الكواكبي أحمد بن محمد بن حسن الكواكبي: فقيه حنفي من أهل حلب، كان مفتي الحنفية بها. له شروح وحواش في الفقه والأصول والبلاغة. وله نظم جيد. توفي بالأستانة.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 240
أحمد الكواكبي أحمد بن محمد بن حسن بن أحمد الكواكبي الحلبي الحنفي مفتي الحنفية بها العلامة الصدر والعلم العالم الأديب الماهر الفرد الوحيد ناشر ألوية الفضل وحامل لوائه والوارث المجد عن آبائه كان من أعيان العلماء محققا فضيلته شهيرة دائما مشغولا بالمطالعة والعبادة صارفا عمره بالاشتغالات في العبارات العلمية عابدا فالحا ولد بحلب في سنة أربع وخمسين وألف ونشأ بها وأخذ العلم عن علمائها الفحول والواردين اليها وقرأ التفسير على والده المحقق المولي الكواكبي والفقه على الشيخ زين الدين أمين الفتوي وأخذ المعقولات عن الفاضل السيد أبي بكر المعروف بنقيب زاده والحديث عن الشيخ أبي الوفا العرضي والآلات عن الشيخ عثمان الشعيفي وأخذ كثيرا من الفنون على كثير من العلماء منهم الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني ثم المدني وبرع وفاق وفهد بفضائله الآفاق وألف وأفاد وصنف وأجاد وكتب على مواضع كثيرة في التفسير ودون حاشية على جزء البنا وحاشية على منظومة والده التي في الفروع المسماة بالفرائد السنية وشرحها الفوائد السمية وحاشية على منظومة والده في الاصول المسماة منظومة الكواكب وشرحها ارشاد الطالب وله تحريرات على المطول والتلويح وغير ذلك لكنه لم يخرج أكثرها من المسودات ولازم المولى شيخ الاسلام علامة الافاق يحيى بن عمر المنقاري ودخل طريق المدرسين والموالي في دار الملك قسطنطينية المحمية وعزل عن مدرسة بأربعين عثماني ففي سنة ست وتسعين وألف توفي والده الشهير العلامة فأعطى مكانه فتوى حلب بلدته مع مدرسة الخسروية باعتبار رتبة السليمانية ففي سنة ست ومائة وألف في ذي الحجة أعطى رتبة قضاء القدس الشريف ثم في سنة عشرين ومائة وألف في شعبانها أعطى قضاء ازنيق على طريق الاربلق في سنة احدى وعشرين ومائة في جمادي الأولى أعطى قضاء طرابلس الشام وبعد عزله توجه إلى القسطنطينية وجرى له مع علمائها مباحث ومذاكرات نفيسة في أنواع العلوم وله في أهلها القصائد اللطيفة والمدائح البديعة الا أنها لم تدون ولما كان قاضيا بطرابلس الشام أنشد فيه ممتدحا العالم الشيخ محمد التدمري الطرابلسي قوله
على فترة قاض أتانا كيوشع | فردت شموس الفضل بعد الغياهب |
فقل للمدعي أن رام يبلغ شأوه | محال ومن يبلغ بلوغ الكواكب |
دار للمياء كنت أعهدها | يجمع شمل السرور معهدها |
أقوت فلا ريمها وربربها | بها ولا ريمها وخردها |
لا تلحي أن وقفت أنشدها | بيت أخي الشعر وهو سيدها |
أهلا بدار سباك أغيدها | أبعد ما بان عنك خردها |
وكف عن عبرة أحدرها | فيها وعن زفرة أصعدها |
هل هي الابلوي أحققها | ونار وجد بالدمع أخمدها |
ما لبنات الهديل تطربني | ألحانها عندما ترددها |
حمائم كلما هتفن ضحى | يشب من لوعتي توقدها |
أبكي وتبكي معي فنحن كذا | تسعدني تارة وأسعدها |
يا من لنفس عن برئها عجزت | أسانها واستعاذ عودها |
ومهجة قد قضت صبابتها | لها وقد خانها تجلدها |
ساروا بريا الشباب ناعمة | يزين أعطافها ناؤدها |
ما لغصون النقا موشحها | ولا لسرب المها مقلدها |
ساروا ولي في حمولهم كبد | تائهة ما أطيق أرشدها |
بالله يا حاد بي ركائبها | قفوا لعلي في الركب أنشدها |
في كل يوم دار أفارقها | وأهل دار بالرغم أفقدها |
ترمي النوى بي وناقتي سعة | للبيد ينضي المطي فدفدها |
أرح بمثواك همة تعبت | وعزبلا لا تزال تجهدها |
سينظر الناس بعدها ويرى | أطواق مدحي لمن أقلدها |
قيل فأي الكرام تطلب أو | تقصد والحال أنت أحمدها |
قلت منجي العباد هاديها | إذا ما عرت ومرشدها |
بالله ان لحظات فتان الهوى | لحظت فكن للناس أكبر ناسي |
متهتكا في هاتك بجماله | بل فاتك بقوامه المياس |
وإذا جلست إلى المدام وشربها | فاجعل حديثك كله في الكاس |
وتنأول الافراح من حالاتها | بالزق أو بالدن أو بالطاس |
واجعل نديمك فيه غير مقصر | ابن الكرام لبنت كرم حاسي |
الراح طيبة وليس تمامها | الا بطيب خلائق الجلاس |
ومديرها رشأ كأن عيونه | وسنانة كالنرجس النعاس |
فاشرب ولا تقنع بحسو قليلها | فأقل فعل الخمر ميل الرأس |
وإذا مللت من المدام فثغره | نعم المدام الطيب الانفاس |
يا رشادي وابن منى رشادي | غاب عني مذ غاب عني فؤادي |
كان عهدي به باطلال سلع | ضل مني ما بين تلك الوهاد |
أسرته من ساكنيه مهاة | فهو في أسرها ليوم المعاد |
فهو في قبضة الجمال معنى | في هواها وهالك دون وادي |
يا خليلي عرجا نحو سلع | وأنشداه من رائح أو غادي |
وأشرحا حالتي وسقمي لمى | وغرامي بها وطول سهادي |
وأبكيا لي بين الطأول بدمع | فدموعي قد آذنت بنفاد |
عل ذات الحمي ترق لصب | قد خفي رقة عن العواد |
مهدد خانه التفريق في أمله | اضناه سيده ظلما بمرتحله |
فرق حتى لو أن الدهر قاد له | حينا لما أبصرته مقلتا أجله |
ولو قلم ألقيت في شق رأسه | من السقم ما غبرت من خط كاتب |
ابلي الهوى اسقا يوم النوى بدني | وفرق الهجر بين الجفن والوسن |
روح تردد في مثل الخيال إذا | أطارت الريح عنه الثوب لم يبن |
كفي بجسمي نحولا أنني رجل | لولا مخاطبتي اياك لم ترني |
قد كان لي فيما مضى خاتم | والآن لو شئت تمنطقت به |
وذبت حتى صرت لو زج بي | في مقلة النائم لم ينتبه |
وما زال يبري أعظم الجسم حبها | وينقصها حتى لطفن عن النقص |
فقد ذبت حتى صرت ان أنا زرتها | آمنت عليها أن يرى أهلها شخصي |
كدت أخفي من ضنا جسدي | عن عيون الجن وأبشر |
براني الهوى بري المدى وإذا بنى | صدودك حتى صرت انحل من أمس |
ولست أرى حتى أراك وانما | يبين هباء الذر في الق الشمس |
ان لم يكن لي أجدادا سود بهم | ولم تثبت بنو الشهباء لي شرفا |
ولم أنل من ملوك العصر منزلة | لكان فخري في ذا العلم منه كفى |
حلف الزمان يمينه مأجورا | من دون مجدك لا يروم وزيرا |
وبلابل الافراح غنت في الربا | طربا بمن ملأ الوجود سرورا |
بجدد الدين الذي علم الهدى | لا زال في ساحاته منشورا |
صدر له شم المعالي رتبة | بالصدق يعرف ظاهرا وضميرا |
انسان عين الدهر جوهره الذي | ما مثله بين الانام نظيرا |
ألقت له الدنيا مقاليد الملا | فغدا العصي بعزمه مأسورا |
تجري الأمور بوفق ما يختاره | فالعسر كان ببابه ميسورا |
ما قابلته كتيبة الا غدا | سلطانها من بأسه مقهورا |
فكان وقع سيوفه في حامهم | قلم يسطر طرسهم تسطيرا |
كل الولاة لأمره منقادة | حتى الزمان غدا له مأمورا |
يا أيها البدر الذي في أفقه | أضحى على أهل الزمان منيرا |
بشرت طالعت السعيد بأنه | في الخافقين بنى علا وقصورا |
هابتك أجناس الحلائق كلهم | وغدا الكبر براحتيك صغيرا |
وعلى قدر شارفت شرفاته | شرف النجوم غدا لديك حقيرا |
لك هيبة لولا تبسم سنك الـ | ـضحاك ألقت في القلوب سعيرا |
والعبد يعرض حاله فلقد غدا | بالعزل ظلما جابرا مكسورا |
فغدا يكابد همه وغمومه | في قعر دار لا يريد سمرا |
يدعو لسلطان البسيطة والذي | أضحى بنصرة دينه مشهورا |
بعلاك يرجو أن يكون مؤيدا | في خدمة تدع الفقير أميرا |
أيحل من كأنت تراجعه الورى | من كل مصر أن يرى محجورا |
فإذا تصادمت الفحول بمشكل | أضحى بخافيه البهيم بصيرا |
وغدا يقول الفاضلون بأنه | فخر غدا للفاضلين أميرا |
وامنن على قوم كرام لم يروا | مما دهاهم منقذا ونصيرا |
كانوا بحال في الغنا متوسط | حالت إلى حال أراه خطيرا |
لا زلت في أوج المعالي صاعدا | متأيدا متأبدا منصورا |
وأسلم ودم تمضي أمورك في الورى | كمضاء سيف لم يزل مشهورا |
يهيجني للوجد ذكر الحبائب | وللمدح أشواقي كوصف الكواكبي |
همام به الشهباء تسمو وتعتلي | وتجري على مضمارها بالغرائب |
فتى لبس المجد الموئل فخره | فكان إذا كشاف كل النوائب |
إذا فسروا وألتفت الساق بينهم | ودارت رحاهم في دقيق التشاغب |
فما عد لو أمنه بمثل ابن عادل | ولا فخروا بالفخر عند الثعالبي |
وان حدثوا قال البخاري ليته | تقدمني يوما ليسند جانبي |
وان ذكروا الاسناد سلم مسلم | فمن فوقه حتى البراء بن عازب |
ومهما رووا قال الامامان سلموا | له فهو منا عوض ضربة لازب |
ومهما نحوا بز الكسائي ثوبه | وجر به عمرو ذيول المآرب |
وان وزنوا قال الخليل بن أحمد | عروض عروضي ثم غير مناسب |
وان نظموا قال ابن أوس مدائحي | سبايا وقال البحتري نسائي |
جواد تناجي الفكر آثار جوده | بأن ثرى ناديه مثوى المواهب |
لقد سارت الركبان شرقا ومغربا | بأوصافه الغر النقايا المناقب |
ترقرق ماء الشرفية ورنقت | على خلقه الأيام صفو المشارب |
له سؤدد لو كان للشهب أصبحت | شموس نهار لا نجوم غياهب |
وثمة أراء بنجح حوافظ | تسدد من أطراف سمر سوالب |
تقلم أظفار المكارم تارة | وتمسح طورا عن وجوه المطالب |
من القوم يثني نحو سدة مجدهم | عنان القوافي والثنا المتراكب |
وان كثروا احصوها بفضل بيانهم | على ذلك التدوير زهر الكواكب |
كأني وقد أسجيته المدح ريطة | ثنيت على عطفيه حلة كاعب |
أحييه بالمدح الذي فاح نشره | وأودعه قلبا نزوع المآرب |
ولي أمل أرجو به طول عمره | يجدد ما أبلته أيدي الحقائب |
فلا زال يبقى للأنام يفيدهم | علوما كحد الماضيات القواضب |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 1- ص: 175