ابن الكيال بركات بن أحمد بن محمد، زين الدين ابن الكيال: واعظ، من أهل دمشق. نشأ تاجرا، وانقطع للعلم والوعظ. من كتبه (حياة القلوب) وعظ، و (الكزاكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات) ولاحظ النجم الغزى ضعفا في لغته
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 49
بركات بن أحمد بن الكيال بركات بن أحمد بن الكيال: بركات بن أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد الشيخ العالم الصالح الواعظ زين الدين الدمشقي الصالحي، الشهير بابن الكيال. ولد كما روى بخطه سنة ثلاث وستين وثمانمئة، وكان في ابتداء أمره تاجرا، ثم ترك التجارة بعد أن ترتب عليه ديون كثيرة، ولازم الشيخ برهان الدين التاجي زمانا طويلا، وانتفع به قال الحمصي: وقرأ عليه صحيح البخاري كاملا، وكتب من مصنفاته، ودرس بالجامع الأموي في علم الحديث، وكان متقنا محررا، وخرج أحاديث مسند الفردوس، وانتفع الناس به وبوعظه وحديثه. قال ابن طولون: ورأس بعد موت شيخه، ولازم الجامع الأموي تجاه محراب الحنابلة، ووعظ بمسجد الأقصاب، وجامع الجوزة وغيرهما، وخطب بالصابونية سنين وحصل دنيا كثيرة، وصنف عدة كتب. قلت: ومنها كتاب ’’حياة القلوب، ونيل المطلوب’’ في الوعظ، ومنها ’’الكواكب الزاهرات، في معرفة من اختلط من الرواة الثقات’’، في علم الحديث، ومنها ’’أسنى المقاصد، في معرفة حقوق الولد على الوالد’’، ومنها الجواهر الزواهي، في ذم الملاعب والملاهي’’، ومنها الأنجم الزواهر، في تحريم القراءة بلحون أهل الفسق والكبائر’’ كما نقلت ذلك من خطه وطالعت المؤلفين الأخيرين من مؤلفاته بخطه والظاهر أن عربيته كانت قليلة، وكانت وفاته يوم الأحد ثامن أو تاسع ربيع الأول سنة تسع وعشرين وتسعمئة. قال الحمصي: وسبب موته أنه خرج من بيته لصلاة الصبح بالجامع الأموي، فلقيه اثنان فأخذا عمامته عن رأسه، وضرب على صدره، فانقطع في بيته، ثم بعد ذلك أراد الخروج إلى الجامع، فما استطاع ذلك فتوضأ وصلى الصبح والضحى في بيته، ودفن بعد صلاة الضحى، وذكر ابن طولون أنه قبل موته بثلاث أيام حصل من مشد الزبالة في حقه قلت: أدب بسبب زبالة وجدها عند باب بيته، وذكر أن الذي ضربه، وحل عمامته رجل مجذوب. كان من أتباع الشيخ العقيبي لأن الشيخ بركات كان ينكر على الشيخ عمر ما كان يعتاده من أمر بعض فقرائه أن يطوفوا في الأسواق، وفي رقابهم المعاليق وغير ذلك. وهم يجهرون بالذكر حتى ربما صرح الشيخ بركات بالإنكار في مجالسه العامة، فأضمر ذلك له ذلك المجذوب حتى ظفر به، وقال له مالك: وللشيخ عمر وكانت هذه الحادثة سبب موته - رحمه الله تعالى - وصلى عليه الشيخ شمس الدين الكفرسوسي في صحن الجامع الأموي، وكانت جنازته حافلة، ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من سيدي أوس. قال ابن طولون: ولم يخلف بعده في دمشق مثله في الوعظ، وحسن صوته، وإدراكه لفن النغمة، ورثاه الفاضل الشيخ شهاب الدين ابن التدمري بقصيدة أنشأها بعد الفراغ من الفراغ في صبحته أولها:
مات من كان للنواظر قره | ولأهل الصلاح كان مسره |
مات من كان خادم العلم دهرا | فلهذا في العلم حصل عمره |
سهر الليل في العلوم وسيما | في حديث النبي أشغل فكره |
كم له في الحديث قول صحيح | شرح الله للأحاديث صدره |
ناصر للحديث طول زمانه | فلهذا قد عزز الله نصره |
وله في العلوم قول سديد | فيه شدد المهيمن أزره |
ليس من أهل ذا الزمان، ولكن | آخر المولد المبارك عمره |
حافظ حد ربه فلهذا | حاد عما نهى وتابع أمره |
وإذا كان حاضرا بين جمع | فتراه في الجمع قد صار صدره |
وله في مجالس الوعظ قول | ينفع السامعين في كل كره |
إن يعد في الأنام يوما مريضا | بدعاه فيكشف الله ضره |
طالما قد دعا على كل نحس | من ذوي العلم أخمد الله جمره |
كم يؤاسي الفقير منه بفضل | ثم يكفي لسائر الناس شره |
فتوفاه ذو الجلال شهيدا | ليوفيه في القيامة أجره |
راح من كف أهله وبنيه | ومحبيه درة أي دره |
يوم موت له بكى الناس حتى | خلت فوق الثرى من الدمع مطره |
قد بكته مجالس الوعظ لما | غاب عنها وخلد الله ذكره |
بلغ الله روحه ما تمنى | في جنان الرضى بأعلى الأسره |
وجزاه الإله خيرا دواما | ثم أعلى في جنة الخلد قصره |
وحباه بكل روح وريحـ | ـان ونعمى وغبطة ومسره |
من يكن ذا نباهة ورشاد | وسداد فليس يأمن دهره |
أعظم الله أجركم في أخيكم | وكفاه نار الجحيم وحره |
ووقاكم من حادثات الليالي | وكفاكم من حاسد السوء شره |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 1- ص: 167