ابن الأهتم خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو ابن الأهتم التميمي المنقري: من فصحاء العرب المشهورين. كان يجالس عمر بن عبد العزيز وهشام بن عبد الملك، وله معهما أخبار. ولد ونشأ باليصرة. وكان أيسر أهلها مالا، ولم يتزوج. له كلمات سائرة، قيل له: أي إخوانك أحب أليك؟ فقال: الذي يغفر لي زللي ويقبل عللي ويسد خللي. عاش إلى ان ادرك خلافة السفاح العباسي وحظي عنده. وكان لفصاحته أقدر الناس على مدح الشيء وذمه. وكان يعارض شبيب بن شيبة، لأجتماعهما على القرابة والمجاورة والصناعة. وجمع بعض كلامه في (كتاب) وكان يرمى بالبخل. وكف بصره

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 297

فصيح العرب خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، أبو صفوان التميمي المنقري الأهتمي البصري أحد فصحاء العرب. وفد على عمر بن عبد العزيز وهشام ووعظهما، وقال: إني عاهدت الله أن لا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل. قال الدارقطني: هو مشهور برواية الأخبار. قيل له: ما لك لا تنفق فإن مالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه. قيل له: كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله؟ قال: ولا أخاف أن أموت في أوله. ودخل على عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني يا خالد، فقال: إن الله تعالى لم يرض أحدا أن يكون فوقك فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر منك. فبكى عمر حتى أغمي عليه. ثم أفاق فقال: هيه يا خالد، لم يرض أن يكون أحد فوقي، فو الله لأخافنه خوفا ولأحذرنه حذرا ولأرجونه رجاء ولأحبنه محبة ولأشكرنه شكرا ولأحمدنه حمدا يكون ذلك كله أشد مجهودي وغاية طاقتي، ولأجتهدن في العدل والنصفة والزهد في فاني الدنيا لزوالها والرغبة في بقاء الآخرة لدوامها حتى ألقى الله عز وجل، فلعلي أنجو مع الناجين وأفوز مع الفائزين، وبكى حتى غشي عليه.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم أبو صفوان التميمي المنقري البصري، أحد فصحاء العرب وخطبائهم: كان راوية للأخبار خطيبا مفوها بليغا، وكان يجالس هشام بن عبد الملك وخالدا القسري.
حدث العتبي قال قال هشام بن عبد الملك لشبة بن عقال، وعنده الفرزدق وجرير والأخطل، وهو يومئذ أمير: ألا تخبرني عن هؤلاء الذين قد مزقوا أعراضهم، وهتكوا أستارهم، وأغروا بين عشائرهم في غير خير ولا بر ولا نفع، أيهم أشعر؟ فقال شبة: أما جرير فيغرف من بحر، وأما الفرزدق فينحت من صخر، وأما الأخطل فيجيد المدح والفخر. فقال هشام: ما فسرت لنا شيئا نحصله، فقال: ما عندي غير ما قلت، فقال لخالد بن صفوان: صفهم لنا يا ابن الأهتم، فقال: أما أعظمهم فخرا، وأبعدهم ذكرا، وأحسنهم عذرا، وأسيرهم مثلا، وأقلهم غزلا، وأحلاهم عللا، الطامي إذا زخر، والحامي إذا زأر، والسامي إذا خطر، الذي إن هدر قال، وإن خطر صال، الفصيح اللسان، الطويل العنان، فالفرزدق. وأما أحسنهم نعتا، وأمدحهم بيتا، وأقلهم فوتا، الذي إن هجا وضع، وإن مدح رفع فالأخطل. وأما أغزرهم بحرا، وأرقهم شعرا، وأهتكهم لعدوه سترا، الأغر الأبلق، الذي إن طلب لم يسبق، وإن طلب لم يلحق فجرير، وكلهم ذكي الفؤاد، رفيع العماد، واري الزناد.
فقال له مسلمة بن عبد الملك: ما سمعنا بمثلك يا خالد في الأولين ولا رأينا في الآخرين وأشهد أنك أحسنهم وصفا، وألينهم عطفا، وأعفهم مقالا، وأكرمهم فعالا.
فقال خالد: أتم الله عليكم نعمه، وأجزل لديكم قسمه، وآنس بكم الغربة، وفرج بكم الكربة، وأنتم والله ما علمت أيها الأمير كريم الغراس، عالم بالناس، جواد في المحل، بسام عند البذل، حليم عند الطيش، في ذروة قريش، ولباب عبد شمس، ويومك خير من أمس. فضحك هشام وقال: ما رأيت كتخلصك يا ابن صفوان في مدح هؤلاء ووصفهم حتى أرضيتهم جميعا.
وعن عمر بن شبة قال مر خالد بن صفوان بأبي نخيلة الشاعر الراجز وقد بنى دارا، فقال له أبو نخيلة: يا أبا صفوان كيف ترى داري؟ قال: رأيتك سألت فيها إلحافا، وأنفقت ما جمعت لها إسرافا، جعلت إحدى يديك سطحا، وملأت الأخرى سلحا، فقلت من وضع في سطحي، وإلا ملأته بسلحي. ثم ولى وتركه، فقيل له ألا تهجوه؟ فقال: إذن والله يركب بغلته ويطوف في مجالس البصرة ويصف أبنيتي بما يعيبها.
وعن يونس بن حبيب النحوي قال قال رجل لخالد بن صفوان: كان عبدة بن الطبيب لا يحسن أن يهجو، فقال: لا تقل ذاك، فو الله ما أبى عن عي، ولكنه كان يترفع عن الهجاء ويراه ضعة كما يرى تركه مروءة وشرفا، ثم قال:

وحدث شبيب بن شبة عن خالد بن صفوان قال: أوفدني يوسف بن عمر الثقفي إلى هشام بن عبد الملك في وفد العراق، فقدمت عليه وقد خرج متبديا بأهله وقرابته وحشمه وجلسائه وغاشيته، فنزل في أرض قاع صحصح متنايف أفيح، في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر ومخبر وأحسن مستمطر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب، وقد ضرب له سرادق من حبر كان صنعه له يوسف بن عمر باليمن، فيه فسطاط فيه أربعة أفرشة من خز أحمر، مثلها مرافقها، وعليه دراعة من خز أحمر، مثلها عمامتها، وقد أخذ الناس مجالسهم، فأخرجت رأسي من ناحية السماط، فنظر إلي مثل المستنطق لي فقلت: أتم الله عليك يا أمير المؤمنين نعمه وسوغكها بشكره، وجعل ما قلدك من هذا الأمر رشدا، وعاقبة ما تؤول إليه حمدا، وأخلصه لك بالتقى، وكثره لك بالنما، ولا كدر عليك منه ما صفا، ولا خلط سروره بالردى، فلقد أصبحت للمسلمين ثقة ومستراحا، إليك يفزعون في مظالمهم، وإياك يقصدون في أمورهم، وما أجد يا أمير المؤمنين- جعلني الله فداءك- شيئا هو أبلغ في قضاء حقك وتوقير مجلسك وما من الله به علي من مجالستك والنظر إلى وجهك من أن أذكرك نعمة الله عليك، فأنبهك على شكرها، وما أجد في ذلك شيئا هو أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته، وكان متكئا فاستوى قاعدا وقال: هات يا ابن الأهتم، فقلت: يا
أمير المؤمنين إن ملكا من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير، في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه، وأخذت الأرض زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق في أحسن منظر وأحسن مخبر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، وقد كان أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فأبعد النظر فقال لمن حوله: هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ وهل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ فكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومنهاجه، ولم تخل الأرض من قائم لله بالحجة في عباده فقال أيها الملك، إنك سألت عن أمر أفتأذن في الجواب عنه؟ قال: نعم، قال أرأيت هذا الذي أنت فيه: أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا، وهو زائل عنك، وصائر إلى غيرك كما صار إليك ميراثا من لدن غيرك؟
قال: كذلك هو. قال: فلا أراك إلا أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلا وتغيب عنه طويلا، وتكون غدا بحسابه مرتهنا. قال: ويحك فأين المهرب وأين المطلب؟ قال:
فإما أن تقيم في ملكك وتعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك، وإما أن تضع تاجك وتخلع أطمارك وتلبس مسوحك، وتعبد ربك في جبل حتى يأتيك أجلك. قال: فإذا كان السحر فاقرع علي بابي فإني مختار أحد الرأيين، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا يعصى، وإن اخترت خلوات الأرض وقفر البلاد كنت رفيقا لا يخالف. فلما كان السحر قرع عليه بابه، فإذا قد وضع تاجه وخلع أطماره ولبس المسوح وتهيأ للسياحة، فلزما والله الجبل حتى أتاهما أجلهما، فذلك حيث يقول أخو بني تميم عدي بن زيد العبادي:
قال: فبكى هشام حتى اخضلت لحيته وبلت عمامته، وأمر بنزع أبنيته ونقل قرابته وأهله وحشمه وجلسائه وغاشيته، ولزم قصره. فأقبلت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت بأمير المؤمنين؟ نغصت عليه لذته وأفسدت مأدبته.
فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل ألا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل.
وتقدم في ترجمة حميد الأرقط من كلام أبي عبيدة أن خالد بن صفوان مع فضله وجلالته أحد بخلاء العرب الأربعة: روي أنه أكل يوما خبزا وجبنا، فرآه أعرابي فسلم عليه، فقال له خالد: هلم إلى الخبز والجبن فإنه حمض العرب، وهو يسيغ اللقمة ويفتق الشهوة وتطيب عليه الشربة، فانحط الأعرابي فلم يبق شيئا منهما، فقال خالد يا جارية زيدينا خبزا وجبنا، فقالت: ما بقي عندنا منه شيء، فقال خالد: الحمد لله الذي صرف عنا معرته، وكفانا مؤونته، والله إنه ما علمته ليقدح في السن، ويخشن الحلق، ويربو في المعدة، ويعسر في المخرج. فقال الأعرابي: والله ما رأيت قط قرب مدح من ذم أقرب من هذا.
ومن حكم خالد بن صفوان:
إن جعلك الأمير أخا فاجعله سيدا، ولا يحدثن لك الاستئناس به غفلة عنه ولا تهاونا.
وقال: ابذل لصديقك مالك، ولمعرفتك بشرك وتحيتك، وللعامة رفدك وحسن محضرك، ولعدوك عدلك، واضنن بدينك وعرضك عن كل أحد.
وقال: إن أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
وقال: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها إلى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع أهلا.
توفي خالد بن صفوان سنة خمس وثلاثين ومائة.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 3- ص: 1231

خالد بن صفوان ابن الأهتم. العلامة، البليغ، فصيح زمانه، أبو صفوان المنقري، الأهتمي، البصري. وقد وفد على عمر بن عبد العزيز، ولم أظفر له بوفاة، إلا أنه كان في أيام التابعين.
روى عنه: شبيب بن شيبة، وإبراهيم بن سعد، وغيرهما.
وهو القائل: ثلاثة يعرفون عند ثلاثة: الحليم عند الغضب، والشجاع عند اللقاء، والصديق عند النائبة.
وقال: أحسن الكلام ما لم يكن بالبدوي المغرب، ولا بالقروي المخدج، ولكن ما شرفت منابته، وطرفت معانيه، ولذ على الأفواه، وحسن في الأسماع، وازداد حسنا على ممر السنين، تحنحنه الدواة، وتقتنيه السراة. قلت: وكان مشهورا بالبخل -رحمه الله.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 343

خالد بن صفوان التميمي البصري
كان نسابة يباري الأبرش الكلبي في مجالس الخلفاء في علم النسب.

  • دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 214