البهاء زهير زهير بن محمد بن على المهلبي العتكي، بهاء الدين: شاعر، كان من الكتاب، يقول الشعر ويرققه فتعجب به العامة وتستملحه الخاصة. ولد بمكة، ونشأ بقوص. واتصل بخدمة الملك الصالح أيوب (بمصر) فقربه وجعله من خواص كتابه، وظل حظيا عنده إلى أن مات الصالح، فانقطع زهير في داره إلى أن توفي بمصر. له (ديوان شعر - ط) ترجم إلى الانكليزية نظما. ولمصطفى عبد الرزاق (البهاء زهير - ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 52
البهاء زهير زهير بن محمد بن علي بن يحيى بن الحسن بن جعفر الأديب البارع الكاتب بهاء الدين أبو الفضل وأبو العلاء الأزدي المهلبي المكي ثم القوصي المصري الشاعر.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة. ومولده بمكة. وسمع من علي بن أبي الكرم البناء وغيره.
وله ديوان مشهور. قال بعضهم: ما تعاتب الأصحاب ولا تراسل الأحباب بمثل شعر البهاء زهير. وشعره في غاية الإنسجام والعذوبة والفصاحة وهو السهل الممتنع. فهو كما قال فيه سعد الدين محمد بن عربي:
لشعر زهير في النفوس مكانة | فقد حاز من ألبابها أوفر الحظ |
لقد رق حتى قلت فيه لعله | يحاول إبراز المعاني بلا لفظ |
تعالوا بنا نطوي الحديث الذي جرى | فلا سمع الواشي بذاك ولا درى |
تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضا | وحتى كأن العهد لن يتغيرا |
ولا تذكروا الذنب الذي كان بيننا | على أنه ما كان ذنب فيذكرا |
فقل في منهل عذب | تمكن منه عطشان |
رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي | وحسبك قد أحرقت يا وجد أضلعي |
إلى كم أقاسي لوعة بعد لوعة | وحتى متى يا بين أنت معي معي |
وقالوا علمنا ما جرى منك بعدنا | فلا تظلموني ما جرى غير أدمعي |
رعى الله ذاك الوجه حيث توجهوا | وحيته عني الشمس في كل مطلع |
ويا رب جدد كلما هبت الصبا | سلامي على ذاك الحبيب المودع |
قفوا بعدنا تلفوا مكان حديثنا | له أرج كالمندل المتضرع |
وعشي أنس أضجعتنا نشوة | فيها تمهد مضجعي وتدمث |
خلعت علي بها الأراكة ظلها | والغصن يصغي والحمام يحدث |
والشمس تجنح للغروب مريضة | والرعد يرقى والغمامة تنفث |
غزيل لم تزل في الغزل جائلة | بنانه جولان الفكر في الغزل |
جذلان تلعب بالمحواك أنمله | على السدى لعب الأيام بالدول |
ما إن يني تعب الأطراف مشتغلا | أفديه من تعب الأطراف مشتغل |
جذبا بكفيه أو فحصا بأخمصه | تخبط الظبي في أشراك محتبل |
رحلوا بأفئدة الرجال وغادروا | بصدورها فكرا هي الأشجان |
واستقبلوا الوادي فأطرقت المهى | وتحيرت بغصونها الكثبان |
فكأنما اعترفت لهم بقدودها | الأغصان أو بعيونها الغزلان |
إن قلت جرت على ضعفي يقول متى | كان المحب من المحبوب منتصفا |
أو قلت أتلفت روحي قال لا عجب | من ذاق طعم الهوى يوما فما تلفا |
قد قلتم الغصن ميال ومنعطف | فكيف مال على ضعفي وما عطفا |
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا | شوقا إليكم ولا جفت مآقينا |
وا طول شوقي إلى ثغور | ملى من الشهد والرحيق |
عنها أخذت الذي تراه | يعذب في شعري الرقيق |
وحقكم ما غير البعد عهدكم | وإن حال حال أو تغير شان |
فلا تسمعوا فينا بحقكم الذي | يقول فلان عندكم وفلان |
لدي لكم ذاك الوفاء بحاله | وعندي لكم ذاك الوداد يصان |
وما حل عندي غيركم في محلكم | لكل حبيب في الفؤاد مكان |
ومن شغفي فيكم ووجدي أنني | أهون ما ألقاه وهو هوان |
ويحسن قبح الفعل إن جاء منكم | كما طاب ريح العود وهو دخان |
حبيبي عينه قالوا تشكت | وذلك لو دروا عين المحال |
أتشكو عينه ألما وفيها | يقال أصح من عين الغزال |
ولكن أشبهت لون الحميا | كما قد أشبهتها في الفعال |
وافى كتابك وهو بالـ | ـأشواق عني يعرب |
قلبي لديك أظنه | يملي عليك فتكتب |
كلما قلت خلونا | جاءنا الشيخ الإمام |
فاعترفنا كلنا منـ | ـه انقباض واحتشام |
فهو في المجلس فدم | ولنا فهو فدام |
وعلى الجملة فالشيـ | ـخ ثقيل والسلام |
لك مجلس ما رمت فيه خلوة | إلا أتاح الله كل ثقيل |
فكأنه قلبي لكل صبابة | وكأنه سمعي لكل عذول |
وثقيل ما برحنا | نتمنى البعد عنه |
غاب عنا ففرحنا | جاءنا أثقل منه |
أصبحت لا شغل ولا عطلة | مذبذبا ذا صفقة خاسره |
وجملة الأمر وتفصيله | أني لا دنيا ولا آخره |
أرسلته في حاجة | بالقرب هينة المساغ |
فحرمت حسن قضائها | إذ لم يكن حسن البلاغ |
كالخمر ترسل للفؤا | د بها فتصعد للدماغ |
فلانة في تيهها | تغص بها مقلتي |
وقد زعمت أنها | وليست بتلك التي |
فلا وجه إن أقبلت | ولا ردف إن ولت |
أقول إذ أبصرته مقبلا | معتدل القامة والشكل |
يا ألفا من قده أقبلت | بالله كوني ألف الوصل |
يا روضة الحسن صلي | فما عليك ضير |
فهل رأيت روضة | ليس لها زهير |
أنا ذا زهيرك ليس إلا | جود كفك لي مزينه |
أهوى جميل الذكر عنـ | ـك كأنما هو لي بثينه |
فاسأل ضميرك عن ودا | دي إنه فيه جهينه |
برسم الغزاة وضرب العداة | بكف همام رفيع الهمم |
تراه إذا اهتز في كفه | كخاطف برق سرى في ديم |
أغصن النقا لولا القوام المهفهف | لما كان يهواك المعنى المعنف |
ويا ظبي لولا أن فيك محاسنا | حكين الذي أهوى لما كنت توصف |
كلفت بغصن وهو غصن ممنطق | وهمت بظبي وهو ظبي مشنف |
ومما دهاني أنه من حيائه | أقول كليل طرفه وهو مرهف |
وذلك أيضا مثل بستان خده | به الورد يسمى مضعفا وهو مضعف |
فيا ظبي هلا كان فيك التفاتة | ويا غصن هلا كان فيك تعطف |
ويا حرم الحسن الذي هو آمن | وألبابنا من حوله تتخطف |
عسى عطفة للوصل يا واو صدغه | وحقك إني أعرف الواو تعطف |
أأحبابنا أما غرامي بعدكم | فقد زاد عما تعرفون وأعرف |
أطلتم عقابي في الهوى فتطولوا | فبي كلف في حمله أتكلف |
ووالله ما فارقتكم عن ملالة | وجهدي لكم أني أقول وأحلف |
وأنت يا نرجس عينيه كم | تشرب من قلبي وما أذبلك |
ما لك في حسنك من مشبه | ما تم في العالم ما تم لك |
تجيزها وتجيز المادحين بها | فقل لنا أزهير أنت أم هرم |
أقول وقد تتابع منك بر | وأهلا ما برحت لكل خير |
ألا لا تذكروا هرما بجود | فما هرم بأكرم من زهير |
ولما مدحت الهبرزي ابن أحمد | أجاز وكافاني على المدح بالمدح |
فعوضني شعرا بشعر وزادني | عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي |
يا منسك المعروف أحرم منطقي | زمنا وقد لباك من ميقاته |
هذا زهيرك لا زهير مزينة | وافاك لا هرما على علاته |
دعه وحولياته ثم استمع | لزهير عصرك حسن ليلياته |
لو أنشدت في آل جفنة أضربوا | عن ذكر حسان وعن جفناته |
يا بدر إن رمت به | تشبها رمت الشطط |
ودعه يا غصن النقا | ما أنت من ذاك النمط |
يمر بي ملتفتا | فهل رأيت الظبي قط |
ما فيه من عيب سوى | فتور عينيه فقط |
يا مانعا حلو الرضا | وباذلا مر السخط |
حاشاك أن ترضى بأن | أموت في الحب غلط |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0
البهاء زهير الصاحب الأوحد بهاء الدين أبو العلاء زهير بن محمد بن علي الأزدي، المهلبي، المكي، ثم القوصي، الكاتب.
له ديوان مشهور، وشعر رائق.
مولده سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.
وسمع من: علي بن أبي الكرم البناء.
كتب الإنشاء للسلطان الملك الصالح نجم الدين، ثم في الآخر أبعده السلطان، فوفد على صاحب حلب الملك الناصر، ثم في آخر أمره افتقر وباع كتبه، وكان ذا مكارم وأخلاق.
توفي سنة ست وخمسين وست مائة، في ذي القعدة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 483