ابن الديلمي الحسين بن يحي بن ابراهيم الديلمي اليمني: فقيه زيدي، منأهل ذمار، مولدا ووفاة. رحل مرات إلى صنعاء وأخذ عن علمائها. من كتبه (العروة الوثقى في أدلة مذهب ذوي القربى) مجلدان، و (جلاء الأبصار في شمئل المختار) واراجيز نظم بها بعض كتب الفقه والأصول، منها (نظم المعيار) في الأصول، ورسائل في (الأستعارة) و (صوم يوم الشك) وغير ذلك. ونظمه حسن
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 262
السيد الحسين بن يحيى بن إبراهيم الديلمي الذماري
ولد في سنة 1149 تسع وأربعين ومائة وألف ونشأ بذمار وأخذ عن علمائها كالفقيه عبد الله بن حسين دلامة والفقيه حسن بن أحمد الشبيبي وهما المرجع هنالك في علم الفقه ثم ارتحل إلى صنعاء وقرأ في العربية وله قراءة في الحديث على السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير ثم عاد إلى ذمار واستقر بها وكان فقيرا فتزوج بامرأة لها ثروة ثم اشتغل بالتجارة وتكاثرت أمواله ولم يكن يتجر بنفسه بل كان ينوب عنه غيره وهو مكب على العلم ودرس في الفقه وغيره وتخرج به جماعة منهم شيخنا العلامة أحمد بن محمد الحرازي المتقدم ذكره ثم رحل إلى صنعاء رحلة ثانية بعد سنة 1200 ورافقني في القراءة على شيخنا العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي فقرأ معنا في صحيح مسلم وأقرأ الطلبة في الفقه بجامع صنعاء وبقي مدة وعزم على استيطان صنعاء ثم بعد ذلك رجح العود إلى ذمار فعاد إليها وهو الآن عالمها المرجوع إليه المتفرد بها من دون مدافع وصار الطلبة هنالك يقرأون عليه في الفقه والنحو والصرف والأصول والتفسير والحديث وبيني وبينه من المودة ما لا يعبر عنه وقد جرى بيننا مباحثة علمية مدونة في رسائل هي في مجموع مالي من الفتاوى والرسائل ولا يزال يعاهدني بعد رجوعه إلى ذمار ويتشوق إلى اللقاء وأنا كذلك والمكاتبة بيننا مستمرة إلى الآن وهو من جملة من رغبني في شرح المنتقى فلما أعان الله على تمامه صار يراسلني في الإرسال إليه بنسخة ولم يكن قد تيسر ذلك ولما ألفت الرسالة التي سميتها إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي ونقلت إجماعهم من ثلاث عشرة طريقة على عدم ذكر الصحابة بسب أوما يقاربه وقعت هذه الرسالة بأيدي جماعة من الرافضة الذين بصنعاء المخالفين لمذاهب أهل البيت فجالوا وصالوا وتعصبوا وتحزبوا وأجابوا بأجوبة ليس فيها إلا محض السباب والمشاتمة وكتبوا أبحاثاً نقلوها من كتب الإمامية والجارودية وكثرت الأجوبة حتى جاوزت العشرين وأكثرها لا يعرف صاحبه واشتغل الناس بذلك أياماً وزاد الشر وعظمت الفتنة فلم يبق صغير ولا كبير ولا إمام ولا مأموم إلا وعنده من ذلك شيء وأعانهم على ذلك جماعة ممن له صولة ودولة ثم إن تلك الرسالة انتشرت في الأقطار اليمنية وحصل الاختلاف في شأنها وتعصب أهل العلم لها وعليها حتى وقعت المراجعة والمجاوبة والمكاتبة في شأنها في الجهات التهامية وكل من عنده أدنى معرفة يعلم أنى لم أذكر فيها إلا مجرد الذب عن أعراض الصحابة الذين هم خير القرون مقتصرا على نصوص الأئمة من أهل البيت ليكون ذلك أوقع في نفوس من يكذب عليهم وينسب إلى مذاهبهم ما هم منه برآء ولكن كان أهل العلم يخافون على أنفسهم ويحمون أعراضهم فيسكتون عن العامة وكثيراً منهم كان يصوبهم مداراة لهم وهذه الدسيسة هي الموجبة لاضطهاد علماء اليمن وتسلط العامة عليهم وخمول ذكرهم وسقوط مراتبهم لأنهم يكتمون الحق فإذا تكلم به واحد منهم وثارت عليه العامة صانعوهم وداهنوهم وأوهموهم إنهم على الصواب فيتجرأون بهذه الذريعة على وضع مقادير العلماء وهضم شأنهم ولو تكلموا بالصواب أو نصروا من يتكلم به أو عرفوا العامة إذا سألوهم الحق وزجروهم عن الاشتغال بما ليس من شأنهم لكانوا يداً واحدة على الحق ولم يستطع العامة ومن يلتحق بهم من جهلة المتفقهة إثارة شيء من الفتن فإنا لله وإنا إليه راجعون وكان تأليفي لتلك الرسلة في سنة 1208 ومن جملة من اشتغل بها فقهاء ذمار وقاموا وقعدوا وكانوا يسألون صاحب الترجمة عن ذلك ويتهمونه بالموافقة لما في الرسالة لما يعلمونه من المودة التي بيني وبينه فسلك مسلك غيره ممن قدمت الإشارة إليهم من أهل العلم بل زاد على ذلك فحرر جوابا طويلا على تلك الرسالة موهماً لهم أنه قد أنكر بعض ما فيها فلما بلغني أنه أجاب ازداد تعجبي لعلمي أنه لا يجهل مثل ذلك ولا يخفى عليه الصواب فلما وقفت على الجواب وهو في كراريس رأيته لم يبعد عن الحق ولكنه قد أثار فتنة بجوابه لظن العامة ومن شابههم أن مثل هذا العالم الذي هو لي من المجين لا يجيب إلا وما فعلته مخالف للصواب فأجبت عليه بجواب مختصر تناقله المشتغلون بذلك وفيه بعض التخشين ثم إنه عافاه الله اعتذر إلي مرات ولم اشتغل بجواب على غيره لأنهم ليسوا باهل لذلك وفي الجوابات ما لا يقدر على تحريره إلا عالم ولكنهم لم يسموا أنفسهم فلم اشتغل بجواب من لا أعرفه إلا أنه وقع في هذه الحادثة من بعض شيوخي ما يقضى منه العجب وهو أنه بلغني أنه من جملة المجيبين فلم اصدق لعلمي أنه ممن يعرف الحق ولا يخفى عليه الصواب وله معرفة بعلوم الكتاب والسنة فبعد أيام وقفت على جوابه بخطه فرأيت ما لا يظن بمثله من المجازفة في الكلام والاستناد إلى نقول نقلها من كتب رافضة الإمامية والجارودية وقررها ورجحها وأنا أعلم أنه يعلم أنها باطلة بل يعلم أنها محض الكذب وليته اقتصر على هذا ولكنه جاء بعبارات شنيعة وتحامل علي تحاملاً فظيعاً والسبب أنه أصلحه الله نظر بعض وزراء الدولة وقد قام في هذه الحادثة وقعد وأبرق وأرعد فخدم حضرته بتلك الرسالة التي جنابها على أعراض الصحابة فضلاً عن غيرهم فما ظفر بطائل.
واتفقت لصاحب الترجمة محنة وذلك أن رجلا يقال له محمد حسين من أولاد المهدي صاحب المواهب غاب عن المواهب نحو عشرين سنة ثم لم يشعر أهله بعد هذه المدة إلا وقد وصل رجل يزعم أنه هو فصدقه أهل الغائب كزوجته ووالدته وأخوته وشاع أنه دخل بالمرأة واستمر كذلك أياماً فوصل بعد ذلك رجل من بيت النجم الساكنين في زبيد وقال لأهل ذمار وعاملها إن هذا لم يكن الغائب بل رجل من بيت صعصعة المزاينة أهل شعسان صعلوك متحيل متلصص كثير السياحة وكان عند وصوله قد لبس الثياب المختصة بآل الإمام فطلبه العامل فصمم على أنه محمد بن حسين من آل الإمام وشد عضد دعواه مصادقة أم الغائب وزوجته وأخوته ثم طلبه مولانا الإمام إلى حضرته ثم بعد ذلك حضر شهود شهدوا أنه صعصعة المزين ثم تعقب ذلك صدور الاقرار فعزر تعزيرا بليغاً وطرد ومات عن قرب وقد كان صاحب الترجمة حكم له بأنه محمد بن حسين استناداً إلى الظاهر وهو إقرار الأهل فطلب من الحضرة العلية وأرسل عليه رسول ثم أعفي عن الوصول والمترجم له عافاه الله مستمر على حاله الجميل ناشر للعلم في مدينة ذمار مكثر من أعمال الخير قائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمقدار ما يمكن مع سلامة صدر وكرامة أخلاق وحسن محاضرة وجميل مذاكرة واحتمال لما يلاقيه من الجفاء الزائد من أهل بلده بسبب نشره لعلم الحديث بينهم وميله إلى الإنصاف في بعض المسائل مع مبالغته في التكتم وشدة احترازه
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 232