبي عبيدة، وأخرجه ابن أبي الدنيا من وجه آخر، عن ابن المبارك.
ومن كلامه: موطنان لا أعتذر من العي فيهما، إذا خاطبت جاهلا، أو طلبت حاجة لنفسي، ذكره في المجالسة من طريق الأصمعي.
وقال مصعب الزبيري: كان يقال له عكة العسل.
وقال الزبير بن بكار: مات سعيد في قصره بالعقيق سنة ثلاث وخمسين.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 3- ص: 89

أمير المدينة والكوفة سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو عثمان، ويقال: أبو عبد الرحمن القرشي الأموي. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وعن عمر وعثمان وعائشة. وروى عنه ابناه يحيى وعمرو وابنا سعيد وسالم وعروة وغيرهم. وتوفي سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين. قال الزبير: مات في قصره بالعرصة على ثلاثة أميال من المدينة، ودفن بالبقيع، وولد سعيد بن العاص محمدا وعثمان الأكبر وعمرا -يقال له الأشدق- ورجالا درجوا وأمهم أم البنين بنت الحكم أخت مروان بن الحكم لأبويه. استعمله معاوية على المدينة غير مرة. هو الذي صلى على الحسن بن علي، وكان محسنا إلى بني هاشم حليما وقورا كريم الأخلاق، ولم يدخل مع معاوية في شيء من حروبه، وله بدمشق دار تعرف بدار نعيم وحمام بنواحي الديماس. ورجع إلى المدينة ومات بها. وكان جوادا ممدحا، وأبوه العاص قتله علي يوم بدر كافرا. قال ابن عمر: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرد فقالت: إني نويت أن أعطي هذا الثوب أكرم العرب، فقال: أعطيه هذا الغلام -يعني سعيد بن العاص- وهو واقف، فلذلك سميت الثياب السعيدية. وقال معاوية: لكل قوم كريم وكريمنا سعيد بن العاص. وقال سعيد بن عبد العزيز: إن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وطول ابن عساكر ترجمته في تأريخ دمشق، وهو أحد كتاب المصحف لعثمان. واستعمله عثمان على الكوفة. وغزا بالناس طبرستان. وكان معاوية يعقب بينه وبين مروان بن الحكم في عمل المدينة. وفيه يقول الفرزدق:

وخلف عليه من الدين لما مات ثلاث مائة ألف درهم، وقيل ثمانين ألف دينار كلها صلات وعدات، فوفاها ابنه عمرو من بعض العقار الذي خلفه. وكان سعيد بن العاص يسمى ذا العصابة وجده سعيد بن العاص كان يقال له ذو العمامة لأنه كان إذا لبس عمامة لم يلبس قرشي عمامة حتى ينزعها كما أن حرب ابن أمية كان إذا حضر ميتا فيبكيه أهله حتى يقوم، وكما أن أبا طالب إذا أطعم لم يطعم أحد يومه ذلك، وكما أن أسيد بن العاص إذا شرب الخمر لم يكن يشربها أحد حتى يتركها. ويقال إن ذا العمامة إنما لزم سعيدا كناية عن السؤدد، وذلك أن العرب تقول للسيد: هو المعمم؛ يريدون أن كل جناية يجنيها أحد من عشيرته فهي معصوبة برأسه، ولذلك قيل لسعيد: هذا ذو العصابة! فلما طلق خالد بن يزيد بن معاوية آمنة بنت سعيد بن العاص هذا تزوجها الوليد بن عبد الملك ففي ذلك يقول خالد:
وغزا سعيد لما ولي الكوفة طبرستان فافتتحها، ويقال إنه افتتح جرجان أيضا في زمن عثمان سنة تسع وعشرين أو سنة ثلاثين، وكان أيدا يقال إنه ضرب بجرجان رجلا على عاتقه فأخرج السيف من مرفقه. وانتقضت آذربيجان فغزاها وافتتحها ثم عزله عثمان وولى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، ثم شكاه أهل الكوفة وعزله ورد سعيدا، فرده أهل الكوفة وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا في سعيدك ولا في وليدك. وكان في سعيد تجبر وغلظة وشدة سلطان، وكان الوليد أسن منه وأسخى وألين جانبا. ولما عزل الوليد وانصرف سعيد قال بعض شعراء الكوفة:
#يا ويلنا قد ذهب الوليد #وجاءنا من بعده سعيد #ينقص في الصاع ولا يزيد وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى فولاه فكان على الكوفة إلى أن قتل عثمان رضه.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية ولد عام الهجرة. وقيل: بل ولد سنة إحدى. وقتل أبوه العاص بن سعيد بن العاص يوم بدر كافرا، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: رأيته يوم بدر يبحث التراب عنه كالأسد، فصمد إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله. وقال عمر لابنه سعيد يوما: لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام، وما بي أن أكون أعتذر من قتل مشرك! فقال له سعيد: لو قتلته كنت على الحق، وكان على الباطل. فتعجب عمر من قوله وقال: قريش أفضل الناس أحلاما.
وكان سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص هذا أحد أشراف قريش ممن جمع السخاء والفصاحة، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان رضي الله عنه، استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها.
ويقال: إنه افتتح أيضا جرجان في زمن عثمان سنة تسع وعشرين أو سنة ثلاثين، وكان أيدا يقال: إنه ضرب- بجرجان- رجلا على حبل عاتقه فأخرج السيف من مرفقه.
وقال أبو عبيدة: وانتقضت أذربيجان، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثم عزله عثمان وولى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، فشكاه أهل الكوفة فعزله ورد سعيدا، فرده أهل الكوفة، وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك.
وكان في سعيد تجبر وغلظ وشدة سلطان، وكان الوليد أسخى منه وآنس وألين جانبا، فلما عزل الوليد وانصرف سعيد قال بعض شعرائهم:

#ينقص في الصاع ولا يزيد وقالوا: إن أهل الكوفة إذ رأوا سعيد بن العاص، وذلك سنة أربع وثلاثين، كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولي أبا موسى، فولاه، فكان عليها أبو موسى إلى أن قتل عثمان.
ولما قتل عثمان لزم سعيد بن العاص هذا بيته، واعتزل أيام الجمل وصفين، فلم يشهد شيئا من تلك الحروب، فلما اجتمع الناس على معاوية، واستوثق له الأمر ولاه المدينة، ثم عزله وولاه مروان، وكان يعاقب بينه وبين مروان بن الحكم في أعمال المدينة، وله يقول الفرزدق:
وذكر محمد بن سلام، عن عبد الله بن مصعب، قال: كان يقال سعيد ابن العاص بن سعيد بن العاص عكة العسل. وقال سفيان بن عيينة: كان سعيد ابن العاص كريما إذا سأله سائل فلم يكن عنده ما يعطيه كتب له بما يريد إلى أيام يسره.
وذكر الزبير قال: لما عزل سعيد بن العاص عن المدينة انصرف عن المسجد، فرأى رجلا يتبعه فقال له: ألك حاجة؟ قال لا، ولكني رأيتك وحدك فوصلت جناحك. فقال له: وصلك الله يا بن أخي، اطلب لي دواة وجلدا، وادع لي مولاي فلانا، فأتى بذلك، فكتب له بعشرين ألف درهم دينا عليه، وقال: إذا جاءت غلتنا دفعنا ذلك إليك، فمات في تلك السنة، وأتى بالكتاب إلى ابنه، فدفع إليه عشرين ألف درهم، وابنه ذلك عمرو بن سعيد الأشدق.
وكان لسعيد بن العاص سبعة بنين: عمر، ومحمد، وعبد الله، ويحيى، وعثمان، وعتبة، وأبان، كلهم بنو سعيد بن العاص، ولا عقب لسعيد بن العاص ابن أمية فيما يقولون إلا من قبل سعيد بن العاص بن سعيد هذا. وقد قيل: إن خالد بن سعيد أعقب أيضا.
وتوفي سعيد بن العاص هذا في خلافة معاوية سنة تسع وخمسين.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 621

سعيد بن العاص بن سعيد بن أحيحة بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف بن قصي. وأمه أم كلثوم بنت عمرو بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وأمها أم حبيب ابنة العاص بن أمية بن عبد شمس. فولد سعيد بن العاص عثمان الأكبر درج. ومحمدا وعمرا وعبد الله الأكبر درج. والحكم درج. وأمهم أم البنين ابنة الحكم بن أبي العاص بن أمية.
وعبد الله بن سعيد وأمه أم حبيب بنت جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. ويحيى بن سعيد وأيوب درج وأمهما العالية ابنة سلمة بن يزيد بن مشجعة بن المجمع بن مالك بن كعب بن سعد بن عوف بن حريم بن جعفى بن سعد العشيرة من مذحج.
وأبان بن سعيد وخالدا والزبير. درجا. وأمهم جويرية بنت سفيان بن عويف بن عبد الله بن عامر بن هلال بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة. وعثمان الأصغر ابن سعيد وداود وسليمان ومعاوية وآمنة وأمهم أم عمرو ابنة عثمان بن عفان وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس. وسليمان الأصغر ابن سعيد وأمه أم سلمة بنت حبيب بن بحير بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب. وسعيد بن سعيد وأمه مريم بنت عثمان بن عفان وأمها نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص من كلب.
وعنبسة بن سعيد لأم ولد. وعتبة بن سعيد لأم ولد. وعتبة بن سعيد ومريم وأمهما أم ولد. وإبراهيم بن سعيد وأمه بنت سلمة بن قيس بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب. وجرير بن سعيد وأم سعيد ابنة سعيد وأمهما عائشة بنت جرير بن عبد الله البجلي. ورملة بنت سعيد وأم عثمان بنت سعيد وأميمة بنت سعيد وأمهن أميمة بنت عامر بن مالك بن عامر بن عمرو بن ذبيان بن ثعلبة بن عمرو بن يشكر من بجيلة وهي أخت أبي أراكة.... وهي الرواع ابنة جرير بن عبد الله البجلي.
وحفصة بنت سعيد وعائشة الكبرى وأم عمرو وأم يحيى وفاختة وأم حبيب الكبرى وأم حبيب الصغرى وأم كلثوم وسارة وأم داود وأم سليمان وأم إبراهيم وحميدة وهن لأمهات أولاد شتى. وعائشة الصغرى ابنة سعيد وأمها أم حبيب ابنة بحير بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب. قال: وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسعيد بن العاص ابن تسع سنين أو نحوها وذلك أن أباه العاص بن سعيد بن العاص بن أمية قتل يوم بدر كافرا. وقال عمر بن الخطاب لسعيد بن العاص: ما لي أراك معرضا كأنك ترى أني قتلت أباك؟ ما أنا قتلته ولكنه قتله علي بن أبي طالب ولو قتلته ما اعتذرت من قتل مشرك ولكني قتلت خالي بيدي العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. فقال سعيد بن العاص: يا أمير المؤمنين لو قتلته كنت على حق وكان على باطل. فسر ذلك عمر منه.
قال: أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قالا: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده أن سعيد بن العاص أتى عمر يستزيده في داره التي بالبلاط وخطط أعمامه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر: صل معي الغداة وغبش ثم أذكرني حاجتك. قال ففعلت حتى إذا هو انصرف قلت: يا أمير المؤمنين حاجتي التي أمرتني أن أذكرها لك. قال فوثب معي ثم قال: امض نحو دارك. حتى انتهيت إليها فزادني وخط لي برجله فقلت: يا أمير المؤمنين زدني فإنه نبتت لي نابتة من ولد وأهل. فقال: حسبك واختبئ عندك أن سيلي الأمر بعدي من يصل رحمك ويقضي حاجتك. قال فمكثت خلافة عمر بن الخطاب حتى استخلف عثمان وأخذها عن شورى ورضى فوصلني وأحسن وقضى حاجتي وأشركني في أمانته. قالوا ولم يزل سعيد بن العاص في ناحية عثمان بن عفان للقرابة. فلما عزل عثمان الوليد بن عقبة بن أبي معيط عن الكوفة دعا سعيد بن العاص واستعمله عليها. فلما قدم الكوفة قدمها شابا مترفا ليست له سابقة فقال: لا أصعد المنبر حتى يطهر. فأمر به فغسل. ثم صعد المنبر فخطب أهل الكوفة وتكلم بكلام قصر بهم فيه ونسبهم إلى الشقاق والخلاف فقال: إنما هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش. فشكوه إلى عثمان فقال:
كلما رأى أحدكم من أميره جفوة أرادنا أن نعزله. وقدم سعيد بن العاص المدينة وافدا على عثمان فبعث إلى وجوه المهاجرين والأنصار بصلات وكسى وبعث إلى علي بن أبي طالب أيضا فقبل ما بعث إليه [وقال علي: إن بني أمية ليفوقوني تراث محمد. عليه السلام. تفوقا. والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم من ذلك نفض القصاب التراب الوذمة].
ثم انصرف سعيد بن العاص إلى الكوفة فأضر بأهلها إضرارا شديدا وعمل عليها
خمس سنين إلا أشهرا. وقال مرة بالكوفة: من رأى الهلال منكم؟ وذلك في فطر رمضان. فقال القوم: ما رأيناه. فقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص: أنا رأيته. فقال له سعيد بن العاص: بعينك هذه العوراء رأيته من بين القوم؟ فقال هاشم: تعيرني بعيني وإنما فقئت في سبيل الله! وكانت عينه أصيبت يوم اليرموك. ثم أصبح هاشم في داره مفطرا وغدى الناس عنده. فبلغ ذلك سعيد بن العاص فأرسل إليه فضربه وحرق داره فخرجت أم الحكم بنت عتبة بن أبي وقاص. وكانت من المهاجرات. ونافع بن أبي وقاص من الكوفة حتى قدما المدينة فذكرا لسعد بن أبي وقاص ما صنع سعيد بهاشم فأتى سعد عثمان فذكر ذلك له فقال عثمان: سعيد لكم بهاشم اضربوه بضربه. ودار سعيد لكم بدار هاشم فأحرقوها كما حرق داره. فخرج عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو يومئذ غلام يسعى حتى أشعل النار في دار سعيد بالمدينة. فبلغ الخبر عائشة فأرسلت إلى سعد بن أبي وقاص تطلب إليه وتسأله أن يكف. ففعل ورحل من الكوفة إلى عثمان الأشتر مالك بن الحارث ويزيد بن مكفف وثابت بن قيس وكميل بن زياد النخعي وزيد وصعصعة ابنا صوحان العبديان والحارث بن عبد الله الأعور وجندب بن زهير وأبو زينب الأزديان وأصغر بن قيس الحارثي يسألونه عزل سعيد بن العاص عنهم. ورحل سعيد وافدا على عثمان فوافقهم عنده. فأبى عثمان أن يعزله عنهم وأمره أن يرجع إلى عمله. فخرج الأشتر من ليلته في نفر من أصحابه فسار عشر ليال إلى الكوفة فاستولى عليها وصعد المنبر فقال: هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أن هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش. والسواد مساقط رؤوسكم ومراكز رماحكم وفيؤكم وفيء آبائكم فمن كان يرى لله حقا فلينهض إلى الجرعة. فخرج الناس فعسكروا بالجرعة وهي بين الكوفة والحيرة. وأقبل سعيد بن العاص حتى نزل العذيب. فدعا الأشتر يزيد بن قيس الأرحبي وعبد الله بن كنانة العبدي. وكانا محربين. فعقد لكل واحد منهما على خمسمائة فارس وقال لهما: سيرا إلى سعيد بن العاص فأزعجاه وألحقاه بصاحبه فإن أبى فاضربا عنقه وأتياني برأسه. فأتياه فقالا له: ارحل إلى صاحبك. فقال: إبلي أنضاء أعلفها أياما ونقدم المصر فنشتري حوائجنا ونتزود ثم أرتحل. فقالا: لا والله ولا ساعة. لترتحلن أو لنضربن عنقك. فلما رأى الأشتر من معسكره إلى الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: والله يا أهل الكوفة ما غضبت إلا لله ولكم وقد ألحقنا هذا الرجل بصاحبه وقد وليت أبا موسى الأشعري
صلاتكم وثغركم وحذيفة بن اليمان على فيئكم. ثم نزل وقال: يا أبا موسى اصعد.
فقال أبا موسى: ما كنت لأفعل ولكن هلموا فبايعوا لأمير المؤمنين عثمان وجددوا له البيعة في أعناقكم. فأجابه الناس إلى ذلك فقبل ولايتهم وجدد البيعة لعثمان في رقابهم وكتب إلى عثمان بما صنع فأعجب ذلك عثمان وسره. فقال عتبة بن الوعل التغلبي شاعر أهل الكوفة:

فقال عثمان: نعم وشهورا وسنين إن بقيت. وكان الذي صنع أهل الكوفة بسعيد بن العاص أول وهن دخل على عثمان حين اجترئ عليه. ولم يزل أبو موسى واليا لعثمان على الكوفة حتى قتل عثمان. ولم يزل سعيد بن العاص حين رجع عن الكوفة بالمدينة حتى وثب الناس بعثمان فحصروه. فلم يزل سعيد معه في الدار يلزمه لم يفارقه ويقاتل دونه.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي عن عبد الله بن ساعدة قال: جاء سعيد بن العاص إلى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين إلى متى تمسك بأيدينا؟ قد أكلنا أكلا هؤلاء القوم. منهم من قد رمانا بالنبل ومنهم من قد رمانا بالحجارة ومنهم شاهر سيفه. فمرنا بأمرك. فقال عثمان: إني والله ما أريد قتالهم ولو أردت قتالهم لرجوت أن أمتنع منهم ولكني أكلهم إلى الله وأكل من ألبهم علي إلى الله فإنا سنجتمع عند ربنا. فأما قتال فو الله ما آمرك بقتال. فقال سعيد: والله لا أسأل عنك أحدا أبدا. فخرج فقاتل حتى أم.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الحكم بن القاسم عن مصعب بن محمد بن عبد الله بن أبي أمية قال: حدثني من رأى سعيد بن العاص يومئذ يقاتل فضربه رجل يومئذ ضربة مأمومة فلقد رأيته وإنه ليسمع الرعد فيغشى عليه. قالوا: فلما خرج طلحة والزبير وعائشة من مكة يريدون البصرة خرج معهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد والمغيرة بن شعبة. فلما نزلوا مر الظهران.
ويقال ذات عرق. قام سعيد بن العاص فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن عثمان عاش في الدنيا حميدا وخرج منها فقيدا وتوفي سعيدا شهيدا فضاعف الله حسناته وحط سيئاته ورفع درجاته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وقد زعمتم أيها الناس أنكم إنما تخرجون تطلبون بدم عثمان. فإن كنتم ذلك تريدون فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطي وأعجازها فميلوا عليهم بأسيافكم وإلا فانصرفوا إلى منازلكم ولا تقتلوا في رضى المخلوقين أنفسكم ولا يغنى الناس عنكم يوم القيامة شيئا. فقال مروان بن الحكم:
لا بل نضرب بعضهم ببعض فمن قتل كان الظفر فيه ويبقى الباقي فنطلبه وهو واهن ضعيف. وقام المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الرأي ما رأى سعيد بن العاص. من كان من هوازن فأحب أن يتبعني فليفعل. فتبعه منهم أناس وخرج حتى نزل الطائف فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفين. ورجع سعيد بن العاص بمن اتبعه حتى نزل مكة فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفين. ومضى طلحة والزبير وعائشة ومعهم عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ومروان بن الحكم ومن اتبعهم من قريش وغيرهم إلى البصرة فشهدوا وقعة الجمل. فلما ولي معاوية الخلافة ولى مروان بن الحكم المدينة ثم عزله. وولاها سعيد بن العاص ثم عزله. وولاها مروان بن الحكم ثم عزله عنها. وولاها سعيد بن العاص فمات الحسن بن علي بن أبي طالب في ولايته تلك سنة خمسين بالمدينة فصلى عليه سعيد بن العاص.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 21

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص القرشي من سادات بنى أمية وعباد قريش أبو عبد الرحمن مات سنة ثمان وخمسين

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 109

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي
وهو سعيد بن العاص بن أبي أجيجة وأبو أجيجة اسمه سعيد بن العاص القرشي صحابي كنيته أبو عثمان
روى عن عائشة وعثمان في فضل عثمان
روى عنه بانه يحيى

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي
كنيته أبو عثمان وقد قيل أبو عبد الرحمن
يروي عن عمر وعثمان وعائشة سمع منه سالم وابنه يحيى مات سعيد بن العاص وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن عامر سنة ثمان وخمسين

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 4- ص: 1

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
حدثنا الحسن بن سهل بن عبد العزيز، نا مسلم بن إبراهيم، نا عامر بن أبي عامر، عن أيوب بن موسى، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدب حسن»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشي الأموي، أبو عثمان، ويقال أبو عبد الرحمن:
أحد أشراف قريش وأجوادها وفصحائها، أمير مكة والمدينة والكوفة. أما ولايته على مكة، فذكر صاحب العقد ما يدل لها؛ لأنه قال في الفصل الذي ذكر فيه الخطب:
العتبى قال: استعمل سعيد بن العاص وهو وال على المدينة، ابنه عمرو بن سعيد على مكة. وأما ولايته المدينة والكوفة، فذكرها الزبير بن بكار؛ لأنه قال: استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان، واستعمله معاوية على المدينة، يعقب بينه وبين مروان بن الحكم في عمل المدينة. انتهى.
وذكر ذلك ابن عبد البر فقال: استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها. ويقال إنه افتتح لحقته جرجان في زمن عثمان - رضي الله عنه - سنة تسع
وعشرين أو سنة ثلاثين، قال: وقال أبو عبيدة: وانتقضت أذربيجان، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثم عزله عثمان، وولى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، ثم شكاه أهل الكوفة، فعزل ورد سعيدا، فرده أهل الكوفة، وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا في سعيدك ولا في وليدك. وكان في سعيد تجبر وغلظة وشره وسلطان. وكان الوليد أسخى منه وأسن وألين جانبا، فلما عزل الوليد، وانصرف سعيد، قال بعض شعرائهم في ذلك [من الرجز]:

ينقص في الصاع ولا يزيد
وقالوا: إن أهل الكوفة إذ ردوا سعيد بن العاص، وذلك سنة أربع وثلاثين، كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولى أبا موسى، فولاه، فكان عليها أبو موسى إلى قتل عثمان. ولما قتل عثمان، لزم سعيد بن العاص هذا بيته، واعتزل أيام الجمل وصفين، فلم يشهد شيئا من تلك الحروب، فلما اجتمع الناس على معاوية، واستوسق له الأمر، ولاه المدينة، ثم عزله، وولاها مروان، فعاقب بينه وبين مروان بن الحكم في أعمال المدينة. انتهى.
ولسعيد بن العاص هذا أخبار حسنة في الجود والفصاحة والشرف، ذكرها أهل المدينة، قال الزبير: وله يقول الفرزدق [من الوافر]:
قال: وحدثني رجل عن عبد العزيز بن أبان، قال: حدثني خالد بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرد، فقالت: إنى نويت أن أعطى هذا البرد أكرم العرب، فقال: «أعطه هذا الغلام» يعنى سعيد بن العاص، وهو واقف، فبذلك سميت الثياب السعيدية.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن سليمان بن أبي شيخ، عن يحيى بن سعيد الأموي: قدم محمد بن عقيل بن أبي طالب، على أبيه وهو بمكة، فقال: ما أقدمك يا بنى؟ قال: قدمت لأن قريشا تفاخرنى، فأردت أن أعلم أشراف الناس، قال: أنا وابن أمى، ثم حسبك لسعيد بن العاص.
وقال مسهر بن سعيد بن عبد العزيز، قال معاوية: لكل قوم كريم، وكريمنا سعيد بن العاص. وقال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: سأل أعرابي سعيد بن العاص فقال: يا غلام، أعطه خمسمائة، فقال الأعرابي: خمسمائة ماذا؟ قال: خمسمائة دينار. قال: فأعطاه، فجعل الأعرابي يقلب الدنانير بيده ويبكى، فقال سعيد: ما يبكيك يا أعرابي؟ فقال: أبكى والله أن تكون الأرض تبلى مثلك.
وقال سليمان بن أبي شيخ، عن أبي سفيان الحميري، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري: قدم أعرابي المدينة، يطلب في أربع ديات حملها، فقيل له: عليك بحسن بن علي، عليك بعبد الله بن جعفر، عليك بسعيد بن العاص، عليك بعبد الله بن العباس، فدخل المسجد، فرأي رجلا يخرج ومعه جماعة، فقال: من هذا؟ فقيل: سعيد بن العاص، قال: هذا أحد أصحابى الذين ذكروا لى، فمشى معه، فأخبره بالذي قدم له، ومن ذكر له، وأنه أحدهم، وهو ساكت لا يجيبه، فلما بلغ منزله، قال لخازنه: قل لهذا الأعرابي، فليأت بمن يحمل له. فقيل له: ائت بمن يحمل لك. قال: عافى الله سعيدا، إنما سألناه ورقا، لم نسأله تمرا، قال: ويحك! ائت بمن يحمل لك، فأخرج له أربعين ألفا، فاحتملها الأعرابي، فمضى إلى البادية ولم يلق غيره.
وقال حفص بن عمر النيسابوري، عن الأصمعى، عن أبيه، قال: كان سعيد بن العاص، يدعو إخوانه وجيرانه في كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمر بالجوائز الواسعة، ويبعث إلى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يوجه مولى له في كل ليلة جمعة، في مسجد الكوفة.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن أبيه، عن سفيان بن عيينة: كان سعيد بن العاص، إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شيء، قال: اكتب على لمسألتك سجلا، إلى يوم تسألنى.
وذكر الزبير، أن عمرو بن سعيد، لما قضى دين أبيه سعيد بن العاص، أتاه فتى من قريش، فذكر حقا له في كراع أديم، بعشرين ألف درهم، على سعيد بن العاص، بخط مولى لسعيد، كان يقوم لسعيد على بعض نفقاته، وبشهادة سعيد على نفسه، بخط سعيد، فعرف خط المولى وخط أبيه، وأنكر أن يكون للفتى وهو صعلوك من قريش، هذا المال، فأرسل إلى مولى أبيه، فدفع إليه الصك، فلما قرأه المولى بكى، ثم قال: نعم، أعرف هذا الصك، وهو حق، دعانى مولاى فقال لي - وهذا الفتى عنده على بابه معه هذه القطعة الأديم ـ: اكتب. فكتبت بإملائه هذا الحق، فقال عمرو للفتي: وما سبب مالك هذا؟ قال: رأيته وهو معزول يمشى وحده، فقمت فمشيت معه حتى بلغ باب داره، ثم وقفت، فقال: هل لك من حاجة؟ فقلت: لا، إلا أنى رأيتك تمشى وحدك، فأحببت أن أصل جناحك، قال: وصلت رحما يابن أخى، ثم قال: ائتنى بقطعة أديم، فأتيت خرازا عند بابه، فأخذت منه هذه القطعة، فدعا مولاه هذا، فقال: اكتب. فكتب، وأملى عليه هذا الكتاب، وكتب فيه شهادته على نفسه، ثم دفعه إلى وقال: يا ابن أخى، ليس عندنا اليوم شيء، فخذ هذا الكتاب، فإذا أتانا شيء، فائتنا به إن شاء الله، فمات رحمه الله قبل أن يأتيه شيء. فقال عمرو: لا جرم، لا تأخذها إلا وافية، فدفعها إليه كل سبعة باثني عشر جوازا.
وقال الكريمى، عن الأصمعى، عن شبيب بن شيبة: لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة، قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتى؟ فقال ابنه الأكبر: أنا يا أبه، قال: فإن فيها قضاء دين. قال: وما دينك يا أبه، قال: ثمانون ألف دينار، قال: وفي م أخذتها يا أبه؟ قال: يا بنى، في كريم سددت منه خلة، وفي رجل أتانى في حاجة، ودمه ينزف في وجهه من الحياء، فبدأته بها قبل أن يسألني.
قال شعيب بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير: قال سعيد بن العاص لابنه: يا بنى أجزى المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك تكاد ترى دمه في وجهه، ومخاطر لا يدري تعطيه أم تمنعه، فو الله لو خرجت له من جميع مالك ما كافيته.
وقال العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه: قال سعيد بن العاص: ما شاتمت رجلا منذ كنت رجلا، ولا زاحمت ركبتى ركبته، وإذا أنا لم أصل زائرى، حتى يرشح جبينه كما يرشح السقاء، فو الله ما وصلته.
وقال مبارك بن سعيد الثورى، عن عبد الملك بن عمير: قال سعيد بن العاص: إن الكريم ليرعى من المعرفة، ما يرعى الواصل بالقرابة. وقال مبارك أيضا، عن عبد الملك: قال سعيد بن العاص: لجليسى على ثلاث خصال: إذا دنا رحبت به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه.
ثم قال عبد العزيز بن أبي زرعة، عن عبد الله بن المبارك: قال سعيد بن العاص لابنه: يا بنى، لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنئ، فيجترئ عليك.
وقال أبو بكر بن دريد، عن أبي حاتم عن العتبي: قال معاوية لسعيد بن العاص: كم ولدك؟ قال: عشرة، والذكران فيهم أكثر. فقال معاوية {ويهب لمن يشاء الذكور} [الشوري: 49] فقال سعيد: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك} [آل عمران: 26].
وقال أحمد بن علي المقري، عن الأصمعي: خطب سعيد بن العاص، فقال في خطبته: من رزقه الله رزقا حسنا فليكن أسعد الناس به، بتركه لأحد رجلين، إما مصلح فلا يقل عليه شيء، وإما مفسد فلا يبقى له شيء. قال معاوية: جمع أبو عثمان طرف الكلام.
وقال محمد بن عبد العزيز الدينورى، عن محمد بن سلام الجمحي: قال سعيد بن العاص: لا أعتذر من العى في حالين: إذا خاطبت سفيها، أو طلبت حاجة لنفسي.
وقال الزبير، بعد أن ذكر شيئا من خبر عمرو بن سعيد هذا المعروف بالأشدق، قال: وحدثني محمد بن حسن، عن نوفل بن عمارة، قال: سئل سعيد بن المسيب عن خطباء قريش في الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل بن عمرو. وسئل عن خطبائهم في الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير.
قال: وحدثني إبراهيم بن حمزة، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس في المسجد، إذ مر به سعيد ابن العاص، فسلم عليه، فقال له عمر: إنى والله يابن أخى، ما قتلت أباك يوم بدر، ولكني قتلت خالى العاص بن هشام، وما لي أن أكون أعتذر من قتل مشرك. قال: فقال سعيد بن العاص: لو قتلته كنت على حق، وكان على باطل. قال: فتعجب عمر من قوله، ولوى كفيه وقال: قريش أفضل الناس أخلاقا، وأعظم الناس أمانة، ومن يرد بقريش سوءا، يكبه الله لفيه.
وقال الزبير بن بكار، عن محمد بن سلام، عن عبد الله بن مصعب، عن عمر بن مصعب بن الزبير: كان يقال: سعيد بن العاص عكة العسل، وكان غير طويل.
قال الزبير: فولد لسعيد بن العاص: محمد وعثمان الأكبر وعمرو، يقال له الأشدق، ورجال درجوا، وأمهم أم البنين بنت الحكم، أخت مروان بن الحكم لأبيه وأمه.
وقال سليمان بن أبي شيخ، عن محمد بن الحكم، عن عوانة: لما توفى سعيد بن العاص، قيل لمعاوية: توفى سعيد بن العاص! فقال معاوية: ما مات رجل ترك عمرا. وقيل له: توفى ابن عامر فقال: لم يدع خلفا ابن عامر. وكان سعيد وابن عامر، ماتا فى
عام واحد، في سنة ثمان وخمسين، وكانت بينهما جمعة. ومات سعيد قبل ابن عامر.
وقال البخاري: قال مسدد: مات سعيد بن العاص، وأبو هريرة، وعائشة، وعبد الله ابن عامر، سنة سبع أو ثمان وخمسين. قال: وقال غيره: مات سعيد سنة سبع وخمسين. وقال الهيثم بن عدي: مات سنة سبع وخمسين. وقال أبو معشر المدني: مات سنة ثمان وخمسين. وقال خليفة بن خياط: سنة تسع وخمسين.
قال الزبير: ومات سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، في قصره بالعرصة، على ثلاثة أميال من المدينة، ودفن بالبقيع، وأوصى إلى ابنه عمرو والأشدق، وأمره أن يدفن بالبقيع، وقال: إن قليلا بى عند قومى في برى لهم أن يحملونى على رقابهم من العرصة إلى البقيع. ففعلوا، وأمر ابنه عمرا، إذا دفنه، أن يركب إلى معاوية، فينعاه ويبيعه منزله بالعرصة، وكان منزلا قد اتخذه سعيد، وغرس فيه النخل، وزرع فيه قصرا معجبا، ولذلك القصر يقول أبو عطيفة عمرو بن الوليد بن عقبة:
وقال لابنه عمرو: إن منزلى هذا ليس هو من العقد، إنما هو منزل نزهة، فبعه من معاوية واقض عني ديني ومواعيدى، ولا تقبل من معاوية قضاء ديني، فتزودنيه إلى ربي عز وجل.
فلما دفنه عمرو بن سعيد، وقف للناس بالبقيع فعزوه، ثم ركب رواحله إلى معاوية، فقدم إلى معاوية، فنعاه له أول الناس، فاسترجع معاوية، ثم ترحم عليه وتوجع لموته، ثم قال: هل ترك من دين؟ قال: نعم. قال: وكم؟ قال: ثلاثمائة ألف درهم، قال: هي على. قال: قد أبي ذلك، وأمرنى أن أقضى عنه من أمواله، أبيع ما استباع منها، قال: فعرضنى ما شيءت. قال: أنفسها وأحسنها إلينا وإليه في حياته، منزلة بالعرصة. فقال له معاوية: هيهات، لا تبيعون هذا المنزل. انظر غيره. قال: فما نصنع؟ نحب نعجل قضاء دينه. قال: قد أخذته بثلاثمائة ألف درهم، قال: اجعلها بالوافية، يريد دراهم فارس، الدرهم زنة المثقال الذهب، قال: قد فعلت. قال: واحملها إلى المدينة. قال: وأفعل، قال: فحملها له، فقدم عمرو بن سعيد، فجعل يفرقها في ديونه ويحاسبهم بما بين الدراهم الوافية، وهي البغلية، وبين الدراهم الحوار، وهي تنقص بالعشرة ثلاثة، كل سبعة بغلية، عشرة بالحور. روى له البخاري في الأدب، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجة في التفسير.
روى له الترمذي، عن نصر بن علي، عن عامر بن أبي عامر الخزاز، عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «ما نحل
والد ولدا [من نحل] أفضل من أدب حسن». وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عامر، وهذا عندي مرسل .

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 1