الوافي بالوفيات من تأليف المؤرخ والأديب الموسوعي صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت764هـ)، ويُعد من أضخم مؤلفاته وأوفى كتب التراجم في الإسلام، حيث جمع فيه تراجم ما يزيد عن أربعة عشر ألف شخصية امتدت من العصور الإسلامية الأولى حتى زمنه. صنّف الصفدي هذا العمل في ثلاثين مجلدًا، رتبه ترتيبًا هجائيًا على حروف المعجم، مع تقسيم الحروف إلى فصول بحسب أوائل أسماء الآباء، مبتدئًا بترجمة موجزة للنبي محمد ﷺ، ثم أعلام حرف الألف وهكذا.

امتاز الصفدي في هذا الكتاب بتوسّعه في الترجمة، وشموليته، فلم يقصره على طبقة أو مجال معين، بل ترجم للخلفاء، والأمراء، والفقهاء، والمحدثين، والقراء، والأطباء، والكتاب، والأدباء، والشعراء، وأرباب البدع، والصوفية، والنحاة، والفلاسفة، وسائر المبدعين. كما صرّح في مقدمته أن غايته جمع كل من أثّر علماً أو أدباً أو سياسةً أو حتى بدعةً.

بدأ تحقيق الكتاب في ألمانيا في مؤسسة النشرات الإسلامية التابعة لجمعية المستشرقين، وأشرف عليه أولًا المستشرق هلموت ريتر، ثم تولى بعده المستشرق أولرش هارمان، وشارك في تحقيقه علماء عرب وألمان من أبرزهم الزركلي والمنجد. واستغرقت طباعة الكتاب أكثر من ستة عقود، وانتهت سنة 1997م.

من أبرز مزايا الكتاب احتواؤه على تراجم لا توجد في غيره، خاصة ممن عاشوا في القرن الثامن الهجري، وممن عاصرهم الصفدي نفسه. كما حوى الكتاب الكثير من النوادر الأدبية والنقدية والتاريخية، وضمنه المؤلف مقدمة مطولة في علم التاريخ، وأشار فيه إلى كتابه الآخر "التذكرة الصفدية" الذي يفوقه حجمًا ولم يُطبع بعد.

على هذا الكتاب بنى ابن تغري بردي مؤلفه المشهور المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، الذي جعله ذيلًا للوافي، فاستمر فيه بالتراجم من سنة 650هـ حتى وفاته سنة 874هـ، مما يدل على مدى تأثير الوافي في الثقافة الإسلامية والكتابة التاريخية.

يُعد كتاب أعيان العصر وأعوان النصر من نفائس كتب التراجم في القرن الثامن الهجري، صنّفه الصلاح الصفدي ليترجم لأعلام عاصروه ممن وُلدوا سنة 696هـ، سنة ولادته. استند فيه إلى كتابه السابق الوافي بالوفيات، واستقى منه كثيرًا من التراجم، وأضاف زيادات مناسبة لطبيعة هذا العمل. بلغ عدد التراجم فيه نحو (2017) ترجمة، ضمّنها كثيرًا من إنتاجه الأدبي من شعر وألغاز وموشحات ورسائل وتوقيعات.
ظل الصفدي يعمل على الكتاب حتى وفاته، ويُستدل على ذلك بذكره تراجم لأشخاص توفوا قبله بأيام. وصلتنا منه نسخ خطية متعددة أغلبها ناقص، وبعضها بخطه، وقد نُشرت نسخة مصورة عام 1990م بمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في فرانكفورت. كما طُبع محقّقًا في دار الفكر بدمشق عام 1998م في خمسة مجلدات وآخر للفهارس، وتُعد هذه الطبعة من أبرز ما أُنجز حول الكتاب. ويُعد هذا العمل نموذجًا فريدًا في التراجم الذاتية والزمنية، وقد تبعه في منهجه البقاعي في كتابه إظهار العصر.